درة من درر الشيخ العلامة عبد الرزاق عفيفي رحمه الله
قال الشيخ العلامة عبد الرزاق عفيفي رحمه الله:
ولا يغتَرَّنَ إنسان بما آتاه اللّه من قوة في العقل وسعة في التفكير، وبسطة في العلم!
فيجعل عقله أصلاً! ونصوص الكتاب والسنّة الثابتة فرعًا!!
فما وافق منهما عقله قََبِله واتخذه دينًا! وما خالفه منهما لوى به لسانه وحرَّفه عن موضعه!
وأوَّله على غير تأويله إن لم يسعه إنكاره، وإلا رده ما وجد في ظنه إلى ذلك سبيلا- ثقة بعقله- واطمئنانًا إلى القواعد التي أصَّلها بتفكيره واتهامًا لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم!
أو تحديدًا لمهمة رسالته وتضييقًا لدائرة ما يجب اتباعه فيه واتهامًا لثقاة الأمة وعدولها، وأئمة العلم، وأهل الأمانة الذين نقلوا إلينا نصوص الشريعة، ووصلت إلينا عن طريقهم قولا وعملا.
فإن في ذلك قلبًا للحقائق! وإهدارًا للإنصاف مع كونه ذريعة إلى تقويض دعائم الشريعة وإلى القضاء على أصولها.
إذ طبائع الناس مختلفة، واستعدادهم الفكري متفاوت، وعقولهم متباينة
وقد تتسلط عليهم الأهواء، ويشوب تفكيرهم الأغراض، فلا يكادون يتفقون على شيء ، اللهم إلا ما كان من الحسيّات أو الضروريات!
فأي عقل من العقول يُجعَل أصلا يُحَّكم فيِ نصوص الشريعة فتُرَدُّ أو تنزل على مقتضاه فهمًا وتأويلاً؟!
أعقل الخوارج في الخروج على الولاة، وإشاعة الفوضى وإباحة الدماء؟!
أم عقل الجهمية في تأويل نصوص الأسماء والصفات وتحريفها عن موضعها وفي القول بالجبر؟!
أم عقل المعتزلة ومن وافقهم في تأويل نصوص أسماء اللّه وصفاته ونصوص القضاء والقدر وإنكار رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة؟!
أم عقل الغلاة في إثبات الأسماء والصفات ، والغلاة في سلب المكلفين المشيئة والقدرة على الأعمال؟!
أم عقل من قالوا بوحدة الوجود . . الخ؟!
ولقد أحسن العلاَّمة أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رضي الله عنه إذ يقول: "ثم المخالفون للكتاب والسنَّة، وسلف الأمّة من المتأولين لهذا الباب في أمر مريج!!"
فإن من ينكر الرؤية بزعم أن العقل يحيلها، وإنه مضطر فيها إلى التأويل!
ومن يجهل أن للّه علمًا وقدرة، وأن يكون كلامه غير مخلوق ـ ونحو ذلك ـ يقول:
إن العقل أحال ذلك فاضطر إلى التأويل!
بل من ينكر: حقيقة حشر الأجساد، والأكل والشرب الحقيقيين في الجنّة، يزعم أن العقل أحال ذلك وأنه مضطر إلى التأويل!
ومن يزعم أن اللّه ليس فوق العرش! يزعم أن العقل أحال ذلك وأنه مضطر إلى التأويل!
ويكفيك دليلاً على فساد قول هؤلاء أنه: ليس لواحد منهم قاعدة مستمرة فيما يحيله العقل، بل منهم من يزعم أن العقل جوَّز وأوجب ما يدعي الآخر أن العقل أحاله!
فيا ليت شعري! بأي عقل يوزن الكتاب والسنَّة؟!
فرضي اللّه عن الإمام مالك بن أنس حيث قال: "أو كلما جاء رجل أجدل من رجل تركنا ما جاء به جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم لجدل هؤلاء؟". انتهى.
من كتاب شبهات حول السنة