يجب علينا أن نلاحظ دائما قلوبنا , وننظر هل هي مريضة أو صحيحة؟
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله :
... وحاجته- أي الإنسان - إلى المعافاة من مرض القلب أعظم من حاجته إلى المعافاة من مرض البدن ولهذا ؛ يجب علينا أن نلاحظ دائما قلوبنا , وننظر هل هي مريضة أو صحيحة؟ وهل صدئت أو هي نظيفة ؟ فإذا كنت تنظف قلبك دائما في معاملتك مع الله،وفي معاملتك مع الخلق،حصلت خيرا كثيرا ،وإلا فانت سوف تغفل،وتفقد الصلة بالله وحينئذ يصعب عليك التراجع .
الشرح الممتع ( 4 / 22 )
رد: يجب علينا أن نلاحظ دائما قلوبنا , وننظر هل هي مريضة أو صحيحة؟
أمراض القلوبِ لأشد من أفتك الأمراض المعاصرة لأنَّ خطرها معتدٍ.
أشدّ ما في الأمراض العضوية هي قطع لذة الدنيا، بخلاف القلبية التي تمنع من الجولان في فضاء التوحيد.
ولا يخفى أنَّ المرض نوعان: مرض متعلقٌ بالشهوات، وآخر متعلقٌ بالشبهات والأخير أعظم.
جزاك الله خيراً، ونفع بك، ورحم الإله الشيخ وأسبغ عليه من شآبيب الرحمة والرضوان وكل العلماء الربانين الصالحين المقتفين لما كان عليه أصحاب الرسول الكريم رضوان الله عليهم أجمعين.
رد: يجب علينا أن نلاحظ دائما قلوبنا , وننظر هل هي مريضة أو صحيحة؟
" مرض القلب " هو نوع فساد يحصل له يفسد به تصوره وإرادته فتصوره بالشبهات التي تعرض له حتى لا يرى الحق أو يراه على خلاف ما هو عليه وإرادته بحيث يبغض الحق النافع ويحب الباطل الضار؛ فلهذا يفسر المرض تارة بالشك والريب. كما فسر مجاهد وقتادة قوله: {في قلوبهم مرض} أي شك. وتارة يفسر بشهوة الزنا كما فسر به قوله: {فيطمع الذي في قلبه مرض}. ولهذا صنف الخرائطي " كتاب اعتلال القلوب " أي مرضها وأراد به مرضها بالشهوة والمريض يؤذيه ما لا يؤذي الصحيح فيضره يسير الحر والبرد والعمل ونحو ذلك من الأمور التي لا يقوى عليها لضعفه بالمرض. والمرض في الجملة يضعف المريض بجعل قوته ضعيفة لا تطيق ما يطيقهالقوي والصحة تحفظ بالمثل وتزال بالضد والمرض يقوى بمثل سببه. ويزول بضده فإذا حصل للمريض مثل سبب مرضه زاد مرضه وزاد ضعف قوته حتى ربما يهلك. وإن حصل له ما يقوي القوة ويزيل المرض كان بالعكس. و " مرض القلب " ألم يحصل في القلب كالغيظ من عدو استولى عليك فإن ذلك يؤلم القلب. قال الله تعالى: {ويشف صدور قوم مؤمنين} {ويذهب غيظ قلوبهم} فشفاؤهم بزوال ما حصل في قلوبهم من الألم ويقال: فلان شفي غيظه وفي القود استشفاء أولياء المقتول ونحو ذلك. فهذا شفاء من الغم والغيظ والحزن وكل هذه آلام تحصل في النفس. وكذلك " الشك والجهل " يؤلم القلب قال النبي صلى الله عليه وسلم{هلا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال} . والشاك في الشيء المرتاب فيه يتألم قلبه حتى يحصل له العلم واليقين ويقال للعالم الذي أجاب بما يبين الحق: قد شفاني بالجواب. والمرض دون الموت فالقلب يموت بالجهل المطلق ويمرض بنوع من الجهل فله موت ومرض وحياة وشفاء وحياته وموته ومرضه وشفاؤه أعظم من حياة البدن وموته ومرضه وشفائه فلهذا مرض القلب إذا ورد عليه شبهة أو شهوة قوت مرضه وإن حصلت له حكمة وموعظة كانت منأسباب صلاحه وشفائه. قال تعالى: {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض}لأن ذلك أورث شبهة عندهم والقاسية قلوبهم ليبسها فأولئك قلوبهم ضعيفة بالمرض فصار ما ألقى الشيطان فتنة لهم وهؤلاء كانت قلوبهم قاسية عن الإيمان فصار فتنة لهم. وقال: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة} كما قال: {وليقول الذين في قلوبهم مرض} لم تمت قلوبهم كموت الكفار والمنافقين وليست صحيحة صالحة كصالح قلوب المؤمنين بل فيها مرض شبهة وشهوات وكذلك {فيطمع الذي في قلبه مرض} وهو مرض الشهوة فإن القلب الصحيح لو تعرضت له المرأة لم يلتفت إليها بخلاف القلب المريض بالشهوة فإنه لضعفه يميل إلى ما يعرض له من ذلك بحسب قوة المرض وضعفه فإذا خضعن بالقول طمع الذي في قلبه مرض. والقرآن شفاء لما في الصدور ومن في قلبه أمراض الشبهات والشهوات ففيه من البينات ما يزيل الحق من الباطل فيزيل أمراض الشبهة المفسدة للعلم والتصور والإدراك بحيث يرى الأشياء على ما هي عليه وفيه من الحكمة والموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب والقصص التي فيها عبرة ما يوجب صلاح القلب فيرغب القلب فيما ينفعه ويرغب عما يضره فيبقى القلب محبا للرشاد مبغضا للغي بعد أن كان مريدا للغي مبغضا للرشاد
فالقرآن مزيل للأمراض الموجبة للإرادات الفاسدة حتى يصلح القلب فتصلح إرادته ويعود إلى فطرته التي فطر عليها كما يعود البدن إلى الحال الطبيعي ويغتذي القلب من الإيمان والقرآن بما يزكيه ويؤيده كما يغتذي البدن بما ينميه ويقومه فإن زكاة القلب مثل نماء البدن.
رد: يجب علينا أن نلاحظ دائما قلوبنا , وننظر هل هي مريضة أو صحيحة؟
اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك