بسم الله الرحمن الرحيم أعراض المرض: اتسم كثير من علاقاتنا بالحدة في الرأي، والعنف في التعامل مع مخالفينا، وضاقت مساحة طلب العذر للمخالف، ورحبت ساحة إساءة الظن بمخالفينا، وصار بيننا في صغير المسائل ما قد لا يجوز أن يجري في كبيرها. رأي الأطباء: • قال سعيد بن جبير رحمه الله: من علم اختلاف الناس فقد فَقِه. • وقال أيضاً: أعلم الناس أعلمهم بالاختلاف. • قال الشافعي رحمه الله: ما ناظرت أحداً إلا قلت: اللهم أجر الحق على قلبه ولسانه* فإن كان الحق معي اتبعني، وإن كان الحق معه اتبعته. وقال أيضاً: ما ناظرت أحداً فأحببت أن يخطئ. • و قال أيضا: رأي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب • قال يحيى بن سعيد: ما برح المفتون يُستفتَوْن، فيحل هذا، ويحرم هذا، فلا يرى المحرِّم أن المحلل هلك لتحليله، ولا يرى المحلل أن المحرِّم هلك لتحريمه. أسباب المرض: • انحصار المرء في دائرة بيئة مغلقة, أو مذهب ضيق, أو قول واحد يمنعه من تصور الاختلاف والتنوع في الأقوال والآراء. و هذا من قلة الفقه وضحالة العلم. • كبر النفوس وعلوها وظنها أنه تملك الحق المطلق, فالكبر يورث النفس الإعجاب, انظر إلى قول فرعون لقومه: ﴿ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَاد ِ﴾ (سورة غافر: 29) • ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا ﴾ (سورة التوبة:31) أي أطاعوهم طاعة عمياء, بدون حجة, بدون دليل, نسمع من يقول الشيخ الفلاني قال كذا و كذا, و يسفه آراء علماء آخرين بدون حجه, يجب أن يسال كل منا نفسه: من نعبد؟؟؟؟؟ الله أم الشيخ فلان؟؟ العلاج: • تنوع مصادر التلقي, فلا تجعل لك شيخا واحدا و لا كتابا واحدا. • تؤخذ الآراء بقوة الحجة و ليست بثقتك في قائلها, فهذا القائل بشر يصيب و يخطئ, قال علي بن أبي طالب: اعرفوا الرجال بالحق ولا تعرفوا الحق بالرجال. • إذا خالفك احد في رأيك, و احتد عليك و تطاول, فكن من عباد الرحمن ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ (سورة الفرقان: 63) • و أخيرا, إذا خالفك احد في رأيك, و ظننت انك على صواب, فذكر نفسك بحديث النبي صلى الله عليه و سلم: "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا "رواه أبو داود و حسنه الالبانى في صحيح الجامع والسلسلة الصحيحة. و المراء هو: استخراج غضب المجادل. فهل من وقفة تأمل ونظرة علاج عسى أن يرأب الصدع ويجتمع الصف؟ المصدر: عقدة الصواب المطلق - الشيخ خالد بن عبد الله المصلح