كيف يسمح هؤلاء لأنفسهم بفرض أنفسهم على النّاس بدعوى (القوميّة) والحرب مع إسرائيل؟، أم كيف تطاوعهم أنفسهم في قتل كلّ من خرج ليحتجّ على فسادهم وعلى احتكارهم للسّلطة ونهبهم للثّروات؟، والله إنّ إسرائيل لأرأف بعدوّها منهم بالشّعب الذي صبر على ظلمهم عقودا طوالا، فهذا نظام البعث يعيث في سوريّة فسادا وقمعا يسحل كلّ من خرج يطلب الحرّيّة، ويطالب بالكرامة معبّرا بطريقة سلميّة عن الرّفض لاغتصاب السّلطة عبر التّوارث في نظام يدّعي ((الجمهوريّة)) و((القوميّة)) و((المقاومة))، وهذا نظام ((النّظريّة الثّالثة)) يستعمل كتائب ((اللّجان المجرمة)) ويستقدم المرتزقة من ((دول الجوار)) لقمع الشّعب بوحشيّة فظيعة، وسلبه حقّ العيش الكريم بل حقّ الحياة بكلّ جرأة على الشّرائع الدّينيّة والقوانين الوضعيّة والأعراف السّياسيّة والإنسانيّة، وكأنّ الأمّة عقرت عن إنجاب خيار لتدبير أمورها العامّة إلاّ هما، وكأنّ لسان حالهما يقول: (ليحيى القائد الظّاهرة بموت الشّعب)، أو يقول: (ليعش السّيّد الرّئيس، لتبقى الحكومة، وليرحل الشّعب)، إنّ الوقائع والأحداث قد تجاوزت الأنظمة الفاسدة المتهرّئة بسّفّاحيها وزبانيتهم، وإنّ انتفاضة الشّعب ستوجّه حتما دفّة الزّمان مثلما توجّه الرّياح أشرعة السّفنَ لتقتلع المحتّل مثلما ستزيح من أمامها كلّ مختّل بالتّطبيع والتّضبيع، أو متّسلّط مستبدّ، لقد أنضجت تلك الوقائع والأحداث وعي النّاس وجعلتهم يدركون بالبديهة أنّ حكم الأسرة، أو العشيرة، أو الطّائفة هو عدوّ الوطن والمواطنة، هو عدوّ الحرّيّة وعدوّ المستقبل، هو حليف الاحتلال وسبب التّخلّف، بل مدعاة للتّجزئة والتّسكّع للشّحذ على أبواب (الأسياد) بلندن وباريس، بواشنطن وموسكو، على الشّعب بسوريّة وليبيا أن يصمد في استئصال هذين الورمين الخبيثين، فعلاج هذين المعضلتين مرّ بالتّأكيد، والحرّيّة لا تتحقّق إلاّ بالتّضحيّة، فسقوط هذين الصّنمين، وتقديم هذين الطّاغيتين هما وزبانيتهما للمحاكمة سيكون فتحا على الأمّة كلّ الأمّة، وسيكون إيذانا بالفرج وبداية النّهاية للقطريّة والتّجزئة والتّخلّف، سجّلوا يا معشر الثّوّار أحداث ثورتكم، وثّقوا جرائم هذين السّفّاحين بالوسائل القانونيّة ليحاكمهم التّاريخ، لتحاكمهم الإنسانيّة، ليكونوا مضرب مثل لكلّ طاغية لكلّ مستبدّ ولكلّ سفّاح مجرم، والله المستعان وهو أرحم الرّاحمين