ومن شُكْرِه
غفرانه للرجل بتنحيته غصن شوك عن طريق المسلمين.
فالشكور لا يضيع أجر محسن،
ولا يعذب غير مسيء.
عرض للطباعة
ومن شُكْرِه
غفرانه للرجل بتنحيته غصن شوك عن طريق المسلمين.
فالشكور لا يضيع أجر محسن،
ولا يعذب غير مسيء.
ومن شُكْرِه سبحانه
أنه يُخرج العبد من النار
بأدنى مثقال ذرة من خير.
ومن شُكْرِه
أن العبد من عباده ينوه بذكره،
كما شَكَرَ لمؤمن آل فرعون ذلك المقام،
وأثنى به عليه.
ولما كان سبحانه هو الشكور على الحقيقة،
كان أحب خلقه إليه من اتصف بصفة الشكر،
كما أن أبغض خلقه إليه من عطلها واتصف بضدها،
وهذا شأن أسمائه الحسنى،
ولهذا يبغض الكفور والجاهل
ويحب الشكور العالم ([1]).
([1]) عدة الصابرين (334 – 336) بتصرف.
أحْسِنْ بربك ظنّـاً أنَّه أبـــداً
يكفي المُهِمَّ إذا ما عَنَّ أو نابا
لا تيْأسنَّ لبــابٍ سُدَّ في طلـبٍ
فالله يَفتحُ بعد البــاب أبـوابا
وأخبر أن أهل الشكر هم المنتفعون بآياته،
واشتق لهم اسما من أسمائه،
فسمى نفسه شاكرا وشكورا،
وسمى الشاكرين بهذين الاسمين،
فأعطاهم من وصفه وسماهم باسمه،
وحسبك بهذا محبة للشاكرين وفضلا ([1]).
([1]) الروضة الندية ـ شرح العقيدة الواسطية ـ زيد بن فياض.
وقد قرن الله سبحانه وتعالى الشكر بالإيمان،
وأخبر أنه لا غرض له في عذاب خلقه
إن شكروا وآمنوا به،
فقال تعالى:
{ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ }
[النساء: 147].
@AlShehri101:
قال ابن كثير رحمه الله:
الله كريم في نفسه
وإن لم يعبُده أحد.
وأخبر سبحانه
أن أهل الشكر
هم المخصصون بمنته عليهم من بين عباده،
قال:
{ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ
لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ }
[الأنعام: 53].
تجعل النفس حَسرى إلْفَ أَنّتِها"
"من المقادير إذ جاءت برَنّتها
تصبحن مُراعاً من أسنّتها"
"دع المقادير تجري في أعنّتها
ولا تبيتن إلا خاليَ البالِ
وللمقادير أحكام بعادتها"
"تقضي على كل حال باستحالتها
في أسرع الوقت تغيير لحالتها"
"ما بين غمضة عين وانتباهتها
يبدّل الله من حال إلى حالِ
وقسم الناس إلى شكور وكفور،
فأبغض الأشياء إليه الكفر وأهله،
وأحب الأشياء إليه الشكر وأهله،
قال تعالى في الإنسان:
{ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا }
[الإنسان: 3].
وبيَّن سبحانه أن الشاكرين
هم الذين ثبتوا على نعمة الإيمان،
فلم ينقلبوا على أعقابهم،
قال:
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ
أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ
وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا
وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }
[آل عمران: 144].
هي الآية التي تلاها أبو بكر الصديق رضي الله عنه
يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم
وقال:
(من كان يعبد محمدا،
فإن محمدا قد مات،
ومن كان يعبد الله،
فإن الله حي لا يموت)([1]).
([1]) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين ـ ابن قيم الجوزية ـ (150 – 151) بتصرف.
ووصف الله سبحانه الشاكرين بأنهم قليل،
فقال تعالى: { وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }
[سبأ: 13]
وذكر الإمام أحمد رحمه الله
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
أنه سمع رجلا يقول:
اللهم اجعلني من الأقلين،
فقال: ما هذا؟
فقال: يا أمير المؤمنين!
إن الله قال:
{ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ }
[هود: 40]،
وقال تعالى:
{ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }
[سبأ: 13]،
وقال: { وَقَلِيلٌ مَا هُمْ }
[ص: 24]،
فقال عمر: صدقت([1]).
([1]) أخرجه أحمد في الزهد: 142.
وقد أثنى الله سبحانه على نوح بالشكر،
فقال:
{ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ
إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا }
[الإسراء: 3]،
وفي تخصيص نوح هاهنا بالذكر،
وخطاب العباد بأنهم ذريته،
إشارة إلى الاقتداء به.
وقد أخبر سبحانه أنما يعبده من شكره،
فمن لم يشكره لم يكن من أهل عبادته،
فقال:
{ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }
[البقرة: 172].
وأمر عبده موسى
أن يتلقى ما آتاه من النبوة والرسالة والتكليم
بالشكر،
فقال تعالى:
{ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي
فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ
وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ }
[الأعراف: 144].
وأول وصية وصى الله تعالى بها الإنسان
بعد ما عقل عنه
بالشكر له وللوالدين،
فقال:
{ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ
وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ
أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ
إِلَيَّ الْمَصِيرُ }
[لقمان: 14].
وأثنى سبحانه على خليله إبراهيم بشكر نعمه،
فقال:
{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا
وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ *
شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ
اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }
[النحل: 120 ، 121].