لتوحيد الأسماء والصفات ثمرات فما هي؟
1-استقامة الإيمان: فحينما يأتي أحدُ نفاة الصِّفات ويقول: ربي لا يسمع، ولا يبصر. هل يكون مُتَوَكِّلاً على الله؟ لا يمكن أن يتوكل على الله، ولذلك نفاة الأسماء والصفات لا يمكن أن يتوكلوا على الله، لا يمكن أن يستقيم معنا، وأيضًا نفاة القدر.
2- استحقاق الله تعالى العبادة؛ فإذا كان الله هو الخالق، وهو الرازق، وهو المحيي، وهو المعطي -سبحانه وتعالى- وهو النافع الضَّارُّ، وهو الذي بيده ملكوت كلِّ شيءٍ، وهو القادر على كلِّ شيءٍ، وهو القوي، وهو العزيز؛ ألا يستحق العبادة؟ ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «أَنْ يَخْلُقَ اللهُ وَتَعْبُدَ غَيْرَهُ». هذا لا يمكن أن يكون،
ومن صور إنكار ما دلَّت عليه الأسماءُ والصفاتُ؛.
ولذلك قال بعضُهم: إنَّ الله نفى أن يكون سميعًا، يسمع أو يُبصر. ولهم اختلافاتٌ عميقةٌ، ولا تدري كيف قالوا بذلك! ومنها: إنكار صفة الكلام، ماذا كان؟ أنكروا أن يكون القرآن كلام الله -سبحانه وتعالى- وأطالوا في هذه القضيَّة.
ومنها: جعل الصفات دالة على تشبيه الله -عز وجل- وهذا عند كثيرٍ منهم، .
أيضًا تسمية الله -عز وجل- بما لم يُسَمِّ به نفسَه، وهناك عدَّةُ كتبٍ ظهرت الآن تُوَضِّح لك كلَّ اسمٍ وكلَّ صفةٍ ودليلها ومَن قال بها من أئمَّة المسلمين، منها تسمية الله -عز وجل- بالقديم، الذي ورد في كتاب الله هو: (الأول، والآخر، والظاهر، والباطن). فهو الأول، والأول لم يسبقه شيءٌ، أمَّا القديم فمعناه أن هناك من سبقه.
أيضًا وصفه -سبحانه وتعالى- بما لا يليق به، وبما يُنَزَّه عنه، فلا يليق أن يوصف الله -عز وجل- بما يُنَزَّهُ عنه، فهذا لا يجوز.
توحيد الألوهيَّة: أو توحيد العبادة، الألوهية من: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: 255]، من اسم الرَّبِّ -سبحانه وتعالى- الإله، والعبوديَّة لأنَّ الله -عز وجل- سمَّاه قال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ [البقرة: 21]، ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: 23]، ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ [النساء: 36]، كل هذه الأدلة ستأتي معنا -إن شاء الله.
فالعبادة معناها التَّذَلُّل، ولذلك عرَّفوا العبادةَ بأنَّها: ( اسمٌ جامعٌ لما يُحِبُّه اللهُ ويرضاه من الأقوال والأفعال الظَّاهرة والباطنة.)الأفعال الظاهرة مثل: الصلاة، والصيام، والحج. (الباطنة): كالنِّيَّة، وخشية الله -عز وجل.
وإخلاص النِّيَّة لله -عز وجل- أمرٌ عظيمٌ جدًّا، وعلى الإنسان أن يُراعي هذا الأمر، ولذلك قال السَّلفُ -ابن مهدي أو غيره: "كم مِنْ عَمَلٍ عظيمٍ -عملٍ كبيرٍ- لكن تُصَغِّرُه النِّيَّة -النية ليست صالحةً- وكم من عملٍ قليلٍ لكن تُعَظِّمُه النِّيَّةُ؛ لأنَّ النِّيَّةَ صالِحَةٌ".
ومنها المحبة: محبَّة الله، ومحبَّة شَرْعِه، ودينه، ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ومحبَّة عباده المؤمنين، نُحِبُّ أهلَ لا إله إلا الله، مَن قال لا إله إلا الله نُحِبُّه، لِمَ؟ لأنَّ هذا من العبادات القَلْبِيَّة التي قام بها.
أيضًا قوله (القلب) لأنَّ القلبَ يعتقد ويُصَدِّقَ في هذا الأمر كلِّه، ولذلك العبادةُ اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يُحِبُّه اللهُ ويرضاه في ذلك.
انظر أهميَّة العِبادة، قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، فالقضيَّة الكُبرى في حياة البشر هي العبادة، والقضيَّة الكُبرى التي خلقك الله لها هي العبادة؛ لماذا؟ لأنَّ الرُّبوبيَّةَ مركوزةٌ في النَّفس، أنت تُقِرُّ أنَّ اللهَ هو خالِقُك، وهو رَازِقُك.
(قريش أقرَّت بالرُّبوبيَّةِ لله -عز وجل- لكنَّها لم تُقِرَّ بالأُلُوهِيَّة).
هذه وردت في كتاب الله، نعم مثلما قال الأخ، ولذلك انظر أشعار كعب بن زهير، وانظر أشعار حاتم الطائي، وعنترة الذي يقول:
يا عَبلُ أينَ من المَنِيَّةِ مَهْرَبِي *** إِنْ كَانَ رَبِّي في السَّماءِ قَضَاهَا
وانظر ماذا يقول أُمَيَّة بن أبي الصَّلْت:
مَجِّدُوا اللهَ فَهُو للمَجْدِ أَهْلٌ *** رَبُّنا في السَّماءِ أَمْسَى كَبِيرَا
وهؤلاء جميعًا قد ماتوا مشركين، وكعب بن زهير يقول:
وَمَهْمَا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَمِ
يقول: أيُّ شيءٍ تكتمه عن الله يعلمه.
وحاتم الطائي يقول: "والذي يحيي العِظامَ البِيضَ وهي رَمِيمُ" يُقسم بالله، لكن ما نفعه ذلك، ولذلك قال الله -عز وجل: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لقمان: 25]، فهم يُقِرُّون بذلك.
أيضًا الآية الأخرى التي يقول الله تعالى فيها: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36]، ماذا نأخذ من الآية؟
(الدَّعوة إلى التَّوحيد ونَبْذ الشِّرك).
والرُّسل كلُّهم -عليهم الصَّلاة والسَّلام- جاءوا بهذه القضيَّة التي هي قضية التَّوحيد، ولذلك دينُ الأنبياء كما قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم: «الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ». يعني إخوةٌ دِينُهم واحدٌ، أمَّا الشَّرائع فهناك اختلافات فيها.
أيضًا قال صلى الله عليه وسلم: «حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا». جزاء الموحد النَّجاة.
وكلُّ هذه الأحاديث ستأتينا إن شاء الله، وإذا أردتها ستجدها في بداية صحيح الإمام مسلم في كتاب الإيمان.
«حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا»: (شيئًا) نكرة في سياق النَّفي، أي يخلص من الشِّرك، ولذلك حَرِيٌّ بالإنسان أن -حتى وإن كان هذا الإنسانُ لا يُوافِقَنِي في مُصطلحاتي- يعرف مصطلحات الكتاب والسُّنة، فالله سَمَّ الشِّركَ في كتابه، وذكره في القرآن الكريم وفي السُّنَّة، فاعرف ما هذا الشِّرك الذي ذكره اللهُ حتَّى تحذرَ وتسلمَ منه.
ما هي كلمة (التَّوحيد)، ؟
كلمة (التَّوحيد)، (لا إله إلا الله).ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في الصباح وفي المساء: «أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَدِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ -صلى اللهُ عليه وسلم- وَمِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ». فهذا معنى كلمة الإخلاص.
فما معنى كلمة (لا إله إلا الله)؟
(لو قلنا: لا خَالِقَ إلا الله، وهنا الخلق بمعنى توحيد الرُّبوبيَّة، بذلك يخرج توحيدُ الأُلُوهيَّة).
والمعنى الثاني قال: (لا حَكَمَ إلا لله)، لا ينفع؛ لأنَّ فيه نفي جزء العِبَادَة.قول: (لا معبودَ إلا الله) أيضًا لا ينفع؛ لأنَّ معنى لا معبودَ إلا الله أنَّ كلَّ المعبودات هي الله، وهذا لا يمكن، ولذلك الله فسَّرها في كتابه، يقول الله -عز وجل- في سورة الحج: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾ [الحج: 62]، وفي سورة لقمان: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ﴾ [لقمان: 30].
فإن معنى كلمة (التَّوحيد): لا معبودَ بحقٍّ إلا الله.
إذن (لا خالقَ) هو جزءٌ من المعنى، (لا حَكَمَ) هو جزءٌ من المعنى، ولذلك دائمًا تدخل هذه الكلمات في توحيد الأُلوهيَّة.
ما ثمرات (توحيد الأُلوهيَّة)؟
هي السبب الأعظم لنيل رضا الله، والحياة الطَّيبة في الدنيا والآخرة، وقبول الأعمال، ودخول الجنَّة والنَّجاة من النار، واطمئنان القلبِ، والرِّضا بالقضاء والقَدَر.
أسئلة الدرس:
السؤال الأول: اختر الإجابة الصحيحة مما يلي بوضع خطٍّ تحتها:
1- مؤلف كتاب "القول المفيد شرح كتاب التوحيد" هو:
أ- الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله.
ب- الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله.
ج- الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله.
2- صاحب كتاب "تجريد التوحيد" هو:
أ- ابن خزيمة -رحمه الله.
ب- ابن منده -رحمه الله.
ج- المقريزي الشافعي -رحمه الله.
3- مما يُمَيِّزُ كتابَ "القول المفيد" أنَّ صاحبه ضمَّنه:
أ- القضايا الشائكة.
ب- القضايا المعاصرة.
ج- القضايا الخلافية.
4- تُرجم كتاب "التَّوحيد" للإمام محمد بن عبد الوهاب لأكثر من:
أ- واحد وعشرين لغةً.
ب- سبع عشرة لغةً.
ج- ثلاث عشرة لغةً.
5- تضمنت آية الكرسي من أسماء الله تعالى:
أ- سبعة أسماء.
ب- ستة أسماء.
ج- خمسة أسماء.
السؤال الثاني: ضع علامة (P) أمام العبارة الصَّحيحة، وعلامة (Ï) أمام العبارة الخطأ، فيما يأتي:
1. لم نجد لفظ "التوحيد" في كلام النبي r ولا في كلام أصحابه الكرام. ( )
2. العبادة هي: اسمٌ جامعٌ لما يُحِبُّه اللهُ ويرضاه من الأقوال والأفعال الظَّاهرة والباطنة. ( )
3. ينقسم التَّوحيد إلى قسمين: توحيد الرُّبوبيَّة، وتوحيد الأُلوهيَّة. ( )
4. معنى كلمة (التوحيد): لا معبودَ بحقٍّ إلا الله. ( )
5. تجوز تسميةُ الله تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسَه إذا كان معنى الاسمِ طَيِّبًا. ( )
السؤال الثالث: أجب على الآتي:
1- اذكر ثلاثةَ أسبابٍ لاختيار كتاب "القول المفيد" لدراسته.
2- كيف تَرُدُّ على مَن يرى أنَّ تقسيمَ التَّوحيدِ إلى أقسامٍ أمرٌ باطلٌ؟
انتهى الدرس الثاني أختكم أم محمد الظن