قال العلاّمةُ بكر أبو زيد - رحمه الله - في هجر المبتدع ص 48 . 49 المبحث التاسع : ((عقوبة من والى المبتدعة)) :
كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق فالساكت عن الحق شيطان أخرس كما قال أبو علي الدقاق (م سنة 406 هـ) -رحمه الله تعالى- .
وقد شدد الأئمة النكير على من ناقض أصل الاعتقاد فترك هجر المبتدعة ،وفي معرض رد شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- على (الاتحادية) قال :
( ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم ، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم ،أو عظم كتبهم ، أو عرف بمساعدتهم أو معاونتهم ، أو كره الكلام فيهم ، أو أخذ
يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدري ما هو ؟ أو من قال : إنه صنف هذا الكتاب ؟وأمثال هذه المعاذير ، التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق بل تجب عقوبة كل من
عرف حالهم ، ولم يعاون على القيام عليهم ، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات ، لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك
والأمراء ، وهم يسعون في الأرض فساداً ويصدون عن سبيل الله ... ) .
فرحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية وسقاه من سلسبيل الجنة آمين ، فإن هذا الكلام في غاية الدقة والأهمية وهو وإن كان في خصوص مظاهرة (الاتحادية) لكنه
ينتظم جميع المبتدعة ، فكل من ظاهر مبتدعاً فعظمه أو عظم كتبه ، ونشرها بين المسلمين ، ونفخ به وبها ، وأشاع ما فيها من بدع وضلال ، ولم يكشفه فيما لديه من زيغ واختلال في الاعتقاد ، إن من فعل ذلك فهو مفرط في أمره ، واجب قطع شره
لئلا يتعدى إلى المسلمين .
وقد ابتلينا بهذا الزمان بأقوام على هذا المنوال يعظمون المبتدعةَ وينشرون
مقالاتهم ، ولا يحذرون من سقطاتِهم وما هم عليه من الضّلال ، فاحذر أبا الجهل
المبتدع هذا ، نعوذ بالله من الشقاء وأهله . انتهى بحروفه .
قلتُ :
- " منْ عَمِلَ عَملاً ليس عليه أمرُنَا فَهوَ ردٌّ " حديث متفق عليه . قال الشوكاني (( رحمهُ اللهُ)) : المرادُ بالأمر هُنَا واحد الأمور ، وهو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابُهُ ...وهذا الحديثُ مِنْ قَوَاعِدِ الدِّين ، لأنّهُ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ منَ الأَحْكَامِ ما لا يَأْتِي عليهِ الحَصْرُ . ومَا أصْرَحَهُ وأدلّهُ عَلَى إبْطَالِ مَا فَعَلَهُ الفُقَهَاء مِنْ تَقسِيمِ البِدَعِ إلى أقْسَام ، وتَخْصِيص الرّدّ بلاَ مُخَصِّص منْ عَقْلٍ ولاَ نَقْلٍ ، فَعَلَيْكَ إذَا سَمِعْتَ مَنْ يَقُولُ هذِه بدْعَةٌ حَسَنَةٌ بالقِيامِ مقَامَ المَنْعِ مُسْنِداً لهُ بِهَذِه الكُليّة وما يُشَابِهُها من نحو قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : " كلّ بدعَة ضلالة " ، طَالِباً لِدَلِيلِ تَخْصيص تِلك البدْعة التي وقَعَ النِّزاعُ فِي شأْنِها بعد الاتفاق عَلَى أنّها بِدعة ، فَإنْ جَاءَكَ بهِ قَبِلْتَهُ ، وإن كَاعَ [يعني جَبُن وخاف] كُنتَ قَدْ ألْقَمْتَهُ حجراً واسْتَرَحْتَ منَ المُجادَلَةِ ... فَلْيَكُنْ مِنْكَ هذا على ذُكْرٍ . اهـ [ نيل الأوطار ج 1 ص 589 ط دار الكلم الطّيب ]
استلّ هذه الفائدة ربيع بن المدني الأديب / غفر الله له ولوالديه وللمسلمين آمين