قال الشيخ صالح الفوزان في كتابه الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد

عصمة الأنبياء :
( العصمة ) : المنعة ، و( العاصم ) : المانع الحامي ، و( الاعتصام ) : الامتساك بالشيء . والمراد بالعصمة هنا حفظ الله لأنبيائه من الذنوب والمعاصي .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية حاكيا للخلاف ومبينا الراجح في هذه المسألة : "الأنبياء صلوات الله عليهم معصومون فيما يخبرون عن الله سبحانه وفي تبليغ رسالاته باتفاق الأمة ، ولهذا وجب الإيمان بكل ما أوتوه ، كما قال تعالى : قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُ مُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ .

وقال : وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَة ِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ .

وقال : آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ .
قال : "وهذه العصمة الثابتة للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة، فإن النبي هو المنبئ عن الله ، والرسول هو الذي أرسله الله تعالى ، وكل رسول نبي ، وليس كل نبي رسولا ، والعصمة فيما يبلغونه عن الله ثابتة، فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين ..." .

إلى أن قال : "وأما العصمة في غير ما يتعلق بتبليغ الرسالة، فللناس فيه نزاع : هل هو ثابت بالعقل أو بالسمع ؟ ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر أو من بعضها ؟ أم هل العصمة إنما هي في الإقرار عليها لا في فعلها ؟ أم لا يجب القول بالعصمة إلا في التبليغ فقط ؟ وهل تجب العصمة من الكفر والذنوب قبل المبعث أو لا ؟

والقول الذي عليه جمهور الناس - وهو الموافق للآثار المنقولة من السلف - إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقا ، والرد على من يقول : إنه يجوز إقرارهم عليها . وحجج القائلين بالعصمة إذا حررت إنما تدل على هذا القول ، وحجج النفاة لا تدل على وقوع ذنب أقر عليه الأنبياء ، فإن القائلين بالعصمة احتجوا بأن التأسي بهم إنما هو مشروع فيما أقروا عليه دون ما نهوا عنه ورجعوا عنه، كما أن الأمر والنهي إنما تجب طاعتهم فيما لم ينسخ منه ، فأما ما نسخ من الأمر والنهي، فلا يجوز جعله مأمورا به ولا منهيا عنه فضلا عن وجوب اتباعه والطاعة فيه . وكذلك ما احتجوا به من أن الذنوب تنافي الكمال ، أو أنها ممن عظمت عليه النعمة أقبح ، أو أنها توجب التغيير ، أو نحو ذلك من الحجج العقلية ، فهذا إنما يكون مع البقاء على ذلك وعدم الرجوع ، وإلا فالتوبة النصوح التي يقبلها الله يرفع بها صاحبها إلى أعظم مما كان عليه، كما قال بعض السلف : كان داود عليه السلام بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة . وقال آخر : لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه، لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه ، وقد ثبت في الصحاح حديث التوبة : لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلا ... الحديث .

إلى أن قال : "وفي الكتاب والسنة الصحيحة والكتب التي أنزلت قبل القرآن مما يوافق هذا القول ما يتعذر إحصاؤه ، والرادون لذلك تأولوا ذلك بمثل تأويلات الجهمية والقدرية والدهرية لنصوص الأسماء والصفات ونصوص القدر ونصوص المعاد ، وهي من جنس تأويلات القرامطة الباطنية التي يعلم بالاضطرار أنها باطلة ، وأنها من باب تحريف الكلم عن مواضعه ، وهؤلاء يقصد أحدهم تعظيم الأنبياء فيقع في تكذيبهم ، ويريد الإيمان بهم فيقع في الكفر بهم .
ثم إن العصمة المعلومة بدليل الشرع والعقل والإجماع - وهي العصمة في التبليغ - لم ينتفعوا بها إذ كانوا لا يقرون بموجب ما بلغته الأنبياء ، وإنما يقرون بلفظ حرموا معناه ، أو كانوا فيه كالأميين الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني . والعصمة التي كانوا ادعوها لو كانت ثابتة، لم ينتفعوا بها ، ولا حاجة بهم إليها عندهم، فإنها متعلقة بغيرهم ، لا بما أمروا بالإيمان به ، فيتكلم أحدهم فيها على الأنبياء بغير سلطان من الله ، ويدع ما يجب عليه من تصديق الأنبياء وطاعتهم ، وهو الذي تحصل به السعادة وبضده تحصل الشقاوة ، وقال تعالى : فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ

والله تعالى لم يذكر في القرآن شيئا من ذلك عن نبي من الأنبياء، إلا مقرونا بالتوبة والاستغفار :

كقول آدم وزوجته : قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ .

وقول نوح : قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ .

وقول الخليل عليه السلام : رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ، وقوله : وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ .

وقول موسى : أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ، وقوله : قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي وقوله : فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ .

وقوله تعالى عن داود : فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ .

وقوله تعالى عن سليمان : قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ .

وأما يوسف الصديق، فلم يذكر الله عنه ذنبا، فلهذا لم يذكر الله عنه ما يناسب الذنب من الاستغفار ، بل قال : كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ، فأخبر أنه صرف عنه السوء والفحشاء ، وهذا يدل على أنه لم يصدر منه سوء ولا فحشاء ، وأما قوله : وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ، فالهم : اسم جنس تحته نوعان، كما قال الإمام أحمد : " الهم نوعان : هم خطرات ، وهمّ إصرار " ، وقد ثبت في " الصحيح " عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن العبد إذا هم بسيئة، لم تكتب عليه ، وإذا تركها، كتبت له حسنة ، وإن عملها، كتبت له سيئة واحدة ، وإن تركها من غير أن يتركها لله ، لم تكتب له حسنة ولا تكتب عليه سيئة ، ويوسف صلى الله عليه وسلم هم هما تركه لله ، ولذلك صرف الله عنه السوء والفحشاء لإخلاصه ، وذلك إنما يكون إذا قام المقتضي للذنب - وهو الهم - وعارضه الإخلاص الموجب لانصراف القلب عن الذنب لله، فيوسف عليه السلام لم يصدر منه إلا حسنة يثاب عليها، قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ .

إلى أن قال : "وبهذا يظهر جواب شبهة من يقول : إن الله لا يبعث نبيا إلا من كان معصوما قبل النبوة . كما يقول ذلك طائفة من الرافضة وغيرهم ، وكذلك من قال : إنه لا يبعث نبيا إلا من كان مؤمنا قبل النبوة ، فإن هؤلاء توهموا أن الذنوب تكون خفضا وإن تاب التائب منها ، وهذا منشأ غلطهم، فمن ظن أن صاحب الذنوب مع التوبة النصوح يكون ناقصا، فهو غالط غلطا عظيما، فإن الذم والعقاب الذي يلحق أهل الذنوب لا يلحق التائب منها شيء أصلا ، لكن إن قدم التوبة، لم يلحقه شيء ، وإن أخر التوبة، فقد يلحقه ما بين الذنوب والتوبة من الذم والعقاب ما يناسب حاله .

والأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه كانوا لا يؤخرون التوبة ، بل يسارعون إليها ويسابقون إليها ، لا يؤخرون ولا يصرون على الذنب ، بل هم معصومون من ذلك ، ومن أخر ذلك زمنا قليلا، كفر الله ذلك بما يبتليه به، كما فعل بذي النون صلى الله عليه وسلم ، هذا على المشهور أن إلقاءه كان بعد النبوة ، وأما من قال : إن إلقاءه كان قبل النبوة، فلا يحتاج إلى هذا . والتائب من الكفر والذنوب قد يكون أفضل ممن لم يقع في الكفر والذنوب ، وإذا كان قد يكون أفضل، فالأفضل أحق بالنبوة ممن ليس مثله في الفضيلة . وقد أخبر الله عن إخوة يوسف بما أخبر من ذنوبهم ، وهم الأسباط الذين نبأهم الله تعالى .

وقد قال تعالى : فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ، فآمن لوط لإبراهيم عليه السلام ، ثم أرسله الله تعالى إلى قوم لوط . وقد قال الله تعالى في قصة شعيب : قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ .

وقال تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُ مْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا .

وإذا عرف أن الاعتبار بكمال النهاية لا بنقص البداية ، وهذا الكمال إنما يحصل بالتوبة والاستغفار ، ولا بد لكل عبد من التوبة ، وهي واجبة على الأولين والآخرين، كما قال تعالى : لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَا تِ وَالْمُشْرِكِين َ وَالْمُشْرِكَات ِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا .

وقد أخبرنا الله سبحانه بتوبة آدم ونوح ومن بعدهما إلى خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ، وآخر ما نزل عليه - أو : من آخر ما نزل عليه - قوله تعالى : إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا

ثم ذكر نصوصا كثيرة في استغفار النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : "ونصوص الكتاب والسنة في هذا الباب كثيرة متظاهرة ، والآثار في ذلك عن الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين كثيرة ، ولكن المنازعون يتأولون هذه النصوص من جنس تأويلات الجهمية والباطنية، كما فعل ذلك من فعله في هذا الباب ، وتأويلاتهم تبين لمن تدبرها أنها فاسدة ، من باب تحريف الكلم عن مواضعه، كتأويلهم قوله : لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ، المتقدم ذنب آدم ، والمتأخر ذنب أمته ، وهذا معلوم البطلان" .

وقال أيضا : "والجمهور الذين يقولون بجواز الصغائر عليهم، يقولون : إنهم معصومون من الإقرار عليها ، وحينئذ، فما وصفوهم إلا بما فيه كمالهم، فإن الأعمال بالخواتيم ، وقول المخالف يلزم عليه كون النبي لا يتوب إلى الله ..." انتهى المقصود .
ويمكن تلخيص هذا الموضوع فيما يلي :

عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام منها ما هو مجمع عليه بداية ونهاية ، ومنها ما هو مختلف فيه بداية لا نهاية ، وبيان ذلك :

1 - أجمعوا على عصمتهم فيما يخبرون عن الله تعالى وفي تبليغ رسالاته؛ لأن هذه العصمة هي التي يحصل بها مقصود الرسالة والنبوة .

2 - واختلفوا في عصمتهم من المعاصي ، فقال بعضهم بعصمتهم منها مطلقا كبائرها وصغائرها ؛ لأن منصب النبوة يجل عن مواقعتها ومخالفة الله تعالى عمدا ، ولأننا أمرنا بالتأسي بهم ، وذلك لا يجوز مع وقوع المعصية في أفعالهم ؛ لأن الأمر بالاقتداء بهم يلزم منه أن تكون أفعالهم كلها طاعة ، وتأولوا الآيات والأحاديث الواردة بإثبات شيء من ذلك ، وقال الجمهور بجواز وقوع الصغائر منهم بدليل ما ورد في القرآن والأخبار ، لكنهم لا يصرون عليها ، فيتوبون منها ويرجعون عنها، كما مر تفصيله ، فيكونون معصومين من الإصرار عليها ، ويكون الاقتداء بهم في التوبة منها .

انتهى النقل
وهذه عبارة أخرى لابن تيمية :
قال شيخ الإسلام (20/88) :

"وهذا القول يقوله طوائف من أهل البدع والكلام والشيعة وكثير من المعتزلة وبعض الأشعرية وغيرهم ممن يوجب عصمة الأنبياء من الصغائر وهؤلاء فروا من شيء ووقعوا فيما هو اعظم منه فى تحريف كلام الله عن مواضعه وأما السلف قاطبة من القرون الثلاثة الذين هم خير قرون الأمة وأهل الحديث والتفسير وأهل كتب قصص الأنبياء والمبتدأ وجمهور الفقهاء والصوفية وكثير من أهل الكلام كجمهور الاشعرية وغيرهم وعموم المؤمنين فعلى ما دل عليه الكتاب والسنة مثل قوله تعالى وعصى آدم ربه فغوى وقوله ربنا ظلمنا أنفسنا وأن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين بعد أن قال لهما ألم أنهكماعن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين وقوله تعالى فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم مع أنه عوقب باخراجه من الجنة وهذه نصوص لا ترد إلا بنوع من تحريف الكلم عن مواضعه "