الحد الجامع للعيد وأقسامه للشيخ صالح بن عبدالله العصيمي حفظه الله
قولُه رحمه الله: (التَّاسِعَةُ: الْـحَذَرُ مِنْ مُشَابَهَةِ الْـمُشْرِكِينَ فِي أَعْيَادِهِمْ, وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ) أيْ: ولو لم يقصِدْ ما قَصَدُوهُ مِنْ معنى العِيدِ، أو زَمَانِه، أو مَكَانِه.
{{والحدُّ الجامعُ للعيد: ما اعتِيدَ قصْدُهُ من زمانٍ أو مكانٍ على وجه التَّعظيم. }}
وأَعْيَادُ المسلمينَ اثنان لا ثالِثَ لهما: عِيدُ الفِطْرِ، وعِيدُ الأَضْحَى, وما ورَاءَهُمَا فهُوَ مِنْ أَعْيَادِ الجَاهِلِيَّةِ، ومَنِ اتَّخَذَ عيدًا للوطنِ، أو للزَّواج، أو غيرهِا من المناسباتِ فَفِعْلُه مِنْ جِنْسِ أفعال المشـركينَ، وإلَّا فما معنى قولِه صلى الله عليه وسلم : « فَهَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟» .
فالأَعْيَادُ قِسْمَانِ اثْنَانِ:
أحدهما: أَعْيَادٌ إِسْلامِيَّةٌ، وهي الفِطْرُ والأَضْحَى.
والثَّاني: أَعْيَادٌ جَاهِلِيَّةٌ، وهي كُلُّ ما سِوَى ذَيْنِكَ اليَوْمَينِ.
فكلُّ عيدٍ قدِيمٍ، أو حديثٍ زائِدٍ عَنْ عِيدِ الفِطْرِ والأَضْحَى فهُوَ مِنْ أَعْيَادِ الجَاهِلِيَّةِ الـمُحَرَّمَةِ {لأنَّ النِّسبة إلى الجاهلية تقتضي التَّحريم، وقد نُسب النَّبيّ ﷺ ما سوى العيدين إليهم فقال: «فَهَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟» أي أعياد أهل الجاهلية المشركين}.
وعَدَمُ وَصْفِه باسْمِ العِيدِ مع قَصْدِ مَعْنَاهُ لا يُخْرِجُهُ عَنِ التَّحْرِيمِ، فإنَّ الأحكامَ مُعَلَّقَةٌ بالحقَائِقِ والمعانِي لا بالألفاظِ والمبانِي، ومِنْ معانِي العِيدِ إِظْهَارُ الفَرْحَةِ والاجْتِمَاعِ فيه، فإذا وُجِدَ هٰذا المعنَى فقَدْ وُجِدَ مَأْخَذُ التَّحْرِيمِ سواءً سُمِّيَ عيدًا، أو يومًا، أو مشهدًا، أو ملتقًى، أو مقامًا، أو اجتماعًا، أو غير ذلك مِنَ الألفاظِ، فإنَّ الألفاظَ لا تُغَيِّرُ الأحكامَ, وإنَّ الأيامَ لا تُغَيِّرُ الإسلامَ.
والدِّينَ الذي جَاءَ به محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم لا يَتَغَيَّرُ، فمَا جاء به صلى الله عليه وسلم هو الدِّينُ الكامِلُ، وما أُحْدِثَ بعدهُ فهو الدِّينُ الخَامِلُ, شاء مَنْ شاء, وأبَى من أبَى, وَلَيَنْصُرَنَّ الله مَنْ ينصرُه, والعاقبةُ للمتَّقِينَ، ومَنْ وَقَرَ في قَلْبِه هٰذا المعنى كانت له بصيرةٌ نافذةٌ في تمييزِ الحقِّ من الباطِل، وَيرَدَعُ نفسه عَنْ غَيِّهَا وعدم تسهيل امتطائها للمحرَّمَاتِ تحت دعاوًى فارِغَةٍ خارِجَةٍ عَنْ حقيقة الشَّرِيعَةِ، فلا يَهُولَنَّك اجتماعُ النّاس على شيءٍ وإخراجه من الحقيقة الشّـرعيَّة بِوَضْعِ ألفاظٍ أحدثُوها لا عِبْرَةَ لها في تغيير الأحكامِ، ومَنْ طَالَعَ كتاب «اقْتِضَاءَ الصِّـرَاطِ المستقيمِ» عَرَفَ مقامَ هٰذه المسألة، وإنَّ هٰذا الكتابَ كتابٌ مِنْ أَجَلِّ مُصَنَّفَاتِ أبي العبّاس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى، وطالبُ العلم يحتاجُ هٰذا الكتابَ كثيرًا، لأنّ اسْمَ الكتابِ «اقْتِضَاءُ الصِّرَاطِ المستقيمِ في مُخَالَفَةِ أصحابِ الجَحِيم»، فهو فَصْلٌ بين المسلمينَ والمشركينَ، وعليه شرحان نفيسان: أحدهما: للعلاّمة ابن عثيمين، والآخر: للعلاّمة ابن فوزان. ((ومثل هٰذا الكتاب والشَّرحان المعلَّقان عليه ممَّا تعظم الحاجة إليهما إذا التبس على المرء أمره في الأحوال التي تقع فيها مشابهة المشركين.))
فيأخُذُ الإنسانُ بكلام الرَّاسِخِينَ، ويَنْأَى بنفسِه عَنْ كلامِ التَّغْييرِ، والتَّبدِيلِ، والتَّحْوِيلِ.
من شرح كتاب التوحيد
لشيخنا صالح بن عبدالله العصيمي
حفظه الله
رد: الحد الجامع للعيد وأقسامه للشيخ صالح بن عبدالله العصيمي حفظه الله