تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: العارف بالله علي وفا أحد رجال سلسلة الطريقة الشاذلية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    236

    افتراضي العارف بالله علي وفا أحد رجال سلسلة الطريقة الشاذلية


    العارف بالله علي وفا أحد رجال سلسلة الطريقة الشاذلية


    هو علي بن محمد بن محمد بن وفا بن النجم محمد ، أبو الحسن السكندري الأصل المصري الشاذلي الصوفي المالكي ، اشتر بابن وفا ؛ أحد رجال الطريقة الشاذلية ذكره ابن عجيبة في أيقاظ الهمم [ ص 14 ، طبعة دار الخير ] ، فهو أحد الرجال الذي يمر به إسناد الطريقة الشاذلية .

    ولد في القاهرة سنة 759 ومات أبوه وهو صغير فنشأ وهو وأخوه ومات أبوه وهو صغير فنشأ هو وأخوه في كفالة وصيهما الشيخ محمد الزيلعي فأدبهما وفقههما [ الضوء اللامع 21 / 6 ]

    ولما بلغ سبع عشرة سنة جلس مكان أبيه وعمل الميعاد وشاع ذكره وبعد صيته وانتشر أتباعه وبالغ اتباعه بحبه حتى جعلوا رؤيته عبادة قال المقريزي في درر العقود الفريدة : (( وتعددت أتباعه وأصحابه ودانوا بحبه واعتقدوا رؤيته عبادة واتبعوه في أقواله وأفعاله وبالغوا في ذلك مبالغة زائدة وسموا ميعاده المشهد وبذلوا له رغائب أموالهم . هذا مع تحجبه وتحجب أخيه التحجب الكثير إلا عند عمل الميعاد أو البروز لقبر أبيهم أو تنقلهم في الأماكن ، فنالا من الحظ مالا ناله من هو في طريقتهم ... الخ )) [ 474 / 2 ]

    قال الشعراني : (( كان في غاية الظرف، والجمال لم ير في مصر أجمل منه وجهاً، ولا ثياباً وله نظم شائع، وموشحات ظريفة سبك فيها أسرار أهل الطريق وسكرة الخلاع رضي الله عنه )) [ الطبقات الكبرى ص 315 ]

    وقال الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر بأنباء العمر : (( وكان يقظاً حاد الذهن اشتغل بالأدب والوعظ وحصل له أتباع وأحدث ذكراً بألحان وأوزان يجمع الناس عليه وكان له نظم كثير واقتدار على جلب الخلق مع خفة ظاهرة )) [ ص 255 – 256 / 5]

    لم يقف غلو اتباعه له عند حد اعتبار رؤيته عبادة بل كفروا الحافظ ابن حجر لأنه أنكر عليهم قال الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر : (( اجتمعت به مرة في دعوة فأنكرت على أصحابه إيماءهم إلى جهته بالسجود، فتلا هو وهو في وسط السماع يدور " فأينما تولوا فثم وجه الله " فنادى من كان حاضراً من الطلبة كفرت كفرت فترك المجلس وخرج هو وأصحابه )) [ ص 256 / 5 ]

    وله من المؤلفات : الباعث على الخلاص في أحوال الخواص، والكوثر المترع في الأبحر الأربع ، والواردات الإلهية المسمى بالوصايا .

    عقيدة علي وفا


    إن العارف علي وفا كان له معتقدات كثير وغالبها لا تخرج عن معقدات ابن عربي أو ما يطلقهم عليهم أهل وحدة الوجود ومن طالع كتاب الوصايا أو الواردات الإلهية علم ذلك حتى قال الشعراني في الطبقات : (( وله كلام عال في الأدب، ووصايا نفيسة نحو مجلدات، وردت عليه فأملاها في ثلاثة أيام رضي الله عنه فأحببت أن ألخصها لك في هذه الأوراق بذكر عيوبها الواضحة، وحذف الأشياء العميقة عن غير أهل الكشف لأن الكتاب يقع في يد أهله، وغير أهله )) [ ص 315 ] ، ويصرح هنا الشعراني أنه في هذا الكتاب أمور لا يصرح بها إلا لأهلها وقد حصلت على هذا الكتاب وسوف أنقل بعض العبرات التي ربما تعمد الشعراني حذفها وكذلك بعض العبارات التي نقلها الشعراني .

    نصوص عقيدة وحدة الوجود


    قال الشعراني : (( وكان يقول من أعجب الأمور قول الحق تعالى لسيدنا موسى عليه السلام " لن تراني " أي مع كونك تراني على الدوام فافهم )) [ ص 315 ] إشارة منه إلى أن الوجود واحد وما ثم إلا الله وما رأى موسى إلا الله لكنه لا يعلم هذه الحقيقة التي علمها علي وفا – والعياذ بالله –

    وقال الشعراني (( ... والصلاة صلة بين العبد وربه " ولذكر الله أكبر " وهو شهود ذاته، وحده لا شريك له لم يكن شيء غيره فافهم )) [ ص 316 ] ، يشير بذلك أن إثبات شيء غير الله عز وجل هو الشرك يعني بذلك الوحدة المطلقة فمن أثبت موجود غير الله تعالى فقد وقع بشرك عنده .

    وقال الشعراني : (( وكان رضي الله عنه يقول: الواحد لا يظهر في كل إلا، واحداً وإن كانوا أكثر من واحد في الصورة فهم واحد في السريرة كعيسى، ويحيى، وموسى، وهارون مثلا فهما اثنان حساً وهماً في الحقيقة واحد: " فقولا، إنا رسول رب العالمين " [ الشعراء: 16 ] ، كما إذا شئت أن تعبر عن اسم الذات الأقدس بالعربية تقول: الله جل جلاله، وبالعبرانية الوهيم، وبالفارسية خداي، وبالتركية تكرى وبالرومية ثيبوس، وبالقبطيه ليصا، في كل لغة بلفظ، وانظر إلى جبريل حال تمثله في صورة البشر لم يخرج عن كونه جبريل ذا الأجنحة، والرءوس المتعددة بل هو عينه في كلتا الصورتين، واحد لم يتعدد )) [ ص 328 ] ، ويشر هنا إلى وحدة الوجود وأن هذه الموجودات ما هي إلا مظاهر الحق ظهر بها أو صورة الحق .

    وقال الشعراني : (( وكان رضي الله عنه يقول: قيل لي: اسمع كل الموجودات موجوداتي فسمني بما شئت، وصفني بما أردت، وكل من سميته أو وصفته فإنما سميتني، ووصفتني مع تجردي عن كل ذاتك بذاتي، وقيوميتي، فيه معيناتي، اسمع لا يدعو عبد ربه إلا كنت الداعي، ولا يرى عبد قصر أخيه كما يرى سهيل في جنته إلا كان المرئي قصري، ولا حف ملائكة بعرش إلا كان المحفوف عرشي، ولا تكلمت بكلمة إلهية إلا والله متكلم بها، ولا أتيت بأمر إلا والله آت به " أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيداً " [ النساء: 4 ] )) [ ص 338 – 339 ]

    وهذا الكلام صريح جدا بمعتقده حيث جعل كل شيء هو الله – تعالى الله عما يقول الظالمون – فإذا سميت شيء ما علي وفا فما سميت إلا الله ، وإذا سميت السماء أو الأرض أو حجر أو أي شيء ما سميت إلا الله – تعالى الله عما يقوله الظالمون علوا كبيرا -


    وقال في كتاب الوصايا أو الواردات الإلهية : (( " ألا إنه بكل شيء محيط " كإحاطة ماء البحر بأمواجه معنى، وصورة فهو حقيقة كل شيء وهو ذات كل شيء وكل شيء عينه، وصفته فافهم )) [ ص 315 ] ، وهذا النص نقله الشعراني بحروفه في الطبقات [ ص 316 ] ، وهو صريح على معتقد علي وفا بأن كل شيء هو الله تعالى الله عما يقوله الظالمون علوا كبيرا -

    قال في كتاب الواردات الإلهية : (( وجودك وموجودك اثنان بالبيان واحد بالحقيقة فافهم )) [ ص 45 ] ، وهنا يصرح بأن الوجود واحد ولكن المحجوب يراهم اثنان ولو وصل إلى الحقيقة لعلم أنه ما ثم إلا واحد .

    وقال أيضا في نفس الكتاب : (( الله هو وجودك بمعنى ذاتك وأنت وجوده بمعنى عينه أيها الكامل عني الشيء هو وصفه من حيث نعته له واسمه من حيث تبيينه الذاتي به والله المحيط هو الوجود الذات المتعين بكل موجود فالكل صفاته وأسماؤه وبحكم مرتبته الإلوهية يصلح نظام الموجود ويكمل قوامه في كل مقام بحسبه فافهم )) [ ص 464 ] ، وهذا الكلام ظاهر البطلان لا يخفى بطلانه .



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    236

    افتراضي رد: العارف بالله علي وفا أحد رجال سلسلة الطريقة الشاذلية


    نصوص عقيدة وحدة الأديان

    وقال : (( وكان يقول في حديث " أنا عند طن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني " أي مهما تصورني به من الصور كنت ممده من أفق تلك الصورة بحكمها فافهم )) [ ص 316 ] ، ويشر بهذا القول إلى عقيدتهم بوحدة الأديان حيث كل ما هو معبود تصح عبادتهم طالما يعتقد به العابد له ، ولا يخفى بطلان هذه العقيدة التي تخالف الفطرة السليمة فضلا عن نصوص الشريعة .

    وقال في الواردات الإلهية : (( العبد لمولاه فاعبدوا ما شئتم )) [ ص 24 ] ، وهذا صريح بأنه يصحح أي عبادة كانت وعلى هذا الاعتبار لا إنكار على عبادة العجل أو بوذة أو حتى عبادة الأصنام .

    وقال أيضا في نفس الكتاب : (( جاء في الحديث [ أنا عند ظني عبدي بي ] فهما شهدته عليه من المشاهدة أمدك من أفقه هو لك حيث تشهد ومنزلك حيث أنزلته من نفسك فاشهد ما تحب واعبدوا ما شئتم فافهم )) [ ص 360 ] وهذا صريح بجواز عبادة كل ما يعتقد به الإلوهية لأنه حسن الظن بهذا الشيء وبمعنى آخر أنه كشف سر الإلوهية في هذا الشيء فعبده !!

    شيء من بعض أقواله


    قال في كتاب الواردات الإلهية : (( أنت على الصورة التي تشهد أستاذك عليها فاشهد ما شئت وانظر ماذا ترى إن شهدته خلقا فأنت خلق وإن شهدته حقا فأنت حقا قال الحق أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء فافهم )) [ ص 8 ]

    وهذا الكلام إن كان يشر إلى وحدة الوجود إلا أنه يتكلم عن مقامات المريدين فطالما المريد يشهد أستاذه خلق فهو ما زال محجوبا فإذا رأى أستاذه حقا فهو حق أي صار هو وشيخه والوجود حق وهو الوجود الواحد وهو يشير أن الوجود له صورتان صور خلق وصورة حق يعلم هذا بحسب المقام ومهما ظن المريد بأستاذه سواء البشرية أو ألوهية فلن يجانب الصواب !!

    وقال أيضا في نفس الكتاب : (( العليم الحكيم الهادي إذا تحول لأهل زمانه في صورة آدمية فذلك الآدمي بظاهره الآدمي هو إمام هدى أهل زمانه وبباطنه الرباني هو رب أهل زمانه أي سيد أتاهم في صورة يعرفونه بها ولا يراه من هذه الحيثية إلا من مات الموتة المعنوية .... الخ )) [ ص 27 ]

    وقال أيضا في نفس الكتاب : (( قال الخضر " ما فعلته عن أمري " وما هاهنا موصولة وأمره شأنه لأن تلك الأفعال كانت من أحكام روح الإلهام والولائي فافهم )) [ ص 339 ] ، فالذي يريد قوله أن معنى الآية هكذا " الذي فعلته عن أمري " حتى يعطي شرعية لإلهام الصوفية وأنه حق من ربي العالم فكل ما ألهمه الصوفية يمكن تطبيقه لأنه وحي روح الولاية فلا تعجب من عدم اعتراض المريد على الشيخ مهما فعل من المنكرات لأنه ما يفعل إلا بوحي إلهامي ولائي ، وعلى هذا يعذر من يقول أن الصوفية يدعون الوحي وأنه لم ينقطع !!

    علي وفا وختم الولاية


    وكان يشير علي وفا إلى أنه خاتم الأولياء فقد قال في كتاب الواردات الإلهية : (( وكان الأستاذ أبو الحسن الشاذلي قطب الزمن السابع وتنزل الناطق الأعظم الوفائي بختم الولايات في الزمن الثامن فالكل في نظامه وجملة أعلامه ومعاني كلماتهم في ضمن كلامه فافهم .. الخ )) [ ص 318 ] وقد مر بنا في بداية الترجمة أنه ولد في القاهرة سنة 759 في القرن الثامن الهجري ونلاحظ هنا أنه لم يختم ولاية واحد مثل المقام المحمدي أو الموسوي أو العيسوي أو الإدريسي بل جميع الولايات !! والعجيب أنه جاء من بعد مَنْ ادعى ختم الولاية مثل أحمد التجاني الطريقة التجانية وعثمان المرغني صاحب الطريقة الختمية .

    لم يكتف علي وفا بنبوءة أبي الحسن الشاذلي فيفسر آية تفسيرا إشاريا ليثبت ختم الولاية فقد قال في كتاب الواردات الإلهية : (( " فإذا قضيت الصلاة " أي وفيت فهي إشارة إلى الحضرة الولائية الختامية الوفائية التمامية فافهم والله تعالى أعلم )) [ ص 413 ]

    ولعلك تظن أن هذه العبارات التي نقلتها لك يعترض عليها أئمة الصوفية فقد تعجب إذا علمت أن الحقيقة غير هذا فقد قال عبد الرءوف المناوي في الكواكب الدرية : (( وقال شيخنا العارف الشعراوي : طالعت كثيرا وقليلا من كلام الأولياء فما رأيت أكثر ولا أرقى مشهدا من كلامه )) [ ص 156 / 3 ] .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    236

    افتراضي رد: العارف بالله علي وفا أحد رجال سلسلة الطريقة الشاذلية


    رأي الحافظ ابن حجر في علي وفا


    قال الحافظ وهو يصف شعر علي وفا : (( وشعره ينعق بالإتحاد المفضي إلى الإلحاد، وكذا نظم والده )) [ ص 256 / 5 ] ، فالحافظ ابن حجر يصرح بأن شعره صريح بالاتحاد ، وهذا لا يخالف ما قررناه في السابق بأنه يقول بوحدة الوجود وذلك لسببين فالأول أن علماء الظاهر يطلقون على القول بالوحدة اتحاد .

    والسبب الثاني أن أهل الوحدة يعتبرون الاتحاد أحد مراتب الوجود وقد صرح بهذا علي وفا نفسه حيث قال : (( ... وأما في دائرة الجمع فالحكم الذاتي إحاطي والحكم الصفاتي والاسمى والفعلى فرقي فإذا ظهرت الذات بمرتبة صفاتية استحقت اسمها من حيث ذلك الظهور وإن استحقت اسم مرتبة أخرى من حيث ظهرت بحكمها مع ذلك فأتى الحلول والاتحاد والتوحد من ثم في هذه الدوائر فأما الحلول والمعية فبحكمها الفرقي وأما التوحد والاتحاد فبحكمها الإحاطي . فالحلول غاية المعية والتوحد غاية الاتحاد ولك مقام مقال ولكل مجال رجال " والله بكل شيء عليم " " إنه بكل شيء محيط " وهو هو بما هو هو سيدي وربي هو ملاي وحسبي ليس إلا هو )) [ ص 83 ]

    فهنا يقرر علي وفا الحلول والاتحاد لا على سبيل أن الذاتين تصير ذات واحدة بل بحسب الظهور فإذا الظهر الذات الإلهة بمرتبة فلنقل مثلا ظهرت بـ " أبي سعيد الخراز " يصح هنا أن نقول حلول أو اتحاد بحسب هذا الظهور إن كان أسمائي أو صفاتي لا أن أبا سعيد الخراز والذات صارا شيء واحدا لأنه ذات واحدة ولكن هذا الظهور الذي هو عبد الله أو أبو سعيد الخراز إنما هو أحد مراتب الظهور فلذلك يسمى حلولا واتحادا .

    وحتى يتضح هذا المعنى نذكر قول إمامهم الأكبر ابن عربي الحاتمي حيث قال : (( إذا كان الاتحاد صير الذاتين ذاتاً واحدة فهو محال لأنه إن كان عين كل واحد منهما موجوداً في حال الاتحاد فهما ذاتان إن عدمت العين الواحدة وبقيت الأخرى فليس للأول حد فإن كان الاتحاد بمنزلة ظهور الواحد في مراتب العدد فيظهر العدد فقد صح الاتحاد من هذا الوجه ويكون الدليل مخالفا للحس فيكون له وجها كالكناية عن حركة يد الكاتب حسا وبالدليل أن الله خالقهما وأنها أثر القدرة القديمة لا المحدثة الوقوف على هذا القدر من المعرفة بطريق الكشف والشهود لا من طريق الفكر فيسمى اتحادا .

    وقد يكون الاتحاد عندنا عبارة عن حصول العبد في مقام الانفعال عنه بهمته وتوجه إرادته لا بمباشرة ولا معالجة فبظهوره بصفة هي للحق تعالى حقيقة تسمى اتحادا لظهور حق في صورة عبد ولظهور عبد في صورة الحق .

    ويطلق الاتحاد في طريقتنا لتداخل الحق في الأوصاف والخلق فوصفنا بأوصاف الكمال من الحياة والعلم والقدرة والإرادة وجميع الأسماء كلها وهي له ووصف نفسه بأوصاف ما هو لنا من الصورة العين واليد والرجل والذراع والضحك والنسيان والتعجب التبشبش وأمثال ذلك مما هو لنا فلما ظهر تداخل هذه الأوصاف بيننا وبينه سمينا ذلك اتحادا لظهورنا به وظهوره بنا فيصح قول القائل عن هذا :

    أنا من أهوى ومن أهوى أنا

    [ كتاب المسائل ، مسألة رقم 43 ، ص 317 / رسائل ابن عربي ]

    ونلاحظ هنا أن كلام ابن عربي لم يخرج عن كلام علي وفا من حيث أن الاتحاد عندهم لا يصير الذات ذاتين إنما هو أحد مراتب الوجود أو إن شئت قلت أحد مظاهر الحق ، فالحلول أو الاتحاد لا ينحصر عندهم بمظهر معين مثل أن تقول أبو سعيد الخراز اتحد مع الله فصار الله فهذا خطأ عندهم إنما الاتحاد أو الحلول بأن يكون أبو سعيد الخراز أحد مظاهر الله وإن شئت قلت أحد مراتب الوجود ، وكل الكلام ينطبق على كل موجود ، فالحصر هو الذي لا يقول به ابن عربي ومن نحا نحوه .

    فعلى هذا الاعتبار لا اعتراض على علماء الظاهر إن سموا وحدة الوجود بالاتحاد لأن أهل الوحدة يطلقون كلمة اتحاد على أحد مراتب الوجود ، وقد صرح بعض بالاتحاد وهو يعني وحدة الوجود .

    وكما هي عادة الصوفية التشنيع على علماء الظاهر وكأنهم مجموعة جهلة يتبعون الهوى يفترون على الناس مما ليس فيهم فلما قال الحافظ ابن حجر عبارته هذه : (( وشعره ينعق بالإتحاد المفضي إلى الإلحاد )) لم تعجب الصوفية على الرغم أنهم قبلوا منه عندما وصف حاله ، وهذا حق مشروع لهم ولكن بطريقة علمية وتحرير للمسألة لا طريقة لبس الحق بالباطل فلما ترجمة يوسف الزرقاني لعلي وفا في كتاب النفحة الرحمانية في تراجم السادات الوفائية وذكر عبارة الحافظ الآنف الذكر قال : (( وقال المناوي : دأب الحافظ ابن حجر أنه إذا ذكر أحدا من الطائفة لا يبقي ولا يذر والله يغفر لنا وله انتهى .

    وأقول : هذا من عدم تحقيقه وإتقانه معنى الاتحاد عند الجماعة وقد حققه بقية الحفاظ السيوطي شكر الله مسعاه فقال بعد كلام طويل :

    والحاصل أن لفظ الاتحاد مشترك فيطلق على المعنى المذموم الذي أخو الحلول وهو كفر ويطلق على مقام الفناء اصطلاحا اصطلح عليه الصوفية ولا مشاحة في الاصطلاح إذ لا يمنع أحد من استعمال لفظ في معنى صحيح لا محذور فيه شرعا ولو كان ممنوعا لم يجز لأحد أن يتفوه بلفظ لاتحاد وأنت تقول بيني وبين صاحبي زيد اتحاد وكم استعمل المحدثون والفقهاء والنحاة وغيرهم لفظ الاتحاد في معان حديثية وفقهية ونحوية كقول المحدثين اتحاد مخرج الحديث وقول الفقهاء اتحد نوع الماشية وقول النحاة اتحد العالم لفظا أو معنى . وحيث وقع لفظ الاتحاد من محققي الصوفية فإنما يريدون به معنى الفناء الذي هو محو النفس وإثبات الأمر كله لله سبحانه لا ذلك المعنى المذموم الذي يقشعر له الجلد وقد أشار إلى ذلك سيدي على وفا فقال من قصيدة له:

    يظنوا بي حلولا واتحادا وقلبي من سوى التوحيد خالي

    فتبرأ من الاتحاد بمعنى الحلول وقال من أبيات أخر:

    وعلمك أن هذا الأمر أمري هو المعنى المسمى باتحاد

    فذكر أن المعنى الذي يريدونه بالاتحاد إذا أطلقوه هو تسليم الأمر كله لله وترى الإرادة معه والاختيار والجري على مواقع أقداره من غير اعتراض وترك نسبة شيء ما إلى غيره
    )) [ ص 74 – 76 ]

    فتلاحظ أن المعنى الذي تكلم عنه السيوطي واحتج به الزرقاني هو غير الذي يقول به أهل الوحدة فمن الذي لا يحقق ولا يتقن معنى الاتحاد فكلام السيوطي في وادي وكلام ابن عربي وعلي وفا في وادي آخر فالسيوطي يرجع الاتحاد إلى المرتبة الثالث من مراتب التوحيد بأن لا يرى إلا فاعلا واحدا حيث قال : (( معنى الفناء الذي هو محو النفس وإثبات الأمر كله لله سبحانه )) وهؤلاء في المرتبة الرابعة من المراتب الوحيد فلا يرون إلا وجودا واحدا ، وشتان بين الأمرين فلم يتطرقوا كلامهم عن الاتحاد بحرف واحد مما قاله السيوطي في تصحيح عقيدة الاتحاد .

    علي وفا والسماع


    لقد كان علي وفا من المولعين بالسماع حتى أنشأ الألحان قال السخاوي في الضوء اللامع ينقل عن الحافظ ابن حجر قال : (( وقال في معجمه أنه اشتغل بالأدب والعلوم وتجرد مدة وانقطع ثم تكلم على الناس ورتب لأصحابه أذكاراً بتلاحين مطبوعة استمال بها قلوب العوام ونظم ونثر .. الخ )) [ ص 22 / 6 ]

    وكان علي وفا أيضا يرقص بالسماع أثناء السماع بالدف والشبابة قال محمد الشاذلي التونسي في رسالة فرح الاسماع برخص السماع في رسالته هذه تحت عنوان : (( قلت : وسمعت من غير واحد عن الشيخ الإمام قاضي القضاة: شمس الدين البساطي رحمة الله عليه أنه كان يرقص في السماع بالدفوف والشبابة، وأخبرني من شاهده وهو معتنق مع ولي الله الكبير الشهير سيدي: علي بن وفا: رضي الله عنه يرقصان بالدف والشبابة، وهذا مشهور عنه )) [ ص 79 ]

    وقال العجلوني في كشف الخفاء عندما تكلم على حديث : ما وسعني سمائي ولا أرضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن : (( ونقل عن خط الزركشي أن بعض العلماء قال انه حديث باطل وأنه من وضع الملاحدة وأكثر ما يرويه المتكلم على رؤوس العوام علي بن وفا لمقاصد يقصدها ويقول عند الوجد والرقص طوفوا ببيت ربكم )) [ ص 255 – 256 / 2 ]

    مما مر يتبن لك مكانة علي وفا عند المتصوف وكيف لا تكون له مكانة وهو أحد سلسلة الرجال الذين يوصلون إلى الطريقة الشاذلية وقد عده ابن عجيبة من أحد رجال الطريقة الشاذلية كما مر في مقدمة البحث ، فمن الطرق الفرعية للطريقة الشاذلية يكون اتصال السند إلى أبي الحسن الشاذلي عن طريقه ؛ الطريقة العلوية الدرقاوية الشاذلية ، والطريقة العاصمية الدرقاوية الشاذلية .

    هذا والله تعالى أعلا وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وسلم .

    ===========

    أبو عثمان

  4. #4

    افتراضي رد: العارف بالله علي وفا أحد رجال سلسلة الطريقة الشاذلية

    جزاك الله خيرا، وبانتظار المزيد من فوائدك وتنبيهاتك

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    236

    افتراضي رد: العارف بالله علي وفا أحد رجال سلسلة الطريقة الشاذلية

    وإياك شيخ محمد وأبشر إن شاء الله تعالى سوف نضيف المزيد من رجال التصوف الذين لا يعرفون وهم يدور عليه التصوف

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    3,215

    افتراضي رد: العارف بالله علي وفا أحد رجال سلسلة الطريقة الشاذلية

    اخي الكريم جزاك الله خيرا،
    اقترح تغيير العنوان الى فلان تحت المجهر اواراؤه في ميزان الشريعة بدلا من الثناء عليه بانه العارف بالله مادام انه على ضلال وانحراف عن منهاج اهل السنة والجماعة
    قال الامام المنذري رحمه الله :
    وناسخ العلم النافع :
    له أجره وأجر من قرأه أو كتبه أو عمل به ما بقي خطه ،
    وناسخ ما فيه إثم :
    عليه وزره ووزر ما عمل به ما بقي خطه .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    236

    افتراضي رد: العارف بالله علي وفا أحد رجال سلسلة الطريقة الشاذلية

    بارك الله فيك العنوان له مغزى وهدف .

    وهذا لتعرف أن الصوفية عندما يطلقون على أحد العارف بالله ماذا يكون ، والعارف بالله هذا اصطلاح عند الصوفية يطلقونه على من يصل مقام معين

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    3,215

    افتراضي رد: العارف بالله علي وفا أحد رجال سلسلة الطريقة الشاذلية

    اخي الكريم وفقك الله
    انا اعرف ان العارف بالله هذا اصطلاح عند الصوفية يطلقونه على من يصل مقام معين
    ولكن الاترى بانه لوقيل شيخ الطريقة فلان تحت المجهر اما كان اولى
    قال الامام المنذري رحمه الله :
    وناسخ العلم النافع :
    له أجره وأجر من قرأه أو كتبه أو عمل به ما بقي خطه ،
    وناسخ ما فيه إثم :
    عليه وزره ووزر ما عمل به ما بقي خطه .

  9. #9

    افتراضي رد: العارف بالله علي وفا أحد رجال سلسلة الطريقة الشاذلية

    جزاكم الله خير
    الـدكتور صـالح النـعيمي
    للتواصل : smm_snn@yahoo.com او smm_snn@hotmail.com

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •