حكم تعلم العلوم الدنيوية والصناعات العسكرية
سؤال:
ما حكم تعلم العلوم الدنيوية والصناعات العسكرية ، وهل هي فرض على المسلمين ، وهل يؤجر عليها المسلم الذي يتعلمها ؟.
الجواب:
الحمد لله
العلوم ( غير العلوم الشرعية ) أي من استخراج المعادن وشؤون الزراعة والفلاحة وسائر العلوم النافعة ، قد يجب منها ما يحتاجه المسلمون ، ويكون فرض كفاية ، ولولي الأمر فيها أن يأمر بما يحتاجه المسلمون ، ويساعد أهلها في ذلك ، أي بما يعينهم على نفع المسلمين ، والإعداد لعدوهم ، وعلى حسب نية العبد تكون أعماله : عبادة لله عز وجل متى صلحت النية ، وخلصت لله ، وإذا فعلها بدون نية تكون من المباحات : أعني أنواع الصناعات المباحة ، واستخراج المعادن والزراعة والفلاحة ، وغير ذلك .
وكلها أمور مطلوبة ومع صلاح النية تكون عبادة ، ومع خلوها من ذلك تكون أموراً مباحة ، وقد تكون فرض كفاية في بعض الأحيان إذا دعت الحاجة إليها ، ووجب على ولي الأمر أن يلزم بذلك من هو أهل لها ، فهي أمور لها شأنها ، ولها أحوالها الدّاعية إليها ، وتختلف بحسب النية ، وبحسب الحاجة .
من كتاب العلم وأخلاق أهله ص 15 للشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله .
http://islamqa.info/ar/10489
رد: حكم تعلم العلوم الدنيوية والصناعات العسكرية
أحسن الله إليك أبا أسماء .
معلوم أن العلماء قد قسموا أعمال العباد إلى قسمين :
قال شيخ الاسلام رحمه الله : إن تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان : عبادات يصلح بها دينهم وعادات يحتاجون إليها في دنياهم ، فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع . وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه والأصل فيه عدم الحظر فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى . وذلك لأن الأمر والنهي هما شرع الله ، والعبادة لا بد أن تكون مأمورا بها ، فما لم يثبت أنه مأمور به كيف يحكم عليه بأنه عبادة وما لم يثبت من العبادات أنه منهي عنه كيف يحكم على أنه محظور ، ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون : إن الأصل في العبادات التوقيف فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى . وإلا دخلنا في معنى قوله : { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } . والعادات الأصل فيها العفو فلا يحظر منها إلا ما حرمه وإلا دخلنا في معنى قوله : { قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا } ولهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله وحرموا ما لم يحرمه في سورة الأنعام من قوله تعالى { وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون } { وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون } { وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون } فذكر ما ابتدعوه من العبادات ومن التحريمات ، وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : قال الله تعالى : إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا } . وهذه " قاعدة عظيمة نافعة " . وإذا كان كذلك . فنقول : البيع والهبة والإجارة وغيرها هي من العادات التي يحتاج الناس إليها في معاشهم - كالأكل والشرب واللباس - فإن الشريعة قد جاءت في هذه العادات بالآداب الحسنة فحرمت منها ما فيه فساد وأوجبت ما لا بد منه وكرهت ما لا ينبغي واستحبت ما فيه مصلحة راجحة في أنواع هذه العادات ومقاديرها وصفاتها . وإذا كان كذلك : فالناس يتبايعون ويستأجرون كيف شاءوا ما لم تحرم الشريعة . كما يأكلون ويشربون كيف شاءوا ما لم تحرم الشريعة . وإن كان بعض ذلك قد يستحب أو يكون مكروها وما لم تحد الشريعة في ذلك حدا فيبقون فيه على الإطلاق الأصلي .أهـ
ومن ذلك يمكن أن نقول إن الأعمال تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول: أمور العبادات وهذه لابد فيها من الإخلاص النية لله عز وجل ، وإذا لم تكن كذلك فلا يقبلها الله.
للأدلة العامة الموجبة للإخلاص كقوله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء}
وقوله -صلى الله عليه وسلم- : إنما الأعمال بالنيات .
وقوله في حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قال الله تبارك وتعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه .
القسم الثاني: أمور العادات والمباحات وهذه تنقسم إلى قسمين من حيث علاقتها بالعبادات :
الأول: ما كان وسيلة إلى عبادة وقربة لا تتم العبادة إلا به فحكمه حكم العبادة من حيث إخلاص النية لله وموافقة السنة .
الثاني: ما لم يكن -في الأصل-وسيلة إلى عبادة فهذه تنقسم إلى قسمين :
أولهما: ما دل الشرع على أنه يمكن أن تكون وسيلة إلى عبادة وقربة ، ولا تتعارض مع دليل من الأدلة الشرعية فيمكن أن تتخذ وسيلة إلى العبادة وهذه تكون بنية فاعلها ولا تلزمه كالنوم والطعام ونحو ذلك من المباحات.
ثانيهما: ما دل الشرع على أنها لا تكون وسيلة إلى عبادة ، فهذه إذا جعلت وسيلة للعبادة كانت من البدع .
وذلك كالتعبد بلبس الصوف لذات الصوف ،كما يفعله المتصوفة ، أو التعبد بلبس لون معين لم يأت به الشرع ، أو الطواف حول شيء غير الكعبة.
أما الأمور الدنيوية كدراسة اللغة الإنجليزية لمتطلبات دنيوية وكذا الفيزياء والرياضيات فهي تخصصات دنيوية يمكن أن يتوصل بها إلى أمور شرعية .
مثل تعلم الحساب اللازم لعلم الفرائض .
وكذلك تستخدم الرياضيات في أمور الحرب والقتال وفي غير ذلك من الأمور.
وكذلك اللغة الإنجليزية تستخدم للدعوة إلى الله ، ولمعرفة مخططات الكفار ونحو ذلك.
وكذلك تستخدم الفيزياء في تصنيع أدوات الحرب ، والبناء والصناعات اللازمة لأمن الناس ومعايشهم ونحو ذلك.
فمن درس تلك التخصصات بنية التقرب إلى الله أجر عليها وأثيب بإذن الله ، وإذا لم ينو بها التقرب إلى الله وإنما نوى بتعلمها التوصل إلى أمور دنيوية كوظيفة للمعاش أو نحو ذلك فهذا مباح وجائز .
ومما يحسن التنبيه عليه أنه لا يجوز تعلم هذه الأمور كاللغة الانجليزية بنية محرمة للوصول مثلا إلى فجور أو فسق لا يستطيع أن يصل إليه إلا بتعلم هذا الأمر ، أو يتعلم بنية التعالي على الآخرين ونحو ذلك .
ولا يجوز للعبد أن يفرط في العلم الشرعي المفروض على الأعيان كتعلم التوحيد المفروض عليه من معنى الشهادتين وفروض الصلاة ونحو ذلك . والله أعلم .
رد: حكم تعلم العلوم الدنيوية والصناعات العسكرية
بارك الله فيكم، ونفع بكم شيخنا الحبيب