الحكمة من الزكاة والنيابة فيها ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحكمة من الزكاة والنيابة فيها ؟
قال القاضي عبدالوهاب صاحب المعونة :
" يكره أن يتطوع بأداء الزكاة عن غيره قبل أن يخرج الزكاة عن نفسه ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ".
كنت أتساءل منذ زمن كيف للفقهاء أن يجيزوا النيابة في ما يخص دفع زكاة المال ؛ وذلك للمقاصد التي شرعت بسببها الزكاة ،والتي بينها أهل العلم ، ومنها:
سؤال:
هل هناك حكمة معينة من تشريع الزكاة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً : يجب أن يُعلم أن الله تعالى لا يشرع شيئاً إلا وهو متضمن لأحسن الحكم ، ومحقق لأحسن المصالح ، فإن الله تعالى هو العليم ، الذي أحاط بكل شيء علماً ، الحكيم ، الذي لا يشرع شيئاً إلا لحكمة .
ثانياً : وأما الحكمة من تشريع الزكاة ، فقد ذكر العلماء حكما كثيرة لذلك ، منها :
1-: أنها تزكي أخلاق المزكي ، فتنتشله من زمرة البخلاء ، وتدخله في زمرة الكرماء ؛ لأنه إذا عود نفسه على البذل ، سواء بذل علم ، أو بذل مال ، أو بذل جاه ، صار ذلك البذل سجية له وطبيعة حتى إنه يتكدر ، إذا لم يكن ذلك اليوم قد بذل ما اعتاده ، كصاحب الصيد الذي اعتاد الصيد ، تجده إذا كان ذلك اليوم متأخراً عن الصيد يضيق صدره ، وكذلك الذي عود نفسه على الكرم ، يضيق صدره إذا فات يوم من الأيام لم يبذل فيه ماله أو جاهه أو منفعته .
وقد ذكر ابن القيم في "زاد المعاد" أن البذل والكرم من أسباب انشراح الصدر ، لكن لا يستفيد منه إلا الذي يعطي بسخاء وطيب نفس ، ويخرج المال من قلبه قبل أن يخرجه من يده ، أما من أخرج المال من يده ، لكنه في قرارة قلبه ، فلن ينتفع بهذا البذل .
2- : أنها تلحق الإنسان بالمؤمن الكامل ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) فكما أنك تحب أن يبذل لك المال الذي تسد به حاجتك ، فأنت تحب أن تعطيه أخاك ، فتكون بذلك كامل الإيمان .
3-: أنها تجعل المجتمع الإسلامي كأنه أسرة واحدة ، فيعطف فيه القادر على العاجز ، والغني على المعسر ، فيصبح الإنسان يشعر بأن له إخواناً يجب عليه أن يحسن إليهم كما أحسن الله إليه ، قال تعالى : ( وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ) القصص/77 . فتصبح الأمة الإسلامية وكأنها عائلة واحدة ، وهذا ما يعرف عند المتأخرين بالتكافل الاجتماعي ، والزكاة هي خير ما يكون لذلك ؛ لأن الإنسان يؤدي بها فريضة ، وينفع إخوانه .
4- : أنها تزكي المال ، يعني تنمي المال حساً ومعنى ، فإذا تصدق الإنسان من ماله فإن ذلك يقيه الآفات ، وربما يفتح الله له زيادة رزق بسبب هذه الصدقة ، ولهذا جاء في الحديث : ( ما نقصت صدقة من مال ) رواه مسلم (2588) ، وهذا شيء مشاهد أن الإنسان البخيل ربما يسلط على ماله ما يقضي عليه أو على أكثره باحتراق ، أو خسائر كثيرة ، أو أمراض تلجئه إلى العلاجات التي تستنزف منه أموالاً كثيرة .
5- : ( أن صدقة السر تطفئ غضب الرب ) كما ثبت ذلك عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، صححه الألباني في "صحيح الجامع" (3759)
انظر : "الشرح الممتع" (6/4-7) .
الإسلام سؤال وجواب: باختصار.
ولكن بعدما تأملت ما سيرد فيما يلي:
قال ابن مفلح صاحب الفروع:
" وكذا من أخرج من ماله زكاة عن حي بلا إذنه ، لم تجزئه ، ولو أجازها ؛ لأنها ملك المتصدق ، فوقعت عنه ".
وقال المرداوي صاحب الإنصاف:
" لو أخرج شخص زكاة من ماله عن حي بغي إذنه : لم يصح . وإلا صح . قال في الرعاية قلت : فإن نوى الرجوع بها رجع في قياس المذهب ".
رأيت أنه إذا اسـأذن شخص ما صاحبه بأن يخرج زكاة أمواله ، فكأنه قد تبرع بمبلغ الزكاة إلى صديقه ، فكأن العلماء قد اشترطوا على المتبرع بدفع الزكاة أخذ الإذن من الطرف الآخر لتنتقل ملكية المال لصاحب المال ،والله أعلم وأحكم.
رد: الحكمة من الزكاة والنيابة فيها ؟