نجوى الحزانى وسلوة المكلومين
بسم الله الرحمن الرحيم
أرأيتَك حزينا ؟ لا باس .. كل ذي قلب يحزن .. أتراك كسيرا ؟ لا باس .. لا ينكسر إلا الأقوياء .. ولكن الكسور الكبيرة لا تلتئم أبدا .. يصحب شللُها أصحابَها إلى قبورهم .. فأحسن الله عزاءك في كَسرتك .. ولك من الله السلوان .
تُضربُ في موجع مرة فتنسى وتسلو .. وتنسيك الأيام .. يذهب الألم ويبقى أثره يذكرك بوجعتك تباريحا يرسم طيفها طللاً على صفحة الذكريات .. فتنسى وما أنت بناس .. وتذهب الأيام بأهلها وبك .. ولكنك لا تملك أقدار الخلق ولا أرزاقهم .. ولا زلت تبسم للدنيا وتضاحكها .. تخدعها مرة وتطحنك مرات .. تُضحكها حينا وتُبكيك أحيانا .. ولا زلت أنت الذي تخطو على وهنٍ تظنك جَلدا .. ولا زلت أنت ذاك الكسير العارج الذي يكذب عليك .. أرأيتَك حزينا ؟ لا باس .. ما ذو قلب إلا ويحزن .
فلو حمُض قلبك على فقد الحبيب .. ولو خنقتك ملوحة صدرك .. ولو أذاب دمعُك خدَك .. فاعلم بأن كل ذي وجود مفقود .. و لو كان لك عزاء على ذهاب عزيز .. فالعزاء الكبير على فقد الذي لأجله تنكمش الظهور وتنبع العيون .. محمد بن عبدالله بن هاشم صلى الله عليه وسلم .. ليس بعد فقده فقد .. وليس على عزته معزة .
لا باس بأن يحزن المرء .. فلا تحزن إلا القلوب .. ولا باس بان يبكي المرء .. فلا تبكي إلا العيون .. ومن لا يبكون فلا قلوب لهم .. ولا يستحقون العيون .. فلا يستحقون الحياة .. الحزن طريق الصبر .. ولا يصبر إلا حزين .. وعلى فقد العيون يكون الجَلَد .. فواساهم الله إذ قال : " إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة " ( رواه البخاري ) .. لا يُحزن إلا على عزيز .. ومن لا يحزن فما يستحق الحياة .. لأن الحياة يجب أن يكون فيها حزن .. فلا طعم للفرح بغير حزن .. ولا طعم للحياة بغير فرح .. أرأيتَك حزينا ؟ .. لا باس .. كل ذي قلب يحزن .
للحديث بقية إن شاء الله
رد: نجوى الحزانى وسلوة المكلومين
رد: نجوى الحزانى وسلوة المكلومين
ربما يبلغ بك الحزن لأدنى من الخيال .. ربما يبغض الطعامُ بطنَك .. ربما يميل شقك عن المشي والجلوس .. ربما غرّوك بأنك مَلِكٌ وأن الملوك لا تنكسر .. وما دروا بأنك قلب والقلوب تنكسر .. وما دروا بأن الملوك بشر .. ولا ينكسر إلا الأقوياء .. وما لكسرتهم جبر .. ولك سلوة فيك بفعل عمر إذ سل السيف جازعا قال : من يقول إن رسول الله قد مات ضربته بسيفي هذا .. أفتكون أقوى ظهرا .. وأعمق إيمانا من عمر بن الخطاب ؟ .. أمّا عمر فكان له صِدّيق .. فمن صِدّيقُك أنت ؟ لولا الصديق لأهلك عمر نفسه لا محالة .. فمن يحجمك أنت عن إهلاك نفسك ؟ ومَن اليوم أعتى مُلكا وأعظم رأسا من عمر ؟ .. فأين صِدّيقُك من صِدّيقه ؟ .. تدعو الله أن يرفع عنك الكرب فيزداد .. تدعو أن يصرفك الله عن الغم فيحيط .. تدعو الله على نفسك بالهلاك فتجاب .. فلست أنت بخير من عمر .. وليست الدنيا بأرحم بك منه .. ولست بأعز على الله من الفاروق .. فأين تلقى نفسك بالغا ؟ .. وبأي مصرعٍ سيلقى جنبك ؟ وهل تراك تصمد أيامك ؟ .. الناس لن ترحمك .. وليفرح الشامتون .. فهل تراك تستحق أن تنالك رحمة الله ؟ أمثلك جدير بالرحمة ؟ .. وهل ستدرك حصول رحمة الله أم أُرجِأتْ لك بالأخرى ؟ .. ذاك حديث ذو شجون .
ربما كان للحديث بقية