السلام عليكم.
شدني في جامع العلل لفضيلة الدكتور ماهر الفحل ما يلي:
1- العناية بالنقل عن المتقدمين. وهؤلاء كما تبين القراءة المتأنية لكلامهم ولشروح المعاصرين مثل الدكتور ماهر أطباء الحديث الحقيقيون، ونقدهم هو الترياق الشافي لعلل الأحاديث.
وكم أسأنا حين تجاوزناهم وزهدنا بهم، فجاء كتاب الجامع ليحيي النقل عن أولئك ويبرز فكرهم ونقدهم مع الشرح البسيط الذي يقرب المعلومة مهما غمضت غلى ذهن القارئ.
2- العناية بسبر طرق الحديث بطريقة منهجية تقوم على تتبع الحديث عن مدار الإسناد. ولم أر من بز الدكتور ماهر في سعة السبر .
3- تحري الإنصاف في الحكم على الرواة وعدم غمطهم حقوقهم، ووضعهم في مكانتهم التي يستحقونها، فمثلاً ليس كل عابد يستحق أن يكون من ثقات رواة الحديث فقد تكون فيه غفلة تمنعه عن التحري في صدق من يروي عنهم أو قد تمنعه هذه الغفلة عن الدقة في الرواية فيشوب النقص أو المبالغة الرواية أو لعله يدخل الأسانيد أو المتون في بعضها.
4- يلفت الدكتور الفحل النظر إلى العلماء المعاصرين، بشكل يتيح لقارئ الجامع التعرف إليهم وإلى منزلتهم العلمية.
5- يقوم منهج النقد عند الدكتور الفحل على بيان مكمن الخطأ من خلال تتبع واستقراء أقوال نقاد الحديث، وتقديم الأولى فالأولى من أقوالهم، فالمعاصرون للراوي ليسوا سواء في الأخذ عنه فمثلاً قد تصح مرويات أهل الكوفة عن راو وتضعف مرويات أهل الشام لعلة فقد الراوي لكتبه أيام كونه في الشام.
ونقاد الحديث ليسوا سواءً في قبول نقدهم، فمثلاً قد لا يؤخذ بجرح ابن معين في رواية الحسن البتري لأنه لم يبن نقده على كذب ثبت عن الحسن بن صالح بن حي، بل لأنه خالفه في النحلة، مما يؤدي في أحسن الظروف لنبذ رواية الحسن حتى لا تشيع بدعته عند من يبدعه، دون تكذيب الحسن البتري في روايته، وإن كان الأمر استقر على الأخذ برواية البتري، وغض الطرف عن جرح ابن معين.
ابن المديني وعبد الرحمن بن مهدي وأبو حاتم الرازي وابن حنبل وابن معين وأبو زرعة والبخاري...هم أعلم الناس بإتقان الرواة، وتمييز الورايات والأسانيد ونمييز طرقها نظراً لطول عهدهم في الرواية والنقل وكثرة مذاكرتهم وسبرهم لمرويات شيوخهم .
6- يقنع الدكتور ماهر قارئه بالكثير الكثير من نقوداته. وذلك بطريقة علمية متسلسلة.دون قسر ذهن القارئ على شيء من آرائه، فهو يميل لإبداء الدليل قبل تقرير رأيه.
7- ما أسهل أن يرجع ماهر الفحل عن رأي أو نقد إن استبان له خطؤه.
8- الفحل فيه حدة ورقة قلب يستفيدها القارئ ويتأثر بها.
9-يشهد نقد الفحل له بالأدب مع أهل الدين خصوصاً العلماء، بينما لا يبالي أن ينتقد أياً كان من المعاصرين إن خالف المنهج العلمي أو أضر بالأمة من خلال سوء تخريجه لحديث أو سوء إخراج له لكتاب، ولا يعاني قارئ الفحل من أي مشكلة مع المعاصرين، فالفحل لا يروثه الضغينة إلا على الخطأ دون أن يتجاوز الأمر إلى مرتكبه، وهذا بشكل عام شبه تام.
10- لقد أحيى كتاب الجامع فينا الرغبة لسبر طرق الحديث وحسن النظر في الأسباب الموضوعية لاختلاف العلماء.
نفع الله بالمؤلف الفحل وبقرائه وأعاننا وإياكم على عمل الخير.