دعاة التغريب ومن يقف خلفهم ليس هدفهم تغريب المجتمع الإسلامي فحسب ، بل لجعل رجاله ونساءه نصارى ، ويهود ، وبلا دين ، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، المهم أنهم ليسوا بمسلمين هذا هو هدفهم الحقيقي .
فالتغريب – كما لا يخفى - هو التبعية للأجنبي في الشرق والغرب فكراً وسلوكاً ، والانجذاب إلى ثقافته ، انطلاقاً من فكرة شاعت قوامها أن هناك نموذجاً ثقافياً واحداً ووحيداً ، هو النموذج الغربي ، وأن كل ابتعاد عنه عجز وتخلف .
دعاة التغريب هم مقلدون تائهون يرددون كلام سادتهم وأوليائهم ، ويلفقون ويزورون في دعاويهم وآرائهم ، كل عملهم في الأمة هو عمل الغواة والسحرة ، فما أضخم شعاراتهم ، وما أكثر ضجيجهم ، وما أسوأ أخلاقهم ، انتشر بهم الكذب والفجور والتحلل ، وعمَّ بهم البلاء والفتنة ، فأصبحوا كابوساً ثقيلاً على الأمة ، فما أبعد الإنصاف والعدل والانتماء للإسلام عن سلوكهم وأعمالهم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
كأن شعاع الشمس في كل غدوة *** على ورق الأشجار أول طالع
دنانير في كف الأشل يضمها *** لقبض فتهوى من فروج الأصابع
فدعاة التغريب أواللادينية في مجتمعاتنا إنما يحاربون الفطرة الخيرة في الأمة والتي جاء الإسلام فقواها ونماها وغذاها حتى أصبحت فطرة سليمة تستطيع العيش في الأرض هادئة مطمئنة وفق القوانين التي شرعها الله لها .
( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) [المائدة 50] .
ولقد عرفت البلاد الإسلامية والعربية الأهداف الحقيقية لهذا التغريب ، ولمستها لمس اليد ، عن طريق تجربتها مع المحتل الأجنبي يوم أن ضعفت وحصل فيها الخلل ، فاستهدفت استراتيجية التغريب التي ساقها المحتل الأجنبي ، العزل القسري الإسلامي ، وطمس الهوية الإسلامية ، والقضاء على اللغة العربية ، لغة القرآن ، وذلك عن طريق السعي إلى استئصال المناعة الإسلامية ، والجذور الإسلامية ، التي تقف وحدها عقبة كأداء في طريق بلوغ الأهداف التغريبية .
نعم إن الإسلام والمتمثل في علمائه ورجاله وطلاب علمه ودعاته ، هو العقبة الوحيد في تحقيق ما يصبوا إليه دعاة التغريب ، أذناب الغرب وعملائه ، فإن نام هؤلاء الأسود فرح المخلفون بمقعدهم خلافهم وكرهوا كل دعوة تناهض دعوة التغريب وتصدها .
لقد استغل التغريبيون لتحقيق هذا الهدف كل الوسائل في أرضنا الإسلامية منها على سبيل المثال : النماذج الخلقية المنحطة ، والمجلات والصحف الخليعة ، والإذاعة المسموعة والمرئية ، المواقع الالكترونية المشبوهة ، والسينما والمسارح ، ومحلات الدعارة وبيوتها ، والملاهي والمراقص والحفلات الماجنة ، ومعسكرات الشباب ومنظماته ، و (البلاجات) والمسابح المشتركة ، والرياضة ، وتعاطي الخمور ، والتشجيع على استهلاك وسائل التجميل ، والتشجيع على ارتكاب الجريمة ، ودفع المجتمع نحو المخدرات ، واستغلال الإبداعات والأعمال الفنية ، واستغلال النتاجات الأدبية كالقصة والشعر لهذا الغرض ، وتربية الناس على تقليد الغرب الخليع في مختلف الشؤون كاللباس والسكن والسلوك ، وفسح المجال للجمعيات والعناصر تدعو إلى ذلك ليساعدوا في إذكاء نار الفساد ، وإشاعة العملية غير النزيهة بين الجنسين ، وغير ذلك الكثير والكثير من الأساليب الرخيصة .
فالهدف لا يختلف وهو التغيير الاجتماعي أو التغريب ، أو بعبارة أوضح : الإبعاد عن الإسلام .
وهو في نفس الوقت أن تتجه الأمة الإسلامية إتجاهًا علمانيًّا في بدايته ونهايته في جل شؤون الحياة .
فالدعاة إلى الله يجب أن يستفرغوا جهودهم في سبيل جلاء هذا الفكر ، وطرحه على بساط التفكر والتدبر أمام المسلمين عامة ، ومن توجه إليهم سهام التغريب والاستشراق والعلمانية والماسونية ودعاة المدنية المادية الزائفة ، والمشككين ، ومن يعبدون الله على حرف ، والمنافقين ، وطلاب الدنيا ، والباحثين عن زخارفها ، بصفة خاصة ، لأن المستهدف أولى بالرعاية . ( فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً ) [النساء84] .