الذي يشتغل في علم التخريج ودراسة الأسانيد يدرك الفرق بين قول المحدث
حديث صحيح ، أو حسن ، أو ضعيف
وحديث إسناده صحيح ، أو حسن ، أو ضعيف
وحديث رجاله رجال الثقات ، أو رجاله ثقات إلا الرواي كذا فحسن الحديث ، أو رجاله موثقون إلا الرواي كذا فضعيف أو متروك
فالحديث النبوي الصحيح انطبقت فيه الشروط الخمسة المذكورة في علم المصطلح لتعريف الحديث الصحيح
وأما قول المحدث : إسناده صحيح فانطبق فيه ثلاثة شروط باستثناء العلة والشذوذ
وأما قول المحدث رجاله ثقات أو رجاله رجال الصحيح فلم يسلم إلا شرطين من شروط الحديث الصحيح ، وأما العلة والشذوذ واتصال السند فلا
والأولى لطالب العلم المبتدئ أن يحكم على ظاهر الإسناد فقط فيقول مثلا : إسناده صحيح أو رجاله ثقات مع العلم بأن هذا القول لا يفيد الصحة مطلقا
قال الدكتور محمود الطحان حفظه الله في تيسير مصطلح الحديث : - قول المحدثين : " هذا حديث صحيح الإسناد " دون قولهم : " هذا حديث صحيح "
- وقول المحدثين : " هذا حديث حسن الإسناد " دون قولهم : " هذا حديث حسن "
لأنه قد يصح أو يحسن الإسناد دون المتن لشذوذ أو علة
فكأن المحدث إذا قال : " هذا حديث صحيح " قد تكفل لنا بتوفر شروط الصحة الخمسة في هذا الحديث أما إذا قال : " هذا حديث صحيح الإسناد " فقد تكفل لنا بتوفر شروط ثلاثة من شروط الصحة وهي اتصال السند وعدالة الرواة وضبطهم أما نفي الشذوذ ونفي العلة عنه فلم يتكفل بهما لأنه لم يتثبت منهما
لكن لو اقتصر حافظ معتمد على قوله : " هذا حديث صحيح الإسناد " ولم يذكر له علة فالظاهر صحة المتن لأن الأصل عدم العلة وعدم الشذوذ انتهى
قال الدكتور محمود الطحان حفظه الله في كتابه القيم أصول التخريج ودراسة الأسانيد :
< استحسان اكتفاء الباحث في الإسناد بقوله: صحيح الإسناد، أو حسن الإسناد، أو ضعيف الإسناد >
مر بنا أن كشف العلة والشذوذ في الحديث نفيًا أو إثباتًا أمر صعب جدًّا لا يقوى عليه كل باحث أو مشتغل بالحديث، لكن يستحسن في حق الباحث في الأسانيد أن يقول في نهاية بحثه عن مرتبة الحديث صحيح الإسناد، أو حسن الإسناد، أو ضعيف الإسناد، ولا يتعجل فيقول: صحيح أو حسن أو ضعيف لأنه بالنسبة لقوله عن الحديث صحيح او حسن ربما يوجد حديث آخر يعارضه في معناه ، وسنده قوي ، فيكون الحديث الذي حكم عليه بالصحة شاذا ، أو ربما اكتشفت في الحديث علة غامضة لم يستطع الباحث اكتشافها ,
وبالنسبة لقوله عن الحديث ضعيف ربما وجد له تابع أو شاهد يقويه، ويجبره فيرتقي إلى مرتبة الحسن لغيره.
فالأولى في حق الباحث إذن أن يقول في نهاية بحثه عن الحديث: صحيح الإسناد، أو حسن الإسناد، أو ضعيف الإسناد .
وقد فعل هذا كثير من الأئمة السابقين منهم: الحاكم أبو عبد الله، والحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" وغيرهما، والظاهر أن الوقت لم يسعفهم ليكملوا النظر في كشف الشذوذ والعلة، فتحرجوا من القول بأنه صحيح أو حسن
وقد قال علماء المصطلح: إن المحدث إذا قال عن حديث إنه صحيح الإسناد، أو حسن الإسناد دون قوله صحيح أو حسن، قال ابن الصلاح: قولهم: هذا حديث صحيح الإسناد، أو حسن الإسناد دون قولهم: هذا حديث صحيح، أو حديث حسن
لانه قد يقال هذا حديث صحيح الاسناد ولا يصح لكونه شاذا اومعللا غير ان المصنف المعتمد منهم اذا اقتصر على قوله انه صحيح الاسناد ولم يذكر له علة ولم يقدح فيه فالظاهر منه الحكم له بانه صحيح في نفسه لان عدم العلة والقادح هو الاصل والظاهر والله اعلم انتهى
ولذلك قال السيوطي رحمه الله في ألفيته :
ولا تضعف مطلقا مالم تجد
تضعيفه مصرحا عن مجتهد