الحمد لله وحده أما بعد : فقد وقعت مباحثة بين أخوين في مجلسنا العلمي عن تصحيح المتأخرين للإسناد وهذا موضعه بطوله لأني هنا سأقتصر على أهم ما فيه
http://majles.alukah.net/newthread.p...newthread&f=11
ووصلت المباحثة لسؤال أحدهما للآخر
قال أحدهما سدده الله : هل أحكام أمثال المنذري والبوصيري والنووي وابن تيمية وابن دقيق العيد والذهبي وابن القيم وابن كثير وابن عبد الهادي وابن الملقن والعراقي وابن حجر على سند بالصحة يدل على أن متنه ثابت عندهم وأنه مقبول محتج به يتدين به ولمن عرف أحكامهم ووقف عليها أن يتعبد الله بتلك الأحاديث أم أن تلك الأحاديث متوقف فيها عندهم وعند من تبعهم لاحتمال أن تكون معلولة في نفس الأمر (وعدم انتفاء العلة يدل على عدم ثبوت الحديث) وغاية حكم أحدهم أن يبين أن رجال إسناد تلك الأحاديث مقبولو الرواية وأن بعضهم سمع من بعض
فأجاب الشيخ جزاه الله خيرا إجابات لخصها بعد بقوله : قول هؤلاء الحفاظ الذين سميتهم عن حديثٍ:
" إسناده صحيح"، أو "حسن" أو "لا بأس به"
يعني أن رجاله ثقات يدخلون في شرط الصحيح أو الحسن.= إسناده رجاله ثقات
- فإن كُنتَ ترى أنّ الحديثَ بمجرد أن يكونَ رواة إسناده ثقات
يُقْبَلُ، و يَثْبُتُ، و يُحْتَّجُ به، ويُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَ يُتَدَيَّنُ بِهِ.
= فلكَ ذلك ولا حرج عليك إن شاء الله..
وتكونَ قلَّدْتَ طريقة الفقهاء والأصوليين-على خطئهم-
- وإنْ كنتَ ترى أنّه لا يكفي مجرد ذلك، حتى تتيقّن أنه هؤلاء الثّقات لم يُخطئوا فيما رووه لجواز الخطأ عليهم..(= انتفاء الشذوذ والعلة)
فلكَ ذلك وأنت مأجور إن شاء الله
وتكون اتّبعتَ طريقة المحدثين- وهم الذين أصابوا-ويُعرف ذلك بنص إمام من أئمة الحديث المتقدمين العارفين بعلل الأحاديث على تصحيحه أو تصحيح إسناده كالبخاري ومسلم وأحمد وابن المديني وأبو زرعة وأبو حاتم ...
فقال الأول : ما أجبتني أخي الكريم فسؤالي خاص واضح ( عن أحكام هؤلاء على حديث بالصحة )
ما منعك أن تقول يا أخي قولا فصلا نعم هي غير ثابتة عندهم ولا مقبولة فلا يرجحون بها ولا يحتجون بها في الحلال والحرام ولا يتدينون بها ولمن عرف أحكامهم ووقف عليها ( أمثالي ممن ليست لهم أهلية في الحكم على الحديث أو كل حديث ) ألا يتعبد الله بتلك الأحاديث بل يتوقف فيها حتى يثبت عنده أنها أحاديث صحيحة لا علة لها
فأجاب الشيخ سدده الله : أخي عدلان قد أجبتُك، وألحنتُ في الجواب وكلامي كان صريحا فصيحا كما طلبته مني
فأنتَ كنتَ تريد أن تعرف رأيي في المسئلة.. وقد بسطته لك أحسن البسط، وفهمتَ عني أحسن الفهم.
أما أن تُلزمَني بالجواب على أسئلة تصيغها بأسلوبك الخاص ..بـ(نعم) أو (لا) وتضيق ذرعا إذا لم ألتزم بشرطك ..فليس بجيد!!
لأنك بذلك؛ تلزِمُني أنْ أقبلَ كلَّ ما جاء في عبارة سؤالك ، أو أرفضـه جملةً وتفصيلاً
فإن قلتُ: "نعم"؛ فهذا يعني أن أقول بكلّ ما جاء في سؤالك.
وإن قلتُ : "لا"؛ فهذا يعني أن أنفي كل ما فيه.
ولما كان في ثنايا سؤالك ما أوافق عليه، وما لا أوافق عدلتُ عما ألزمتني به.
هذا كل ما في الأمر أخي الفاضل
ثم أجاب جوابا آخر فقال :
وإذا قال: "إسناده صحيح" أو "حسن" أو ...
فهو يعني أن إسناده رجاله ثقات عنده ، مع تجويز أن يكون معلولا،
لأنه لم يبحث فيه ويستفرغ جهده؛ لينفيَ عنه الشذوذ والعلة
ولو فعل.. لصحّحه كله ولم يقتصر على الإسناد..، أو أعلّه.
هذا هو محل النزاع بيننا.
أما ما ذكرته في سؤالك: هل إذا قالوا عن حديث:
" إسناده صحيح أو حسن أو .." أنه ثابت عندهم ومقبول ومحتج به ومتعبد به..؟
فهذه مسألة أخرى غير مسألتنا .
وإن كنتَ تريد الجواب عن هذه المسألة التي ولّدتها هنا:
فجوابي: نعم هو مقبول عندهم وثابت و محتج به ومتعبّد به..
هذا عندهم وقد قضوا نحبهم.
أما عندنا فإن كنت مقلدا فالتقليد جهل والجهل لا يتعبد به .
وما عليك إلا أن تستفي مجتهدا فيفتيك في مسائل دينك
أما إن كنت مجتهدا فإما أن تبحث لتقف هل الحديث صحيح الإسناد والمتن فتتعبد الله عن علم
وإما تتبع هؤلاء الذين صححوا إسناده .. وتتعبد الله بما تعبدوه به .
قال الأول : ما بال هؤلاء الأيمة قالوا عن الحديث إسناده صحيح (يعني أن رجاله ثقات يدخلون في شرط الصحيح أو الحسن. = إسناده رجاله ثقات ) وهو في الوقت نفسه (مقبول عندهم وثابت و محتج به ومتعبّد به..) فلعلهم على طريقة الفقهاء
كنت أحسب أخي الكريم إذ إنك تجعل إطلاق المتاخرين على حديث بالصحة مساويا لقولهم إسناد رجاله ثقات أنك ستقول بل هذه الأحاديث غير ثابتة عندهم فأنا متعجب لقولك بثبوتها عندهم أشد العجب والمتفق عليه بين الجميع أن الحديث لا يكون ثابتا إلا إذا انتفت عنه العلة إلا إن كنت ترى أن هؤلاء على طريقة الفقهاء لا المحدثين
وأرجو أن يعرض هذا القول على أحد المحدثين كالشيخ سعد الحميد فإني أراه متناقضا جدا
وخلاصة قولي في هذه المسألة ان الحافظ إذا قال عن حديث إسنده صحيح فإن كان من الأيمة المتقدمين فمراده أنه حديث صحيح لا علة له في نفس الأمر عنده وإن كان من المتأخرين فمراده أنه حديث صحيح لا يعلم له علة مع تجويزه أن تكون له علة في نفس الأمر ولذا عدل عن تصحيح الحديث إلى تصحيح السند ويؤثر في هذا التصحيح كل علة قادحة في السند أو المتن ويستدرك عليهما بكلا وبل ونحوهما من ألفاظ الاستدراك
وأرجو أن يعرض هذا القول على أحد المحدثين كالشيخ سعد الحميد
قال الثاني وفقه الله : إنما قبلوه واحتجوا به مع أنهم لم يصحّحوا إلا إسناده حرصا منهم على استعمال السنن
لأن صحة الإسناد(=ثقة رجاله) مظنة صحة الحديث.. فلما غلب على ظنهم ذلك احتجوا به وقبلوه
ولا يعني ذلك أنهم لا يشترطون انتفاء الشّذوذ والعلة..
بل لو وقفوا له على علة -في وقت تصحيحهم لإسناده- لما صححوا إسناده، ولَذَكَرُوها..
لكن لما لم يبحثوا في ذلك الوقت عن علته.. اكتفوا بظاهر السّند ونظروا إلى ثقة رجاله؛ فصححوا إسناده فقط احتياطاً
واستعملوه احتياطا كذلك
فلو أوقفهم أحدٌ على اختلافٍ في سنده يوجب ردّه وعدم ثبوته ..لما احتجوا به
ولاعتذروا عن أنفسهم بأنهم إنما صحّحوا إسناده فقط -كما يدل على ذلك كلام المنذري-
فلا معنى لقولك أن مرادهم :(حديث صحيح لا يعلم له علة مع تجويزه أن تكون له علة في نفس الأمر ..)
إذ لو كان كذلك لكان الحديث صحيحا محفوظاً عندهم .
لأن الحفاظ المتقدمين كذلك إذا صححوا الحديث (وليس الإسناد فقط)
فمرادهم هذا الذي ذكرته:
أنهم لم يعلموا له علة مع تجويز أن تكون له علة في الواقع
لكن غلب على ظنهم أنه محفوظ غير معلول فصححوه..
وإلاّ ..لما تغير اجتهادهم في تصحيح الأحاديث..
فكم من إمام صحّح حديثا، ثم يوقفه الآخر على علته فيرجع إلى قوله.
والله أعلم بالصواب.
قال الأول :
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عبد الاله المسعودي
قول هؤلاء الحفاظ الذين سميتهم عن حديثٍ:
" إسناده صحيح"، أو "حسن" أو "لا بأس به"
يعني أن رجاله ثقات يدخلون في شرط الصحيح أو الحسن.
= إسناده رجاله ثقات
- فإن كُنتَ ترى أنّ الحديثَ بمجرد أن يكونَ رواة إسناده ثقات
يُقْبَلُ، و يَثْبُتُ، و يُحْتَّجُ به، ويُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَ يُتَدَيَّنُ بِهِ.
= فلكَ ذلك ولا حرج عليك إن شاء الله..
وتكونَ قلَّدْتَ طريقة الفقهاء والأصوليين-على خطئهم-
- وإنْ كنتَ ترى أنّه حتى تتيقّن أنه هؤلاء الثّقات لم يُخطئوا فيما رووه لجواز الخطأ عليهم..(= انتفاء الشذوذ والعلة)
فلكَ ذلك وأنت مأجور إن شاء الله
وتكون اتّبعتَ طريقة المحدثين- وهم الذين أصابوا-
ويُعرف ذلك بنص إمام من أئمة الحديث المتقدمين العارفين بعلل الأحاديث
على تصحيحه أو تصحيح إسناده
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عبد الاله المسعودي
إنما قبلوه واحتجوا به مع أنهم لم يصحّحوا إلا إسناده حرصا منهم على استعمال السنن
لأن صحة الإسناد(=ثقة رجاله) مظنة صحة الحديث.. فلما غلب على ظنهم ذلك احتجوا به وقبلوه
ولا يعني ذلك أنهم لا يشترطون انتفاء الشّذوذ والعلة..
بل لو وقفوا له على علة -في وقت تصحيحهم لإسناده- لما صححوا إسناده، ولَذَكَرُوها..
لكن لما لم يبحثوا في ذلك الوقت عن علته.. اكتفوا بظاهر السّند ونظروا إلى ثقة رجاله؛ فصححوا إسناده فقط احتياطاً واستعملوه احتياطا كذلك
أخي الكريم أرى بين قوليك هذين تناقضا فبينا أنت ترى طريقة أهل الحديث لا يكفي فيها ( أنّ الحديثَ بمجرد أن يكونَ رواة إسناده ثقات يُقْبَلُ، و يَثْبُتُ، و يُحْتَّجُ به، ويُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَ يُتَدَيَّنُ بِهِ. ( حتى يتيقّن أن هؤلاء الثّقات لم يُخطئوا فيما رووه لجواز الخطأ عليهم..(= انتفاء الشذوذ والعلة) صرت تحكم على هؤلاء الأيمة الذين هم عندك على طريقة اهل الحديث أنهم يقبلون الحديث الذي لم يبحثوا له عن علة فضلا أن يتيقنوا أنه لا علة له لكون إسناده ثقات وهذا مظنة الصحة وترى فعلهم هذا احتياطا ولأجل استعمال السنن فتستباح النفوس والدماء والأموال والفروج ويحل الحلال ويحرم الحرام وتقيد النصوص المطلقة الثابتة وتخصص العمومات الثابتة وتستحدثت عبادات ! بهذه الأحاديث التي لم يبحثوا لها عن علة فضلا أن يستيقنوا أنها لا علة لها وينسب هذا إلى هؤلاء الأيمة من أهل الحديث وأنه من احتياطهم في الدين
أفترى هذا أخي الكريم من استبراء الرجل لدينه أفترضى أن ينسب هذا الصنيع إليك إذ تفعل بعض ما ذكرت لوقوفك على حديث رجاله ثقات لم تبحث له علة
إني اخي الكريم آنف أن ينسب هذا القول إلى حديثي فضلا أن ينسب إلى هؤلاء الأيمة فضلا أن يعد ذلك من طريقة أهل الحديث التي نصصت أنت نفسك أنه لا يكفي مجرد ذلك حتى يتيقّن أنه هؤلاء الثّقات لم يُخطئوا فيما رووه لجواز الخطأ عليهم..(= انتفاء الشذوذ والعلة)
ليحذر اخي الكريم أن يقول احدنا قولا لم يسبقه إليه أحد
هذه آخر مشاركة بينهما وإني جهدت حين اختصار المبباحثة ألا أكون أخللت بنقل شيء له صلة بالمباحثة
أرجو من إخواني المشايخ ان يثروا هذه المباحثة وجزاهم الله سلفا خير الجزاء