مخطوطات صنعاء، وهل تدل على تحريف القرآن الكريم؟

السؤال
هناك مخطوطات أُكتشفت حديثًا باليمن للقرآن الكريم، وعند تحليل المخطوطات وجدوا أن هنالك طبقة تحت الكتابة العثمانية، وتلك الطبقة احتوت على آيات مختلفة عن المصحف العثماني، فكيف الرد على من يطعن في القرآن مستندًا بذلك الدليل أن هناك من قام بتحريف القرآن الأصلي؟

الجواب
الحمد لله.
أولًا:
يحدث في بعض الأحيان أن يُطبع في بعض أسواق الكتب مصحف لم يتم الاعتناء بمراجعته، فيقع فيه أخطاء، وعندما يتم اكتشاف ذلك تتم مصادرة هذا المصحف.
ما هي الوسيلة المرجعية الأساسية التي نعرف بها وقوع هذه الأخطاء في هذ المصحف؟
هل هذه الوسيلة هي مصحف آخر مصحح ومضبوط؟
في الحقيقة لا، بل حتى المصاحف المضبوطة المصححة، لم نحكم عليها بأنها مضبوطة ومصححة عن طريق مقارنتها بنسخة صحيحة، وإنما المرجعية الأساسية للحكم على كل المصاحف التي تكتب أو تطبع: هي القرآن المحفوظ الذي يتلوه قراء القرآن وحفظته عبر مئات السنين الماضية، ونقلته الأجيال المتعاقبة، جيلا بعد جيلا، لا يختلفون في نقله على ما هو عليه، ولا في قراءته على تلك الحال.
وقد ورد في صفة هذه الأمة، في "التوراة" : ( صُفُوفِهِمْ فِي القِتالِ صُفُوفُهُمْ فِي الصَّلاةِ، أناجِيلُهُمْ صدورهم ) . رواه العدني، وإسناده ضعيف، كما في "إتحاف المهرة"، للبوصيري (7/61).
وبكل حال؛ فالقرآن محفوظ عن طريق الرواية المتواترة والتي يرويها جمع كبير، عن جمع كبير، لا يختلفون في شيء من القرآن، إلا في حدود اختلاف القراءات المعروف، وهذه الرواية المتواترة هي التي يُحكم بها، سواء على أية رواية أخرى لا يصح إسنادها، أو يُحكم بها على نسخة من مصحف مطبوع أو مخطوط، فالمصاحف كلها تراجع عن طريق مقارنتها برواية حفظة القرآن التي هي الأصل في ضبط النص القرآني، هذه قاعدة أساسية لفهم هذا الموضوع.
ثانيًا:
مخطوطات صنعاء تحوي حوالي خمسة عشر ألف مخطوط للقرآن الكريم، كتبت من نهاية القرن الأول الهجري، وحتى القرن الخامس الهجري، فليست مصحفًا ولا مخطوطًا واحدًا ولا كتبت في زمن واحد، وتنتمي هذه القطع إلى قرابة الألف مصحف كُتبت عبر خمسة قرون.
وتقول الدارسة الأساسية لهذه المخطوطات الدكتورة أورسولا ديبتهورتيز: "وعلى الرغم من الإشاعات التي تم تداولها؛ فإنه لم يُعثر على أي تحريف يخرج عن رسم المصحف العثماني في المخطوطات التي تم العثور عليها".
ثالثًا:
من عام ١٩٨١ الى عام ١٩٨٥ كان المسؤول عن الترميم هو المستشرق الألماني غيرد بوين.
وجد هذا المستشرق بعض (الطُرُس)، والطرس هي أوراق كان يكتب عليها ثم تمحى الكتابة ليكتب عليها مرة أخرى نتيجة لندرة الورق، ولما وجد بعض الاختلافات في بعض الكلمات بين الكتابة التحتية والفوقية، ادعى هذا المستشرق أن هذا نوع من التطور والتغيير في النص القرآني.
ولا أساس لهذا الكلام كله، فهذه التغييرات التي لم توجد سوى في عدد قليل جدًا لا يذكر من المخطوطات، ترجع غالبًا للعملية التعليمية التي يتعلم فيها الطلبة الكتابة من حفظهم، فيضبطون ويخطؤون كما نراه في الكتاتيب، وباعتراف هذا المستشرق فتاريخ النص التحتي والنص الفوقي تاريخ واحد، مما يدل على أن الكتابة التحتية خطأ تعليمي قام الطالب بمحوه وإعادة كتابته وليست تطورًا مرحليًا أو تغييرًا.
وفي هذا الرابط نقاشٌ مفصلٌ لكلام هذا المستشرق.
وتجد هنا رسائل كتبها مستشرقون عملوا على هذه المخطوطات ينكرون فيها هذا الادعاء.
فالخلاصة:
لا تثبت هذه النسخ النادرة شيئًا يختلف عما يمكن أن يثبته وجود مصحف لم يراجع جيدا، فوقعت فيه بعض الأخطاء، أو كراسة تعلم لطالب في كتاب أخطأ في كتابة بعض الآيات، وفي الروابط السابقة إثبات مفصل لهذا، والحمد لله الذي حفظ كتابه لعباده المسلمين.
وينظر للفائدة، مقال: "مصحف البحر الميت".
والله أعلم.

https://islamqa.info/ar/answers/4337...B1%D9%8A%D9%85