تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: يا شباب الإسلام: إياكم وترك الثوابت!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    403

    افتراضي يا شباب الإسلام: إياكم وترك الثوابت!

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..
    لا شك أن الوضع المصري بعد تنحية المخلوع أصابته حالة من التخبط الذي يعد طبيعيًا؛ إذ الأمر أشبه بطريق مكتظ بالسيارات، وتم إغلاق الإشارة مدة طويلة، ثم فتحت فجأة، لا يمكن أن ترى استقامة في أول الأمر، ولكن!
    شتان بين تخبط في العبور إلى الطريق المستقيم، وبين عبور إلى التخبط..
    ولست معتنيًا بالتخبطات السياسية، فلهذه أساطينها، والأمر يسير إذا كان في أمور سياسية اجتهادية.
    لكن ما يعنيني ويؤلمني هو التخبط العقدي الذي ساد المجتمع، ولم يسلم منه إلا من كتب الله له السعادة!
    تخبط حين ترى أحد طلبة العلم يكتب مُعرفًا بنفسه : " سلفي ليبرالي" !
    تخبط حين ترى من يتباحث في أمر التهنئة للكفار بأعيادهم، فضلًا عمن يبيحها، فضلًا عمن ينعت من يمنعها بالتشدد والتخلف، وكأن علماء الإسلام قاطبة لم يكونوا يعون ما يخرج من رأسهم، بل والله إن ذا الفطرة السليمة لا يحتاج إلى نقولات في هذا الأمر، ففطرته تأبى عليه ذلك.
    تخبط حين ترى حضور الخمار واللحية والعمامة داخل أبنية الكفر، مصغين إلى آيات الشيطان، وقابعين بين كلمات الكفر والضلال.
    تخبط حين ننكر ثوابت الإسلام بكل وقاحة وكبرياء زائف، فالجزية قد ولى عهدها - و لا أدري هل ولى عهد آية براءة؟-، والإجماع الذي نقله النووي في شرح صحيح مسلم على وجوب تغيير التماثيل قد ولى عهده، ووجوب إنكار المنكرات العلنية في الطرقات إلى سلام، ووجوب هدم الأضرحة التي تعبد من دون الله صار حديث السمر بين صبيان الحي.
    تخبط حين نقدم الأمر للجماهير على أنه عرض وطلب، فمن أراد الكتلة المصرية فله ذلك، ومن أراد النور أو الحرية والعدالة فله ذلك، و لا يقدم الأمر للجماهير على أن المشاركة في النظام الديمقراطي غير جائزة من حيث الأصل، فقط رخص جمع من العلماء المعاصرين المشاركة فيها من أجل محاولة تطبيق الشريعة، وليس من أجل العرض والطلب.
    تخبط حينما نرى ذوبان البراء بيننا وبين من يجاهرون بعداوة الشريعة جهارًا نهارًا، فالأمر لم يعد معاملة حسنة لتأليف القلوب، بل وصل إلى الموالاة القلبية في بعض الأحيان.
    تخبط حينما أذم أخي المسلم؛ لأفوز برجل لا يرجو لله وقارًا، فتبًا لطالبان حتى تقر عين بني علمان!
    تخبط حينما يكون الخطاب بين المسجد والشاشة، أو بين الحزب والدعوة، حينما يكون الخطاب بينهما مغايرًا - من حيث الحقائق لا من حيث الأسلوب، فلا شك أن الأسلوب لا بد أن يختلف - فالشيخ يفتي بشيء، والأخ السياسي يقول النقيض، و لا يعلم هؤلاء أن جل شعبنا المسكين لا يحضرون لنا، بل يأخذون من تصريحاتنا عبر الشاشات، ويا ويلنا من الله إن قدمنا للناس زيفًا ثم سمينها لهم إسلامًا.
    تخبط حينما نظن أن التدرج يشمل العقيدة، وأن التدرج يعني الإقرار على الباطل، والتصريح بالرضا به.
    تخبط حينما استبدلنا بألفاظنا الشرعية ألفاظًا هي في أقل أحوالها تحمل إيمانًا، وكفرًا.
    قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ" ( البقرة 104)
    قال القرطبي في تفسيرها:
    " فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلَانِ: أَحَدُهُمَا- عَلَى تَجَنُّبِ الْأَلْفَاظِ الْمُحْتَمَلَةِ ......".
    فما بالكم بالألفاظ الصريحة في الباطل؟!
    وبعد، فإننا بحاجة ماسة إلى الوقوف أمام هذه النقاط الهامة:
    1 - قد أسكت عن الحق لمصلحة راجحة، لكن لا أقول الباطل أبدًا:
    قال شيخ الإسلام ابن تيمة: ( مجموع الفتاوى ج35 ص32):
    "
    . ففرق بين ترك العالم أو الأمير لنهي بعض الناس عن الشيء إذا كان في النهي مفسدة راجحة وبين إذنه في فعله".
    فالتدرج في عرض الحق مطلوب، لكن إذا سئلت فلا أملك إلا تبيين الحق.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( مجموع الفتاوى ج5 ص266)
    " وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: لَا يَتَعَرَّضُ لِأَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَآيَاتِهَا عِنْدَ الْعَوَامِّ: فَأَنَا مَا فَاتَحْت عَامِّيًّا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَطُّ. وَأَمَّا الْجَوَابُ بِمَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ لِلْمُسْتَرْشِد ِ الْمُسْتَهْدِي؛ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامِ مِنْ نَارٍ} . وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} . وَلَا يُؤْمَرُ الْعَالِمُ بِمَا يُوجِبُ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.".2 - إن خالطت الأشرار لضرورة، فإياك أن تبتغي العز بموافقتهم:
    قال شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله: ( مدارج السالكين ج1 ص453):

    " فَإِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى خُلْطَتِهِمْ فِي الشَّرِّ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ اعْتِزَالُهُمْ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ أَنْ يُوَافِقَهُمْ، وَلْيَصْبِرْ عَلَى أَذَاهُمْ، فَإِنَّهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يُؤْذُوهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قُوَّةٌ وَلَا نَاصِرٌ. وَلَكِنْ أَذًى يَعْقُبُهُ عِزٌّ وَمَحَبَّةٌ لَهُ وَتَعْظِيمٌ، وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَمِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَمُوَافَقَتُهُ مْ يَعْقُبُهَا ذُلٌّ وَبُغْضٌ لَهُ، وَمَقْتٌ، وَذَمٌّ مِنْهُمْ وَمِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
    فَالصَّبْرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ عَاقِبَةً، وَأَحْمَدُ مَآلًا".
    حتى وإن ظلمونا، وشهروا بنا، لأننا لم نرد موافقتهم في الباطل، فهذا الظلم هو طريق التمكين.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( مجموع الفتاوى ج8 ص327):
    " فَكُلُّ مَنْ هَجَرَ السُّوءَ فَظَلَمَهُ النَّاسُ عَلَى تَرْكِ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ حَتَّى أَخْرَجُوهُ - لَا هَجَرَ بَعْضَ أُمُورٍ فِي الدُّنْيَا - فَصَبَرَ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ يُبَوِّئُهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ، كَيُوسُفَ الصِّدِّيقِ فَإِنَّهُ هَجَرَ الْفَاحِشَةَ حَتَّى أَلْجَأَهُ ذَلِكَ هَجْرَ مَنْزِلِهِ. وَاللُّبْثَ فِي السِّجْنِ بَعْدَ مَا ظُلِمَ فَمَكَّنَهُ اللَّهُ حَتَّى تَبَوَّأَ مِنْ الْأَرْضِ حَيْثُ يَشَاءُ".
    3 - العبرة ليست بالعدد بل بالقاعدة الصلبة:
    قال القرطبي رحمه الله : ( تفسير القرطبي - تفسير الآية 249 من سورة البقرة).

    " لَكِنِ الْأَعْمَالُ الْقَبِيحَةُ وَالنِّيَّاتُ الْفَاسِدَةُ مَنَعَتْ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَنْكَسِرَ الْعَدَدُ الْكَبِيرُ مِنَّا قُدَّامَ الْيَسِيرِ مِنَ الْعَدُوِّ كَمَا شَاهَدْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَذَلِكَ بما كسبت أيدينا! ".
    فما فائدة ملايين أعمالهم قبيحة، ونياتهم فاسدة؟!
    أقول هذا؛ لولع كثير منا بالحشد، مع تناسيه للتربية العقائدية الجادة.
    4 - صحح المفاهيم ثم أحسن عرضها:
    فإذا وكلت أحد الناس في بيع سيارتك، وطلبت منه مثلًا خمسين ألف جنيه، فستجد أن الوكلاء ثلاثة:
    1 - ذهب إلى السوق، وقال عندي سيارة بخمسين ألف، من أرادها فأهلًا وسهلًا، ومن لا يريدها ففي ستين داهية!
    2 - ذهب إلى السوق، وعرضها بثمنها، فكسدت، فاضطر إلى بيعها، بثلاثين ألفًا مثلًا.
    3 - ذهب إلى السوق، فنمق بضاعته، وأحسن في عرضها، وفي النهاية حصل على الخمسين.
    فأي وكيل تريد؟!
    وهذا المثل مضروب لدعاة الإسلام، فمنهم من يقول الحق بطريقة منفرة وهذا هو الوكيل الأول، ومنهم من يتنازل عن بعض ثوابته ، ويميعها، وهذا الوكيل الثاني، ومنهم من يقدم الإسلام صحيحًا صافيًا، في ثوب قشيب ناصع الجمال، وهذا هو الوكيل الثالث.
    وأحسب أن الدعوة لو كان لها لسان، لقالت للأول والثاني: شكر الله سعيكما، تنحيا جانبًا، وأفسحا الطريق لأخيكما الثالث!


    أسأل الله تعالى أن يرزق كلماتي القبول، وأن تجد آذانًا صاغية، وأن يلهمنا صوابنا ورشدنا، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    أرض الكنانة السلفية
    المشاركات
    59

    افتراضي رد: يا شباب الإسلام: إياكم وترك الثوابت!

    جزاكم الله خيرًا
    نسأل اللهَ القبول والسداد، ونسأله الإخلاص
    والله المستعان !!

  3. #3

    افتراضي رد: يا شباب الإسلام: إياكم وترك الثوابت!

    جزاك الله خيرا اخى الكريم،
    كلام فى الصميبم
    والذى اسال الله ان يجعله فى ميزن حسناتك
    قال سفيان الثوري: (إذا بلغك عن رجل في المشرق صاحب سنة وآخر بالمغرب فابعث إليهما بالسلام وادع لهما ما أقل أهل السنة والجماعة)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •