بسم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني وأخواتي في منتدى الألوكة المبارك
هنا محب للعلم يطرح فهمه لما سمعه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي كان يخاطب العرب بلغة العرب فيسمعه العالم الجاهل , الكبير والصغير , الأعرابي وعابر السبيل
ماهنا ليس كلاماً في أمور لا تقدم ولا تؤخر , بل هو اقرار لحقيقة ستغير حياة الملايين من الناس , كثر يتوقعون أن تجتاح الديمقراطية نظم الحكم في بلاد العرب , منا الكاره لهذه الديمقراطية ومنا المحب , والناس ليسوا في العلم والفهم سواء
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكا عاضاً ، فيكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم يكون ملكاً جبرياً ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، ثم سكت )
رواه الإمام أحمد , وصححه الشيخ الألباني رحمهما الله
رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ماترك خيراً إلا دلنا عليه ولا شراً إلا حذرنا منه , فلابد أن في ثنايا كل قوله خيراً نرتجيه أو شراً نحذره , وأنزه حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يكون سمراً أو تقطيعاً للأوقات , و الحديث بوضوح قسم عمر الأمة السياسي إلى خمس حقب سياسية - لا أكثر ولا أقل - وهي :
1 - مرحلة النبوة
2 – الخلافة الراشدة
3 – الملك العاض
4 – الملك الجبري
5 – خلافة على منهاج النبوة
وإذا اتفقنا أن الدولة المدنية التي لا تحكّم شرع الله من أخبث الشرور وأن الديمقراطية الغربية مكر قد يستولي على بعض دول الإسلام , فإن الحديث لم يذكر أياً منها وبالتالي نعلم أن "الديمقراطية" لن تدخل بلادنا بنص الحديث , لأنها لو كانت كائنة لعبر عنها أفصح العرب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال – على سبيل الافتراض - : " ثم تكون على منهاج الروم " أو " ثم يكل أمركم إليكم " لكن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – اكتفى بالمراحل الخمس اعلاماً بأن التقسيم كائن على هذه الصيغة بلا نقص أو زيادة
أما المرحلة الأولى والثانية فقد تنعم بها أهلها , بقي الثالثة والرابعة فالملك العاض كما فسره العلماء هو الملك الذي يبقى في عائلة واحدة وكل يوصي بالحكم لمن بعده ( من العض على الشيء , أو الملك العضوض وهو الذي يصيب الرعية فيه عسف وظلم ) والملك الجبري هو ملك الإجبار أو الاكراه
ومنذ سقوط الدولة العثمانية عام 1923 م بدأت مرحلة الملك الجبري حيث يحكم الحاكم شعبه بالإجبار والاكراه , ويتنازل عن الحكم بالإجبار ( كانقلاب وزيره أو جيشه عليه فيما مضى , واليوم يجبره شعبه على التنحي )
لكن مرحلة الملك العاض لم تنتهِ بعد , فالفترة الزمنية ( 1923 م – إلى يومنا هذا ) ليست ملكاً عاضاً صرفاً وليست ملكاً جبرياً صرفاً , فالملك العاض لازال قائماً في : جُل دول الخليج - الأردن – سوريا – المغرب , والمدينة المنورة كانت عاصمة الإسلام في زمن النبوة فلها أهمية خاصة من حيث تحديد المراحل المقصودة في الحديث
وكاد أن يكون ملكاً عاضاً في : مصر – ليبيا – اليمن , حين هم مبارك والقذافي وعلي عبد الله بتوريث أبنائهم , لكن إرادة الله أمرت بتحويله إلى ملك جبري يجبر فيه الشعبُ الحاكمَ أن يتخلى عن الحكم
فمرحلة " الانتقال " من الملك العاض إلى الملك الجبري بدأت في عام 1923 م واليوم نحن في أواخر أيام "الملك العاض" لندخل في مرحلة "الملك الجبري" حيث تجبر الشعوب الحكام على التنحي
وحتى لو كان تحديد زمن المُلكين العاض والجبري تحديداً ظنياً فإن عدم وجود مرحلة زمينة سياسية يكون فيها الحكم ( شورياً – أو مدنياً – أو ديمقراطياً ) إن عدم وجود هذه المرحلة هو أمر قطعي بدلالة الحديث
قد يقول قائل إن هذا من اضاعة الوقت لا نشغالنا بالمستقبل الذي لا نعلم كيف ومتى يحدث عن الحاضر الذي يملأ السمع والبصر, فأقول :
• لو لم يكن في هذه الأحاديث أهمية هل كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليقولها ؟ هل يعقل أن نحرص على نشر بعض أحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ونعرض عن نشر بعضها بحجة أن بعض المسلمين أساء فهمها وانغمس في دراسة المستقبل حتى نسي الحاضر؟
• علم المرء بما هو مقبل عليه يساعد في وقايته شرور المستقبل ومفاجآت القادم المجهول و إن جيشاً يعرف بأنه سيحارب في الصيف ستكون عدته مختلفة عن عدة من يحارب في الشتاء
• معرفتنا بأننا مقبلون على مرحلة الملك الجبري الخالص تجعل المسلم واقعياً أكثر ومؤثراً أكثر
المسلم عنده القدرة - بفضل الله - على استباق الأحداث ليبني رؤية مستقبيلة صحيحة , من خلال أكثر من منظار ومنها :
1) منظار الأحداث الحالية التي تتراكم على أرض الواقع
2) منظار أنباء الغيب التي أوحاها الله لنا في شأن الأمم السابقة ودورات التاريخ
3) منظار ما اطلعنا الله عليه من أنباء المستقبل في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة
قد يقول قائل إن هذا من تثبيط الهمم لأن علمنا بوقوع الأحداث على هيئة معينة يجعلنا في يأس من اصلاحها , وهذا غير صحيح لأن معرفتنا بماهية قدر الله القادم تجعلنا أكثر قدرة على توجيه الجهود – بقدر الله وإذنه – لاصلاح مايحدث بقدر الله الكوني , وبدهي أن اصلاح ما هو معلوم أسهل من اصلاح ما هو مجهول
والحديث قد أخبرنا بوضوح عن طبيعة المرحلة القادمة فعلينا أن نكون المحرك الدافع الذي يدفع المجتمعات بالاتجاه الصحيح دون الخروج عن وقائع الحاضر , ودون الانفصال عن تسلسل الأحداث التي تتوالى الآن , مع الأخذ بعين الاعتبار أن المرحلة القادمة ستكون على صفة محددة حددها لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رحمةً بنا , هذه الصفة هي الملك الجبري , ليس المدني ولا الديمقراطي
والسلام عليكم
\\