تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 31

الموضوع: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

  1. #1

    افتراضي دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
    أما بعد...
    فهذه دروس في علم المناظرة شرعت بالكتابة فيها وضعتها على متن آداب البحث للشيخ العلامة طاش كبرى زاده، وهي معتمدة اعتمادا كاملا على ما سبق شرحه في الواضح.
    والله أسأل أن يعيننا على الإتمام على خير إنه سميع مجيب.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الدرس الأول
    مقدمة
    المناظرة: مسائل يبحث فيها عن أحوال وظائف المتناظرين من حيث كونها مقبولة أو مردودة.
    وفائدتها: حفظ الذهن عن الخطأ في المناقشات.
    بمعنى أن الإنسان باعتبار كونه مفكرا لا بد أن يحمل آراء واعتقادات معينة فيها من الاختلاف والتعدد الشيء الكثير، وبما أنه اجتماعي بطبعه فلا بد أن تحصل بين الناس مناقشات ومناظرات كل طرف منهم يحاول أن يثبت صحة رأيه، فكان لا بد من وضع ضوابط تحكم المناقشات حتى لا تحيد عن الهدف الذي من أجله انعقدت وهو ظهور الحق والصواب وتتحول إلى مصارعة فمن أجل ذلك وضعوا علم المناظرة.
    ثم إن المناقشة والمناظرة تقتضي وجود عنصرين رئيسين هما:
    1- موضوع تجري حوله المناظرة، مثل حرمة الغناء.
    2- شخصان يتناظران: أحدهما يتبنى صحة القضية ويدافع عنها وآخر ينفيها ويهاجمها.
    فزيد من الناس يدافع عن رأي وقضية ما كحرمة الغناء، وعمرو يهاجم ذلك الرأي، فلزيد وظيفة ودور يقوم به، ولعمرو وظيفة ودور آخر.
    وعلم المناظرة يعطيكَ مجموعة من القواعد والمسائل التي تتحدث عن الطرق والوسائل التي يمكن أن يستعملها كل من المتناظرين للدفاع عن رأيه أو الهجوم على رأي صاحبه ويبين لك أن هذه الطريقة في النقاش مقبولة سائغة أو مردودة لا يجوز استعمالها.
    مثال: قال زيدٌ: هذا الآية تدل على الوجوب والدليل عليه هو أنها أمر- وكل أمر يدل على الوجوب.
    فيقول له عمرو: فقوله تعالى: ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) أمر ولم يدل على الوجوب بل على الندب.
    فهنا أبطل عمرو دعوى زيد بأن كل أمر يدل على الوجوب بالنقض بأن أثبت تخلف الدليل وعدم اطراده فقد وجد لفظ الأمر ولم يوجد معه الوجوب.
    فهذا النقض يسمى بالنقض المشهور لأنه هو الذائع المعروف فحينئذ نقول:
    ( النقض المشهور وظيفة مقبولة ) فهذه مسألة من مسائل علم المناظرة.
    مثال: قال زيد هذا الشخص يجب قتله، والدليل على ذلك أنه قد قتل شخصا مكافئا له عمدا عدوانا- وكل من قتل شخصا مكافئا له عمدا عدوانا يجب قتله.
    فيقول له عمرو هذا منقوض بالذي ينفذ القصاص على القاتل فإنه يقتل شخصا مكافئا له عمدا ومع هذا لا يجب قتله.
    فهذا النوع من النقض يسمى بالنقض المكسور وهو أن يترك من دليل الخصم بعض الأوصاف المؤثرة.
    فهنا عمرو ترك من استدلال زيد كلمة عدوان وهي لها مدخل وتأثير في ثبوت القصاص لأن من ينفذ القصاص لم يقتل عدوانا بل نفذ حكم الله.
    ( فهذا النقض المكسور وظيفة مردودة ) لا يجوز ارتكابها لأنها نوع مغالطة وهذه مسألة أخرى من مسائل علم المناظرة.
    فقد تبين لكَ أن علم المناظرة هو مسائل يبين فيها الوظائف المقبولة والمردودة للمتناظرين.
    فوظائف المتناظرين هي: الاعتراضات والأجوبة التي تحدث بين المتناظرين، وتسمى بالأبحاث الكلية لأنها قواعد كلية تنطبق على الأبحاث الجزئية التي تتعلق بموضوع معين.
    مثال: النقض المشهور بحث كلي ينطبق على كل النقوضات الجزئية مثل نقض كل أمر يدل على الوجوب في المثال السابق.
    مثال: النقض المكسور بحث كلي ينطبق على كل النقوضات المكسورة مثل نقض كل من قتل شخصا مكافئا له يجب قتله في المثال السابق.
    وتسمى الوظيفة المقبولة مثل النقض المشهور بالوظيفة الموجَّهَة.
    وتسمى الوظيفة غير المقبولة مثل ذلك النقض المكسور بالوظيفة غير الموجَّهَة.
    ومعنى كونها موجهة أنها تتوجه إلى كلام الخصم وتدفعه فهي مجدية ومقبولة في المناظرة.
    وأما غير الموجهة فبعكسه لا تتوجه إلى كلام الخصم ولا تدفع كلامه فهي غير مجدية وغير مقبولة في المناظرة.
    ثم إن الفرق بين المنطق والمناظرة هو أن المنطق يبحث فيه عن أحوال التعريف والدليل أي يعرفك طريقة رفع المجهول، وأما علم المناظرة فيعرفك الطريق الصحيح للمناظرة حول التعريف والدليل.
    فالمنطق يعلمك أحوال التعريف والدليل، والمناظرة تعلمك الاعتراضات التي يمكن أن تتوجه على التعريف والدليل، وكذا الأجوبة الممكنة عنها.
    تنبيه: يسمى هذا العلم أيضا بآداب البحث والمناظرة.

    ( أسئلة )
    1- في ضوء ما تقدم ما هو علم المناظرة وما هي فائدته ؟
    2- ما هي أركان المناظرة ؟
    3- ما الفرق بين المنطق والمناظرة ؟

  2. #2

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    ما شاء الله لا قوة إلا بالله، درس ماتع و قطف يانع، أحسن الله إليك و جزاك كل خير، شوقتنا أخي لمتابعة هذه الدروس الماتعة و الفوائد الرائقة، متعك الله بالتقوى و الإيمان، حبذا لو تقربنا من هذا العلم الجليل أكثر و تذكر لنا أهم المؤلفات العمدة في بابها و مناهج التأليف في هذا العلم الجليل، جزاك الله خيرا

  3. #3

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو سعد المراكشي مشاهدة المشاركة
    ما شاء الله لا قوة إلا بالله، درس ماتع و قطف يانع، أحسن الله إليك و جزاك كل خير، شوقتنا أخي لمتابعة هذه الدروس الماتعة و الفوائد الرائقة، متعك الله بالتقوى و الإيمان، حبذا لو تقربنا من هذا العلم الجليل أكثر و تذكر لنا أهم المؤلفات العمدة في بابها و مناهج التأليف في هذا العلم الجليل، جزاك الله خيرا
    اللهم آمين ولك بالمثل.
    جزاك الله خيرا وفتح عليك.
    هذا العلم أخي الحبيب هو من مبتكرات المسلمين أخذوا أصوله من القرآن الكريم ومن المناظرات التي كانت تقع بين العلماء.
    أما مناهج التأليف فحسب استقرائي الناقص هي:
    1- المنهج الأم الذي تناولته السمرقندية والعضدية ونحوهما وهو يضم مبحثين:
    أ- مبحث القواعد الفنية التي تحكم المناظرات كالمنع والنقض والمعارضة.
    ب- مبحث الآداب والأخلاق التي ينبغي أن يتحلى بها المتناظران.
    وهذا المنهج هو الذي سنسير عليه إن شاء الله.
    2- منهج الفقهاء وهو ضم تلك القواعد إلى بعض المباحث الأصولية كالمأخوذة من مبحث القياس وجعل هذا العلم خادما لعلم الفروع والمناظرات التي تجري بين المذاهب كالحنفية والشافعية.
    فالمنهج الأول جعلوه عاما يحكم كل المناظرات ويستفيد منه المسلمون وغيرهم، بينما الثاني يستفيد الفقيه أكثر.
    3- منهج كثير من المعاصرين اليوم وهو لا يضم سوى مبحث الأخلاقيات العامة مع الاستدلال بالنصوص وذكر بعض المناظرات القرآنية.
    أما خصوص القواعد الفنية فلا تكاد موجودة فيها فصارت أشبه كتب الوعظ منها بكتب فن ذي
    أما الكتب المؤلفة سيما على الطريقة الأولى فعديدة كالسمرقندية وشروحاتها والولدية ومن أعمدها وأمتنها ولعله أعلاها آداب كلنبوي بحاشيتي البنجويني وابن القره داغي فالكلنبوي من المحققين في العلوم العقلية.
    ومن أفضل وأسهل كتب المعاصرين كتاب الآداب للشيخ محي الدين عبد الحميد.
    وكذا كتاب الشيخ الشنقيطي الذي ضم له أيضا قواعد أصولية وفوائدة عديدة.
    والله أعلم.

  4. #4

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    ( الدرس الثاني )


    تعريف المناظرة وبيان ما تجري فيه

    قد علمتَ أن علم المناظرة هو: مسائل يبحث فيها عن أحوال وظائف المتناظرين من حيث كونها مقبولة أو مردودة، وفائدته حفظ الذهن عن الخطأ في المناقشات.

    ثم إن لفظ المناظرة يطلق ويراد به أحد معنيين:
    الأول: هو العلم المخصوص وهو الذي عرفناه بأنه مسائل يبحث فيها ....
    والثاني
    : هو اسم للمحاورة التي تجري بين اثنين فأكثر بقصد ظهور الحق.
    فتارة يطلق لفظ المناظرة ويراد به قواعد هذا الفن الذي ندرسه، وتارة يطلق على اسم مصطلح من مصطلحات هذا العلم وهو المحاورة بين اثنين بقصد ظهور الحق.

    واحترزنا بقيد (
    بقصد ظهور الحق ) عن المجادلة والمكابرة.
    فأما المجادلة فهي: المحاورة بين اثنين لا لإظهار الصواب بل لإلزام الخصم.
    فكل من المتجادلين يقصد نصرة رأيه وإبطال رأي خصمه ولا التفات لهما لظهور الحق ولذا ترى العناد والإصرار على الرأي هو دأبهما.
    وأما المكابرة فهي: المحاورة بين اثنين بقصد إظهار العلم والفضل.
    فليس قصد المتكلم لا إظهار الصواب ولا نصرة رأيه بل أن يظهر أمام الخصم والناس سعة علمه ومقدرته على المنازعة ولذا تراه ينازع حتى في البديهيات الواضحات، وهي مذمومة أشد الذم فليحذر منها المسلم.

    فالمحاورة تتنوع إلى ثلاثة أقسام بحسب القصد والهدف من ذلك الحوار هي:
    1-
    المناظرة إن قصد ظهور الحق.
    2-
    المجادلة إن قصد نصرة الرأي.
    3-
    المكابرة إن قصد إظهار العلم.
    وقد يختلف قصد المتحاورين كأن يدخل زيد الحوار مع الرغبة في ظهور الحق، ويدخله عمرو بقصد نصرة رأيه فقط فتكون المحاورة بالنسبة لزيد مناظرة، وبالنسبة لعمرو مجادلة.

    هذا ما يتعلق ببيان معنى المناظرة.
    وأما ما تجري فيه المناظرة أي ما يكون محل البحث والنقاش فهو
    القضية لأنها هي التي تحتوي على نسبة خبرية تحتمل مطابقة المواقع أو عدمه، فيحصل فيها اختلاف الرأي وتقع المناقشات والاستدلالات بين الخصمين وتسمى القضية بالدعوى والمسألة مثل الله واحد، وأبو بكر إمام عادل، والغناء محرم ونحو ذلك.

    وأما الإنشاء فلا تجري فيه المناظرة نحو اكتبْ الدرس، وكذا اللفظ المفرد نحو زيد، والمركب نحو غلام زيد لعدم وجود النسبة الخبرية، ولكن قد تقع المناظرة في غير القضية كالتعريف لأنه يتضمن القضية.

    بيانه: إذا قلنا في تعريف الإنسان:
    حيوانٌ ناطقٌ، فهذا اللفظ هو مركب ناقص ليس فيه إسناد أو نسبة لأنه موصوف وصفته فالحيوان موصوف والناطق صفته، فالمفروض أنه لا تجري المناظرة في التعريف ولكن قالوا: إن هذا التعريف حينما يأتي به الشخص فقد ادعى في ضمنه عدة دعاوى منها:
    هذا التعريف جامع وهذه قضية أي مركب خبري لأنها ذات موضوع ومحمول.
    وهذا التعريف مانع وهذه قضية أيضا.

    فصار التعريف من هذه الجهة محلا للمناظرات والمناقشات بأن يقول الخصم لا أسلم أن تعريف الإنسان بأنه حيوان ناطق صحيح لأنه غير جامع أو غير مانع أو ليس بأوضح من المعرّف.
    بمعنى أن التعريف من جهة شروطه المذكورة في المنطق تجري فيه المناظرة لاستلزامه النسبة الخبرية.
    والحاصل هو أن الذي تجري فيه المناظرة لذاته هو القضية، وأما التعريفات فهي تجري فيها المناظرات لا لذاتها بل لأنها تستلزم وتستتبع القضية والنسبة فصحت المناظرة فيها من هذا الجانب.

    ( أسئلة )

    1- في ضوء ما تقدم على ماذا يطلق لفظ المناظرة؟
    2- ما الفرق بين المناظرة والمجادلة والمكابرة؟
    3- كيف جرت المناظرة في التعاريف مع أنها ليس قضايا؟


  5. #5

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    ( الدرس الثالث )

    وظائف المتناظرين

    قد علمتَ أن القضية والنسبة هي محل المناظرة وفيها يتنازع الخصمان فواحد يتولى الدفاع عنها، وآخر يقوم بالهجوم عليها، وهذا الدور الذي يقوم به المتناظران يسمى وظيفة فأحدهما له وظيفة الاعتراض والهجوم والآخر له وظيفة الجواب عن تلك الاعتراضات والدفاع عن المدعى.

    ويسمى الشخص الذي يتولى وظيفة الاعتراض والهجوم بالسائل.
    ويسمى الشخص الذي يتولى وظيفة الجواب والدفاع بالمُعَلِّل.
    مثال: تناظر زيد المسلم، مع عمرو الملحد في وجود الله فزيد يثبت وجود الله، وعمرو يكذب بذلك ويعترض على زيد.
    فيسمى زيدٌ المدعي لقضية وهي هنا ( الله موجود ) معلّلاً لأنه يثبتها بعلتها أي يستدل ويأتي بالعلة والسبب الذي من أجله آمن بهذه الدعوى.
    ويسمى عمرو الذي يعارض تلك الدعوى بالسائل لأنه هو من يسأل ويوجه الاعتراضات والإشكالات على كلام المدعي.

    فأما وظائف السائل فثلاثة هي:
    1- المنع.
    2- النقض.
    3- المعارضة.

    فأما المنع فهو: طلب الدليل على مقدمة الدليل.
    مثال: قال زيد النصراني المعلل: المسيح إلهٌ، والدليل عليه هو: أنه خلق من غير أب- وكل من خلق من غير أب فهو إلهٌ.
    فيقول عمرو المسلم السائل: أمنع الكبرى أي كل من خلق من غير أب فهو إله.
    ومعنى أمنع الكبرى أي لا أسلمها وأطالبك بإقامة الدليل عليها.
    فالمنع إما أن يتجه على صغرى الدليل أو كبراه.

    وأما النقض فهو: إبطال دليل الخصم بإثبات تخلف الدليل بأن يوجد ولا يوجد معه المدلول.
    مثال: قال زيد النصراني المعلل: المسيح إلهٌ، والدليل عليه هو: أنه خلق من غير أب- وكل من خلق من غير أب فهو إلهٌ.
    فيقول عمروٌ المسلم السائل: هذا الدليل باطل لأنه يجري مع آدم عليه السلام، فإنه خلق من غير أب بل ومن غير أم فيلزم على دليلك أن يكون إلها مع أنه ليس كذلك بالاتفاق.
    فالنقض هو إثبات تخلف الدليل في صورة من الصور.

    وأما المعارضة فهي: إبطال دليل الخصم بإقامة دليل يثبت بطلان مدعاه.
    مثال: قال زيد النصراني المعلل: المسيح إلهٌ، والدليل عليه هو: أنه خلق من غير أب- وكل من خلق من غير أب فهو إلهٌ.
    فيقول له عمرو المسلم السائل: المسيح عبد لله، والدليل عليه هو: أنه حملت به أمه وأنجبته- وكل من كان شأنه كذلك فهو عبد مخلوق لا إله خالق.
    فهنا أبطل عمرو دليل زيد بإقامة دليل من عنده يثبت بطلان دعواه وهي أن المسيح إله.
    فالمعارضة هي: أن يقابل دليل الخصم بدليل يبطل مدعاه.

    فتلخص أن السائل إما أن يكتفي بطلب الدليل على مقدمة من مقدمات دليل الخصم، أو يبطل دليله بإثبات تخلفه، أو يبطل دعواه بإقامة دليل منتجٍ لخلاف دعوى الخصم. فإنْ طلب الدليل على المقدمة فهو المنع، وإن أبطل نفس الدليل بالتخلف فهو النقض، وإن أبطل نفس الدعوى بإقامة دليل منتجٍ لما يخالفها فهو المعارضة.

    ( أسئلة )

    1- من هو السائل ومن هو المعلل؟
    2- ما هي وظائف السائل عددها مع بيانها؟
    3- اذكر مثالا من عندك لكل من الوظائف الثلاث؟

  6. #6

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    ( الدرس الثالث )

    المنع

    قد علمتَ أن وظائف السائل ثلاثة هي: المنع، والنقض، والمعارضة، وعلمت حقائق هذه المصطلحات ونريد أن نفصل الكلام عليها ولنبدأ بالمنع:
    فالمنع- كما ذكرنا- طلب الدليل على إحدى مقدمات دليل الخصم.
    وهذا هو المنع الحقيقي، فإن اتجه على الدعوى التي لم يقم عليهم الخصم دليلا سمي منعا مجازيا، لعدم وجود مقدمات دليل كي يطلب عليها دليلا، ومعنى المنع حينئذ طلب الدليل على الدعوى نفسها.

    مثال: قال النصراني المعلل: المسيح إلهٌ. وسكت أي لم يأت بدليل.
    فقال المسلم السائل: أمنع هذه الدعوى أي لا أسلمها لك وأطلب عليها الدليل.
    فهذا منع مجازي لأنه توجّه على نفس الدعوى وليس على مقدمات الدليل.
    فقال النصراني المعلل: الدليل عليه هو: أنه خلق من غير أب- وكل من خلق من غير أب فهو إله.
    فقال المسلم السائل: أمنع الكبرى.فهذا منع حقيقي لأنه اتجه على إحدى مقدمات الدليل.
    فالمنع إما أن يتجه على نفس الدعوى، وإما أن يتجه على دليل الدعوى أي على إحدى مقدماته.

    وقد يمنع السائل مقدمتي الدليل معا أي يمنع الصغرى والكبرى معا وهذا في حقيقته منعان فمنعه الصغرى فقط منع أول، ومنعه الكبرى أيضا منع ثان.
    مثال: قال النصراني المعلل: المسيح إله، والدليل: أنه خلق من غير أب- وكل من خلق من غير أب فهو إله.
    فقال اليهودي السائل: أمنع الصغرى وأمنع الكبرى، لأن اليهود يتهمون مريم العذراء عليها السلام بالزنا
    قال الله تعالى عنهم ( وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما ).

    ثم إنه يشترط في كل منع شرطان كي يكون وظيفة موجهة هما:
    1- أن لا يكون الممنوع بديهيا جليا.
    2- أن لا يكون الممنوع مسلّما عند المانع.

    فالبديهيات ست: الأوليات والفطريات والحسيات والمتواترات والمجربات والحدسيات.
    وهي تصنف إلى صنفين:
    أولا: الأوليات والفطريات وتسمى بالبديهي الجلي أي الواضح لكل الناس فيكفي أن يرجع إلى نفسه ويتصوره ليحصل له التصديق.
    ثانيا: الحسيات والمتواترات والمجربات والحدسيات وهذه بدورها تنقسم إلى قسمين:
    1- ما لا يكون مشتركا بين كل الناس فهذا يسمى بالبديهي الخفي أي الذي لا يكون واضحا لكل الناس بل قد يحصل للبعض بالبداهة وقد لا يحصل لآخرين، مثل التجارب التي يجربها البعض.
    2- ما يكون مشتركا بين عامة الناس فهذا من البديهي الجلي مثل الشمس مشرقة.
    فالصنف الأول لا يجوز لأحد منعه لأنه مكابرة ورفض للحق فيكون منعه حينئذ وظيفة غير موجّهة.
    والصنف الثاني يجوز منعه إلا إذا كان مشتركا بين عامة الناس فلا يجوز حينئذ ويكون مكابرة مرفوضة.
    فالبديهي الجلي هو الأوليات والفطريات والمشتركات بين الناس.

    وإليك أمثلة توضح المقصود:
    مثال: قال زيد: النقيضان لا يجتمعان.
    فقال عمرو: أمنع ذلك، فهذه مكابرة لأنه منع بديهيا أوليا.
    مثال: قال زيد: الأربعة زوج.
    فقال عمرو: أمنع ذلك، فهذه مكابرة لأنه منع بديهيا فطريا.
    مثال: قال زيد - لدواء جربه بنفسه على عينات كثيرة- هذه الدواء يعالج الروماتيزم.
    فقال عمرو: أمنع ذلك، فهذا المنع مقبول ولا يعد مكابرة لأن تلك التجربة خاصة بمن جربها ولم تحصل لكل الناس بالاشتراك، أما إذا منع مجربا مشتركا بين الناس فيكون منعه مكابرة ككل نار حارة ونحو ذلك.
    مثال: قال زيد- وقد رأى فرضا أفعى ذات رأسين- هنالك أفعى برأسين.
    فقال عمرو: أمنع ذلك، فهذا بديهي خفي فمنعه ليس بمكابرة، أما إذا منع ما هو مشترك بين الناس كالسماء فوقنا والأرض تحتنا ونحو ذلك فهذا المنع مكابرة غير مسموعة ولا يلتفت إليها.
    مثال: قال النصراني عيسى خلق من غير أب.
    فقال المؤمن أمنع ذلك، فهذا المنع مكابرة لأن هذه القضية مسلمة عند كل مسلم، ولكن إذا منعها اليهودي أو الملحد فلا تعد مكابرة لأنها ليست من المسلمات عنده فتكون قابلة للنقاش معه.

    فتلخص من ذلك أن المنع يقبل إذا كانت القضية الممنوعة نظرية، أو بديهية خفية، ولا يقبل إذا كانت بديهية جلية، أو مسلمة.

    ( أسئلة )

    1- في ضوء ما تقدم ما الفرق بين المنع الحقيقي والمنع المجازي؟
    2- ما هي شروط المنع؟
    3- ما هي أقسام البديهيات من حيث المنع؟

    ( تمارين )

    ما حكم المنع فيما يأتي مع بيان السبب:
    1- قال زيد الله خالق العالم، فقال يهودي أمنع؟
    2- قال زيد الكل أكبر من الجزء، فقال عمرو أمنع؟
    3- قال زيد محمد رسول الله فقال نصراني أمنع؟
    4- قال زيد القرآن متواتر فقال ملحد أمنع؟

  7. #7

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    ( الدرس الخامس )

    السند

    قد علمتَ أن المنع هو أول وظائف السائل، وعلمت حقيقته وشروطه.
    ونريد أن نبيّن أقسامه وهي قسمان:
    1- منع مجرد وهو: الذي خلا من السند.
    2- منع مستَنِد وهو: الذي اقترن بالسند.
    والسند هو: ما يذكره المانع معتقدا أنه يقوي منعه.
    بمعنى أن السند هو ألفاظ يأتي بها المانع مبررا بها سبب منعه وهو يعتقد أنه يقوي منعه وطلبه للدليل فكأنه يقول للخصم إني أطلب الدليل لأجل كذا.

    مثال: قال النصراني المعلل: المسيح إله، والدليل عليه: أنه خلق من غير أب- وكل من خلق من غير أب فهو إله.
    فهنا يجوز للمسلم السائل أن يمنع الكبرى إما منعا مجردا، أو مقرونا بالسند فيقول:
    أمنع الكبرى. ويسكت ( منع مجرد ).
    أمنع الكبرى، كيف وهو إنسان. ( منع مستند ).
    فقوله ( كيف وهو إنسان )، يسمى سندا لأن المانع وهو المسلم الذي طلب الدليل على الكبرى ذكره معتقدا أنه يقوي طلبه للدليل لأن كونه إنسانا ينافي كونه إلها، بمعنى أنني أطلب منك الدليل على الكبرى وأبرر هذا الطلب بأني أعتقد وأجزم بأنه إنسان فلهذا أطلب منك الدليل على الكبرى فما هو دليلك عليها؟

    فالسند لم يسق للاستدلال به فالمانع المسلم هنا لم يأت به للاستدلال لأنه ليس في مقام الاستدلال بل هو يطلب الدليل، والنصراني هو الذي في مقام الاستدلال فهذه هي وظيفته فهو يدافع ويستدل على ما ادعاه.
    فالسند هو تبرير اختياري لطلب الدليل أي المنع، ومعنى كونه اختياريا أنه ليس يجب أن يأتيَ به المانع فيكفي أن يقول أمنع فقط، فإن شاء أن يقوي منعه فيأتي بالسند.

    ثم إن السند بحسب الصورة التي يساق ويعرض بها ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
    1- السند اللِمِّي وهو: ما يدل على الجواز والاحتمال. ويستعمل فيه عادة عبارة لمَ لا يكون كذا.
    2- السند القطعي وهو: ما يدل على القطع. ويستعمل فيه عادة عبارة كيف والأمر كذا.
    3- السند الحَلِّي وهو: ما يبين فيه منشأ الغلط. ويستعمل فيه عادة عبارة هذا فيما لو كان الأمر كذا.

    مثال: قال النصراني المعلل: المسيح إله، والدليل عليه: أنه خلق من غير أب- وكل من خلق من غير أب فهو إله.
    فقال السائل: أمنع الكبرى لم لا يكون إنسانا. فقوله ( لم لا يكون إنسانا ) سند للمنع وهو سند لمي لاستعمال لفظ لمَ معه ويسمى سندا جوازيا أيضا أي أنني أمنع الكبرى لأن العقل يجيز أن يكون إنسانا فما دليلك أنت على الكبرى ؟
    أو يقول: أمنع الكبرى كيف وهو إنسان. فقوله ( كيف وهو إنسان ) سند للمنع وهو قطعي أي يجزم فيه المانع ويقطع بصدقه فهنا السائل أورد المنع على جهة القطع بكونه إنسانا وليس على سبيل التجويز، أي أنني أمنع الكبرى لأني أجزم وأقطع بكونه إنسانا فما دليلك أنت على الكبرى ؟
    أو يقول: أمنع الكبرى فهذا يصح لو كان الله سبحانه يعجزه شي. فقوله ( فهذا يصح لو كان الله سبحانه يعجزه شيء ) سند للمنع والمانع يقطع بأن المسيح إنسان ويلفت نظر المعلل إلى منشأ غلطه وهو توهم أن الله سبحانه لا يتأتى له أن يخرق العادة المستمرة وهو سند حلي منسوب إلى الحل أي حل الإشكال الذي وقع به المعلل وتبيين وجه الغلط، أي أنني أمنع الكبرى لأني أجزم بخطئها وألفت نظرك إلى ما اعتقده منشأ الغلط عندك فما دليل أنت على الكبرى؟

    فالفرق بين أنواع السند هو أن السند إن كان يشعر بالتجويز والاحتمال العقلي من المانع فهو لمي، وإن كان يشعر بالقطع منه: فإما أن لا يبيّن معه وجه الغلط وهذا هو السند القطعي، وإما أن يبين معه وجه الغلط فهو الحلي.

    مثال: قال الفقيه المالكي: الماء الذي حلت فيه نجاسة ولم يتغير بها طهورٌ.
    فقال الفقيه الشافعي: أمنع. ( منع مجرد )
    أو قال: أمنع لم لا يجوز أن يكون نجسا. ( منع بسند لمي ).
    أو قال: أمنع كيف وهو نجس. ( منع بسند قطعي ).
    أو قال: أمنع وما ذكرته يصح لو كان الماء قلتين فأكثر. ( منع بسند حلي ).

    ( أسئلة )

    1- في ضوء ما تقدم ما الفرق بين المنع المجرد والمستَنِد ؟
    2- ما الفرق بين أنواع السند الثلاثة؟
    3- مثل بمثال من عندك لكل نوع من أنواع السند؟

    ( تمارين )

    امنع ما يأتي بالسند اللمي والقطعي والحلي إن أمكن:
    1- قال الجمهور: الوضوء باطل من غير نية، فقال الفقيه الحنفي: أمنع ؟
    2- قال الفقيه الحنفي الوضوء بلا ترتيب صحيح، فقال الجمهور: نمنع؟
    3- قال الإمامي: عثمان بن عفان ليس بعدل، فقال أهل السنة نمنع؟

  8. #8

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    بارك الله فيك

  9. #9

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو محمد السبيعي مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك
    وفيك الله بارك.

  10. #10

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    ( الدرس السادس )

    أقسام السند

    قد علمتَ أن المنعَ نوعان: مجرد، ومستَنِد، وأن السندَ هو ما يذكرهُ المانعُ معتقداً أنه يقوي منعَه، وهو ثلاثةُ أقسام: لِمي، وقطعي، وحليّ، فهذا التقسيم للسند هو تقسيم بحسب الصورة التي يُعرض عليها من حيث كونه يدل على التجويز، أو يدل على القطع من دون بيان منشأ الغلط، أو مع بيان منشأ الغلط.

    وله قسمة ثانية بحسب نسبته إلى نقيض القضية الممنوعة فينقسم بحسبها إلى ستة أقسام هي:
    1- أن يكون السند نفس نقيض القضية الممنوعة.
    2- أن يكون السند مساويا لنقيض القضية الممنوعة.
    3- أن يكون السند أخص مطلقا من نقيض القضية الممنوعة.
    4- أن يكون السند أعم مطلقا من نقيض القضية الممنوعة.
    5- أن يكون السند أعم من وجه من نقيض القضية الممنوعة.
    6- أن يكون السند مباينا لنقيض القضية الممنوعة.

    مثال: قال النصراني المعلِّل: المسيحُ إلهٌ: والدليل عليه: أنه خُلِقَ من غير أب- وكل من خلق من غير أب فهو إله.
    فيقول السائل: أمنع الكبرى كيف وهو غير إله.
    فهنا السائل منع الكبرى مستندا إلى أنه يقطع بكونه غير إله، فقوله في السند ( هو غير إله ) هو نقيض لقول المعلل ( فهو إله ) فهنا السند هو نفس وعين نقيض القضية الممنوعة.
    ثم إن السند بأي واحد من هذه الأقسام الستة لا بد أن يعرض بشكل لمي أو قطعي أو حلي، فكل قسم من هذه الستة يتأتى عرضه بالأشكال الثلاثة التي تم بيانها، وقد يصعب الإتيان بالسند الحلي فيكتفى بالأولين.
    ونحن هنا في المثال عرضناه بالسند القطعي ( كيف وهو غير إله ) ويمكن أن نعرضه بالسند اللمي كأن نقول: أمنع الكبرى لمَ لا يكون غير إله.

    مثال: قال المعلل: هذه الدنانير زوج.
    فقال السائل: أمنع كيف وهي فرد، أو لم لا تكون فردا، أو إنما يصح ما ذكرت لو لم تكن فردا.
    فالدعوى هي الدنانير زوج، نقيضها الدنانير ليست بزوج، ولكنه استعمل عبارة هي فرد، والفرد = غير زوج، فيكون السند مساويا لنقيض القضية الممنوعة وليس نفسها لأن نفسها أن يقول كيف وهي غير زوج.
    فهذا زوج نقيضه هذا ليس بزوج، والمساوي لنقيضه: هذا فرد.

    مثال: قال المعلل وقد رأى شاخصا من بعيد: ذلك الشيء ناطق، والدليل عليه: أنه إنسان- وكل إنسان ناطق.
    فيقول السائل: أمنع الصغرى لم لا يجوز أن يكون فرسا.
    فالمقدمة الممنوعة هي: إنه إنسان، ونقيضها إنه ليس بإنسان، والسند المستعمل لم لا يجوز أن يكون فرسا.
    والنسبة المنطقية بين كونه ليس بإنسان، وكونه فرسا هي العموم والخصوص المطلق لأنهما يجتمعان في الفرس فهو ليس بإنسان وهو فرس، وينفرد ليس بإنسان في الحمار مثلا فهو ليس بإنسان ولا يصح أن يقال عليه هو فرس.
    فاتضح أن النسبة بين نقيض القضية الممنوعة وهي هنا الصغرى، وبين السند العموم والخصوص المطلق والسند هو الأخص مطلقا.

    وهذه الثلاثة ينفع السائل أن يستند إليها فلو أتى مع المنع بسند هو نفس نقيض الدعوى أو كان مساويا لها أو كان أخص منها كان سنده صحيحا دون البقية الآتية.
    بيانه: إن الغرض من السند هو تقوية المنع فلا بد أن يكون ثبوت السند في الواقع ينافي ثبوت القضية الممنوعة فلهذا إذا جاء بنقيضها أو المساوي لنقيضها كان سنده صحيحا لأنه قد تقرر في المنطق أن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان، فمتى ثبت السند بطلت القضية الممنوعة ماداما أنهما متناقضان.
    وأما إذا كان السند أخص من نقيض القضية الممنوعة فلأن ثبوت الأخص يقتضي ثبوت الأعم فالحيوان مثلا أعم من الإنسان فإذا ثبت أن هذا الشيء إنسان أو فرس أو أسد ثبت أنه حيوان قطعا.
    ففي مثال الأخص من النقيض نجد أن المقدمة الممنوعة هو إنسان، ونقيضها هو ليس بإنسان، وكونه فرسا هو أخص من نقيضها، فمتى ثبت أنه في الواقع فرس فقد ثبت أنه ليس بإنسان وبالتالي ينافي المقدمة التي تقول هو إنسان. تأمل.

    مثال: قال المعلل: الخفاش ليس بطائر.
    فقال السائل: أمنع كيف وهو حيوان.
    فالدعوى الخفاش ليس بطائر، نقيضها: الخفاش طائر، والسند هو الخفاش حيوان، والنسبة بينه وبين النقيض هي العموم والخصوص المطلق والسند هو الأعم لاجتماعهما في الخفاش فهو طائر وهو حيوان وينفرد السند بالفرس مثلا فهو حيوان وليس بطائر.
    وهذا السند غير مجدي و لا يصح الإتيان به من المانع لأنه لا يقوي به المنع إذْ أنه لو ثبت في الواقع أن الخفاش حيوان لم يثبت به أن الخفاش طائر لأن الحيوانية أعم، وثبوت الأعم لا يقتضي ثبوت الأخص.

    مثال: قال المعلل: من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فهو مسلم.
    فقال السائل: أمنع لم لا يكون إنسانا.
    فالدعوى هو مسلم، ونقيضها هو ليس بمسلم، والسند هو إنسان، وبينه وبين نقيض الدعوى عموم وخصوص وجهي يجتمعان في الإنسان الكافر فهو ليس بمسلم وهو إنسان، وينفرد النقيض في الجن الكافر فهو ليس بمسلم، وينفرد السند بالإنسان المسلم فهو إنسان.
    وهذا السند ليس الإتيان به بنافع في شيء فلا يصح أن يأتي به المانع.

    مثال: قال المعلل: عصير العنب هذا ليس بخمر.
    فقال السائل: أمنع فما ذكرته يصح لو كان هذا العصير خلا.
    فالدعوى هي: هذا ليس بخمر، ونقيضها: هذا خمر، والسند: هذا خل.
    والنسبة بين السند والنقيض هي التباين لأن الخمر والخل متباينان، ويلا حظ أن السند هنا حلي باعتقاد المانع.
    ولا يخفى أن هذا السند ليس بشيء ولا يصح الإتيان به إنما هو لغو من الحديث.
    ونحن إذْ نذكر هذه الأقسام الستة نقصد أن نبين أن السند في الواقع يمكن أن يقع بينه وبين نقيض القضية الممنوعة واحدا من النسب السابقة، وإن لم تكن كل أنواع السند نافعة في المناظرة. فتنبه.

    ( أسئلة )

    1- في ضوء ما تقدم ما هي أنواع السند من حيث نسبته إلى نقيض القضية الممنوعة؟
    2- ما هي أنواع السند المفيدة في المنع عددها ووضح سبب كونها مفيدة؟
    3- مثل بمثال من عندك لأنواع السند المفيدة؟

    ( تمارين )

    بيّن نوع السند فيما يأتي:
    1- قال المعتزلي المعلل: الله لا يرى يوم القيامة، فقال السني السائل: أمنع كيف وهو يرى ؟
    2- قال الفقيه المالكي المعلل: الماء المستعمل طهور، فقال السائل: أمنع لمَ لا يكون طاهرا ؟
    3- قال المعلل: التيمم واجب عند فقد الماء، فقال السائل: أمنع كيف وهو حكم شرعي؟
    4- قال الملحد المعلل: الله معدوم، فقال السائل: أمنع كيف وهو موجود؟
    5- قال المعلل: المسيح عبد لله، فقال النصراني السائل: أمنع لم لا يكون إنسانا؟
    6- قال المعلل: الزنا حرام، فقال الإباحي السائل: أمنع كيف وهو لذة جنسية ؟

  11. #11

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    ( الدرس السابع في علم المناظرة )

    النقض

    قد علمتَ أن وظائف السائل ثلاثة: المنع، والنقض، والمعارضة، وقد مضى الكلام مفصلا على المنع فلنتبعه بالنقض.
    والنقض- كما عرفتَ- إبطال الدليل بإثبات تخلفه بأن يوجد الدليل ولا يوجد معه المدلول. فالنقض يركز على دليل الخصم فيبطله فهو لا يهاجم الدعوى وإنما يهاجم نفس الدليل ويسمى بالنقض الإجمالي لأنه لا يبطل مقدمة معينة من دليل الخصم بل يبطل الدليل ككل أي مجموع الدليل.

    ثم إن النقض قسمان:
    1- مشهور وهو: أن ينقض دليل الخصم من دون ترك شيء منه.
    2- مكسور وهو: أن ينقض دليل الخصم مع ترك شيء منه.

    مثال: قال المعلل: هذه الآية تدل على الوجوب، والدليل عليه: أنها أمر- وكل أمر يدل على الوجوب.
    فقال السائل: دليلك هذا منقوض بقوله تعالى ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) فإنه أمر ولم يدل على الوجوب.
    فهذا يسمى بالنقض المشهور لأنه لم يترك الناقض عبارة من عبارات الدليل، أي جاء بالدليل كما صوّره الخصم، ويلا حظ أنه لم يعيِّن فيقول: إن هذه المقدمة أو تلك من دليلك فاسدة بل الدليل برمته فاسد.
    ويسمى الدليل الدال على النقض بالشاهد وهي هنا ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) أي الصورة التي حصل معها التخلف.
    ولذا يقول علماء المناظرة: النقض بلا شاهد وظيفة مردودة لأنه مكابرة، بأن يقال إن دليلك هذا منتقض ولا يأتي بالشاهد الذي حصل معه التخلف فمثل ذا لا يقبل لأنه مجرد دعوى لا دليل عليها.

    مثال: قال المعلل: هذه الآية تدل على الوجوب، والدليل عليه: أنها أمر مطلق ( أي خلا من القرينة الصارفة عن الوجوب )- وكل أمر مطلق يدل على الوجوب.
    فقال السائل: دليل هذا منقوض بقوله تعالى ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) لأنه أمر ولم يدل على الوجوب.
    فهذا مثال للنقض المكسور غير المقبول لأنه كسر دليل الخصم أي ترك بعض الأوصاف المؤثرة من دليله لأن المعلل: قال: فإنه أمر مطلق- وكل أمر مطلق يدل على الوجوب، فجاء السائل وترك من الدليل كلمة مطلق وهو وصف مؤثر فإن الأمر إذا كان مطلقا بأن خلا من القرينة فهو يدل على الوجوب، بخلاف قوله تعالى ( فكاتبوهم ) فإنه أمر غير مطلق لوجود القرينة الصارفة للندب وهو إجماع العلماء على أن مكاتبة السيد لعبده مندوبة وليست واجبة، فلا يصح النقض بها.

    أما إذا ترك من دليل الخصم عبارة غير مؤثرة فلا يضر ويسمى أيضا بالنقض المكسور ولكنه يكون مقبولا لأن الكلمة المتروكة غير مؤثرة في الحكم فاتضح أن النقض المكسور نوعان:

    1- مردود إن ترك وصفا مؤثرا.
    2- مقبول إن ترك وصفا غير مؤثر.

    مثال: قال المعلل: هذه الآية تدل على الوجوب- لأنها أمر وطلب للفعل- وكل أمر وطلب للفعل فهو واجب.
    فقال: السائل: هذا منقوض بقوله تعالى ( فكاتبوهم ) فإنه أمر ولم يدل على الوجوب.
    فهذا نقض مكسور لأنه ترك عبارة ( وطلب للفعل ) لكنه مقبول لأن العبارة غير مؤثرة على الدليل فالسائل عمد إلى خلاصة الدليل فجاء بها.

    مثال: قال المعلل: ذلك الشكل مربع: والدليل عليه: إنه سطح تحيط به أربعة خطوط - وكل سطح تحيط به أربعة خطوط فهو مربع.
    فقال السائل: دليلك هذا منقوض بالمستطيل فإنه سطح تحيط به أربعة خطوط وليس مربعا. فهذا نقض مشهور ووظيفة مقبولة، ويسمى المستطيل هنا بالشاهد.

    مثال: قال المعلل: ذلك الشكل مربع: والدليل عليه: إنه سطح تحيط به أربعة خطوط متساوية - وكل سطح تحيط به أربعة خطوط متساوية فهو مربع.
    فقال السائل: دليلك هذا منقوض بالمستطيل فإنه سطح تحيط به أربعة خطوط وليس مربعا.
    فهذا نقض مكسور وقد ترك كلمة مؤثرة وهي ( متساوية ) فيكون وظيفة غير مقبولة.

    مثال: قال المعلل: ذلك الشكل مربع: والدليل عليه: إنه سطح تحيط به أربعة خطوط من أربعة اتجاهات - وكل سطح تحيط به أربعة خطوط من أربعة اتجاهات فهو مربع.
    فقال السائل: دليلك هذا منقوض بالمستطيل فإنه سطح تحيط به أربعة خطوط وليس مربعا.
    فهذا نقض مكسور وقد ترك عبارة غير مؤثرة أي يتأتى الاستغناء عنها وهي ( من أربعة اتجاهات ) فيقبل.

    فتلخص أن النقض إبطال الدليل بإثبات تخلف المدلول عنه، بأن يوجد الدليل في صورة ولا يوجد معها المدلول، وتلك الصورة هي دليل النقض وتسمى شاهدا ولا بد منها في النقض كي يكون وظيفة مقبولة.

    ثم إن النقض نوعان: مشهور وهو أن يأتي بالدليل من غير حذف شيء منه وهو مقبول، ومكسور وهو أن يأتي بالدليل وقد حذف شيء منه فإن كان المحذوف مؤثرا فهو مردود، وإن كان غير مؤثر فهو مقبول.

    ( أسئلة )

    1- في ضوء ما تقدم ما هي أقسام النقض؟
    2- ما الفرق بين الشاهد والسند؟
    3- اذكر مثالا من عندك لأقسام النقض؟

    ( تمارين )

    بيّن نوع النقض فيما يأتي:
    1- قال المعلل: هذا الرجل يحبه الله، والدليل عليه: أن الله أغناه بالمال- وكل من أغناه الله بالمال فهو يحبه. فقال السائل: فهامان قد أغناه الله بالمال ولم يحبه بل خسف به الأرض؟
    2- قال المعلل المسلم: سيدنا محمد نبي، والدليل عليه: أنه ادعى النبوة وأيده الله بالمعجزات- وكل من كان شأنه كذلك فهو نبي. فقال السائل الكافر: فمسيلمة ادعى النبوة ولم يكن نبيا ؟
    3- قال المعلل: هذا الشخص خائف، والدليل عليه: أن وجهه مصفر وهو جالس على كرسيه- وكل من شأنه كذلك فهو خائف. فقال السائل: فالمريض مصفر الوجه وليس بخائف؟

  12. #12

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    تنبيه:
    نبهني أحد الإخوة جزاه الله خيرا إلى أن دعوى الإجماع على استحباب الكتابة غير صحيحة.
    فلنجعل القرينة هي: أنه عندما نزلت هذه الآية لم يكاتب كل الصحابة عبيدهم وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أن الأمر للندب كذا ذكره بعضهم.
    والله أعلم.

  13. #13

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    ( الدرس التاسع )

    أقسام المعارضة

    قد علمتَ أن المعارضة هي: مقابلة دليل الخصم بدليل يبطل مدعاه، وأنها تنقسم بحسب ما تتوجّه إليه إلى معارضة في الدعوى، ومعارضة في المقدمة.
    ثم هي تنقسم قسمة أخرى بحسب مشابهته لدليل المعلل إلى ثلاثة أقسام:
    1- معارضة في القلب.
    2- معارضة بالمثل.
    3- معارضة بالغير.

    فأما المعارضة في القلب فهي: أن يتحد دليل المعلل والسائل في الصورة والمادة معا.
    مثال: قال المعلل: العفو عن المسيء حسنٌ، والدليل عليه: العفو عن المسيء يردعه عن إساءته- وكل ما يردع المسيء عن إساءته حسن- فالعفو عن المسيء حسن.
    فقال السائل: عقاب المسيء حسنٌ، والدليل عليه: عقاب المسيء يردعه عن إساءته- وكل ما يردع المسيء عن إساءته حسنٌ- فعقاب المسيء حسن.
    فهنا دليل المعلل والسائل متحدان في صورة الدليل أعني من نفس الشكل وهو هنا الشكل الأول من القياس الاقتراني ومن نفس الضرب وهو هنا: موجبة كلية+ موجبة كلية.
    ومتحدان في المادة أعني هنا الحد الأوسط وهو يردع المسيء عن إساءته.
    فهذه معارضة بالقلب أي أن السائل قلب عليه دليله واستدل به لصالحه، وهنالك اختلاف في وجهات النظر كما هو ظاهر فالمعلل يرى أن العفو يردعه عن إساءته لأنه سيحمله على الحياء من العودة فيكون حسنا، والسائل يرى أن العقاب يردعه عن إساءته لأنه سيحمله على الخوف من العودة فيكون حسنا.

    مثال: قال المعتزلي المعلل: رؤية الله يوم القيامة مستحيلة عقلا، والدليل عليه: رؤية الله يوم القيامة منفية بقوله ( لا تدركه الأبصار )- وكل رؤية شأنها كذلك فهي مستحيلة عقلا- فرؤية الله يوم القيامة مستحيلة عقلا.
    فيقول السني السائل: رؤية الله يوم القيامة جائزة عقلا ، والدليل عليه: رؤية الله يوم القيامة منفية بقوله ( لا تدركه الأبصار )- وكل رؤية شأنها كذلك فهي جائزة عقلا- فرؤية الله يوم القيامة جائزة عقلا.
    فهنا اتحد الدليلان صورة بأن كانا من النفس الشكل والضرب إذ كلاهما من الشكل الأول ومن نفس الضرب، وهما متحدان مادة إذ الحد الأوسط هنا واحد وهو: منفية بقوله ( لا تدركه الأبصار ).
    وقد يبدو للوهلة الأولى هذا الأمر غريبا فكيف يتأتى الاستدلال بنفس الدليل وهو الحد الأوسط على دعوتين متناقضتين، ولكن تزول الغرابة إذا علمنا اختلاف اللحاظ الذي لاحظه كل خصم من الدليل فالمعتزلي فسر الإدراك الوارد بقوله ( لا تدركه ) بالرؤية فقال بما أن الرؤية منفية عن الله فيعني أنها مستحيلة والسني فسر الإدراك بالإحاطة بالمنظور إليه ونفي الإحاطة يدل على أن أصل الرؤية بلا إحاطة جائز.

    وأما المعارضة بالمثل فهي: أن يتحد دليل المعلل والسائل في الصورة ويختلفا في المادة.
    مثال: قال المعلل: العفو عن المسيء حسنٌ، والدليل عليه: العفو عن المسيء يردعه عن إساءته- وكل ما يردع المسيء عن إساءته حسن- فالعفو عن المسيء حسن.
    فقال السائل: عقاب المسيء حسنٌ، والدليل عليه: عقاب المسيء يحقق العدل- وكل ما يحقق العدل حسن- فعقاب المسيء حسنٌ.
    فهنا اتحد الدليلان صورة فهما من الشكل الأول ومن ضرب واحد، ولكن اختلفا في المادة أي في الحد الأوسط فهو في الأول يردع المسيء عن إساءته، وفي الثاني يحقق العدل.
    فهذه معارضة بالمثل لتماثل الدليلين صورة فقط.

    مثال: قال المعلل: رؤية الله يوم القيامة مستحيلة عقلا، والدليل عليه: رؤية الله يوم القيامة منفية بقوله ( لا تدركه الأبصار )- وكل رؤية شأنها كذلك فهي مستحيلة عقلا- فرؤية الله يوم القيامة مستحيلة عقلا.
    فقال السائل: رؤية الله يوم القيامة جائزة عقلا، والدليل عليه: رؤية الله يوم القيامة ثابتة بقوله ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )- وكل رؤية شأنها كذلك فهي جائزة عقلا- فرؤية الله يوم القيامة جائزة عقلا.
    فهذه معارضة بالمثل لاتحاد الدليلين صورة فهما قياسان اقترانيان من الشكل الأول ومن نفس الضرب واختلافهما مادة لاختلاف الحد الأوسط فيهما إذْ هو في الدليل الأول: منفية بقوله ( لا تدركه الأبصار) وهو في الدليل الثاني: ثابتة بقوله ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ).

    وأما المعارضة بالغير فهي: أن يختلف دليل المعلل والسائل في الصورة سواء اختلفا في المادة أو اتحدا.
    فهي لها نوعان:
    أ- أن يختلف دليل المعلل والسائل في الصورة والمادة معا.
    ب- أن يختلف دليل المعلل والسائل في الصورة ويتحدا في المادة.

    مثال: قال المعلل: العفو عن المسيء حسنٌ، والدليل عليه: العفو عن المسيء يردعه عن إساءته- وكل ما يردع المسيء عن إساءته حسن- فالعفو عن المسيء حسن.
    فقال السائل: العفو عن المسيء ليس بحسن، والدليل عليه: لو كان العفو عن المسيء حسنا لما شرعت العقوبات- لكن العقوبات قد شرعت- فالعفو عن المسيء ليس بحسن.
    فهذه معارضة بالغير لأن الدليلين مختلفان صورة ومادة؛ لأن صورة الدليل الأول قياس اقتراني من الشكل الأول، وصورة الدليل الثاني قياس استثنائي، وهما مختلفان مادة أيضا لأن المكرر في الدليل الأول يردع المسيء عن إساءته، والمكرر في الدليل الثاني شرعت العقوبات.

    مثال: قال المعلل: رؤية الله يوم القيامة مستحيلة عقلا، والدليل عليه: رؤية الله يوم القيامة منفية بقوله ( لا تدركه الأبصار )- وكل رؤية شأنها كذلك فهي مستحيلة عقلا- فرؤية الله يوم القيامة مستحيلة عقلا.
    فقال السائل: رؤية الله يوم القيامة جائزة عقلا، والدليل عليه: لو لم تكن رؤية الله يوم القامة جائزة عقلا لما كانت منفية بقوله ( لا تدركه الأبصار )- لكنها منفية- فرؤية الله يوم القيامة جائزة عقلا.
    فهذه معارضة بالغير لاختلاف الدليلين صورة فالأول اقتراني والثاني استثنائي، وقد اتحدا هنا مادة لأن المكرر في الدليل الأول هو منفية بقوله لا تدركه الأبصار، والمكرر في الثاني هو أيضا منفية بقوله لا تدركه الأبصار.

    فتلخص مما تقدم أن المعارضة إن اتحد فيها دليل المعلل والسائل صورة ومادة فهي معارضة بالقلب، وإن اتحدا صورة فقط فهي معارضة بالمثل، وإن اختلفا صورة فهي معارضة بالمثل سواء اختلفا مع ذلك بالمادة أو اتحدا.

    ( أسئلة )

    1- في ضوء ما تقدم ما هي أقسام المعارضة من حيث مشابهتها لدليل الخصم؟
    2- كيف يتحقق الاختلاف في الصورة والمادة بالنسبة لدليل المعلل؟
    3- مثل بمثال من عندك لكل قسم من أقسام المعارضة؟

    ( تمارين )

    بين نوع المعارضة فيما يأتي:
    1- قال المعلل: المسيح إله، والدليل عليه: إنه خلق من غير أب- وكل من خلق من غير أب فهو إله.
    فقال السائل: المسيح عبد لله، والدليل عليه: إنه حملت به أمه وأنجبته- وكل من شأنه كذلك فهو عبد لله؟
    2- قال المعلل: النية في الوضوء غير واجبة- والدليل عليه: لو كانت النية في الوضوء واجبة لوجبت في طهارة النجاسة- لكنها لا تجب فيها- فالنية في الوضوء ليست واجبة.
    فقال السائل: النية في الوضوء واجبة- والدليل عليه: الوضوء طهارة غير معقول المعنى- وكل ما كان كذلك تجب فيه النية ؟
    3- قال المعلل: الماء البالغ قلتين ينجس بملاقاة النجاسة، والدليل عليه: لو كان الماء البالغ قلتين لا ينجس بملاقاة النجاسة لما قال النبي إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث- لكنه قال ذلك- فالماء البالغ قلتين ينجس بملاقاة النجاسة.
    فقال السائل: الماء البالغ قلتين لا ينجس بملاقاة النجاسة، والدليل عليه: لو كان الماء البالغ قلتين ينجس بملاقاة النجاسة لما قال النبي إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث- لكنه قال ذلك- فالماء البالغ قلتين لا ينجس بملاقاة النجاسة؟

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Feb 2012
    المشاركات
    3

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    بارك الله فيك وكتب الله لك الاجر والله لا تعلم مدى الفائدة التي جنيناها من دروسك وارجوا منك لو تضعها في ملف pdfوشكر لك

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    581

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    ما أروع هذا البحث العلمي الميسر أسال الله ان يبارك فيك ويسعدك في الدارين
    أشهد أن لا أله ألا الله وأشهد أن محمد رسول الله
    أنا الأن أحفظ القران أدعوا لي أن الله يعينني على حفظ كتابه

  16. #16

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فواز الشريف مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك وكتب الله لك الاجر والله لا تعلم مدى الفائدة التي جنيناها من دروسك وارجوا منك لو تضعها في ملف pdfوشكر لك
    اللهم آمين جزاك الله خيرا.
    إن شاء الله إذا أكملنا الدروس جمعتها في ملف pdf.

  17. #17

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تلميذ الدنيا مشاهدة المشاركة
    ما أروع هذا البحث العلمي الميسر أسال الله ان يبارك فيك ويسعدك في الدارين
    اللهم آمين، ولك بالمثل.
    جزاك الله خيرا.

  18. #18

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    ( الدرس العاشر )

    الغصب

    قد علمتَ أن وظائف السائل ثلاثة: المنع، والنقض، والمعارضة. وقد تقدم بيانها مفصلا وقبل أن نبدأ ببيان وظائف المعلل نتحدث عن الغصب لكثرة ارتكابه والوقوع فيه من طرف السائل وهو وظيفة غير مقبولة.
    والغصب هو: الاستدلال على بطلان الدعوى أو المقدمة قبل أن يستدل الخصم عليها.
    وسمي غصبا لأنك تأخذ منصب غيرك ووظيفته؛ فإن منصب المعلل هو الاستدلال ومنصب السائل هو طلب الدليل على تلك الدعوى أو المقدمة ليظهر له حقيقة قول الخصم فإن استدل الخصم جاز لك الإبطال وإقامة الدليل لا قبل أن يستدل.
    وقد ذكروا علامة لمعرفة الغصب فقالوا: ( كل ما جاز منعه فالاستدلال عليه غصب ).

    مثال: قال النصراني المعلل: المسيحُ إلهٌ.
    فقال السائل: هذا باطل لأن المسيح حملته أمه وأنجبته- وكل من كان شأنه كذلك فهو عبد لله. فهذا غصب لا يجوز؛ لأن المعلل لم يقم دليلا على دعواه فلا حق للسائل لا بالنقض ولا بالمعارضة والوظيفة الوحيدة الصحيحة المتجهة هنا هي المنع أي طلب الدليل على تلك الدعوى، فإذا أقام الدليل عليها صارت للسائل وظيفتان جديدتان هما: النقض، والمعارضة.
    وعلامة الغصب أنه يجوز لك أن تمنع هذى الدعوى فاستدلالك عليها غصب.

    مثال: قال المعلل: المسيح إله، والدليل عليه: إنه خلق من غير أب- وكل من خلق من غير أب فهو إله.

    فقال السائل: المقدمة الكبرى باطلة لأن المسيح حملته أمه وأنجبته- وكل من كان شأنه كذلك فهو عبد لله.
    فهذا غصب لا يجوز أيضا لأن السائل أبطل المقدمة الكبرى قبل أن يستدل المعلل عليها، ولكن لو ساق هذا الدليل إبطالا لأصل الدعوى ومعارضة لها فهو صحيح لأنه يبطل قضية قد استدل عليها بخلاف المقدمة الكبرى فالمفروض به إذا أراد أن يبطلها أن يطلب عليها الدليل ثم إذا أتي به أبطلها.
    وعلامة الغصب هنا أنه يجوز منع الكبرى فاستدلاله عليها غصب، ولا يجوز منع أصل الدعوى لأن المنع طلب الدليل وقد أقامه المعلل فلا معنى لطل الدليل بعد ذلك فلمّا لم يجز المنع جاز الاستدلال والمعارضة.

    ثم إن الغصب نوعان:
    أولا: غصب مع المنع.
    ثانيا: غصب بلا منع.
    مثال: قال المعلل: المسيح إله.
    فقال السائل: أمنع هذا لأن المسيح حملته أمه وأنجبته- وكل من كان شأنه كذلك فهو عبد لله.
    فهذا غصب جلي لأن السائل منع أي طلب الدليل فبدل أن يسكت وينتظر الإجابة ذهب وأتى بالدليل وتعدى على منصب المعلل.
    فهذا غصب مع المنع.

    مثال: قال النصراني المعلل: المسيحُ إلهٌ.
    فقال السائل: هذا باطل لأن المسيح حملته أمه وأنجبته- وكل من كان شأنه كذلك فهو عبد لله. فهذا غصب بلا منع.

    ثم لا يغب عن ذهنك أن السند إذا جيء به مع المنع لا يكون غصبا لأنه لم يسق للاستدلال به بل هو لتقوية المنع فكأنه يقول إنني أطلب الدليل على كذا لأني أجوز كذا أو أقطع بكذا.

    ( أسئلة )


    1- في ضوء ما تقدم ما هو الغصب وما هي أقسامه ؟
    2-ما هي علامة الغصب اذكرها وأتبعها بالشرح؟
    3- مثل بمثال من عندك لكل قسم من أقسام الغصب؟

  19. #19

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    وإلى هنا قد وصلنا بفضل الله إلى نصف الكتاب أو أكثر.
    وقد جمعت الدروس السابقة مع شرح المتن وإضافة المخططات وحل الأسئلة والتمارين في ملف تجده المرفقات.
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

  20. #20

    افتراضي رد: دروس في علم آداب البحث والمناظرة سهلة وواضحة.

    ( الدرس الحادي عشر )

    وظائف المعلل

    قد علمتَ أن علم المناظرة يبِّينُ وظائف المتناظرينِ، وقد تقدم الكلام مفصلا حول وظائف السائل وآنَ الأوان أن نبين وظائف المعلل حيث إن له وظيفة أو أكثر مقابل كل وظيفة من وظائف السائل.
    فلنبدأ بوظائفه مقابل المنع الذي يوجهه له السائل وهي:
    أولا: إثبات الممنوع.
    فالسائل وجه له المنع وطلب الدليل فيقوم المعلل بالرد عليه بإقامة الدليل الذي طلبه.
    مثال: قال المعلل: هذا الماء نجس.
    فقال السائل: أمنع.
    فقال المعلل: هذا الماء تغيّر بالنجاسة- وكل ماء تغيَّر بالنجاسة فهو نجس- فهذا الماء نجس.
    فهنا أقام المعلل الدليل على الدعوى الممنوعة.

    وإثبات الممنوع يكون بإقامة الدليل إن كانت القضية الممنوعة نظرية، أو بإقامة التنبيه إن كانت القضية الممنوعة بديهية خفية.
    ونقصد بالتنبيه هو: قياس يقصد به إزالة الغموض عن البديهي الخفي.
    بمعنى أن التنبيه هو قياس يؤتى به مع البديهي الخفي كالمجربات والمتواترات التي لا تكون مشتركة بين الناس، وهذا اصطلاح للعلماء متى كانت القضية نظرية فيكون ما يستعمل لإثباتها يسمى دليلا، ومتى كانت بديهية فيكون ما يستعمل معها تنبيها.
    مثال: قال المعلل: حرمة أكل الحمر الأهلية قطعية.
    فيقول السائل: أمنع لم لا تكون ظنية.
    فيقول السائل: حرمة أكل اللحم الأهلية روى الحديث فيه عن النبي صلى الله عليه عدد كثير يستحيل معهم التواطؤ على الكذب- وكل ما روى الحديث فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم عدد كثير يستحيل معهم التواطؤ على الكذب فهو قطعي- فحرمة أكل اللحم الأهلية قطعية.
    فهذا القياس المركب من الصغرى والكبرى يسمى تنبيها لأن المتواترات من البديهيات.

    مثال: قال المعلل: نور القمر مستفاد من الشمس.
    فقال السائل: أمنع.
    فقال المعلل: لو لم يكن نور القمر مستفادا من الشمس لما اختفى نور القمر عند حيلولة الأرض بين الشمس والقمر- لكنه يختفي- فهو مستفاد من الشمس.
    فهذا تنبيه لأن الحدسيات من البديهيات.
    فتبين أن إثبات الممنوع يكون إما بالدليل إن كانت القضية الممنوعة من النظريات أو بالتنبيه إن كانت القضية الممنوعة من البديهيات الخفية.
    أما إذا كان الممنوع من البديهيات الجلية فيكون المنع من أصله مرفوضا لأنه مكابرة كما تقدم.

    ثانيا: إبطال سند السائل إن كان السند نقيض القضية الممنوعة أو مساويا لها.
    وقد مر عليك أن السند ستة أقسام ثلاثة منها مفيدة وهي: إذا كان السند نقيض القضية الممنوعة، أو مساويا لنقيضها، أو أخص من نقيضها.
    فمتى جاء السائل مع المنع بالسند وكان نفس النقيض أو مساويا له فيكون إبطال المعلل لسند السائل مفيدا له لأنه متى بطل أحد النقيضين ثبت الآخر.

    مثال: قال المعلل: هذا الماء نجس.
    فقال السائل: أمنع كيف وهو غير نجس.
    فقال المعلل: لا يصح أن يكون غير نجس لأن هذا الماء تغيّر بالنجاسة- وكل ماء تغيَّر بالنجاسة فهو نجس- فهذا الماء نجس.
    فهنا السند ( غير نجس ) نفس نقيض الدعوى، فأبطل المعلل هذا السند بدليل.
    وبهذا المثال يتضح أن الدليل الواحد إن جيء به لإثبات الممنوع دون التعرض للسند فهو من الحالة الأولى وإن جيء به لإبطال السند فهو من الحالة الثانية.
    وعلم أنه متى أبطلنا السند المناقض للممنوع ثبت الممنوع لأن هذا الماء إما أن يكون نجسا أو غير نجس فلما أثبتنا بطلان عدم نجاسته فقد ثبتت نجاسته لأن النقيضين لا يرتفعان.

    مثال: قال المعلل: الله موجود.
    فقال الملحد السائل: أمنع كيف وهو معدوم.
    فقال المعلل: ما قلته باطل لأنه لو كان معدوما لما وجد الكون- لكن الكون موجود- فالله موجود.
    فهنا السند ( معدوم )= النقيض الذي هو غير موجود، فلما أبطلنا عدمه ثبت وجوده لأنه لا يخلو عنهما.

    مثال: قال المعلل: ذلك الشاخص ليس بحيوان.
    فقال السائل: أمنع كيف وهو فرس.
    فقال المعلل: هو ليس بفرس لأنه لو كان فرسا لكان صاهلا- لكنه ليس بصاهل- فهو ليس بفرس.
    فهذا الدليل جيء به لإبطال السند الأخص من النقيض وهو غير مجد لأنه إذا انتفى كونه فرسا لم ينتف كونه حيوانا آخر كالبقر أي لم يثبت به الممنوع.

    فتبين أن إبطال السند يكون نافعا فيما إذا كان السند نفس النقيض أو مساويا له لأنه متى أبطلنا النقيض أو مساويه ثبت المطلوب لأن النقيضين لا يرتفعان.
    ثم لا يخفى أن إبطال السند يحصل إذا كان المنع مقترنا بالسند إما إذا كان مجردا فلا مجال لهذه الوظيفة.

    بقي أن ننبه إلى أن منع السند من قبل المعلل غير مقبول مثل أن يقول المعلل في المثال السابق أمنع أنه فرس ولا يقيم على ذلك دليلا، فهذا غير مفيد لأن منع السند لا يثبت الممنوع فيبقى يتجه عليه المطالبة بالدليل.
    بمعنى أن المنع هو طلب الدليل فيجب على المعلل إقامة الدليل ومنع السند لا يسقط عنه المطالبة بالدليل فهب أن السند قد سقط بمنعك له فالمنع المجرد لا يزال متجها عليك.

    3- إثبات الممنوع بدليل آخر.
    مثال: قال المعلل: هذا الماء نجس والدليل عليه: أنه متغير بالنجاسة- وكل متغير بالنجاسة.
    فقال السائل: أمنع الصغرى.
    فقال المعلل: هذا الماء حلت فيه نجاسة وهو دون القلتين- وكل ماء شأنه كذلك يكون نجسا.
    فهنا منع السائل: مقدمة الدليل فبدل أن يثبتها المعلل ترك الدليل بكامله وانتقل إلى دليل آخر يثبت أن هذا الماء نجس.
    وقد قال العلماء: إن انتقاله لدليل آخر إن كان لعجزه عن إثبات المقدمة الممنوعة فذلك يعد إفحاما بالنسبة للدليل الأول، وإن كان انتقاله لدليل آخر لا لعجزه ولكن لكونه أوضح وأبعد عن الإشكالات فلا يعد إفحاما.

    فتلخص من ذلك أن للمعلل عند المنع ثلاث وظائف: إثبات الممنوع، وإبطال السند إن كان نفس النقيض أو مساويا له، والانتقال لدليل آخر.

    ( أسئلة )

    1- في ضوء ما تقدم ما هي وظائف المعلل عند المنع ؟
    2- ما الفرق بين الدليل والتنبيه؟
    3- مثل بمثال لكل وظيفة من وظائف المعلل عند المنع ؟

    ( تمارين )

    عيّن نوع وظيفة المعلل فيما يلي:
    1- قال المعلل: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    فقال النصراني السائل: أمنع كيف وهو غير رسول.
    فقال المعلل: لو لم يكن محمد رسول الله لما أيده الله بالمعجزات وأتم دينه ونصره- لكن ذلك قد حصل فمحمد رسول الله؟
    2- قال المعلل: كتابكم المقدس أيها النصارى محرّفٌ.
    فقال النصراني السائل: أمنع.
    فقال المعلل: كتابكم المقدس فيه تناقض واضطراب- وكل كتاب سماوي شأنه كذلك فهو محرف.
    فقال السائل: أمنع الصغرى.
    فقال المعلل: كتابكم المقدس ليس فيه أي إسناد – وكل كتاب شأنه كذلك فهو محرّف ؟
    3- قال المعلل: عيسى عبد لله.
    فقال النصراني السائل: أمنع كيف وهو إله.
    فقال السائل: لو كان عيسى إله لما كان يمشي في الأسواق ويأكل الطعام ويأتي الحاجة- لكن قد حصل ذلك منه- فهو ليس بإله؟

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •