رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول
2) احذر : [إهمال الزرع].
إن أعضاء المنتديات الإسلامية التي ترفع رايات السلف هم من صفوة هذه الأمة ، فسلوكهم هذا الطريق دون غيره من سبل الضلال والغواية ومراتع الشبهات والشهوات في المواقع والمنتديات الفاسدة والمفسدة لدليل على بذرة خير في قلوبهم فواجب المعلم الناصح أن لا يهمل هذه البذرة الطيبة ، وذلك بأمرين :
• تعاهدها بما فيه نفعها مما يناسبها من تعلم العقيدة والسنة وفروض الأعيان .
• حمايتها عما يضعف نموها ويزاحم سقيها من الأدغال .
فإن النبات قوامه وصلاحه بمده بمادة حياته وبقائه ، وبحمايته عما يضعفها أو يفنيها .
و والله ألم وحسرة أن نرى هؤلاء الأحباب قد ضُيعوا بسبب غفلة مربي أو تغافل أخ كبير .
وقد قال ابن الجوزي : "واعلم أن التأديب مثله مثل البذر ، والمؤدب كالأرض ، ومتى كانت الأرض رديئة ضاع البذر فيها ، ومتى كانت صالحة نشأ ونما "(الآداب الشرعية : 2/635).
قد ينفع الأدبُ الأحداث في مهل .... وليس ينفع في ذي الشيبة الأدبُ
ولهذا فإن هذا الضرب من الطلبة – إذا أهملوا – تصبح نفوسهم منجذبة للجدل والمراء المورث للخصومات والشحناء ، وقد ينشأ عنه زهد في العلوم الشرعية الضرورية من تحقيق المقاصد الرسالية ، وتحصيل الفروض العينية والكفائية .
أتـانا أن سـهلا ذم جـهلا .... علوما ليس يدريهن سهل
علوما لو دراها ما قلاها .... ولكن الرضا بالجهل سهل
وفي هذا الصنف من المتعلمين أو قل المتعالمين يوجه العلامة الوادعي – رحمه الله - نصحه فيقول : " فينبغي أن نجد ونجتهد وهناك أناس لا يهتمون بالقرآن . يهتمون بالجدل ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم :{وجادلهم بالتي هي أحسن} لكن الجدل ليس مقصودا لذاته إلا إذا كان يتوصل [به] إلى الحق وإلا فالمراء والخصام أمر مستنكر جداً ."(إجابة السائل : ص298).
وإن التوجيه السديد يصنع رجالا كما " قال مصعب الزبيري: قدم الشافعي المدينة فكان يجلس في المسجد ينشد أشعار الشعراء، وكان حسن اللفظ فصيح القول، عالماً بمعانيه. فقال له أبي يوماً ترضى لنفسك في قرشيتك مما أنت فيه، أن تكون شاعراً؟ قال فما أصنع؟ قال تفقه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله بن خيراً يفقهه في الدين".
قال فأنّى لي بذلك؟ قال: مالك بن أنس سيد المسلمين. قال تقوم بنا إليه. فأتينا مالكاً وجلس عنده وأخبره بشرفه وأمره، فقرّبه مالك وجعل يسمع منه، فلما كان بعد أيام قال الشافعي لأبي: الذي يقول مالك : (أمرنا)، (والذي عليه بلدنا)، (والذي عليه أئمة المسلمين الراشدين المهديين)، أي شيء هو؟ فقال له : أولهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أبو بكر وعمر وعثمان الذين ماتوا بالمدينة. فترك الشافعي ما كان فيه، وسمع الموطأ من مالك، وسرّ به مالك." (ترتيب المدارك : 3/178-179).
لا تحقرن الرأي وهو موافق.... حكم الصواب إذا أتى من ناقص
فالدر وهو أعز شيء يقتنى .... ما حـط قـيـمـتـه هــوان الغائص
رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول
3) احذر : [فناء الساعات] .
إن المنتديات في غالب أمرها تكون مقابر للأوقات ، فكم من الأيام التي انصرمت بلا فائدة ، وانقضت بلا عائدة . فإن كانت في فضل فقد ضاع مقابلها من الضروريات ما هو أفضل وأوجب .
فاحذر (مطحنة الضياع) ففي كل ساعة بل في كل لحظة تدخل في المنتديات ساعات من الأعمار تدور بها رحى التضييع لتجعلها هباء .
وذلك من جهة الكم الهائل من الكتابات التي لا تجدي – إلا ما قل – ويقابلها أضعاف مضاعفة من المشاهدات التي تسير معها في ركب الضياع مما يؤدي إلى إهدار طاقات عظيمة من الأمة .
تعال - عبد الله – لوقفة محاسبة : (فتنة) استمرت أياما عديدة وشهورا مديدة تسطر أحداثها بالبنان ، وقد سبقتها أضعاف هذه المدة يتداولها الطلبة و(بعض من فوقهم) باللسان – في مجتمعات عامة حينا ، وخاصة أحيانا – وقد كانت قبل ذلك بمدد – علمها عند الله – تختلج في الجنان .
فبالله عليك كل هذه السنين والنفس مشغولة بأمر لا يستحق عند الحازم العاقل إلا بضع دقائق وثوان . بأن يجعلها عند أول وقوعها تدخل في إحدى أذنيه حتى يتصور حقيقتها دون أن يوقفها بل يدعها مسترسلة في مسيرها لتخرج من الأذن الأخرى ثم بعدها يسد أذنيه بإصبعيه ، وهو موقن : [أن الأريب العاقل هو الفطن المتغافل] (لباب الأدب : ص56).
يتبع .........
رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول
4) احذر : [الهذر] .
لقد صارت المنتديات - عند البعض - دربة للتراشق بالتهم ، والتقاذف بالكبائر واللمم "فرب حرف أدى إلى حتف ، وكلمة أتت على نعمة" (فرائد الخرائد:ص127).
ولقد " أوصى بعض الحكماء بنيه فقال : أصلحوا ألسنتكم فإن الرجل تنوبه النائبة فيستعير من أخيه ثوبه ، ومن صديقه دابته ، ولا يجد من يعيره لسانه"(لباب الأدب:ص20).
وإني لأعجب ممن صار يستسيغ الشتائم ، ولا يأنف أن يجعل نفسه غرضا لسهام الشاتمين ، ونفس الأبي تترفع عن مجالس اللغط ، ومواطن الغلط .
وسمعك صن عن قبيح الكلام كصون اللسان عن النطق به
فإنك عـنــد اسـتماع القـبـيـح شـريــك لـقـائـلـه فانـــــتـبـه
ولكن كما قيل : كثرة المساس تذهب الإحساس .
وتجزع نفس المرء من سب مرة .... وتسمع عشرا بعدها ثم تسكت
ومن هذا القبيل إلقاء الكلام بتكلف بحيث يشبه قول المتفلسف لا تعرف مراد صاحبه ولا تستبين مقصده ، وهذا من أثر الفتنة لأنها مظلمة لا يدخلها إلا مخاطر بدينه .
فرجال الفتنة كل هذربان ، منتهى قوله هذيان مشتمل على بهتان .
أحـفـظ لسـانك إيها الإنـسان .... لا يلـدغـنـك إنــــه ثـعـبـان
كم في المقابر من قتيل لسانه .... كانت تهاب لقائه الشجعان
يتبع ....
رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول
5) احذر : [غلط الأفهام ، ولغط اللسان] .
إن الناظر في الساحة الدعوية في المنتديات يجد أن الفتنة قد خيمت على عقول وجثمت على نفوس ، فتغيرت عندهم من الشريعة بعض أحكامها ، وانحل عقد إحكامها . ولتخييم بعض الأوهام نشأ غلط الأفهام وأورث لغط اللسان .
فإن استخراج الحكم من دليله موقوف على مقدمات ضرورية من وجود فقيه مكتمل النصاب ، ناظرا في محكم الخطاب ، مستوف لمراتب الاستدلال على طريقة الصحاب .
ودون ذلك لا يدرك العلم إلا بضرب من المسافهه ، ونوع من المصادرة والمكابرة . فالذي نعانيه اليوم هو فوضى في ضبط المفاهيم .
فأصبح تقنين مسائل الاجتهاد السائغ أمرا مفروضا في بعض الأذهان ، وإن لم يحرر بالقلم والبنان إلا أنه بادٍ من فلتات اللسان ، وهو نوع من العصيان إذا لم يعتقد لزومه بالجنان .
وقد حرر هذا الموضع شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فقال : "وأما كثير من أتباع أئمة العلم ومشايخ الدين فحالهم وهواهم يضاهي حال من يوجب إتباع متبوعه ، لكنه لا يقول ذلك بلسانه ولا يعتقده علما ، فحاله يخالف اعتقاده ، بمنزلة العصاة أهل الشهوات ".(مجموع الفتاوى:19/70).
ومن هنا بدأت الفتنة حيث صار حب العلماء يأخذ لون تبعية بلا استثناء ، وهي على حد عبارة الشيخ الفاضل إبراهيم الرحيلي – حفظه الله - :"نحن نريد من الشباب أن يحبونا حب الإسلام لا حب الأصنام ". (قالها في جلسة خاصة مع أهل العراق في بيته).
ومما يستطرف في هذا الباب – باب تقديم شرع الله على من سواه – ما جاء في "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: 5/9" أن :" القاسم عبيد الله بن سليمان قال : كنت أكتب لموسى بن بغا ، وكنا بالري وكان قاضيها إذ ذاك أحمد بن بديل الكوفي.
فاحتاج موسى أن يجمع ضيعة هناك كان له فيها سهام ، ويعمرها وكان فيها سهم ليتيم ، فصرت إلى أحمد بن بديل أو قال : فاستحضرت أحمد بن بديل وخاطبته في أن يبيع علينا حصة اليتيم ، ويأخذ الثمن .
فامتنع وقال ما باليتيم حاجة إلى البيع ، ولا آمن أن أبيع ماله وهو مستغن عنه فيحدث على المال حادثة ، فأكون قد ضيعته عليه .
فقلت : أنا أعطيك في ثمن حصته ضعف قيمتها .
فقال : ما هذا لي بعذر في البيع ، والصورة في المال إذا كثر .
فأردته بكل لون فيمتنع فضجرني ، فقلت له : أيها القاضي إلا تفعل فإنه موسى بن بغا .
فقال لي : أعزك الله ، إنه الله – تبارك وتعالى - .
قال : فاستحييت من الله أن أعاوده بعد ذلك . . . ".
ومن عجيب حال بعضهم ما حكاه لنا الشيخ الفاضل عبد المالك رمضاني – حفظه الله – في داره أنه : "قد يأتي يتقرب إلى شيخه بعرض فلان ! ورأيناهم . نعم ، شخص يقول – لبعض تلاميذه - : فلان طُعن فين ، اطعنوا فيه على شان ما يُطعن فيكم .
انظر ، اطعنوا فيه حتى لا يطعن فيكم .
إيش هذا ؟!
جعلته ردءا لك ، أعراض غيرك ردءا لك !!!
تكلموا فيه حتى يرضى عنكم الشيخ فلان وإلا سيسقطكم .
إيش هذا الكلام ، تعيش أنت للناس !! "أهـ .
وهذه التبعية لا شك أنها إفراط . . .
وفي مقابلها نشأت معارضة ومقاومة لهذا التقليد ، إلا أنها جنحت عن الصواب في بعض شأنها متسمة بإفراط وتفريط .
ومن بين ذلك أن بعضهم صار يستعير من مخالفيه أخطاءهم التي ينتقدها فيخطئ كما أخطئوا . معالجة للخطأ بمثله .
فلأجل الدفاع عن شيخ صاروا يسقطون آخر مع أنهم يرون أن كلا منهما يخطئ ويصيب . وانتقدوا التسقيط فيما بابه الاجتهاد ، ففعلوا مثله من باب الدفاع .
والواجب في علاج الفتنة إسناد أمرها إلى العلماء ، وأن لا يتقدم بين أيديهم .
وأن نحذر ولوج أهل الطلب والتحصيل في مسائل الفتن ، لأن في صنيعهم هذا يحصل الخلل ، ولا يؤمن الزلل .
ومن جراء هذا وذاك صارت المجالس عند بعضهم تحوم حول الفتنة كأنما خلق لها ولا يعرف من العلم غيرها كمثل طفيلي قيل له : "كم اثنان في اثنين ؟ قال : أربعة أرغفة "(عيون الأخبار :ص/357).
فصارت الفتنة له ديدن يحسب كل كلمة إصلاح ، وكل صوت فيه فلاح ولو كان من نباح . كصنيع (جاهل خراسان) .
فقد سأل البرذعي أبا زرعة الرازي – رحمهما الله - عن : بشر بن يحيى بن حسان؟
" قال: خراساني من أصحاب الرأي كان لا يقبل العلم ، وكان أعلى أصحاب الرأي بخراسان ، فقدم علينا ، فكتبنا عنه ، وكان يناظر ، فاحتجوا عليه بطاووس ، فقال بالفارسية :يحتجون علينا بالطيور !
قال أبو زرعة: كان جاهلا ، بلغني أنه ناظر إسحاق بن راهويه في القرعة ، فاحتج عليه إسحاق بتلك الأخبار الصحاح ، فأفحمه ، فانصرف ففتش كتبه فوجد في كتبه حديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عن القزع" .
فقال لأصحابه: قد وجدت حديثا أكسر به ظهره ، فأتى إسحاق ، فأخبره .
فقال إسحاق: إنما هذا القزع ! أنه يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعض . (سؤالات البرذعي لأبي زرعة الرازي 2/334).
فهذه الفتنة تكاد عند بعض الكتبة لا تنجلي كليل مات صباحه ، أو سجن ضاع مفتاحه
يتبع ....
رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول
6) أحذر : ( سفه الدعاة )
إن الداعية الموفق هو الحازم المتأني إذ عنده لكل كلمة موضع ، ولكل خطوة هدف ، لا يرمي سهاما في فضاء ، ولا يخطو خطا في عماء .
فمجلسه مجلس علم ، ومنطقه بحكمة وحلم . لا كمجالس بعض الدعاة - عند العامة من الناس أو أنصاف المتعلمين – يتكلمون (بحروف الدجاج) ، لأنهم يحدثونهم بما لا يعرفون ويقحمونهم فيما لا يحسنون . ومن باب الاستئناس فقد جاء في بعض كتب التاريخ : أن أبا خليفة ـ الفضل بن الحباب الجمحي ـ كان لا يتكلف الإعراب بل قد صار له كالطبع لدوام استعماله إياه من عنفوان حداثته ،فخرج في نزهة مع أصحاب له أيام المبادي ، وهي الأيام التي يثمر فيها الرطب فيكبسونه في القواصر تمرا ، وتكون حينئذ البساتين مشحونة بالرجال ممن يعمل في التمر من الأَكَرَة ، وهم الزراع وغيرهم ، فلما أكلوا ، قال بعضهم لأبي خليفة ـ غير مكن له خوفا أن يعرفه من حضر ممن ذكرنا من الأَكَرَة ، والعمال في النخل ـ: أخبرني أطال الله بقاءك عن قول الله - عز وجل - :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} هذه الواو ما موقعها من الإعراب ؟
قال أبو خليفة : موقعها رفع ، وقوله: (قوا) هو أمر للجماعة من الرجال .
قال له: كيف تقول للواحد من الرجال ، ول لاثنين وللجماعة ؟
قال : يقال للواحد من الرجال: قِ ، وللاثنين : قيا ، وللجماعة قوا .
قال : كيف تقول للواحدة من النساء ، وللاثنتين منهن وللجماعة منهن ؟
قال أبو خليفة : يقال للواحدة : قي ، وللاثنتين : قيا ، وللجماعة : قين .
قال : فأسألك أن تعجل بالعجلة ، كيف يقال للواحد من الرجال ، والاثنين والجماعة ، والواحد من النساء ، والاثنتين منهن ، والجماعة منهن ؟
قال أبو خليفة عجلان : قِ قيا قوا قي قيا قين ، وكان بالقرب منهم جماعة من الأكرة فلما سمعوا ذلك استعظموه ، وقالوا : يا زنادقة ! أنتم تقرءون القرآن بحروف الدجاج ! ، وعدوا عليهم ، فصفعوهم فما تخلص أبو خليفة ، والقوم الذين كانوا معه من أيديهم إلا بعد كدٍ طويل . اهـ.( مروج الذهب للمسعودي 4/239).
فالداعية المخلص الصادق : يراعي مقصد الشرع ووسيلته ، ويتفطن لمكان المدعو ومكانته ، ويهتم بزمن الدعوة ووقتها ، ويعتني بكل جوانب المقاصد الضرورية لنجاح الدعوة – إخلاصا وصدقا وعلما وعملا - .
وعليه ليحذر من تصدر للدعوة غرور النفس فإنه مكمن الفساد فكم شتت العباد وأربك البلاد ، فصوت العلماء الذين هم لخيمة الجماعة أوتاد ، قد ضاع بين صياح الأولاد .
فالداعية إذا تصدى لما لا يحسنه فإنه يفسده كحال الراقي السفيه الذي " أُتي بامرأة وهي مصروعة فسقاها ملحاً .
قال : من أجل أن يعطش الجني ، وهي تقول : اسقوني ، اسقوني حتى ماتت ، مسكينة "(إجابة السائل :ص355).
قد تصدر للتدريس كل بليد مهوس .... قد تسمى بالفقيه المدرس
فحق لأهل العـلم أن يتمثـلوا بـبيت .... قديـم شـاع في كل مجلس
هزلت حتى بدا من هزالها كلاهــا .... وحتـى سـامها كـل مفـلس
وليحذر هذا الضرب من الدعاة الكلام في الفتنة فإن كلامهم يشعلها ولا يطفئها ، بل إن المتكلم فيها أول المحترقين بنارها والمصطلين بلهبها .
ولعل له عبرة (بداعية تهامة) فقد "قدم داع من الدعاة إلى الله في تهامة إلى بلده وبعد أن قدم ذُهب به – لأنه حدَّث بشيء أهله لا يعرفونه – قالوا : نذهب بك إلى الساحر – وهو بخير ليس به شيء - .
فقال (أي: الساحر) : فيه جني .
قالوا : فماذا نعمل ؟
قال : اربطوه على خشبة وأوقدوا تحته ، فربطوه وهو يصيح حتى مات – رحمه الله – تعالى - ."(إجابة السائل :ص/355).
"وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : مَنْ سَاسَ نَفْسَهُ سَادَ نَاسَهُ ."(أدب الدنيا والدين:ص/245).
فليس كل ما يعلم يقال ، ومن مسائل العلم ما جوابها السكوت .
يا رب جوهر علم لو أبوح به .... لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال صالحون دمي .... يرون أقبح ما يأتونه حسنا
فأنصح هؤلاء أن لا يقعوا في الحرام بأن يتركوا علاج الفتن للعلماء العارفين وإلا فإنهم ببحر الشبهات لمن الغارقين ولجماعة الحق لمن المفرقين .
ككافلة الأيتام من كد فرجها .... لك الويل لا تزني ولا تتصدقي
يتبع ..........
رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول
7) احذر: ( تيه الطاووس ) .
إن بعض كتبة المنتديات لما رأى أنه صار يحمل القلم والدواة ، ويدخل بصورة معلم في المنتديات ، ومشارك في الصراعات ، توهم المسكين أنه قد صاف الشادين من الطلبة ، والمبرزين من الفضلاء .
كحال من ذكره "محمد بن سهل قال : حضرت المأمون بالمصيصة ، فقام إليه رجل بيده محبرة ، فقال : يا أمير المؤمنين صاحب حديث منقطع به .
قال : فوقف المأمون ، فقال له : إيش تحفظ في باب كذا وكذا ؟
قال : فسكت الرجل ، فقال المأمون : نا ابن علية عن فلان عن فلان عن فلان ، وحدثنا حجاج الأعور عن ابن جريج كذا . . . حتى عد فيه كذا حديثا .
ثم قال : إيش تحفظ في باب كذا ؟
قال : فسكت ، فسرد فيه كذا حديثا . ثم قال : أحدهم يطلب الحديث ثلاثة أيام يقول : أنا صاحب حديث !! أعطوه ثلاثة دراهم ."
(الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: 1/116).
فلا تكن عبد الله منهم [فقدر هؤلاء القوم عند العقلاء أحقر من قلامة في قمامة ، وأخس من بقة في حقة].
(الإعلام بما في دين النصارى :ص/419).
ومما يستظرف ما كان عليه الوجيه – المبارك بن المبارك بن سعيد (612هـ) - الذي التزم سماحة الأخلاق ، وسعة الصدر ، فكان لا يغضب من شيء ، ولم يره أحد قط حردان ، وشاع ذلك عنه ، وبلغ ذلك بعض الحرفاء ، فقال: ليس له من يغضبه ، ولو أغضب لما غضب ، وخاطروه على أن يغضبه ، فجاءه ، فسلم عليه ، ثم سأله عن مسألة نحوية ، فأجابه الشيخ بأحسن جواب ، ودله على محجة الصواب .
فقال له: أخطأت ، فأعاد الشيخ الجواب بألطف من ذلك الخطاب ، وسهل طريقته ، وبين له حقيقته .
فقال له: أخطأت أيها الشيخ ، والعجب ممن يزعم أنك تعرف النحو ، ويهتدي بك في العلوم ، وهذا مبلغ معرفتك ، فلاطفه ، وقال: له يا بني لعلك لم تفهم الجواب ، وإن أحببت أن أعيد القول عليك بأبين من الأول فعلت .
قال له:كذبت ! لقد فهمت ما قلت ، ولكن لجهلك تحسب أنني لم أفهم .
فقال له الشيخ: وهو يضحك قد عرفت مرادك ، ووقفت على مقصودك ، وما أراك إلا وقد غُلبت ، فأد ما بايعت عليه ، فلست بالذي تغضبني أبدا ،
وبعد يا بني : فقد قيل : إن بقة جلست على ظهر فيل ، فلما أرادت أن تطير قالت له: استمسك فإني أريد الطيران ! فقال لها الفيل: والله يا هذه ما أحسست بك لما جلست ، فكيف أستمسك إذا أنت طرت ! والله يا ولدي ما تحسن أن تسأل ، ولا تفهم الجواب ، فكيف أستاء منك .
( معجم الأدباء: 5/44).
شهاب الدين دع عنك اللجاجة .... فلست تعد من عليا خفاجـــة
نسـبـت إلـيـهم ظلـما لعمـري .... كما نسبت إلى الطير دجاجة
أتقوى أن تهاجيني بشعر وهل .... تقوى على الحجر الزجاجـة
فواجب طالب العلم الحريص على نجاة نفسه أن يتواضع ليرفع ، وأن يحل العالم منه بأن: (يأخذ بركابه الآخر) .
فقد " قال ابن معين لصالح بن أحمد بن حنبل : أما يستحي أبوك رأيته مع الشافعي . والشافعي راكب ، وهو راجل ، ورأيته وقد أخذ بركابه ؟!
قال صالح : فقلت لأبي ، فقال لي : قل له : إن أردت أن تفقه فخذ بركابه الآخر".
(ترتيب المدارك وتقريب المسالك : 3/183).
وقال الماوردي " َقَالَ أَرْدَشِيرُ بْنُ بَابَكَ: مَا الْكِبْرُ إلا فَضْلُ حُمْقٍ لَمْ يَدْرِ صَاحِبُهُ أَيْنَ يَذْهَبُ بِهِ فَيَصْرِفُهُ إلَى الْكِبْرِ. وَمَا أَشْبَهَ مَا قَالَ بِالْحَقِّ."
(أدب الدنيا والدين:ص/246).
يتبع ............
رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول
8) احذر : (دسيسة الشيطان ) .
أعلموا – رحمكم الله – أن طبيعة المنتديات خصبة لزرع نبت جاسوس أو مدسوس ، ولا يخفى على أحد أن هذه الدعوة المباركة مستهدفة . . .
ولهذا لا ينبغي لمسلم الغفلة .
فإن من مخططات بعض المستشرقين قولهم : "اجعل الكلمة كلمتين تصبح الفرقة فرقتين ، ثم يصير الإسلام إسلامين ".
وأفضل الأجواء لنمو هذا النبت الضار هو جو الفتنة لأن كلا من المتصارعين يطلب الظفر بخصمه ، وعادة ما يكون عدو العدو صديقا .
ولا يجهل أحد أن الدس سنة مطروقة لأعداء الأمة المسلمة ، وشواهده من التاريخ كثيرة ، وأول ما عرف عنه ذلك ما ذكره الله عن إبليس { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ }[الأعراف :20-21].
ولو نظرنا : من المستفيد من هذه الفتنة ؟
لماذا ينصرف الشباب عن دعوة التوحيد ؟!
لماذا ينصرف الشباب عن بيان السنة ودحض البدع ؟!
لمصلحة من دوام هذه الفتنة ؟
هل في دوامها رضا الله أم سخطه ؟
إلى أسئلة كثيرة ، في معرفة الجواب عنها تنكشف أوراق ، ولا يبقى دعي خلف رواق ، لأننا بالحزم نسد طريق النفاق .
فالسباق السباق إلى الوئام والاتفاق ، على طريق الرفاق من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .
ومما أتحفنا به الشيخ الفاضل مشهور بن حسن – حفظه الله – في بلد الله الحرام سنة (1430) قوله : "حقيقة فتنة الدعوة في العقد الأخير في العالم (التلون) دخل فيها من ليس منها ، وتلون وحاول أن يؤثر على أبناء الدعوة ، فيرمي بعض القناعات ، وبعض المفاهيم التي تخالف مفاهيم مشايخنا الكبار ، وتخالف واجب الوقت الذي يتعين .
أرادوا أن يشغلونا عن واجب الوقت الحقيقي الشرعي الذي قرره علماؤنا بواجب آخر الذي هو واجب الوقت عند الحزبيين .
الواجب الحزبي ما يضرني في شيء ، الذي يضرني أنا إيش واجب الوقت عندي ؟ إيش رأس مالي ؟ إيش شغلي ؟ إيش أريد ؟
عملنا التصفية والتربية وتصحيح عقائد الناس وتصحيح عبادات الناس ، جهدنا العظيم في هذا الباب ، نربي الناس على أن تتحمل أوامر الله جل في علاه – وأن تزكي أنفسها . . . ".
يتبع ...........
رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول
9) احذر: ( رصد الأغلاط ) .
إن تتبع العثرات وجمع السقطات هي ميزة للمنتديات ، فحال فاعليها منبئ عن شره نفس في طلب الانتقام وإدامة الخصام .
ومن درر الشيخ الفاضل مشهور بن حسن – حفظه الله – ما سمعناه منه في بيت الله الحرام عام (1430) حيث قال : "لا يعتمد على هذه المنتديات إلا من نقص عقله ودينه ". أي فيما سبيله التراشق بين الدعاة ، وحصد ورصد للهنات .
ومعلوم أن الذي ساعد الفتنة على هذا الانتشار ، كون الكاتب خلف الأستار مختفيا عن الأنظار .
وقد جادت قريحة الشيخ المفضال عبد المالك بن رمضاني – حفظه الله – بوصف هذا الصنف : بـ(نت الجبان).
وأقولها – صريحة - : إن بعض الناس بسبب الفتنة صارت عنده مفاصلة مقيتة بين قوله وفعله ، فبينما هو جاد في تأكيد رفق أهل السنة بأهل السنة بنشره : (رفقا أهل السنة بأهل السنة) ، تراه ممن يخالف ما جاء فيها ، فينشر بين الموالف والمخالف ما فيه مثالب ومتالف تزيد الفرقة وتشعل الفتنة . قد تنكب سبيل الرفق بالرفقة وقد نابذهم وصيرهم فرقة .
فأين هم من قول العلامة العباد – حفظه الله - : " إن من أهل السنة من إذا رأى أخطاء لأحد من أهل السنة كتب في الرد عليه ، ثم إن المردود عليه يقابل الرد برد ، ثم يشتغل كل منهما بقراءة ما للآخر من كتابات قديمة أو حديثة والسماع لما كان له من أشرطة كذلك ؛ لالتقاط الأخطاء وتصيد المثالب ، وقد يكون بعضها من قبيل سبق اللسان ، ويتولى ذلك بنفسه ، أو يقوم له غيره به ، ثم يسعى كل منهما إلى الاستكثار من المؤيدين له المدينين للآخر ، ثم يجتهد المؤيدون لكل واحد منهما بالإشادة بقول من يؤيده وذم غيره ، وإلزام من يلقاه بأن يكون له موقف ممن لا يؤيده ، فإن لم يفعل بدعه تبعا لتبديع الطرف الآخر ، وأتبع ذلك بهجره .
وعمل هؤلاء المؤيدين لأحد الطرفين الذامين للطرف الآخر من أعظم الأسباب في إظهار الفتنة ونشرها على نطاق واسع ، ويزداد الأمر سوءا إذا قام كل من الطرفين والمؤيدين لهما بنشر ما يذم به الآخر في شبكة المعلومات (الانترنت) .
ثم ينشغل الشباب من أهل السنة في مختلف البلاد بل في القارات بمتابعة الاطلاع على ما ينشر بالمواقع التي تنشر لهؤلاء وهؤلاء من القيل والقال الذي لا يأتي بخير ، وإنما يأتي بالضرر والتفرق ، مما يجعل هؤلاء وهؤلاء المؤيدين لكل من الطرفين يشبهون المترددين على لوحة الإعلانات للوقوف على ما يجد نشره فيها ، ويشبهون – أيضا – المفتونين بالأندية الرياضية الذين يشجع كل منهم فريقا ، فيحصل بينهم الخصام والوحشة والتنازع نتيجة لذلك ."(رفقا أهل السنة ...ص/52).
واعلموا – رحمكم الله - أن بعض هذه التتبعات ، تدخل في باب الغيبة ، أو تكون نميمة لما فيها من قالة بين العلماء أو الدعاة .
وقد عجبت من بعض الطلبة كيف يكون مطية للشيطان ، وأعجب من ذلك كيف يقبلها منه الأتقياء والفضلاء ، وتنشر في المنتديات ، ولا تنكر ، فسبحان الله .
إن هذا الصنف من الطلبة إذا كان ينقل اليوم نميمة لك ، ويفشي سرا على خصمك فلا تأمن أن ينم عليك ، ويفشي سرك ، وقد رأيناهم .
من نم في الناس لم تؤمن عقاربه ... على الصديق ولم تؤمن أفاعيه
كالسيل بالليل لا يدري به أحـــد ... مــن أين جاء ولا من أين يأتيه
فالويل للعهد منه كيف ينقضــــه ... والويل للــود منه كيف يفـتـيـه
وقال ابن حبان – رحمه الله - : "ثمرة النميمة أنها تهتك الأستار ، وتفشي الأسرار ، وتورث الضغائن ، وترفع المودة ،وتجدد العداوة ، وتبدد الجماعة " (مختصر روضة العقلاء :ص/129).
يتبع ..............