القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
س: ما حكم الإسلام فيما يحدثه بعض الناس من احتفالات مشبوهة أثناء زيارتهم للأولياء كما يسمونهم ومن هؤلاء الأولياء الشيخ (أحمد) و(المحجب) و(الحباك) ويحدث في هذه الاحتفالات بدع شنيعة وغرائب منكرة كاختلاط الرجال بالنساء وضرب آلات الموسيقى والذبح غير المشروع وخصوصاً في شهر رجب أفيدونا عن حكم الإسلام فيما سبق ذكره جزيتم عنا خيراً وذلك عن طريق الإذاعة؟

جـ: اعلموا أيها الإخوة السائلون بأن هذه الأسئلة كلها قد سبق أن أجبت عليها بأجوبة مطولة ومختصرة وخلاصة تلكم الأجوبة كما يلي أن الذبح لأصحاب القبور(1) لا يجوز شرعاً وقد جاء في الحديث الصحيح المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قد منع النساء من الاختلاط بالرجال في وقت أداء الصلاة المفروضة جماعة حيث جعل صفوف النساء خلف صفوف الرجال فبالأولى والأحرى اختلاطهن بالرجال عند زيارة الأولياء ولا سيما إذا كان مع هذا الاختلاط الضرب بأي آلة من آلات الموسيقى حسب ما حكيتموه في السؤال واعلموا بأن الاعتقاد بأصحاب القبور أنهم ينفعون أحدا أو يضرونه حرام شرعاً حيث وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث»(2) إلى آخر الحديث وإني أنصح أهالي هذه القرية خصوصاً وسائر الناس عموماً أن لا يعتقدوا في أصحاب القبور على الإطلاق بل يرجعون في كل ما ينزل بهم إلى الله سبحانه وتعالى فهو الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه.
س: توجد في قرية قبة يزعم أهل هذه القرية أنها قبة الولي المدعو (عبدالله بن سالم السالمي) وفي وسطها ضريح منصوب وصفوف المصلين قدام الضريح وخلفه فهل تكون صلاة هؤلاء صحيحة أم باطلة هذا ويقوم بعض الجهلاء بإمداد الشمع والبخور لصاحب الضريح علاوة على أن النساء هناك تتوسل بصاحب هذا الضريح وتستغيث به أحيانا وقد تدعوه من دون الله أحيانا أخرى أفيدونا بالجواب الشافي؟
جـ: اعلم بأن جميع ما ذكرت في السؤال عما يعمله أهالي هذه القرية حرام قطعاً فالعمارة للمساجد حرام إذا كان المسجد عمر بعد القبر لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»(3) ففي هذا الحديث يحذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله هذا المسلمين من أن يفعلوا مثلما فعله من قبلهم لقول عائشة رضي الله عنها بعد أن ذكرت الحديث المصرح بلعنهِ صلى الله عليه وآله وسلم لليهود والنصارى لاتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا وقبر الميت في المسجد حرام لأن المساجد لم تبن ليقبر الناس فيها بل للصلاة ولذكر الله ورفع القبر أكثر من شبر حرام لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأن لا يدع قبراً مشرفاً إلاّ طمسه كما جاء في الحديث الصحيح وسواء أكان الميت الذي سيرفع قبره أكثر من شبر عالماً فاضلاً أو كان أمياً جاهلاً لأن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لـ(علي) رضي الله عنه وكرم وجهه لم يفصل بين قبر الجاهل والعالم ودعوى الإمام (يحيى بن حمزة) رحمه الله الإجماع من العلماء على جواز رفع قبور العلماء وعمارة القبور التي دفن فيها الفضلاء أكثر من شبر لا دليل عليها كما أطال الكلام على هذا الموضوع شيخ الإسلام (الشوكاني) في رسالته التي أسماها شرح الصدور بأدلة تحريم رفع القبور وفي غيرها من مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة التي اعتمد فيها على الأدلة الصحيحة الصريحة ولم يعرج فيها على رأي أو استحسان والنذر لصاحب القبر حرام وغير مشروع لأن من شرط النذر المشروع أن يكون ابتغاء لوجه الله سبحانه وتعالى بدليل ماء جاء في الحديث الصحيح المصرح بأن النذر لا يكون إلا فيما ابتغي(4) به وجه الله وهذا النذر لم يبتع به صاحبة وجه الله وإنما ابتغ به وجه صاحب القبر (عبدالله بن سالم السالمي) وقطع الصفوف حرام لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من وصل صفاً وصله الله ومن قطع صفاً قطعه الله»(5) ودعاء الميت ونداؤه والاستغاثة به والتوسل إلى الله به حرام قطعاً لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن:18]
والمسلم المؤمن إذا أصابته نعمة أو مصيبة أو أي بلاء يدعو الله سبحانه وتعالى فهو وحدة الذي يجيب دعوة من ناداه ولا يجيب أحد من الأموات لا السالمي ولا ابن علوان ولا المهدي ولا غيرهم من أصحاب القبور ومن تأمل ما جاء في القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة عرف تحريم كل ما ذكرته في جوابي هذا والخلاصة موجزة فيما يلي:
1- عمارة المسجد على القبور محرم شرعاً.
2- دفن الأموات في وسط المسجد حرام ولا سيما إذا قطع الصفوف.
3- رفع القبور أكثر من شبر حرام مطلقاً سوى كان المقبور عالماً أو جاهلاً.
4- النذر لأصحاب القبور غير مشروع وغير منعقد شرعاً.
5- قطع صفوف الصلاة حرام شرعاً.
6- دعاء غير الله والاستعانة بالأموات والتوسل بهم حرام شرعاً.
______________________________
(1) سبق ذكره في هذا الباب من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه بتحسين الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (2517).
(2) سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبو هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم برقم (4177).
(3) صحيح البخاري: كتاب الصلاة: باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر. حديث رقم (418) بلفظ: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة 824، 825 والنسائي في الجنائز 2020 وأبو داود في الجنائز 2808 وأحمد في باقي مسند المكثرين7054، 7492.
(4) صحيح البخاري: كتاب الإيمان والنذور: باب النذر في الطاعة وما أنفقتم. حديث رقم (6548) بلفظ: عن عائشة رضيَ اللّهُ عنها عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «من نذرَ أن يُطيعَ اللّهَ فلْيُطعه، ومن نذر أن يَعصيَه فلا يعصِه».
(5) سنن أبي داوود: كتاب الصفوف: باب تسوية الصفوف. حديث رقم(666) بلفظ: عن أبي شَجَرَةَ، لم يَذْكُرْ ابنَ عُمَرَ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَيْنَ المَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُم ـ لَمْ يَقُلْ عِيسَى بِأَيْدِي إخْوانِكُمْ ـ وَلاَ تَذَرُوا فَرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفَّا وَصَلَهُ الله وَمَنْ قَطَعَ صَفَّا قَطَعَهُ الله» صححه الألباني في صحيح سن أبي داوود بنفس الرقم.
http://olamaa-yemen.net/main/articles.aspx?selected_article _no=4633