تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: شيوخ بني أمية !

  1. #1

    افتراضي شيوخ بني أمية !

    شيوخ بني أمية

    سئل عبد الله بن المبارك عن الملوك ؟ فقال : الزهاد , قيل : فمن السّفلة ؟ قال : الذي يأكل بدينه , (صفة الصفوة لابن الجوزي 4/139 ) ولما أراد يزيد بن عبد الملك أن يسير بسيرة عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - فجاء إليه جماعة من شيوخ بني أمية فحلفوا له بالله الذي لا إله إلا هو أنه إذا ولّى الله على الناس إماماً تقبل الله منه الحسنات و تجاوز عن السيئات .
    قال ابن تيمية : " كثير من أتباع بني أمية - أو أكثرهم - كانوا يعتقدون أن الإمام لا حساب عليه ولا عذاب , وأن الله لا يؤاخذهم على ما يطيعون فيه الإمام , بل تجب عليهم طاعة الإمام في كل شيء , و الله أمرهم بذلك.. " ( المنهاج 4/541 ) هذه الطاعة العمياء كانت مضرب المثل , فيقال " طاعة شامية " ! بل إن الخصوم قد أدركوا ذلك , حتى قال داعي الدولة العباسية " أما أهل الشام فلا يعرفون إلا طاعة بني مروان " ( المنتظم لابن الجوزي 7/56 ) .
    و ها هو الحجاج المبير قد استعبدته هذه الطاعة , ثم هو يحاصر عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - في البلد الحرام , و يصيح قائلاً : يا أهل الشام الله الله في الطاعة ! ( البداية لابن كثير 8/329 ) , و كان الحجاج - ومعه سيّده عبد الملك بن مروان - يقولان : " ننهى عن ذكر عمر الفاروق - رضي الله عنه - فإنه مرارة للأمراء مفسدة للرعية " ! ( البداية 9/66 ) .
    و من خطب الحجاج : " اسمعوا و أطيعوا ليس فيها مثنوية لأمير المؤمنين عبد الملك " . ( أخرجه أبو داود 4643 )
    واستمر الحجاج على إدمان الطاعة العمياء حتى هلك , فقد جاء في و صيته أنه لا يعرف إلا طاعة الوليد بن عبد الملك عليها يحيي , وعليها يموت , و عليها يبعث !! ( البداية 9/139 )
    هذه الوثنية السياسية لم يسكت عنها سلف الأمة , فما كان لقمع السطوة الحاكم أن يمنعهم من تبليغ رسالات الله تعالى , فإن الإمام الزهري - رحمه الله - لما سأله الوليد بن عبد الملك عن حديث " إن الله إذا استرعى عبداً الخلافة كتب له الحسنات , ولم يكتب عليه السيئات " , فقال : هذا كذب , ثم تلا قوله تعالى { يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } ص 26 , فقال الوليد : إن الناس ليغروننا عن ديننا . ( فتح الباري 13/113 )
    وكان الحسن البصري - رحمه الله - يقول : سيأتي أمراء يدعون الناس إلى مخالفة السنة فتطيعهم الرعية خوفاً على دنياهم , فعندها سلبهم الله الإيمان , و أورثهم الفقر و نزع منهم الصبر , و لم يأجرهم عليه .
    و قال الشعبي : " إذا أطاع الناس سلطانهم فيما يبتدع لهم أخرج الله من قلوبهم الإيمان وأسكنها الرعب " .
    وقال يونس بن عبيد : " إذا خالف السلطان السنة , و قالت الرعية قد أمرنا بطاعته أسكن الله قلوبهم الشك و أورثهم التطاعن " ( الإبانة الصغرى لابن بطة صـ55 )
    و إن كان هؤلاء الشيوخ قد أضحوا أثراً بعد عين إلا أن داءهم قد استفحل في السنوات الأخيرة , فهناك نماذج أكثر نفاقاً و تملقاً من شيوخ بني أمية , بل صار العقلاء يترحمون على شيوخ بني أمية لما رأوا أفراخهم و ورثتهم , و كان الشعبي يقول : " يأتي على الناس زمان يصلّون ( يدعون ) للحجاج ! فهذا الصنف مصابٌ بالوله للأمراء و الهيام بالحكام ! فلا يزال لسانه رطباً بذكرهم , و يستهلّ حديثه بتعظيم إمام الزمان , و يختمه بالتسليم و الإذعان للسلطان ! و من المفارقات أن الروافض قد تململوا و ضجروا من وثنية أصل " الإمامة " عندهم , فأحدثوا تبديلاً و تمرّداً على ما أصّلوه كما صنع الخميني في " ولاية الفقيه " , و في المقابل فإن بعض متسننة هذه العصر قد اعتراهم هذا النَفَس الرافضي المتهافت من حيث لا يشعرون , فتراهم يقررون بلسان الحال أو المقال أن الإمامة مقصودة لذاتها , و أن للإمام " المنتهى" أو قريباً من ذلك !
    و قد قرر المحققون من أهل العلم أن مقصود جميع الولايات أن يكون الدين كله لله عز وجل , و إصلاح دين الناس , فالولاة إنما نصبوا من أجل إقامة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كما هو محرر في الأحكام السلطانية للماوردي صـ5 , و الحسبة و السياسة الشرعية لابن تيمية بمجموع الفتاوى 28/61 , 262 و الطرق الحكمية لابن القيم صـ 217 .
    و قال الطيبي في شرحه لحديث " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته "
    " في هذا الحديث أن الراعي ليس مطلوباً لذاته , و إنما أقيم لحفظ ما استرعاه المالك فينبغي أن لا يتصرف إلا بما أذن الشارع فيه " ( فتح الباري 13/13 )
    ثم إن متسننةً قد خلعوا لقب " الإمام " و " أمير المؤمنين " و نحوهما على حكام يجاهرون بالعلمنة في السّراء و الضراء و المنشط و المكره و ينابذون الشرع المنزّل بل و المؤول , حتى أفتى بعضهم - في هذه الأيام - بقتل أحد المرشحين في الانتخابات , لأن في ذلك منازعة و افتياتاً على الإمام الأعظم , و الذي قد أَذِن بمسرحية الانتخابات و أقرّها !
    إنها بلاهة صلعاء و تزلف مقيت , و شماتة بأهل السنة و الجماعة و لئن كان قمع الحكام و استبدادهم قد خلّف مهانة و خوراً عند قوم , كما أورث تملقاً ومداهنة عن آخرين , فلن تخلو الأرض من قائم لله بحجة من الذين يبلغون رسالات الله ولا يخشون أحداً إلا الله , و لئن عجز الكثير عن الصدع بالحق فلا أقل أن يسكتوا عن التلبيس و تزويق الباطل و تلميع الطاغوت .
    و لئن كان بعضهم يتدثّر بلبوس خوف الفتنة.. فلا يُسوّغ ذلك أن تُضفى الشرعية الإسلامية على أنظمة علمانية صارخة في نظمها و موادها, و إنما جاءت الشريعة الإسلامية بتحصيل المصالح و تكميلها و درء المفاسد و تقليلها , فكما يتعيّن مجانبة التزلف الرخيص و الإفك المبين و قلب الحقائق , فكذا تراعى قواعد المصالح و المفاسد , فلا يصلح التهور و المصادمة لهذه الأنظمة دون فقه لتلك القواعد و الأصول .
    و التحذير من التهوّر والطيش لا يبرر تقديس الحكام و مداهنتهم , و إن نقد الأنظمة و الحكام و محاسبتهم لا ينفك عن محاسبة أنفسنا و تقويمها , إذ هما أمران متلازمان , فكما تكونوا يُولّى عليكم , فظهور المعاصي و تنوّع الكوارث و البلايا ملازمٌ لظلم الحكام و بطشهم و كما قال ابن القيم : " قد جعل الله سبحانه أعمال البَرّ و الفاجر مقضيات لآثارها في هذا العالم اقتضاء لابد منه.. فجعل ظلم المساكين و البخس في المكاييل و الموازين , و تعديّ القوي على الضعيف سبباً لجور الملوك و الولاة الذين لا يرحمون أن استُرحِموا , و لا يعطفون إن استُعطِفوا , و هم في الحقيقة أعمال الرعايا ظهرت في صور ولاتهم , فإن الله سبحانه بحكمته وعدله يُظهر للناس أعمالهم في قوالب و صور تناسبها , فتارة بولاة جائرين.. " ( زاد المعاد باختصار 4/463, 464 )
    و الحاصل أنه لابد من مدافعة هذا الفساد العريض لدى الراعي و الرعية على وفق ما جاء به الشرع المنزّل كما قال عبد القادر الجيلاني " نازعت أقدار الحق بالحق للحق " .
    و نقول في الختام كما قال عمر بن عبد العزيز : اللهم أصلح من كان في صلاحه صلاح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم , و أهلك من كان في هلاكه صلاح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم . ( أخرجه ابن أبي شيبة 13/469 )

    http://almoslim.net/node/139135
    والشـرك فـاحذره فشـرك ظاهـر ***** ذا القسـم ليس بـقابـل الغفـران

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    56

    افتراضي رد: شيوخ بني أمية !

    لله ماأحلى هذا الكلام
    والله كأن عليه نور العلم وسيما أهل العلم
    فليعودوا الى سير أهل العلم لا للفتن وكذلك لا تسويغ الباطل والتكلف له.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    184

    افتراضي رد: شيوخ بني أمية !

    بارك الله فيكم
    وجزاكم الله خيرا على نقل هذا الكلام النفيس
    قال ابو العلاء:
    إذا قال فيك الناس ما لا تحبه*** فصبرا يفىء ود العدو إليكا
    وقد نطقوا مينا على الله وافتروا*** فما لهم لا يفترون عليكا؟

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    61

    افتراضي رد: شيوخ بني أمية !

    فأحدثوا تبديلاً و تمرّداً على ما أصّلوه كما صنع الخميني في " ولاية الفقيه " , و في المقابل فإن بعض متسننة هذه العصر قد اعتراهم هذا النَفَس الرافضي المتهافت من حيث لا يشعرون
    قياس مع الفارق.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    296

    افتراضي رد: شيوخ بني أمية !

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بذل الخير مشاهدة المشاركة
    لله ماأحلى هذا الكلام
    والله كأن عليه نور العلم وسيما أهل العلم
    فليعودوا الى سير أهل العلم لا للفتن وكذلك لا تسويغ الباطل والتكلف له.
    صدقت

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    133

    افتراضي رد: شيوخ بني أمية !

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بذل الخير مشاهدة المشاركة
    لله ماأحلى هذا الكلام
    والله كأن عليه نور العلم وسيما أهل العلم
    أي والله صدقت .. لكن لا غرابة !! فكاتب هذا الكلام من أفذاذ أهل العلم, نسال الله ان يثبته ويكثر من أمثاله..

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    56

    افتراضي رد: شيوخ بني أمية !

    بوركتم وحفظ الله الشيخ
    وجزا الله أبا البراء خير الجزاء.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •