تزين الفتى أخـلاقه وتشينه .. وتذكر أفعال الفتى حيث لا يدري


"الوضوح" و"الشفافيّة" و"الصراحة" و"على المكشوف" دعاوي يدندن حولها الكثير فمن صادق أو غير صادق .. وهي مسميات للشخص الذي "لا يلعب تحت الطاولة" أو "على الحبلين " أو "خلف الكواليس" أو "من تحت لتحت"

وهي في مجملها وعلى ظاهرها ظاهرة إيجابية لأخلاق المدّعي .
فمن لا يوَدُّ السير في طريق بيِّنٍ يعلمه الناس ويعلم هو أين يسير ، فيريح نفسه ويريح العيون التي ترقُبه .
السير على الجادّة والاستمساك بالصدق سِيْمَا من نجح لأنه ثابت كالطود ، واضح كالشمس ، بيّن كالقمر ، لامع كالنجم .. فلا خوف منه أو عليه .

تعلوه الهيبة والوقار لأن بين عينيه مكتوب : صادق .

وفي وقتٍ لا يلمع فيه إلا الماكر والخبيث ، ومن يرشي ويرتشي أُصبنا بأزمة نفسية وخلقية واجتماعية ., وفي كافة الأمور نحن على شفا جرف هار .
وأصبح الحق لا يحصل عليه صاحبه إلا بذلك ؛ وإن كان عنده حراما وجرما ؛ لأن "الضرورات تبيح المحظورات" و"الحاجة تقدر بقدرها" و"المشقة تجلب التيسير" و"والإثم على الآخذ لا المعطي" وهذه مصيبة ، وهذا ليس تقنينا للمعصية ولكنَّ الحق لا يؤخذ إلا كذلك .

فنطق الرويبضة ، واستنوق الجمل ، واستأسد الحمْل ، واستنسر البغاث .
فعلا الضباب الأسود قلوب الكثير واصبح لونه أجمل من لون السماء ، وما يسيل من ظلم وجور منه خير من قطر السحاب ، فنتج عن ذلك أن الجو صحوٌ وإن كان غائما .

وبين الأول والثاني هائم لا يدري أين يمضي فإن ارتدى قميص الأول لم يأكل لقمة العيش ولم يهنأ برغد ، أو اتّزرَ برداء الثاني أصبح طبلا أجوف ، لأن ضميره فرَغ من قلبه .
فيسعى لأن يظهر بجُبَّة الخير ولكن تأبى ربطة عنقه إلا أن تشد عليه وثاقه وتؤذيه بما يسمع ويُقال ، فيدافع ويكافح ويناضل ويساجل ، فإن سكتوا عنه ظاهرا سلخوه باطنا فيلاعب بالأسنة ويستر نفسه بالمِجنة ..

وذا الجنس يأبى أن يصارح نفسه ويعالجها ويقيم أوَده ، فالناس ذاكرون ما فيك ، بل ما فيكَ ظاهر على فِيك ، وكما يقولون " لا تلعن الظلام وأشعل شمعة " فابدأ بتقويم عوَجك واستصلاح نفسك ..

فإن كان ما يقال فيك تراه إيجابا فاثبت على ما أنت فيه وعليه ..
وإن كان سلبا فغسل نفسك بماء الثلج والبرد ..
فعليك بالحق ولو كنت وحدك !

ولا تحزن لما يقول الناس فقد قالوا :
تزين الفتى أخـلاقه وتشينه ... وتذكر أفعال الفتى حيث لا يدري