تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: « من أعلام المجددين الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب » لصـاحب الفضيلة العلامة الفوزان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي « من أعلام المجددين الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب » لصـاحب الفضيلة العلامة الفوزان

    بسم الله الرحمن الرحيم



    « من أعلام المجددين : الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب »

    لصـاحب الفضيلة شيخنا العلامـة صـالح بن فوزان الفوزان
    - حفظه الله ورعاه -




    [ فهرس الموضوعات ]

    - التعريف بشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب

    - رحـلاتـه

    - حالة المسلمين عند ظهور دعوة الشيخ محمـد بـن عبد الوهاب

    - عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

    - بدء دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله

    - أصول دعوة الشيخ رحمه الله

    - المراحل التي مرت بها دعوة الشيخ محمد

    - المراجع التي يعتمد عليها الشيخ رحمه الله وعلماء الدعوة من بعده

    - ثمرات دعوة الشيخ محمد بن عبد الـوهاب -رحمه الله- وآثارها

    - الشبه التي أثيرت حول دعوة الشيخ والرد عليهـا



    = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

    « التعريف بشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- » :

    هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف النجـدي التميمـي ، ولـد سـنة 1115 هـ ، ونشأ في بيت علم . فوالده من علماء البلاد وتولى القضاء في عدة جهات ، وجده الشيخ سليمان كان عالما جليلا وإماما في الفقه وهو المفتي في البلاد في وقته ، وقد تخرج على يديه عدد كثير من العلماء وطلبة العلم . وعمه الشيخ إبراهيم بن سليمان كان من أجلة العلمـاء فنشـأ الشيخ محمد في هذا الجو العلمي وكان حاد الذهن متوقد الذكاء سريع الحفظ ، حفظ القرآن الكريم قبل سن العاشرة ، ودرس على والده كتب الفقه الحنبلي . وكان كثير المطالعة والقراءة للكتب إلى جـانب قراءته على والده ، فقرأ في كتب التفسير والحديث والأصول ، وعني عناية خاصة بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وكتب العلامة ابن القيـم ، وكان لكتب هذين الإمامين أكبر الأثر في تكوين شخصيته العلمية المتميزة والأخذ بيده إلى مصادر العلم الصحيحة ، فتكون لديه الاتجـاه السليم منـذ صـغره وتركزت في قلبه العقيدة الصحيحة وتخرج على كتب هـذين الإمـامين المحققين .

    « رحـلاتـه » :
    ولما استوعب ما يدرس في بلدته من علوم الفقـه والعربية والحديث والتفسير تطلع إلى الزيادة وعزم على الرحلة إلى علماء البـلاد المجـاورة للاستفادة من علومهم فرحل إلى البصرة وإلى الأحساء وإلى مكة والمدينة والتقى بعلماء تلك البلدان وأخذ عنهم واستحصل على الكتب والمراجـع ، ولنترك المجال لحفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن ليحدثنا عـن تلك الرحلات المباركة .

    قال: إنه نشأ في طلب العلم وتخرج على أهله في سن الصبا . ثـم رحل لطلب العلم إلى البصرة مرارا وللأحساء ثـم إلى المدينة ثـم قال في تفصيل ذلك:

    فظهر شيخنا بين أبيه وعمه . فحفظ القرآن وهو صغير وقرأ في فنون العلم وصار له فهم قوي وهمة عالية في طلب العلم . فصار يناظر أباه وعمه في بعض المسائل بالدليل على بعض الروايات عن الإمام أحمـد والوجوه عن الأصحاب . فتخرج عليهما في الفقه وناظرهما في مسـائل قرأها في الشرح الكبير والمغني والإنصاف لما فيها من مخـالفة ما في متن المنتهى ، والإقناع - وعلت همته إلى طلب التفسير والحديث . فسافر إلى البصرة غير مرة كل مرة يقيم بين من كان بها من العلماء فأظهر الله لـه من أصول الدين ما خفي على غيره . وكذلك ما كان عليه أهل السنة في توحيد الأسماء والصفات والإيمان - إلى أن قال: فصـنف في البصرة كتاب التوحيد الذي شهد له بفضله بتصنيفه القريب والبعيد ، أخـذه من الكتب التي في مدارس البصرة من كتب الحديث - إلى أن قـال: ثـم إن شيخنا -رحمه الله تعالى- بعد رحلته إلى البصرة وتحصيل ما حصل بنجد رحل إلى الأحساء وفيها فحول العلماء منهم عبد الله بن فيروز أبو محمد الكفيف ، ووجد عنده من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيـم ما سر به ، وأثنى على عبد الله هذا بمعرفته بعقيدة الإمام أحمد ، وحضر مشائخ الأحساء ومن أعظمهم عبد الله بن عبد اللطيف القاضي فطلب منه أن يحضر الأول من فتح الباري على البخاري ويبين له ما غلط فيه الحافظ في مسألة الإيمان وبين أن الأشاعرة خالفوا ما صدر به البخاري كتابه من الأحاديث والآثار ، وبحث معهم في مسائل وناظر ، وهذا أمر مشهور يعرفه أهل الأحساء وغيرهم من أهل نجد - إلى أن قال: ثم إن شيخنا -رحمه الله تعالى- ، وقد تبين له بما فتح الله تعالى عليه ضلال من ضل باتخاذ الأنداد وعبادتها من دون الله في كل قطر وقرية إلا من شاء الله ، فلما قضى الحج وقف في الملتزم وسأل الله تعالى أن يظهر هذا الدين بدعوته وأن يرزقه القبول من الناس ، فخرج قاصدا المدينة مع الحاج يريد الشام فعرض له بعض سراق الحجيج فضربوه وسلبوه وأخذوا ما معه وشجوا رأسه وعاقه ذلك عن سيره مع الحجاج فقدم المدينة بعد أن خرج الحاج منها فأقام بها وحضر عند العلماء إذ ذاك منهم / الشيخ محمد حياة السندي وأخذ عنه كتب الحديث إجازة في جميعها وقـراءة لبعضها ووجـد فيهـا بعض الحنابلة منهم الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف وابنه. فكتب كتاب الهدي لابن القيم بيده وكتب متن البخاري وحضر في النحو وحفظ ألفية ابن مالك .

    حدثني بذلك حماد بن حمد عنه -رحمهما الله- ، ثـم رجع إلى نجد وهم على الحالة التي لا يحبها الله - انتهى المقصود ((الدرر السنية )) (9 \ 215 - 216.) .

    فأنت ترى أيها القارئ من هذا السياق قوة الأسباب التي بذلها الشيخ لتحصيل العلم: ، كثرة الحفظ وكثرة القراءة والاطلاع وكثرة الرحلات في طلب العلم للتلقي عن العلماء مع شدة الذكاء والنية الصالحة - إن هذه الأسباب مع توفيق الله تعالى كفيلة بتوفر التحصيل وهذا ما حصل .


    = = = = = = = = = =

    « حالة المسلمين عند ظهور دعوة الشيخ محمـد بـن عبد الوهاب » :

    لقد ذكر المؤرخون كابن غنام وابن بشر ، وغيرهما عن حالة أهل نجـد خصوصا - والعالم الإسلامي عموما - الشيء الكثير من ظهور البـدع والخرافات والشركيات والجهل بحقيقة الدين الصحيح . ففي نجد كانت القبور والأشجار والأحجار والمغارات تعبـد مـن دون الله بـأنواع مـن القربات ، وفي الحجاز واليمن وغيرها من البلاد من ذلك الشيء الكثير ، يقول العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في قصيدة له يصف المظاهر الشركية في البلاد الإسلامية وهو معاصر للشيخ محمد وقد وصف ما يفعل ويمارس حول القبور من الشرك الأكبر ويثني على دعوة الشيخ:

    وقد جاءت الأخبـار عنـه بـأنه * * * يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي
    وينشر جهرا ما طوى كل جاهل * * * ومبتدع منـه فـوافق مـا عنـدي
    ويعمـر أركان الشريعـة هـادما * * * مشاهد ضل الناس فيها عن الرشد
    أعادوا بها معنـى سـواع ومثلـه * * * يغـوث وود بئس ذلك مـن ود
    وقد هتفوا عند الشدائد باسمها * * * كما يهتف المضطر بالصمد الفرد
    وكم عقروا في سوحها من عقيرة * * * أهلت لغير الله جهرا على عمد
    وكم طائف حول القبـور مقبـل * * * ومستلـم الأركان منهـن بـاليد


    ويقول الإمام الشوكاني وهو من المعاصرين لدعوة الشيخ أيضا- يقول في وصف ما يفعل عند القبور من الشرك: وكم قد سرى عند تشييد أبنيـة القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام . منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام ، وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفـع ودفع الضرر فجعلوها مقصدا لطلب قضـاء الحـوائج وملجـأ لنجـاح المطالب ، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم وشـدوا إليهـا الـرحال وتمسحوا بها واستغاثوا ، وبالجملة إنهم لم يـدعوا شـيئا ممـا كانـت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ومع المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا نجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف لا عالما ولا متعلما ولا أميرا ولا وزيرا ولا ملكا ، وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه أن كثيرا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجرا - فإذا قيل له بعد ذلك: احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني تلعثم وتلكأ وأبى واعترف بالحق ، وهذا من أبين الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة ، فيا علماء الدين ويا ملوك المسلمين أي رزء للإسلام أشد من الكفر ، وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله ، وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة ، وأي منـكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجبا:

    لقد أسمعت لو نـاديت حيـا * * * ولـكن لا حيـاة لمن تنـادي
    ولو نارا نفخت بها أضـاءت * * * ولـكن أنـت تنفـخ في رمـاد

    انتهى (( نيل الأوطار )) (4 \ 90) .


    وقد ألف كل من هذين الإمامين رسالة في التحذير من هذا الشرك الذي فشا في البلدان في عصرهما فألف الصنعاني رسالة اسمها تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد ، وألف الشوكاني رسالة اسمها شفاء الصدور بتحريم البناء على القبور . وكلتا الرسالتين مطبوع ومتداول . وفي هذا الجو المظلم ظهر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بالعقيدة السليمة والدعوة المستقيمة- ونسوق الآن عقيدته التي كتبها لمن سأله عنها:



    « عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- » :

    قال -رحمه الله- جوابا لمن سأله عن عقيدته[ انظر (( الدر السنية )) (1 \ 28 -30 ) ] :

    بسم الله الرحمن الرحيم


    أشهد الله ومن حضرني من الملائكة وأشهدكم أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسـله والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر خيره وشره ، ومن الإيمان بالله الإيمـان بما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم مـن غيـر تحـريف ولا تعطيل ، بل أعتقد أن الله سبحانه وتعـالى ليس كمثلـه شيء وهـو السميع البصير ، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه ، ولا أحرف الكلم عن مواضعه ولا ألحد في أسمائه وآياته ، ولا أكيف ولا أمثل صفاته تعـالى بصفات خلقه لأنه تعالى لا سمي له ولا كفو له ولا ند له ولا يقاس بخلقه فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلا وأحسن حديثا . فنزه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل فقال: (( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) [ سورة الصافات 180-182]والفرقة الناجية وسط في باب أفعاله تعالى بين القدرية والجبرية .

    وهم وسط في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية ، وهـم وسط في باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة ، وبين المرجئة والجهمية ، وهم وسط في باب أصحاب رسـول الله صلى الله عليه وسلم بين الـرافضة والخـوارج ، وأعتقد أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود ، وأنه تكلم به حقيقة وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم -، وأؤمن بأن الله فعال لما يريد . ولا يكون في ملكه شيء إلا بإرادته ولا يخرج شيء عن مشيئته ، وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره ولا يصدر إلا عن تدبيره ، ولا محيد لأحد عن القدر المحدود ، ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور ، وأعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- مما يكون بعد الموت . فأؤمن بفتنة القبر ونعيمه وبإعادة الأرواح إلى الأجساد ، فيقوم الناس لرب العالمين حفاة عراة غرلا . تدنو منهم الشمس وتنصب الموازين وتوزن بها أعمال العباد (( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ )) [سورة المؤمنون: 102- 103 ]

    وتنشر الدواوين . فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله ، فأؤمن بحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعرصة القيامة ماؤه أشد بياضا مـن اللبـن وأحلى مـن العسل ، آنيته عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لـم يظمأ بعـدها أبدا . وأؤمن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم يمر به الناس على قدر أعمالهم . وأؤمن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أول شافع وأول مشفع ولا ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال ، ولكنها لا تكون إلا بعد الإذن والرضى ، كما قال تعالى : (( وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى )) [ سورة الأنبياء : 28 ] وقال تعالى : (( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ )) [سورة البقرة : 255]وقال تعالى : (( وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ))[سورة النجم : 26] وهو لا يرضى إلا التوحيد ، ولا يأذن إلا لأهله ، وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب كما قال تعالى : (( فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ )) [سورة المدثر: 48 ].

    وأؤمن بأن الجنة والنار مخلوقتان ، وأنهما اليوم موجودتان ، وأنهما لا يفنيان ، وأن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة كما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته ، وأؤمن بأن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين ، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته ، وأن أفضل أمته أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق ، ثم عثمان ذو النورين ، ثم علي المرتضى ، ثم بقية العشرة ثم أهل بدر ، ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان ، ثم سائر الصحابة -رضي الله عنهم- ، وأتولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكر محاسنهم وأترضى عنهم وأستغفر لهم وأكف عن مساويهم ، وأسكت عما شجر بينهم وأعتقد فضلهم عملا بقوله تعالى : (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )) [سورة الحشر : 10 ].

    وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء ، وأقـر بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات . إلا أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئا ، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله . ولا أشهد لأحـد مـن المسلمين بجنة ولا نار إلا من شهد لـه رسـول الله صلى الله عليه وسلم ولـكني أرجـو للمحسن وأخاف على المسيء ، ولا أكفر أحـدا مـن المسـلمين بـذنب ولا أخرجه من دائرة الإسلام ، وأرى الجهاد ماضيا مع كل إمام برا كان أو فاجرا ، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة . والجهاد ماض منذ بعـث الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الـدجال لا يبطله جـور جـائر ولا عدل عادل ، وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسـلمين بـرهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله ، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبـت طاعته وحرم الخروج عليه ، وأرى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا ، وأحـكم عليهـم بالظاهر وأكل سرائرهم إلى الله ، وأعتقد أن كل محدثة في الدين بدعة . وأعتقد أن الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان ، يـزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وهو بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، .

    وأرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة المحمدية الطاهرة فهذه عقيدة وجيزة حررتها وأنا مشتغل البال لتطلعوا على ما عندي- والله على ما نقول وكيل . . . . انتهى .


    وبهذا يعلم أن عقيدته -رحمه الله- هي عقيدة السلف الصالح ، وأنه بريء مما نسبه إليه أعداء الدين في أنه على مذهب الخوارج .


    = = = = = = = = = =


    « بدء دعوة الشيخ محمد -رحمه الله - » :

    في وسط هذا الجو المظلم الذي سبق وصفه سطعت دعوة الشـيخ محمد بن عبد الوهاب ، ورفع صوته منكرا هذا الشرك داعيا الناس إلى التوحيد الذي بعث الله به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم فلقي من الناس ما يلقاه أمثاله من الدعاة إلى الله من الأذى ، وأطاعه من وفقه الله لقبول الحق . يقول حفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله-: ( ثـم رجـع إلى نجد وهم على الحالة التي لا يحبها الله ولا يرضاها من الشرك بعبـادة الأموات والأشجار والأحجار والجن . فقام فيهم يدعوهم إلى التوحيد وأن يخلصوا العبادة بجميع أنواعها لله ، وأن يتركوا ما كانوا يعبدونه من قبر أو طاغوت أو شجر أو حجر والناس يتبعه الواحد منهـم والاثنان فصاح به الأكثرون وحذروا منه الملوك وأغروهم بعداوته ).انتهى (( الدرر السنية )) (9 \ 216).
    وهذا لا يعني أنه لا يوجد في هذا العصر علماء بل يوجد منهم الكثير ولكن هم ما بين مستحسن لهذا الوضع السيئ أو غير مستحسن له ، لكنه لا يملك الشجاعة لمقاومته .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي

    « أصول دعوة الشيخ -رحمه الله- » :

    لقد أوضح أصول دعوته في رسائله(( الدرر السنية )) (1 \ 62 - 64) حيث قال :

    1 - أما ما نحن عليه من الدين فعلى دين الإسلام الذي قال الله فيه : (( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))[سورة آل عمران : 85 ].

    2 - وأما ما دعونا الناس إليه فندعوهم إلى التوحيد الذي قال الله فيه خطابا لنبيه صلى الله عليه وسلم: (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ))[سورة يوسف : 108] وقوله تعالى : (( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ))[سورة الجن: 18] .

    3 - وأما ما نهينا الناس عنه فنهيناهم عن الشرك الذي قال الله فيه: (( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ))[ سورة المائدة : 72] وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم على سبيل التغليط وإلا فهو منزه هو وإخوانه عـن الشرك : (( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ *بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ))[سورة الزمر 65 - 66 ] وغير ذلك من الآيات .

    4 - ونقاتلهم عليه كما قال الله تعالى : (( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ))[سورة البقرة : 193 ] أي شرك ، ثم ساق الأدلة على ذلك إلى أن قال:

    5 - وأما ما ذكرتم من حقيقة الاجتهاد فنحن مقلدون للـكتاب والسنة وصالح سلف الأمة وما عليه الاعتماد من أقـوال الأئمة الأربعة أبي حنيفة النعمان بن ثابت ومالك بن أنس ومحمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل -رحمهم الله- .

    6 - وما جئنا بشيء يخالف النقل ولا ينكره العقل . . . نقاتل عباد الأوثان كما قاتلهم صلى الله عليه وسلم ونقاتلهم على ترك الصلاة وعلى منع الزكاة كما قاتل مانعها صديق هذه الأمة أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- . انتهى .

    وقال في رسالة أخرى من رسائله (( الدرر السنية )) (1 \ 56 ). :

    7 - وأما التكفير فأنا أكفر من عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه وعادى من فعله فهذا الذي أكفره ، وأكثر الأمة ولله الحمد ليسوا كذلك .

    8 - وأما القتال فلم نقاتل أحـدا إلا دون النفس والحرمة ، فإنا نقاتل على سبيل المقابلة سورة الشورى الآية 40 وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا .

    وكذلك من جاهر بسب دين الرسول بعدما عرفه . وقال أيضا (( الدرر السنية )) (1 \ 54 ). .

    9 - وأيضا ألزمت من تحت يدي بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وغير ذلك من فرائض الله ونهيتهم عن الربا وشرب المسكر وأنواع المنكرات .


    = = = = = = = = = =

    « المراحل التي مرت بها دعوة الشيخ محمد رحمه الله » :

    بدأ الشيخ دعوته في بلدة حريملاء لوجود والده فيها ، ولكن لما كانت الظروف غير مواتية ترك هذه البلدة بحثا عن غيرها فاتجه إلى العيينـة واتصل بأميرها عثمان بن معمر فساعده في أول الأمر واجتمع حـوله طلبة وبدأ بتنفيذ الأحكام الشرعية فهدم بعض القباب الشركية ورجم في الزنا .

    ثم إن ابن المعمر تخلى عنه خوفا من تهديد بعض الرؤساء ، فترك الشيخ العيينة وبحث عن غيرها فاتجه إلى الدرعية واتصل بـأميرها محمد بن سعود وعرض عليه دعوته فقبلها وبايعه على مناصرته وصدق في ذلك .

    وهناك استقر الشيخ -رحمه الله- وانعقدت حوله حلق الـدروس ووفد إليه الطلاب من مختلف الجهات . وتكونت في هذه البلدة ولاية إسـلامية أميرها الإمام محمد بن سعود وموجهها / الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وامتدت الدعوة إلى البلاد المجاورة ونشأ الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة التوحيد وقمع الشرك . وما هي إلا فترة وجيـزة حتـى انتشرت الـدعوة وتوحدت جميع البلدان النجدية تحت رايتها . وامتدت فيما بعد ذلك إلى الحجاز وعسير وشمال الجزيرة ، وكان ذلك بفضل الله وحده ثـم مؤازرة آل سعود لهذه الدعوة المباركة ، وصدق الله وعده (( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ))[سورة محمد : 7] ،(( وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ))[سورة الصافات: 173]،(( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ))[سورة الحج :40 ].


    = = = = = = = = = =

    « المراجع التي يعتمد عليها الشيخ -رحمه الله- وعلماء الدعوة من بعده والمنهج الذي يسيرون عليه في الفتوى وأخذ المسائل » :

    المراجع التي يعتمد عليها علماء الدعوة هي:

    1 - القرآن الكريم وتفاسيره المعتمدة .

    2 - السنة النبوية وشروحها .

    3 - كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه وابن القيم وغيرها من كتب السلف في سائر الفنون .

    4 - كتب المذاهب الأربعة وبالأخص كتـب المذهـب الحنبلـي وما ترجح بالدليل من غيره .

    يقول الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب (( الدرر السنية )) (1 \ 126) . :

    مذهبنا في أصول الدين مذهب أهل السنة والجماعة وطريقتنا طريقة السلف وهي أنا نقر آيات الصفات وأحاديثها على ظاهرها .

    ونحن أيضا في الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ولا ننكر على من قلد أحد الأئمة الأربعة .

    ولا نستحق مرتبة الاجتهاد المطلق ولا أحد لدينا يدعيها . إلا أننا في بعض المسائل إذا صح لنا نص جلي من كتـاب أو سنة غيـر منسـوخ ولا مخصص ولا معارض بأقوى منه وقال به أحد الأئمة الأربعة أخذنا به وتركنا المذهب كإرث الجد والإخوة ، فإنا نقدم الجد بالإرث وإن خالف مذهب الحنابلة .

    ولا مانع من الاجتهاد في بعض المسائل دون بعض فلا مناقضة لعدم دعوى الاجتهاد وقد سبق جمع من أئمة المذاهب الأربعة إلى اختيارات لهم في بعض المسائل مخالفين للمذهب الملتزمين تقليد صاحبه .

    ثم إنا نستعين على فهم كتاب الله بالتفاسير المتداولة المعتبرة ومـن أجلها لدينا تفسير ابن جرير ومختصره لابن كثير الشافعي وكذا البغوي والبيضاوي والخازن والحداد والجلالين وغيرهم .

    وعلى فهم الحديث بشروح الأئمة المبرزين كالعسقلاني والقسطلاني على البخاري والنووي على مسلم والمناوي على الجامع الصغير ، ونحرص على كتب الحديث . خصوصا الأمهات الست وشروحها ونعتني بسـائر الكتب في سائر الفنون أصولا وفروعا وقواعد وسيرا ونحوا وصرفا وجميع علوم الأمة .

    هذا وعندنا أن الإمام ابن القيم وشيخه إماما حق من أهل السنة وكتبهم عندنا من أعز الكتب إلا أنا غير مقلدين لهما في كل مسألة فإن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم ومعلوم مخالفتنا لهما في عدة مسائل منها طلاق الثلاث بلفظ واحد في مجلس فإنا نقول به تبعا للأئمة الأربعة .


    = = = = = = = = = =

    « ثمرات دعوة الشيخ محمد بن عبد الـوهاب -رحمه الله- وآثارها » :

    إن كل دعوة من الدعوات وكل عمل من الأعمال إنما تعرف قيمته من ثمراته المترتبة عليه ومن أثره الذي يتركه . وإن دعوة الشيخ -ولله الحمد- لما كانت دعوة خالصة لله مترسمة منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمـدة عليـه ومستمدة من الكتاب والسنة صار لها أطيب الأثر واستمر نفعها وبقي أثرها وأنتجت للأمة خيرات كثيرة منها:

    1 - قيام دولة إسلامية هي دولة آل سعود الذين آزروا هذه الـدعوة وجاهدوا في سبيلها ، ولا تزال هذه الدولة -ولله الحمد- تحكم بشريعـة الله وتخدم الحرمين الشريفين وتشد أزر المسلمين في كل مكان من بقاع العالم بعمارة المساجد والمراكز الإسلامية والتعليمية وتنشر دعوة الإسلام .

    2 - تصحيح العقيدة الإسلامية مما علق بها من الشركيات والبدع والخرافات وإرجاعها إلى منبعها الصافي من كتاب الله وسنة رسوله ، وقـد طهر الله كل البلاد التي صار لهذه الدعوة المباركة فيها نفوذ وسلطة من جميع مظاهر الشرك والبدع والخرافات .

    3 - امتداد أثر هذه الدعوة المباركة خارج بلادها حتى انتفع بها من هدفه الحق في مختلف بلدان العالم الإسلامي في الشام ومصر والمغرب العربـي ، وإفريقيا والسودان واليمن والعراق والهند والباكستان وإندونيسيا وغيرها .

    4 - وجود حركة علمية واعية متحررة من التقليد الأعمى ، فانتشر التعليم في المساجد في مختلف مناطق البلاد حتى تخرج منها علماء أفذاذ في حياة الشيخ وبعدها .

    قاموا بنشر هذه الدعوة ورعايتها إلى يومنا هذا ، ثـم أسست لهـذا التعليم جامعات إسلامية تخرج الأفواج تلو الأفواج من مختلف العالم الإسلامي مسلحين بالعقيدة الصحيحة والفكر السليم ينتشرون في العالم الإسلامي وغيره للدعوة إلى الله .

    5 - نشاط حركة التأليف والنشر ، فقد قدم علماء هذه الدعوة للأمة الإسلامية رصيدا من الكتب النافعة في الأصول والفروع ومن ذلك:

    1 ) مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب إمام الـدعوة ويتـكون مجموعها من اثني عشر مجلدا في الفقه والعقائد والتفسـير والحـديث والسيرة .

    2 ) مجموع الفتاوى والرسائل لعلماء الدعوة ويتكون من أحد عشر مجلدا .

    3 ) كتب ألفها أئمة الدعوة في مختلف العصـور للرد على خصـوم الدعوة وتبلغ العديد من المجلدات وهي مطبوعة ومتداولة .

    4 ) نشر كتب السلف وتوزيعها على المسلمين في موسم الحج وغيره .

    5 ) نشر كل مفيد من المؤلفات العصرية وتوزيعها مجانا .


    = = = = = = = = = =

    « الشبه التي أثيرت حول دعوة الشيخ والرد عليهـا » :

    تعرضت دعوة الشيخ كغيرها من دعوات المصلحين للنقد من قبل خصومها وأثيرت حولها شبهات ربما تروج على من لـم يعرف حقيقتها ، وقد أثير كثير من هذه الشبهات في حياة الشيخ ورد عليها بنفسـه ، وأثير البعض الآخر - أو بالأصح- أعيدت إثارة تلك الشبه بعد وفـاته ، فرد عليها تلامذته وغيرهم من محققي علماء المسلمين الذين لا يروج عليهـم البهرج والكذب ولا تأخذهم في الله لومة لائم . ومن هذه الشبه:

    1 - قالوا: إنه يبطل كتب المذاهب الأربعة ويقول إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء .

    2 - وأنه يدعي الاجتهاد وأنه خارج عن التقليد وأنه يقول اختلاف العلماء نقمة .

    3 - قالوا: إنـه يحرم زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وزيارة قبر الـوالدين وغيرهما .

    4 - وأنه يكفر من حلف بغير الله .

    وقد أجاب الشيخ عن هذه بقوله:

    جوابي عن هذه المسائل أني أقول: سبحانك هذا بهتان عظيم وقبله من بهت النبي صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى ابن مريم ويسب الصالحين فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب وقول الزور قال تعالى : (( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ )) [سورة النحل : 105] بهتوه صلى الله عليه وسلم بأنه يقول إن الملائكة وعيسى وعزيرا في النار فأنزل الله في ذلك (( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ )) [سورة الأنبياء : 101] انتهى (( الدرر السنية )) (1 \ 30- 31) .

    5 - قالوا: إنه ينهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يقول لو أن لي أمرا هدمت قبة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يتكلم في الصالحين وينهـى عـن محبتهم .

    وقد أجاب الشيخ عن ذلك بقوله: هذا كذب وبهتان افتراه علي الشياطين الذين يريدون أن يأكلوا أموال الناس بالباطل. ((الدرر السنية ))(1 \ 52 ) .

    6 - قالوا: إنه يكفر جميع الناس إلا من اتبعه وأن أنكحتهم غير صحيحة .

    وقد أجاب الشيخ عن ذلك بقوله: يا عجبا كيف يدخل هذا في عقل عاقل وهل يقول هذا مسلم ، إني أبرأ إلى الله من هـذا القـول الـذي ما يصدر إلا من مختل العقل فاقد الإدراك ، فقاتل الله أهـل الأغراض الباطلة. (( الدرر السنية )) (1 \ 55) . .

    7 - قالوا: إنه يكفر بالعموم ويوجب الهجرة إليـه على من قـدر إظهار دينه .

    وقد أجاب الشيخ عن ذلك بقوله: كل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله ، وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثـالها لأجل جهلهم وعدم من ينبههم فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا أو لم يكفر ويقاتل يعني لم يكفر المسلمين ويقاتلهم (( سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ))[ سورة النور الآية 16] (( انظر الدرر ))(1 \ 66) .

    8 - قالوا: إنه ينكر الشفاعة ، فرد الشيخ على ذلك بقوله: ثم بعد هذا يذكر لنا أن عدوان الإسلام الذين ينفرون الناس عنه يزعمون أننا ننكر شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فنقول سبحانك هذا بهتان عظيم .

    بل نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع صاحب المقام المحمود نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفعه فينا وأن يحشرنا تحت لوائه ، هذا اعتقادنا وهذا الذي مشى عليه السلف الصالح من المهاجرين والأنصار والتابعين وتابع التابعين والأئمة الأربعة -رضي الله عنهم أجمعين- وهم أحب الناس لنبيهم وأعظمهم في اتباعه وشرعه ، فإن كانوا يأتون عنـد قبـره يطلبونه الشفاعة فإن اجتماعهم حجة ، والقائل: إنه يطلب منه الشفاعة بعد موته يورد علينا الدليل من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إجماع الأمة والحق أحق أن يتبع . انتهى (( الدرر السنية )) (1 \ 46 ) .

    9 - وأما اتهام الشيخ أنه يكفر بالعموم ويقاتل المسلمين ، فقـد أجاب الشيخ عنه بقوله: وأما التكفير فأنا أكفر من عرف دين الرسول ثـم بعد ما عرفه سبه ونهى عنه وعادى من فعله فهذا هو الذي أكفر ، وأكثر الأمة -ولله الحمد- ليسوا كذلك ، وأما القتال فلم نقاتل أحدا إلى اليوم إلا دون النفس والحرمة وهم الذين أتونا في ديارنا ولا أبقوا ممكنا ، ولكن قد نقاتل بعضهم على سبيل المقابلة وجزاء سيئة سيئة مثلها ، وكذلك مـن جاهر بسب دين الرسول بعدما عرف فإنا نبين لكم أن هذا هو الحق الذي لا ريب فيه وأن الواجب إشـاعته في النـاس وتعليمـه الـرجال والنساء. (( الدرر السنية )) (1 \ 51 ). انتهى .

    وقال أيضا لما بين بطلان الذي يفعله القبوريون ، فهذا الذي أوجب الاختلاف بيننا وبين الناس حتى آل بهم الأمر إلى أن كفرونا وقـاتلونا واستحلوا دماءنا وأموالنا حتى نصرنا الله عليهم وظفرنا بهم ، وهو الذي ندعو الناس إليه ونقاتلهم عليه بعدما نقيم عليهم الحجة من كتاب الله وسنة رسوله وإجماع السلف الصالح من الأئمة ممتثلين لقوله سبحانه وتعالى: (( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ))[سورة البقرة :193] فمن لم يجب الدعوة بالحجة والبيان قاتلناه بالسيف والسنان ، كما قال تعالى : (( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ))[سورة الحديد:25] انتهى (( الدرر السنية ))(1 \ 58).

    وقال ابنه الشيخ عبد الله بن محمد ، مجملا هذه الشبه مع الـرد عليها:

    وأما ما يكذب علينا سترا للحق وتلبيسا على الخلق بـأنا نفسر القرآن برأينا ونأخذ من الحديث ما وافق فهمنا من دون مـراجعة شرح ولا معول على شيخ ، وأنا نضع من رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقولنا: النبي رمة في قبره وعصا أحدنا أنفع منه ، وليس لـه شفاعة ، وأن زيارته غير مندوبة ، وأنه كان لا يعرف معنى لا إله إلا الله حتى أنزل الله عليه : (( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ))[ سورة محمد : 19] .

    مع كون الآية مدنية ، وأنا لا نعتمد على أقوال العلماء ونتلف مؤلفات أهل المذاهب لكون فيها الحق والباطل ، وأنا مجسمة ، وأنا نكفر الناس على الإطلاق أهل زماننا ومن بعد الستمائة إلا من هو على ما نحن عليه ، ومن فروع ذلك أنا لا نقبل بيعة أحد إلا بعد التقرير عليـه بأنه كان مشركا وأن أبويه ماتا على الإشراك بالله وأنا ننهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ونحرم زيارة القبور المشروعة مطلقا .

    وأن من دان بما نحن عليه سقطت عنه جميع التبعات حتى الديون ، وأنا لا نرى حقا لأهل البيت -رضوان الله عليهم- وأنا نجبرهم على تزويج غير الكفء لهم ، وأنا نجبر بعض الشيوخ على فراق زوجته الشابة لتنكح شابا إذا ترافعوا إلينا . . . . . فلا وجه لذلك فجميع هذه الخرافات وأشباهها لما استفهمنا عنها من ذكر أولا (يعني علماء مكة ) كان جوابنا في كل مسألة من ذلك سبحانك هذا بهتان عظيم .

    فمن روى عنا شيئا من ذلك أو نسبه إلينا فقد كذب علينا وافترى ، ومن شاهد حالنا وحضر مجالسنا وتحقق ما عندنا علـم قطعا أن جميع ذلك افتراه علينا أعداء الدين وإخوان الشياطين تنفيرا للناس عـن الإذعـان بإخلاص التوحيد لله تعالى بالعبادة وترك أنواع الشرك الذي نص الله عليـه بأن الله لا يغفره (( وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ))[ سورة النساء: 116] .

    فإنا نعتقد أن من فعل أنواعا من الكبائر كقتل المسلم بغير حق والـزنا وشرب الخمر وتكرر منه ذلك أنه لا يخرج بفعله ذلك عن دائرة الإسلام ولا يخلد به في دار الانتقام إذا مات موحدا بجميع أنواع العبادة ، والـذي نعتقده أن رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعلى مراتب المخلوقين على الإطلاق وأنه حي في قبره حياة برزخية أبلغ من حياة الشـهداء المنصـوص عليهـا في التنزيل ، إذ هو أفضل منهم بلا ريب ، وأنه يسـمع سلام المسلم عليـه وتسن زيارته إلا أنه لا يشد الرحل إلا لزيارة المسجد والصلاة فيه وإذا قصد مع ذلك الزيارة فلا بأس ، ومن أنفـق نفيس أوقـاته بـالاشتغال بالصلاة عليه ، -عليه الصلاة والسلام- الواردة عنه فقد فاز بسعادة الدارين وكفي همه وغمه كما جاء في الحديث عنه ، ولا ننكر كرامات الأولياء ونعترف لهم بالحق وأنهم على هدى من ربهم مهما ساروا على الطريقة الشرعية والقوانين المرعية ، إلا أنهم لا يستحقون شيئا من أنواع العبادات لا حال الحياة ولا بعد الممات ، بل يطلب من أحـدهم الدعاء في حال حياته بل ومن كل مسلم فقد جـاء في الحـديث: دعاء المرء المسلـم مستجاب لأخيه الحديث . وأمر صلى الله عليه وسلم عمر وعليا بسؤال الاسـتغفار من أويس ففعلا .

    ونثبت الشفاعة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة حسب ما ورد ، وكذلك نثبتها لسائر الأنبياء ، والملائكة ، والأولياء والأطفال حسب ما ورد أيضا .

    ونسألها من المالك لها والآذن فيها لمن يشاء من الموحدين الـذين هـم أسعد الناس بها كما ورد بأن يقول أحدنا متضرعا: اللهـم شـفع نبينـا محمدا صلى الله عليه وسلم فينا يوم القيامة ، اللهم شـفع فينـا عبـادك الصـالحين أو ملائكتك ، أو نحو ذلك مما يطلب من الله لا منهم ، فلا يقال يـا رسول الله أو يا ولي الله أسألك الشفاعة أو غيرها كأدركني أو أغثني أو اشفني أو انصرني على عدوي ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى فإذا طلب ذلك مما ذكر في أيام البرزخ كان من أقسام الشرك ، إذ لم يرد بذلك نص من كتاب أو سنة ولا أثر من السلف الصالح في ذلك ، بل ورد الكتاب والسنة وإجماع السلف أن ذلك شرك أكبـر قـاتل عليـه رسـول الله صلى الله عليه وسلم . انتهى (( الدرر السنية )) (1 \ 127- 129) .

    هذا وقد انبرى كثير من العلماء بعد وفاة الشيخ -رحمه الله- للإجابة عن هذه الشبهات وألفوا في ذلك مؤلفات ضخمة من أشهرها:
    (1) مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام ونسب إليه تكفير أهل الإسلام في مجلد . وهو للشـيخ عبـد اللـطيف بـن عبد الرحمن بن حسن من آل الشيخ -رحمهم الله- .

    (2) معارج القبول ، للشيخ الحسيني بن مهدي النعمي من علماء اليمن في مجلد .

    (3) غاية الأماني في الرد على النبهاني للشيخ محمود شكري الآلوسي من علماء العراق وهو في مجلدين .

    (4) صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان للشيخ محمد بشير السهواني الهندي في مجلد .

    وهكذا يقيض الله سبحانه للحق أنصارا في كل زمان تقوم بهم حجة الله على خلقه ، فللـه الحمد والمنة ،
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    18

    افتراضي رد: « من أعلام المجددين الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب » لصـاحب الفضيلة العلامة الفو

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كتب الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب في العقيدة (مسموعة) على هذا الرابط

    http://up.9q9q.net/up/index.php?f=11ywvr591

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: « من أعلام المجددين الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب » لصـاحب الفضيلة العلامة الفو

    بارك الله فيك

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •