سمعوا عنا ولم يسمعوا منا

الحمد لله الملك العلام ، والصلاة يتبعها السلام ، على محمد خير الأنام .
موقف مر بي يا كرام ، لن أنساه مهما طالت الأيام ، وجرت خلفها الشهور و الأعوام ، هذا الموقف الغريب الذي سأحكيه بالتمام ، وقع لي مع صاحب شهم همام ،" محمد" من صحراء مغرب العزة والسلام ، في داخلية إحدى جامعات فاس "مدينة الأعلام" ، وكانت غرفته عن يميني وعن يساره الحمام ، أواخر السنة الدراسية من ذلك العام .
ذات ليلة وأنا عائد من صلاة العشاء بعد طول قيام ، أروم فتح غرفتي لأنام ، إذ باغتني محمد متجها نحوي كأنه يريد الخصام ، وقد عهدته يستحي مني ولا يزيد على السلام ، إذ هو آخذ بكتفي يهزها فتضعضعت العظام ، بوجه مرعب ويد راعشة وفم تمتام ، راعني منظره وكأن عقله أصيب وكأن به جنونا لا يرام ، يصيح : أأنت حقا هكذا ؟؟ أجبني فالأمر هام هام ، يرددها مرارا يرفع بها صوته وقد طال بنا المقام ، فما كان مني إلا أن أدخلته غرفتي لأستفسر عن هذا الكلام ، وبعد أن عاد كل منا إلى رشده وهدأت الأجسام ، قال لي وقد اقتحم الموضوع أيما اقتحام : إني لما رأيتك أول العام ، بمنظرك الغريب واللحية لك وسام ، شعرت بقلق ممزوج بغصة وآلآم ، فقد طار ذهني إلى أمثالك ممن رأينا في الأفلام ، كأفلام الممثل المسمى "عادل إمام" ، أو بعض زعماء القاعدة الذين يظهرون في الإعلام ، وقلت لنفسي : لا موسيقى بعد اليوم ولا أنغام ، ولا رقص بعد اليوم ولا أحلام ، سيبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن الآثام ، عدنا إلى أيام الجمال وصحاري الشــام ، من اليوم لـن أسمع إلا : "يا أبا الشمقمق ـ يا أخ الإسلام" ، " يا كتيبة المجد ـ يا كتيبة القسَّام " ، وغرقت في دوامة وتهت في الزحام ، بقيت تائها فيها ليالي و أيام ، ُأُعاملك بتحفظ خشية أن أسمع "حرام حراااام " ، أغلق بابي حتى لا أجُرّ على نفسي المَلام ، ومضت الأيام والشهور في انصرام ، لكن لم يقع شيء مما كنت أضن يا "إمام" ، لستَ كمن تخيلتُ ولستَ تسيرُ على نفس النظام ، لا تشدد ولا تزمُت ولا ظلام ، أمّا في الدراسة فأنت الطالب الذي لا يُضام ، إن رآك مدخن يُواري سيجارته ويعلو وجهَه ُابتسام ، رأيتُ يوسف يفعل هذا وكذا هشام ، والذي مع الفتاة استحى أعني عصام ، كأنك نبيّ بين عبّاد أصنام ، فهل حقا خُدعنا وكنا نيام ؟؟؟ أحقا ما صوّروه لنا لم يكن سوى أوهام ؟؟ أجبني فإني في قمة الاستسلام .
ضممته حتى التَحَمت المَسامُ بالمسام ، وقلت له: كُنت ممن تتخَبَّط له الأقدام ، ضلال ومجون وأنواع من الإجرام ، ثم هَداني الهادي لهدى النبي وصحبه الكرام ، فعَاهدتُ ربي أن أكون قدوة للخير كما كنت مرآة للظلام ، أدعو إلى الله بخُلقي لا فقط بالكلام ، نحن لم نَسقُط من المريخ أو غيره من الأجْرام ، نحن أنتم ولسنا من أزمان بُنَاة الأهرام ، الناس سمعوا عنّا لم يسمعوا سوى أَوهام ، بالإرهاب رُمينا و بالتخلـف وبكـل الطّـوَام ، لكل الناس حق ونحن لسنا كبقية الأنام ، ما خَرّبنا ما كسرنا ولا عرفنا اعتصام ، ذَنبُنا أنّا اتبعنا الدين نقيّا فلما المَلام ، سجنوا بريئا يتموا طفلا وحَمَلوا الحُسام ، علامة تعجب تجرُّ خلفها علامة استفهام ، لكن عفا الله عما سلف ومن عاد فللّه انتقام ، شَمَمنا عبق الحرية تحمله الأنسام ، سابقنا الريح سابقنا أسراب الحمام ، اليوم أمُيطَ عنك أخي اللثام ، واستخرجت الحق من بين الركام ، لكني أعترف بصدق تام ، منَّا أيضا من سَوَّد الصورة سوادا تام ، فالقول في وَاد والفعل في إبهام ، جُرحٌ غائر ليس له التآم ، فهيَّا بنا نقول سَويا وقد حان الختام : " الإنصاف التام أن تسمعوا منا لا عنا يا كرام " .

أبو الوليد

شكرا لك ، وبارك الله فيك .

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد الشافعي

شكرا لك ، وبارك الله فيك .

---

وفيك يبارك الله
جزاك الله كل خير

حقيقة لابد لي ان اطرح بعض الاسئلة اعذرني:

1- ما هي المدة الوقتية التي تكمل مثل هذه الخواطر القصصية؟! هل هو يوم هل هي سويعات كم؟!

2- ما هي الكتب بالتحديد التي تجدها اثرت حبكتكم البلاغية؟!

3- هل هنالك جوا معين كي تخرجوا بهكذا نتائج؟! يعني هل في وقت الفجرية او الظهرية او في الليل الجوا الذي يتهيأ بها النفس كي تلقي عنانها وبه تخط ما تخط من تصورات وعبارات؟!

4- هل هنالك خطوات معينة بمعني هل تركز على الفائدة المرجوة اولاً ام على مسير الاحداث اولاً ام كيف؟؟!!

5- ما هي الامور التي تشجعكم على الاستمرار في مثل هذه الموهبة؟!

6- ما الفرق برايكم بين الموهبة والهبة في الانسان وخص نص عندما نتكلم عن اللغة؟!

7- ما هي اكبر العوائق التي تجدونها في الارتقاء وبماذا تنصح؟!
حقيقة انا اصر عليكم استاذنا فأنت لم تشفي غليلي في طلبي المنصرم تكرم علينا وسوف نكون لكم من الشاكرين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
سأجيب على الأسئلة كما ورد في ترتيبها ، فأقول مستنعينا ربي :
1 ـ معظم الماقامات لا يتجاوز وقت كتابتها النصف ساعة ، أو بالأحرى وقت الكتابة ، فقليلا ما أفكر في الكلمات التي أريد التعبير بها ، بل تنساب الكلمات مع سيلان المداد ، وهذا فضل من الله ....
2 ـ لا أستطيع تحديد كتاب معين عدا القرآن وبعض كتب الامام ابن القيم الجوزية ، فأنا أكثر من قراءتها ، وهنا أسطر معلومة صغيرة وهي أنني لا أقرأ كتب الأدب الا نادرا ، لا الرويات ولا القصص ، أقرأ الشعر الجاهلي خاصة ، رغم أنني كما تلاحظينا لا أستعمل كلماته لأن المهم عندي وصول الرسالة وليس التقعر في الألفاظ .
3 ـ في الحقيقة ... أفضل الليل ... قبل الفجر... عندما أستشعر أن ألحان الليل تنساب من النافدة ....فتهيج شعوري ، فأستل قلمي وأختطف الورقة ... من بين أخواتها ، فأطلق العنان لقلمي ... دون كبح... حتى يعدو وله صهيل يسمع على ظهر الورقة ، ربما أفضل الليل لسكونه أكثر من أي شيء آخر ....
4 ـ كل مقالاتي تنبع من واقعي اليومي... أحداث حقيقية .... أحاول أن أحكي الحدث بطريقة تجعله غير مألوف ، يعني اجعل للأماكن... وللأشخاص... وللجمادات... ألسنة تنطق بها لكي تسمع القارئ أشياء غير مألوفة ، أحاول أن أحرك الاحساس .. وأنبش ما هو مكنون في أغوار كل انسان .... و أدغدغ العواطف ... وهذا في الحقيقة هو النجاح الذي أعتقد أنني وصلت إليه ، ولله الحمد ....
5 ـ الشيء الذي يشجعني ... أنني أنفع ديني وأدعو الى الله بطريقة ربما يستعملها القليل ، يشجعني حب الناس لما أكتب ، يشجعني أن أدر خلفي ـ يوم أموت ـ بصمة تذكر الناس بي ... فيتبعني الدعاء منهم والاستغفار ، يشجعني أني أسلط قلمي على أهل الباطل فيفرون الى جحورهم ، ويشجعني أني أشارك في رد العافية للغة العربية التي أعشقها ....
6 ـ صراحة لا أعرف الفرق ، وحسبي أن أقول أنني حضيت ـ وأنا صغير ـ بتقدير وتشجيع من أحد أساتذة العربية إثر كتابتي لتعبير لغوي ، وقال لي بالحرف : أنت عبقري ، لكني ما اهتممت لكلامه . وأما قصة كيف بدأت الكتابة فقصة طويلة الذيل لا يتسع المجال لسردها الآن ....
7 ـ أهم صعوبة تواجهني ـ وبكل صراحة ـ هي تحقيق الاخلاص ، هذا يأخذ مني جهدا كبيرا جدا ، لأن بعض ملاحظات الناس وإفراطهم في المدح ، قد ينمي ـ لا سمح الله ـ في القلب العجب ، لذلك أداوم الالتجاء الى الله حتى يعينني .
أضيف إليها اختيار الموضوع ، وكيف أجعله غير مألوف ، انظي مثلا قصيدة موعظة القبور لكل غافل مغرور ـ موجودة على الرابط التالي :http://majles.alukah.net/showthread....B1%D9%88%D8%B1
وسيتضح هذا في مقالي القادم الذي هو تحت عنوان : الحديقة السرية ....
أما النصيحة فالتقوى خير زاد ، واتقوا الله ويعلمكم رب العباد .
بارك الله فيكم ونفع بنا وبكم والسلام عليكم

أبو الوليد أنا أحبك في الله وأسال الله لك الفردوس الأعلى..

استاذنا المُكرم ليس بوسعي الا ان اشكرك بحجم السماء والارض من الشغاف بلاسقف وبلا ضفاف على هذه الفائدة البالغة. واعتقد اذا كونك لا تميل الى قراءة الكتب الادبية والقصصية فأفضل ما سوف يزيد من بهاء كتابتكم بهاءا هو قراءتكم لكتابي كليلة ودمنة والمنتخب من ادب العرب وهذا يساعدكم في النظم الأدبية والحبكة البلاغية وقوة والوصف والتعبيرات وايضاً من ما لابد منه ان تقراء للمؤلف الشيخ صادق الرفاعي وخص نص مؤلفاته اوراق الورد ووحي القلم سوف تبدع فوق ابداعكم هذا وهي امانة يجب ان ترتقي بها وان لا تقف الى هذا الحد وليس المتنبي ولا الحجاج افضل منا في طمعهم الى التميز وطموحهم اللامتناهية للارتقاء ونيل السؤدد وغزس البصمة التي تشفع لنا في يوم لا شفاعة فيه .

وان شاء الله تستمروا في هذه الاطروحات القيمة والمؤثرة واخلاص النية دائماً لابد من المجاهدة قبل العمل واثناءه ومن بعده والموت اكبر سبب لضبط النية وتوجيهها.
شكرالله لكم استفدت حقيقة من اجاباتكم.
فأحسن الله اليكم كما احسنتم الطرح.
وشكراً لكم.

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحفيشي

أبو الوليد أنا أحبك في الله وأسال الله لك الفردوس الأعلى..

---

أحبك الله أخي الفاضل
وجمعنا في جنته اخوانا على سرر متقابلين

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المَاسَّةُ قُرطبة

استاذنا المُكرم ليس بوسعي الا ان اشكرك بحجم السماء والارض من الشغاف بلاسقف وبلا ضفاف على هذه الفائدة البالغة. واعتقد اذا كونك لا تميل الى قراءة الكتب الادبية والقصصية فأفضل ما سوف يزيد من بهاء كتابتكم بهاءا هو قراءتكم لكتابي كليلة ودمنة والمنتخب من ادب العرب وهذا يساعدكم في النظم الأدبية والحبكة البلاغية وقوة والوصف والتعبيرات وايضاً من ما لابد منه ان تقراء للمؤلف الشيخ صادق الرفاعي وخص نص مؤلفاته اوراق الورد ووحي القلم سوف تبدع فوق ابداعكم هذا وهي امانة يجب ان ترتقي بها وان لا تقف الى هذا الحد وليس المتنبي ولا الحجاج افضل منا في طمعهم الى التميز وطموحهم اللامتناهية للارتقاء ونيل السؤدد وغزس البصمة التي تشفع لنا في يوم لا شفاعة فيه .

وان شاء الله تستمروا في هذه الاطروحات القيمة والمؤثرة واخلاص النية دائماً لابد من المجاهدة قبل العمل واثناءه ومن بعده والموت اكبر سبب لضبط النية وتوجيهها.
شكرالله لكم استفدت حقيقة من اجاباتكم.
فأحسن الله اليكم كما احسنتم الطرح.
وشكراً لكم.

---

جزاكم الله خيرا
أولا لست بأستاذ أنا بلغت لتوي 23 سنة فلا زلت أصغر بكثير من تلك الكلمة
ثم أشكرك على اقتراح تلك الكتب ، أما كليلة ودمنة فقد قرأتها مرارا ، وبالنسبة لكتب الشيخ الرفاعي فبحثت عنها ولم أجدها للأسف ، وأنا أسمع عن الشيخ ما هيجني للبحث عن كتبه يسرها الله لي ...
أسأل الله لي ولكم ولسائر المسلمين النجاح والفلاح في الدين والدنيا

الحمدلله رب العالمين ومنار الجنة سبيلاً للموحدين:

بوركت الهمم واللفظ استاذ لا يقاس بالعمر او بالزمن انما يقاس بالتحصيل والخبرة والمراس والمران والموهبة والتجربة والانجاز وان شاء الله مستقبل زاهر إذ حرصتم على ما قلتم ولزمتم ما عرفتم وعليك بالشيخ الرفاعي واذكرك واذكر نفسي في ما قال الشاعر الهمام حين قال:

ولا تفتأ عن الترويض يوما ستدرك حينـها كل الدراكِ

وقد قال الحكماء
والعلم يصنع الموهبة وليست الموهبة هي التي تصنع العلم

ولا تنسى ايضاً قول البلغاء حين قالوا:
لعله ﻣﻦ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎة أﻧك إذا رﻓﻀﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫو دون مستوي القمة ، فإنك دائما تصل إليها .

ولهذه القمم والوصول الى بالغ الازدهار فهي دائما الوصية التي يوصوها اهل العلم لمريدين العلم فجعلهنا نصب الأعين:
لا ازدهار دون استقرار.

فيسر الله لك أمرك وامرنا وجعل زهرة شبابنا قمة النجاح والفراح.
وشكراً لكم.

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المَاسَّةُ قُرطبة

الحمدلله رب العالمين ومنار الجنة سبيلاً للموحدين:

بوركت الهمم واللفظ استاذ لا يقاس بالعمر او بالزمن انما يقاس بالتحصيل والخبرة والمراس والمران والموهبة والتجربة والانجاز وان شاء الله مستقبل زاهر إذ حرصتم على ما قلتم ولزمتم ما عرفتم وعليك بالشيخ الرفاعي واذكرك واذكر نفسي في ما قال الشاعر الهمام حين قال:

ولا تفتأ عن الترويض يوما ستدرك حينـها كل الدراكِ

وقد قال الحكماء
والعلم يصنع الموهبة وليست الموهبة هي التي تصنع العلم

ولا تنسى ايضاً قول البلغاء حين قالوا:
لعله ﻣﻦ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎة أﻧك إذا رﻓﻀﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫو دون مستوي القمة ، فإنك دائما تصل إليها .

ولهذه القمم والوصول الى بالغ الازدهار فهي دائما الوصية التي يوصوها اهل العلم لمريدين العلم فجعلهنا نصب الأعين:
لا ازدهار دون استقرار.

فيسر الله لك أمرك وامرنا وجعل زهرة شبابنا قمة النجاح والفراح.
وشكراً لكم.

---

جزاكم الله خير الجزاء
استفدت من هذه النقول المباركة
سخرنا الله لخدمة دينه واستعملنا فيما يرضيه
وشرفنا بالدعوة اليه والدلالة عليه
انه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل

نسأل الله لكم ولنا وجميع الموحدين ازدهاراً ونجاحاً وفلاحاً.
واتقوا الله فيعلمكم الله.
شكراً لكم.
وبالتوفيق.