تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: ما حكم الاستدلال بالعقل على مسائل الاعتقاد ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    26

    افتراضي ما حكم الاستدلال بالعقل على مسائل الاعتقاد ؟

    لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ,, يشهد الله اني احبكم في الله ,,

    افيدوني : س/ ما حكم الاستدلال بالعقل على مسائل الاعتقاد ؟
    قال الحسن : ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام .
    قال سهل : من اشتغل بالفضول حُرِم الورع .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: ما حكم الاستدلال بالعقل على مسائل الاعتقاد ؟

    عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    حياك الله أخانا الكريم وأحبك، أرجو أولا أن تبدأ أولا بتحرير مرادك - بارك الله فيك - من "الاستدلال بالعقل".
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    157

    افتراضي رد: ما حكم الاستدلال بالعقل على مسائل الاعتقاد ؟

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    هذا نص مفيد مقتبس من مقال لأحد الشيوخ الفضلاء عن تحكيم العقل في مسائل الشرع :

    اعتمد الإسلام في الوصول إلى المعرفة على طريقين اثنين:
    (1) طريق الوحي: وهو الخبر الصادق عن الله الذي بلغنا عن طريق النبوة والأنبياء .
    (2) طريق التجربة التي تجمع بين الحس والعقل، وهنا تظهر وسطية الإسلام في الجمع بين النقل والعقل .

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية يصور مذهب أهل السنة والجماعة :" العقل شرط في معرفة العلوم وكمال وصلاح الأعمال وبه يكمل العلم والعمل، لكنه ليس مستقلاً بذلك لكنه غريزة في النفس، وقوة فيها بمنزلة قوة البصر التي في العين، فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس والنار، وإذا انفرد بنفسه لم يبصر الأمور التي يعجز وحده عن إدراكها، وإن عزل بالكلية كانت الأقوال والأفعال مع عدمه أموراً حيوانية قد يكون فيها محبة ووجد وذوق كما يحصل للبهيمة فالأحوال الحاصلة مع عدم العقل ناقصة والأقوال المخالفة بالعقل باطلة " مجموع الفتاوى (3/338) .

    وليس للعقل دور في كل العلوم على السواء، فالعلوم ثلاثة أقسام :

    (1) العلوم الضرورية وهي التي لا يمكن التشكيك فيها، إذ أنها تلزم جميع العقلاء ولا تنفك عنهم كعلم الإنسان بوجوده وأن اثنين أكثر من الواحد، وكسماء فوقنا والأرض تحتنا إلى غير ذلك مما يسمى بقوانين العقل الضرورية .

    (2) العلوم النظرية : وهي التي تكتسب بالنظر والاستدلال، وهذا النظر لابد في تحصيله من علم ضروري يستند إليه حتى يعرف وجه الصواب فيه، ويدخل في هذا القسم كثير من العلوم كالطبيعيات والطب والصناعات، فهذه العقل له مجال رحب في معرفتها وإدراكها والتوسع فيها .

    (3) العلوم الغيبية : وهذه لا تعلم بواسطة العقل المجرد وحده، بل لابد للعقل إذا أراد أن يعلمها أن يكون له طريق آخر للعلم به؛ كعلمه بما يكون في البلد القاصي عنه، وعلمه بما في اليوم الآخر من بعث وحساب وجزاء، وهذا لا يعلم إلا عن طريق الخبر، ويدخل في هذا القسم كثير من مسائل الاعتقاد لا سيما التفصيلية منها، فهذه لا يستقل العقل بمعرفتها؛ بل لابد من اعتماده على الوحي . انظر ( الاعتصام للشاطبي 2/318-322) .

    هذا الموقف الوسط بخلاف ما عليه أصحاب الفرق الضالة، فمنهم من اعتمد على العقل وأعرض عن الوحي بالكلية كالفلاسفة، أو أسقط حكم الوحي عند التعارض المفترض كما هو حال أكثر المتكلمين، ومنهم من جعل الحق والصواب فيما تشرق به نفسه وتفيض به روحه وإن خالف هذا أحكام العقل الصريحة أو نصوص الوحي الصحيحة كما هو حال بعض المتصوفة . انظر ( منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد (169) .

    ولمعرفة حقيقة مجال العقل ومحدوديته ؛ فإنني أقول: إن الحواس كلها لها طاقة محدودة مقدرة معينة لا تستطيع تجاوزها فكل حاسة تتجاوز مجال قدرتها لا تصل إلى المراد ويلحقها الضرر، فعلى سبيل المثال: العين تبصر وترى الأشياء لكنها رغم سلامتها لا تستطيع أن ترى الميكروبات الدقيقة رغم أنها موجودة، ولا تستطيع الأشعة تحت الحمراء أو فوق البنفسجية وهكذا، فإنها لها مجال وقدرة محددة، وإذا أرادت أن تخرج عن هذا أصابها الضرر ولم تحقق المقصود، فلو أن إنساناً أصرّ على أن يعرف حقيقة الشمس بعينه وحدّق فيها في وقت الظهيرة؛ فإنه لن يصل إلى مبتغاه وسوف يضر عينه، وهكذا بقية الحواس كالأذن وغيرها .

    والعقل كذلك له طاقة وقدرة محددة ولا يستطيع أن يخضع كل المعارف وحقائقها لقدرته، فإن الناس يؤمنون ويسلمون بأمور لا تدركها حواسهم ولا تحيط بها عقولهم، فعلى سبيل المثال الجاذبية الأرضية تقبلها العقول وإن كانت لا تستطيع معرفة حقيقتها، والكهرباء عبارة عن انتقال الإلكترونات من القطب السالب للموجب لكن تعجز العقول عن معرفة كنه ذلك، وكذلك العقل يرى السراب وتعطيه الحواس أن ما تراه ماءً؛ ولكنه من واقع التجربة ينكر دلالة الحواس، ومثل ذلك القلم إذا وضع في الماء بدا منكسراً ومتعرجاً وهو ليس كذلك .

    ومن هنا فإن العقل له دائرة لا يستطيع أن يخضعها لمجال عمله ومن ذلك أمور الغيب، ويمكننا أن نقول: إن ما دخل في دائرة الغيب خرج من دائرة العقل؛ فعلى سبيل: المثال الميت إذا وضع في قبره ردت إليه روحه وجاءه الملكان فيجلسانه ويسألانه كما هو معروف في نص الحديث الصحيح، فكيف هي عودة الروح؟، ولماذا لا يصيح الميت ويطلب الخروج؟ وكيف يفسح له في قبره مدّ بصره إذا كان من أهل النعيم؟ كل ذلك لا يمكن تفسيره ومعرفته بالعقل، فالعقل مجال عمله دائرة الشهادة وأما الغيب فلا، ومثل ذلك يمكن أن يقال في مثال أقرب؛ وهو مثال الرؤى التي يراها النائم، وكيف نستطيع أن نفسر أن النائم إذا رأى في المنام أنه يجري استيقظ وهو يلهث ؟ ما صلة الرؤية بعالم الشهادة ؟، وإذاً المطلوب في أمور الغيب مادامت جاءت من طريق الوحي أن يقبلها العقل ويسلم بها ولا يخوض في معرفة كنهها، ولو فعل ذلك لما وصل إلى نتيجة ولأضر ذلك بعقله، كما قلنا بشأن العين عندما تحدق في الشمس، وهذا الذي للفلاسفة وغيرهم ممن أرادوا أن يعرفوا بعقولهم ما وراء عالم الشهادة .

    وفي ضوء هذا نفهم قوله سبحانه وتعالى: "والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يتذكر إلا أولو الألباب" [آل عمران:7]، وعلى هذا كان السلف الصالح رضوان الله عليهم، وقفوا بعقولهم عند حدها ولم يخوضوا بها في ميادين الغيب الفسيحة، حيث لم يدخلوا في التفكير في ذات الله، ولا في كنه وكيفية صفاته، وزجروا عن ذلك ومنعوا منه؛ فسلموا من الشكوك والشبهات واطمأنت قلوبهم بالإيمان واليقين .

    سُئل الإمام ابن خزيمة عن الكلام في الأسماء والصفات، فقال : " ولم يكن أئمة المسلمين وأرباب المذاهب أئمة الدين، مثل: مالك، وسفيان، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، ويحيى بن يحيى، وابن المبارك، وأبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، وأبي يوسف يتكلمون في ذلك وينهون أصحابهم عن الخوض فيه،ويدلونهم على الكتاب والسنة " .

    وقال الأوزاعي لما سُئل عن حديث النـزول: " يفعل الله ما يشاء " .

    وقال الفضيل بن عياض : " إذا قال لك الجهمي: أنا أكفر برب يزول عن مكانه؛ فقل: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء " .
    (أقاويل الثقات ص 62 - 63 ) .

    وقال صاحب الطحاوية : " فإنه ما سلم في دينه إلا من سلّم لله -عز وجل- ولرسوله – صلى الله عليه وسلم- ورد علم مشتبه عليه إلى عالمه" قال الشارح أي :"سلّم لنصوص الكتاب والسنة، ولم يعترض عليها بالشكوك والشبه والتأويلات الفاسدة...." فالواجب كمال التسليم للرسول – صلى الله عليه وسلم- والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق دون أن نعارضه بخيال باطل نسميه معقولاً، أو نحمله شبهة أو شكًّا، أو نقدم آراء الرجال وزبالة أذهانهم، فنوحد بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان، كما نوحد المرسِل بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل " .

    وقال الطحاوي : "ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام" قال الشارح: "أي لا يثبت إسلام من لم يسلم لنصوص الوحيين، وينقاد إليها، ولا يعترض عليها، ولا يعارضها برأيه ومعقوله وقياسه " .

    روى البخاري عن الإمام محمد بن شهاب الزهري -رحمه الله- أنه قال: "من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التسليم" .
    وهذا كلام جامع نافع "(شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ص216-217-219) .

    والذين يقولون بتحكيم العقل نحاجهم بالعقل نفسه؛ فنقول: إن العقول تقر وتسلم بأن بينها تفاوتاً واختلافاً، في قوتها وقدرتها، فأي عقل هو الذي سيكون المرجع الذي يحتكم إليه عند معارضته للنص؟، ولماذا يسلم لعقل إنسان من البشر ؟، ثم إن العقل نفسه يغير في نظره وحكمه بحسب ما يجدّ له من معرفة أو ما يتوصل إليه بعد المراجعة والتأمل، ومعنى ذلك أننا سنأخذ اليوم قولاً وربما في الغد يأتينا العقل بقول آخر، وهناك أيضاً من خلال تفاوت العقول ستكون لدينا آراء وأقوال كثيرة وهذا يفضي إلى الاضطراب والحيرة، ثم أحياناً يكون بين آراء تلك العقول متناقضات لا يمكن الجمع بينها، والتجربة تشهد أن الذين خاضوا في تحكيم العقل وتحكّمه في النص ضلوا وبعضاً منهم رجعوا وأقروا بخطأ هذا المنهج ولزوم التسليم للشرع المعصوم .

    وأخيراً فإنه لابد من اليقين بأن ماجاء به الشرع المعصوم هو الكمال المطلق الذي تتحقق به المصالح وتندفع به المفاسد ويتفق مع الفطر السليمة والعقول الرشيدة، وأنه يحق لنا أن نحمد الله -عز وجل- على نعمة الدين والعقل معاً إذا كان عقلنا على منهج الصواب في ديننا، فكل ما حرمه الإسلام شهدت العقول بمضرته وتقدم العلوم يكشف المزيد لكل ذي عقل حصيف، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى، ومنها تحريم الخمر ولحم الخنـزير والربا والسفور والاختلاط، ولا بد أن نسلم ونقتنع بعقولنا أن مخالفة الشرع تحصل بها المفاسد وتتكدر بها الحياة كما قال تعالى :"ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً" [طه:124].
    ومن نعمة الله على أهل الإسلام أنه كفاهم أمر الغيب، فأنزل عليهم القرآن وتكفل بحفظه وأرسل إليهم الرسول – صلى الله عليه وسلم- وحفظ سنته فكفاهم أمر الغيب والدين والعبادة حتى لا ترهق عقولهم بالبحث فيما لا تستطيع وحتى تفرغ عقولهم للتفكير في شؤون دنياهم واستخراج خيرات الأرض .
    ولذا ينبغي البعد عن خوض العقول في هذه المتاهات الغيبية، بل ينبغي الترفع عن إشغال العقول في المسائل الجدلية التي لا طائل من ورائها .
    قال ابن حجر في هذا السياق: "ومثله الإكثار من التفريع على مسألة لا أصل لها في الكتاب ولا السنة ولا الإجماع وهي نادرة الوقوع جداً، فيصرف فيها زماناً كان صرفه في غيرها أولى ... وأشد من ذلك في كثرة السؤال البحث عن أمور مغيبة ورد الشرع بالإيمان بها مع ترك كيفيتها... وأشد من ذلك ما يوقع كثرة البحث عنه في الشك والحيرة" (فتح الباري 13/267)
    مَنْ كانَ مِنْ أهلِ الحَديثِ فإنهُ ... ذو نـَضرةٍ في وَجههِ نورٌ سَطَعْ
    إنَّ النبيَّ دَعا بنضرةِ وَجهِ مَنْ ... أدَّى الحَديثَ كَما تحَمَّلَ واستَمَعْ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •