سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
في حديثٍ عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- :"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" [ رواه مسلم] . بعد سماع هذا الحديث أجد أن كلمة "العلم" تحتمل إحتمالين :
الأوّل: العلم الشرعيّ .
الثاني : العلم العام (شرعيّ ومدنيّ) .
إن كان الجزم بأنّ معنى "العلم" هو الإحتمال الأوّل بودّي أن يفيدني أحدٌ بإسم من يقول بذلك من كبار العلماء _القدماء , وإن كان الإحتمال الثاني , فلابأس بذلك ينفتحٌ الموضوع أكثر على تساؤلٍ آخر لي , أودّ أن تلحقنا الفائدة به جميعا.
قرأت موضوعا هنا يتناول العلماء المسلمين بكافة طوائفهم وإختلاف مذاهبهم : منهم الزنديق منهم الفاسق ومنهم من دون ذلك. هنالك أسما ذكرت مثل: إبن سيناء , الفارابي , الخوارزمي . قد قرأت عن مقولات إبن سيناء الشنيعة والفارابي الغريبة ولكنّي لم أقرأ كثيرا أو لم أعلم شرّا كثيرا عن الخوارزمي , صاحب الجبر , قرأت بالموضوع بأنّه كان منجّما وشيئا غير ذلك وكلّ ذلك مستمدّ من كتاب ذُكر في أوّل الموضوع . مافهمته بأنّ أغلب العلماء المذكورين أتّهموا من عدّة أوجه :
الوجه الأوّل: الزندقة بالقول والعمل .
الوجه الثاني: ترجمة كتب الفلاسفة .
الوجه الثالث: إبطان المعتقدات الضالة.
بخصوص الوجه الأوّل: نعرف جميعا ماذا كان يقوله إبن سيناء والفارابي لذلك لاأعتقد بأنّ هنالك إتحمال وارد للرغبة بالدفاع عنهم سوى الإقرار بما تركوا من علم فقط .
بخصوص الوجه الثاني: تعرفون أن الترجمة لم ينكرها الكثير من علماء المسلمين في ذلك العصر وأنّها حصلت بتزكية من وليّ الأمر وقتها (المأمون) وترجمة كتب الكفّار لازالت موجودة ومنها ماأتى بشيءٍ من المُنكر لكن ذلك لايطعن في عقيدة أحدهم , كذلك قولنا في إبن المقفّع بالنسبة للترجمة , لانتّهمه إلا فيما جاء بأقواله أو أفعاله أمّا الترجمة لاأعتقد بأنّ المسلم له الحقّ في الإتّهام وفق الترجمة فقط , وإن كان قد فعلها حميّة لأصله الفارسي , فإن العرب كانت تنقل وتدوّن أخبار العرب الأوائل حميّةً لهم ولم ينكر أحدٌ عليهم ذلك.
بخصوص الوجه الثالث:لانملك القدرة على معرفة ماكان فلان يبطن في صدره من معتقد , حتّى الصحابة -رضوان الله عليهم- لم يتبيّنوا بالجزم المنافقين الذين كانوا مع الصحابة وكانوا يعدّون منهم .
بخصوص مالحق بعضهم من كفر , نعلم أنّ أغلب العلماء لم يكفّروا أحدا من أهل القبلة إلا القلّة ومنهم "الجهميّة" هنالك من قال بكفرهم رغم شهادتهم "أن لاإله الا الله" وذلك لإنكارهم بالصريح : تكليم الله لموسى , وغير ذلك مما جاء صريحا بالقرآن , وغير ذلك من أمور ومتشابهات وبدع لم يلحقهم أي تكفير أو تنقيص ؛ فقد كان الشافعيّ يسمع لأهل الأهواء إلا "الخطابيّة" . وإبن تيميّة إنّما كان يردّ على معتقداتهم لإثبات الحقّ ولم يكن يتّهمهم في عقيدتهم بل يسفّه آراؤهم . ماأريد الوصول إليه هو الخوارزمي وأريد أن أسأل: هل عنى إبن تيميّة -رضي الله عنه- الخوارزمي بقوله ؟ , أنّهم علموا العلوم الطبيعيّة لبعدهم عن العلم الشرعيّ . وبخصوص التنجيم : نعلم جميعا بأنّ هنالك علماء يعرفون حساب الأشهر ودخول الفصول وأسماء الأنواء ويعرفون حلّ موسم الهطل والحصاد وغير ذلك لكنّهم عندما يوردون ذلك يوردونه على أنّه تنجيمٌ ونحو ذلك وقد أجد ذلك فيما نسب عن الخوارزمي كونه أحد المنجّمين . ولاننسى ,كتابه "الجبر والمقابلة" نفع الله به المسلمين , ولانملك أيّ لبس صريح في عقيدته , هل نقول بأنّ الحديث لايشمله ؟.