بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان ... إلى يوم الدين ..
هذه ورقات ترجع حروفها الأولى إلى بضع سنوات ... يوم بدأت معرفتي بصنف من الدعاة يركّزون في القلوب معاني توحيد الربوبية ! ثم استمرّت حروف المعرفة بتنقيط عجيب إلى أن تعرّفت على صنف آخر من الدعاة يشبه الأوّل !؟
و قد كنت أنوي كتابة بحث أكمل من هذا .. و لكن بعض الأساتذة و الإخوة في موقفهم من الكرامات ..و طريقة مقاربتهم لأهميتها قد حرّضوني على العجلة .. برغم تأخر عجلتي عن موضوع كرامات شيخ الإسلام في ذلك المنتدى ...
و لا بد من الاعتراف بأن حركات العنوان لا تصح بدقة إلا في محل إعراب واقعنا الفاسد و إيماننا الراكد .. ؟!
نعم ! فعندما يشتدّ الانحراف ... يُرى التصحيح غلوّاً و تطرفاً ! لا لأنه كذلك .. و لكن لأنه هكذا يظهر للناظر المتأثّر بهذا الواقع الرابض ..! مهما حاول أن ينأى بالنفس عن الأحكام ! إلا ما رحم ربي !؟
و كذلك لأن علاج المريض الشديد العلة يختلف حقيقةً عن علاج غيره .. كما سنرى !
خاصة إذا تذكرنا مدى شدة تغير المفاهيم الشرعية و ما يعبر عنها من المصطلحات و الألفاظ ... !؟ حتى القرآنية منها !؟! .. كما رأينا من قبل هنا :
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=16669
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=13215
...
تجد من أخذه العمل لساعات طويلة من نفسه و أهله و واجباته تجاه دينه ... فيقول لك : العمل عبادة ! و الأخذ بالأسباب واجب !
و آخر يلقي حتى ببناته في الكد لطلب العلوم الكونية و غيره .. فتذكره بواجباتهم التي أقلها الجهاد الدعوي لا القتالي - و قد وجب الاثنان .. و حال المسجد الأقصى كمثالٍ فقط لا يخفى - فيتذرع بذرائع " شرعية " : " طلب العلم .. و فرض الكفاية ... .... " .. و ما هو إلا جاذبية الدنيا .. و حاله و أعماله شاهدة !
و آخر مشغول بالكماليات : يريد أفضل سيارة .. و أفخم بيت .. و أجمل زوجة ..
و آخر - و تلك الطامة الكبرى - من طلاب العلوم الإسلامية .. ممن لا يزكي علمه بالدعوة و الإفادة .. و يظل مشغولاً بنوافل دقائق العلوم عن واجباته الدعوية ! .. و فوق ذلك كله يهاجم أهل التضحية بالشهوات .. بالأدلة " العلمية " عن الأسباب و ترك الأسباب !؟! ..
و حال المسلمين و العالم ما هو معروف صاعق محزن عجيب !
و تسنح فرصة لكثير منهم لسماع كلام المضحين .. أهل اليقين .. فيتأثرون .. و يشتاقون .. لحال أولئك الزاهدين المجاهدين .. و لكن !
و لكن ما أسهل أن يتدخل الأخفى الذي يقبع في غَيَابة النفس ليغير كل شيء :
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=13910
يغيّر إن احتاج معاني الألفاظ ..
يغيّر إن احتاج " تحقيق مناطها " قائلا مثلاً بلسان حاله عن آيات الجهاد : إن علتها الصحابة .. و عن آيات الإنفاق : إن علتها الثراء .. !؟!
يغيّر إن احتاج ترتيب الأولويات .. و ترجيح المرجوحات .. بالرغبات لا بفقه الموازنات !
يتكلم الكلام العام غافلاً عن هذه الحال من حيث هي في واجبنا تجاهها ... ثم من حيث حال كل فرد فرد منا و نيته و إيمانه الذي لا يغني عنه صلاح حال الأمة و العالم .
نعم !إنه بإزاء وضع كهذا :
اشتدّ فيه تعلقنا بالدنيا و بأسباب الرفاهية و الكماليات التي أعربت إعراب الضروريات ..
ثم اشتدّ حتى تترسنا بالشريعة نفسها في تسويغ انحرافاتنا ..
لا بد من صيحة نرى فيها هذا العنوان الصارخ حقّاً ..! من حيث واقعنا الجماعي .. ثم من حيث واقعنا الفردي القلبي تربيةً !؟! أي مجازاً ثم حقيقة !!
و ما بينهما أدلةٌ كثيرة تتدرّج :
من مجاز العبارة أي إثبات أن ما يظن تركاً للأسباب ليس تركاً بالمعنى المذموم .. بل هو أربعة أخماس الجهاد !
و إلى حقيقة الدعوى نفسها " التوكّل هو ترك الأسباب "
و هنا أدركني اللهاث .. فأوقفني عن المحراث , و لصعق الأذهان بالدعاوى الكبار توقف القلم عن الصريف ! فسامحوني !