تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: إقامة شوادر العزاء من الكفر!!!!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    403

    افتراضي إقامة شوادر العزاء من الكفر!!!!

    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد .
    فإن في هذه الأزمنة انتشرت هذه البدعة المنكرة وهي إقامة الشوادر للعزاء وقد ابتلي بها الكثير من المسلمين وللأسف بعضهم ممن يسمون بالمتدينيين أو الإخوة !!! ومما زاد الطين بلة أن بعض العلماء أفتوا بجواز هذه الشوادر ، فمن باب النصيحة للمسلمين أردت أن أوضح حكم الشرع في هذه الشوادر .
    مفاسد الشوادر
    1 - أنها من الكفر الأصغر الذي لا يخرج من الملة ولكنه من الكبائر .
    الدليل : ‏عن ‏ ‏أبي هريرة - رضي الله عنه - ‏ ‏قال ‏ :
    ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏: " ‏اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت ‏" رواه مسلم - كتاب الإيمان - إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة .
    * قال النووي - رحمه الله - : " وفيه أقوال أصحها أن معناه هما من أعمال الكفار وأخلاق الجاهلية . والثاني : أنه يؤدي إلى الكفر . والثالث : أنه كفر النعمة والإحسان . والرابع : أن ذلك في المستحل . وفي هذا الحديث تغليظ تحريم الطعن في النسب والنياحة . وقد جاء في كل واحد منهما نصوص معروفة . والله أعلم. "
    أقول : وإقامة الشوادر من النياحة والدليل على ذلك ما رواه أحمد وابن ماجة بسند صححه النووي والبوصيري والألباني عن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - أنه قال : " كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت ، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة "
    وهذا الحديث له حكم الرفع أي كأنه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - .
    * قال السندي - رحمه الله - في شرح سنن ابن ماجة : " ‏قوله ( كنا نرى ) ‏
    ‏هذا بمنزلة رواية إجماع الصحابة رضي الله عنهم أو تقرير النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الثاني فحكمة الرفع على التقديرين فهو حجة ‏
    ‏( وصنعة ) ‏
    ‏أي الأهل وإفراد الضمير لإفراد لفظ الأهل وبالجملة فهذا عكس الوارد إذ الوارد أن يصنع الناس الطعام لأهل الميت فاجتماع الناس في بيتهم حتى يتكلفوا لأجلهم الطعام قلب لذلك وقد ذكر كثير من الفقهاء أن الضيافة لأهل الميت قلب للمعقول لأن الضيافة حقا أن تكون للسرور لا للحزن وفي الزوائد إسناده صحيح رجال الطريق الأول على شرط البخاري والثاني على شرط مسلم والله أعلم . ‏"

    ملاحظات هامة
    أ - كما أنه لا تجوز إقامة الشوادر ، فإنه أيضا لا يجوز عمل مجلس للعزاء في أي مكان سواء أكان في البيت أم في دار المناسبات أم في أي مكان اّخر ، فليس للعزاء مجلس خاص إنما كل إنسان يعزي أهل الميت إذا قابله أو يذهب إليه في أي وقت ليعزيه ، وهذا هو هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث " كان من هديه - صلى الله عليه وسلم - تعزية أهل الميت ، ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء ، ويقرأ القرأن لا عند قبره ، و لا عند غيره ، وكل هذا بدعة حادثة مكروهة " زاد المعاد - 1 \ 527
    ب - إذا أتى المعزون أو متبعو الجنازة من بلاد بعيدة ، وقدم لهم أهل الميت طعاما فهذا لا يكون من النياحة . راجع المغني 3 \ 497 ، إنما المحرم هو صنع الطعام للجميع كما يفعل البعض ويدخل فيها القهوة التي يقدمونها في الشوادر فإن كلمة " الطعام " في حديث جرير السابق كلمة عامة يدخل فيها كثير الطعام وقليله ، فإن قيل إن القهوة شراب وليست طعاما فالرد أنه أحيانا يسمى الشراب طعاما كما قال تعالى : " ومن لم يطعمه فإنه مني " البقرة 249 وكان هذا على الشرب من النهر كما قصة طالوت وجنوده والله أعلم .
    ج - إذا دعي الإنسان لهذا الطعام فإنه يحرم عليه أن يلبي هذه الدعوة . راجع فتاوى اللجنة الدائمة ( 9 | 156 - 157 ) ترتيب الشيخ الدويش .
    2 - أن الشوادر سبب لتقليل عدد المتبعين للجنازة ؛ لأن كثيرا من الناس سيكتفون بالعزاء في الشادر دون الذهاب إلى الجنازة ، وهذا يضيع خيرا عظيما على الميت المسكين الذي هو في حاجة إلى دعوات صالحات ، وفي حاجة إلى تكثير عدد المصلين عليه فقد جاء في صحيح مسلم وسنن أبي داود وابن ماجة من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعن رجلا ، لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه " وجاء أيضا في صحيح مسلم وسنن النسائي والترمذي من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من ميت يصلى عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه " .
    3 - ما فيها من تبذير للمال والتبذير محرم كما قال تعالى : " و لا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا " الإسراء - 27 ، وتزداد الطين بلة إذا دفعت هذه الأموال من أموال الأيتام وإنا لله وإنا إليه راجعون ، فيكون من أكل أموال اليتامى بالباطل الذي هو من أكبر الكبائر .
    4 - ما فيها من إيذاء للمسلمين سواء بالضوضاء التي يحدثها أو بتعطيله الشوارع وأحيانا يسبب الضيق لأصحاب المحلات التجارية فيكون فيه إيذاء مالي للبعض .
    5 - ما في هذه الشوادر من مفاخرات ومباهاة و لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر .
    6 - ما فيها من قراءة للقراّن على وجه فيه تلحين شديد وأيضا تزداد الطين بلة عندما يأخذ القارىء أجرا على قراءته فهذا لا يجوز أبدا ، وهذه المسألة تختلف عن مسألة أخذ الأجرة على تعليم القراّن التي اختلف فيها العلماء والفتوى الاّن من علمائنا على الجواز والله أعلم .
    7 - ما يصاحب هذه الشوادر في أغلب الأحيان من شرب للدخان والغيبة وغير ذلك من الأمور المحرمة .
    وأخيرا أيها الأحباب ها أنتم قد علمتم حرمة هذه الشوادر فهل أنتم منتهون ؟؟؟؟
    لا تهتموا بالعادات والتقاليد ولكن كونوا كصالح عليه السلام الذي قال لقومه " فما تزيدونني غير تخسير " هود - 63 فوالله لن تنفعكم التقاليد والعادات إذا كانت في معصية رب الأرض والسماوات ، وتذكروا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم : " من أسخط الله في رضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه من أرضاه في سخطه ومن أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه من أسخطه في رضاه حتى يزينه ويزين قوله وعمله في عينه "
    وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه وسلم .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,642

    افتراضي


    بارك الله فيك أخي محمد
    أما الاجتماع للعزاء فليس كفراً أصغر كما ذكرتَ
    وليس من النياحة، ولادليل على إلحاقه بها إلا حديث جرير رضي الله عنه
    وقد أنكر حديثه هذا الإمام أحمد.
    وقد ذكرتَ وفقك الله أن من العلماء من أفتى بجواز الاجتماع للعزاء، وهذا صحيح، وهي مسألةٌ فقهية مشهورة في كتب فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم.
    ولذا لا أرى التعنيف على المخالف فيها، خاصة مع ضعف الدليل الصريح في المنع
    وإذا ثبت الدليل المانع وجب الانقياد.
    وأما المنكرات الأخرى فلا شك في المنع منها على كل حال، كالتدخين والغيبة وغيرهما، وكذا الإسراف ونحوه.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    403

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا ، وأرى أن مدار البحث سيكون حول حديث جرير - رضي الله عنه - ؛ لأن مجرد إنكار الإمام أحمد - رحمه الله - هذا الحديث ليس حجة قاطعة وجزاكم الله خيرا .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,642

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد العبادي مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا ، وأرى أن مدار البحث سيكون حول حديث جرير - رضي الله عنه - ؛ لأن مجرد إنكار الإمام أحمد - رحمه الله - هذا الحديث ليس حجة قاطعة وجزاكم الله خيرا .

    وجزاك ربي خيراً ونفع بك
    وبناءً على ما ذكرتَ تكون المسألة محلَّ اجتهاد.

    وأما إنكار الإمام أحمد فهو أولى من تصحيح من صحح الحديث، فهو إمام من أئمة النقد الكبار
    ولاأعني عصمتَه، ولكن ليس من السهولة ردُّ مثل هذا الإنكار بمجرد النظر في ظواهر الأسانيد.

    وأرجو أن يتيسر الوقت لبسط القول في هذا الحديث، وبيان علته
    والمادة العلمية شبه جاهزة، وإنما تفتقر إلى شيء من الإضافة، ثم الترتيب والصياغة.



  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي

    [align=right]يُراجع : التعزية وأحكامها في ضوء الكتاب والسنة :
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=37260

    وفيه مبحث في هذا الحديث وإثبات علته (ص120-مناقشة ما استدل به أصحاب القول الثاني من أدلة على منع الجلوس للتعزية) ، فليس الأمر مجرد تقليد لحكم إمام من الأئمة .

    ولعل أبا محمد يبسط القول فيه ، ففي بحوثه نَفَاسة - أحسن الله إليه - .[/align]

  6. #6

    افتراضي

    وفقكم الله

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    ما حكم اجتماع الناس في العزاء ؟



    السؤال :
    ما حكم جلوس أهل الميت واجتماعهم في مكان معين لاستقبال المعزين ؟

    تم النشر بتاريخ: 2014-01-14
    الجواب :
    الحمد لله
    المقصود من الاجتماع للتعزية: أن يجلس أهل الميت ويجتمعوا في مكان معين ، بحيث يقصدهم فيه من أراد العزاء ، سواء اجتمعوا في بيت أهل الميت ، أو في تلك السرادقات التي يقيمونها لهذا الشأن وغيره .
    وهذه المسألة من مسائل الخلاف المعتبر بين أهل العلم ، وللعلماء فيها اتجاهان :
    الاتجاه الأول:
    لا يرى الاجتماع لأجل العزاء، وأن هذا الاجتماع مكروه، وهو مذهب الشافعية والحنابلة وكثير من المالكية، وصرح بعضهم بالتحريم.
    وأقوى ما استدلوا به القائلون بالكراهة أمران:
    1- أثر جرير بن عبد الله قَالَ:
    (كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ : مِنْ النِّيَاحَةِ). رواه أحمد (6866)، وابن ماجه (1612).
    2- أن هذا الأمر لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه، فهو من المحدثات، وفيه مخالفة لهدي السلف الصالح، الذين لم يجلسوا ويجتمعوا للعزاء.
    قال الإمام الشافعي: "وَأَكْرَهُ الْمَأْتَمَ ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُكَاءٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجَدِّدُ الْحُزْنَ، وَيُكَلِّفُ الْمُؤْنَةَ مَعَ مَا مَضَى فِيهِ مِنْ الْأَثَرِ".
    انتهى من "الأم" (1/318).
    قال النووي: " أَمَّا الْجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ ، فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ عَلَى كَرَاهَتِهِ ... قَالُوا : بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْصَرِفُوا فِي حَوَائِجِهِمْ ، فَمَنْ صَادَفَهُمْ عَزَّاهُمْ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي كَرَاهَةِ الجلوس لها ..." .
    انتهى من "المجموع شرح المهذب" (5/306).
    وقال المرداوي: "وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا ، هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ " ، انتهى من " الإنصاف" (2/ 565).
    وقال أبو بكر الطُرطوشي: " قال علماؤنَا المالكيون : التصدي للعزاء بدعةٌ ومكروه ، فأَما إن قعد في بيته أَو في المسجد محزوناً من غير أن يتصدى للعزاء ؛ فلا بأس به ، فإنه لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم نعيُّ جعفر ؛ جلس في المسجد محزوناً ، وعزاه الناس". انتهى من "الحوادث والبدع" (ص:170).
    وبهذا القول يفتي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث يقول : " بالنسبة لأهل الميت لا يشرع لهم الاجتماع في البيت وتلقي المعزين ؛ لأن هذا عدَّه بعض السلف من النياحة ، وإنما يغلقون البيت ، ومَن صادفهم في السوق أو في المسجد عزَّاهم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (17/ 103) .
    وأما الاتجاه الآخر:
    فلا يرى حرجاً من الاجتماع والجلوس للتعزية إذا خلا المجلس من المنكرات والبدع ، ومن تجديد الحزن وإدامته ، ومن تكلفة المؤنة على أهل الميت ، وهو قول بعض الحنفية وبعض المالكية وبعض الحنابلة ، ينظر : "البحر الرائق" (2/207) ، "مواهب الجليل" (2/230) .
    قال ابن نُجيم الحنفي: " وَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ إلَيْهَا ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ مَحْظُورٍ مِنْ فَرْشِ الْبُسُطِ وَالْأَطْعِمَةِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ ". انتهى من " البحر الرائق" (2/207).
    وهذا القول رواية عن الإمام أحمد ، نقلها حنبل والخلال .
    قال المرداوي: " وَعَنْهُ : الرُّخْصَةُ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ عَزَّى وَجَلَسَ ، قَالَ الْخَلَّالُ : سَهَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْجُلُوسِ إلَيْهِمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ...، وَعَنْهُ : الرُّخْصَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ [ ابن تيمية ] .
    وَعَنْهُ: الرُّخْصَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَلِغَيْرِهِمْ ، خَوْفَ شِدَّةِ الْجَزَعِ".
    انتهى من "الإنصاف" (2/565) .
    وقال ابن عبد البر في "الكافي" (1/283) : " وأرجو أن يكون أمر المتجالسة في ذلك خفيفاً " انتهى .
    واختار هذا القول من العلماء المعاصرين: الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى كما في "مجموع الفتاوى" (13/373) - ، وهو ترجيح الشيخ محمد المختار الشنقيطي في "سلسلة دروس شرح الزاد" .
    وأقوى ما استدل به القائلون بالجواز:
    1- حديث عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
    (أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتْ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: كُلْنَ مِنْهَا ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ). رواه البخاري (5417) ، ومسلم (3216). [ التلبينة: هي حساء يعمل من دقيق ونخالة ، وربما جعل معه عسل ، وسميت به تشبيها باللبن ، لبياضها ورقتها].
    فهذا الحديث فيه الدلالة الواضحة على أنهم كانوا لا يرون في الاجتماع بأساً ، سواء اجتماع أهل الميت ، أو اجتماع غيرهم معهم .
    2- وعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: " لَمَّا مَاتَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ اجْتَمَعَنْ نِسْوَةُ بَنِي الْمُغِيرَةِ يَبْكِينَ عَلَيْهِ ، فَقِيلَ لِعُمَرَ: أَرْسِلْ إلَيْهِنَّ فَانْهَهُنَّ، لاَ يَبْلُغُك عَنْهُنَّ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ .
    فَقَالَ عُمَرُ : " وَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يُهْرِقْنَ مِنْ دُمُوعِهِنَّ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ ، مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ ، أَوْ لَقْلَقَةٌ ". رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 290) ، وعبد الرزاق الصنعاني (3/ 558) بسند صحيح.
    وَالنَّقْعُ: التُّرَابُ عَلَى الرَّأْسِ ، وَاللَّقْلَقَةُ : الصَّوْتُ ، أي ما لم يرفعن أصواتهن أو يضعن التراب على رؤوسهن.
    وأجاب هؤلاء عن أثر جرير بن عبد الله بجوابين:
    الأول:
    أن الراجح فيه أنه ضعيف، فقد أعله الإمام أحمد ، والدراقطني.
    فهذا الاثر رواه أحمد بن منيع في "مسنده" ، وابن ماجه في "السنن" (1612) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/307) من طريق هُشيم عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس ، عن جرير به .
    وهذا سند ظاهره الصحة، فإن رواته أئمة حفاظ ثقات ، لذلك صححه جماعة من أهل العلم كالنووي في "المجموع" (5/320) ، وابن كثير في "إرشاد الفقيه" (1/241) ، والبوصيري في "مصباح الزجاجة" (1/289) ، والشوكاني في "نيل الأوطار" (4/148) ، والشيخ أحمد شاكر في تحقيق المسند (11/126) ، والألباني في "أحكام الجنائز" (ص/210) ، وكذا محققو مسند أحمد (11/505) وغيرهم .
    غير أن في الحديث علة خفية بينها الحفاظ والنقاد ، هي تدليس هشيم بن بشير ، فإنه على ثقته كان كثير التدليس والإرسال ، وأحيانا عن الضعفاء والمجاهيل .
    يقول الحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (1/249) : " لا نزاع في أنه كان من الحفاظ الثقات ، إلا أنه كثير التدليس ، فقد روى عن جماعة لم يسمع منهم " انتهى.
    ولذلك أعل بعض الحفاظ المتقدمين حديث جرير هذا بتدليس هشيم فيه :
    قال أبو داود : " ذَكَرْتُ لِأَحْمَدَ حَدِيثَ هُشَيْمٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ قَيْسٍ ، عَنْ جَرِيرٍ: " كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ لَهُمْ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ".
    قال : زعموا أنه سمعه من شريك ، قَالَ أَحْمَدُ: وَمَا أُرَى لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلاً".
    انتهى من "مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني" (ص: 388).
    وجاء في "العلل" (13/462) للدارقطني ما يشعر باحتمال تدليس هشيم له .
    فإن كان المدلَّس هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي فهي رواية ضعيفة ، فإنه ضعيف الحديث عند عامة المحدثين ، ومثله لا يقبل تفرده بحديث ينبني عليه حكم شرعي بالتحليل أو التحريم .
    نعم، تابعه نصر بن باب كما في مسند أحمد (6905) غير أن نصراً هذا جاء في ترجمته في "تعجيل المنفعة" (ص/420) : " قال البخاري : يرمونه بالكذب ، وقال ابن معين : ليس حديثه بشيء ، وقال علي بن المديني : رميتُ حديثه ، وقال أبو حاتم الرازي : متروك الحديث ، وقال أبو خيثمة زهير بن حرب : كذاب ". انتهى.
    فلا تقوى متابعته على تحسين رواية شريك ، بل هناك احتمال قوي بأن المدلَّس في رواية هشيم هو نصر بن باب نفسه وليس شريكاً .
    والخلاصة : أن قول جرير بن عبد الله البجلي لم يثبت من طريق صحيح ، والرواية المشهورة معلة بالتدليس ، وللاستزادة ينظر كتاب : " التجلية لحكم الجلوس للتعزية" للشيخ ظافر آل جبعان صـ 27 .
    الثاني :
    على القول بصحته فالمقصود منه : الاجتماع الذي يكون فيه صنعٌ للطعام من أهل الميت لإكرام من يأتيهم ومن يجتمع عندهم .
    ولذلك نص في الأثر على الأمرين : ( كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ : مِنْ النِّيَاحَةِ ) ، فاجتماع هذين الوصفين معاً ، هو الذي يعد من النياحة .
    قال الشوكاني:‏ ‏"‏ يَعْنِي أَنَّهُمْ كَانُوا يَعُدُّونَ الِاجْتِمَاعَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ وَأَكْلَ الطَّعَامِ عَنْدَهُمْ نَوْعًا مِنْ النِّيَاحَةِ ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّثْقِيلِ عَلَيْهِمْ وَشَغْلِهِمْ مَعَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ شُغْلَةِ الْخَاطِرِ بِمَوْتِ الْمَيِّتِ وَمَا فِيهِ مِنْ مُخَالِفَةِ السُّنَّةِ ؛ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِأَنْ يَصْنَعُوا لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا فَخَالَفُوا ذَلِكَ وَكَلَّفُوهُمْ صَنْعَةَ الطَّعَامِ لِغَيْرِهِمْ ".
    انتهى من " نيل الأوطار" (4/ 118) .
    وقال الشيخ ابن باز : " المقصود أن كونهم يجمعونهم ليقرؤوا ويأكلوا هذا لا أصل له، بل هي من البدع ، أما لو زارهم إنسان يسلم عليهم ، ويدعو لهم ويعزيهم ، وقرأ في المجلس قراءة عارضة ليست مقصودة ، لأنهم مجتمعون فقرأ آية أو آيات لفائدة الجميع ونصيحة الجميع فلا بأس ، أما أن أهل الميت يجمعون الناس أو يجمعون جماعة معنية ليقرؤوا أو يطعموهم أو يعطوهم فلوساً ، فهذا بدعة لا أصل له".
    انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (14/ 202).
    وأما القول بأن الاجتماع للعزاء لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فهو من البدع المحدثة .
    فيجاب عنه :
    بأن الاجتماع للعزاء من العادات ، وليس من العبادات ، والبدع لا تكون في العادات ، بل الأصل في العادات : الإباحة .
    ثم إن التعزية أمر مقصود شرعاً ، ولا وسيلة لتحصيلها في مثل هذه الأزمنة إلا باستقبال المعزين ، والجلوس لذلك ، فإن ذلك مما يعينهم على أداء السنة .
    وقد سئل الشيخ ابن باز عن استقبال المعزين والجلوس للتعزية ، فقال : " لا أعلم بأساً فيمن نزلت به مصيبة بموت قريب ، أو زوجة ، ونحو ذلك ، أن يستقبل المعزين في بيته في الوقت المناسب ؛ لأن التعزية سنة ، واستقبال المعزين مما يعينهم على أداء السنة ؛ وإذا أكرمهم بالقهوة ، أو الشاي ، أو الطيب ، فكل ذلك حسن " انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (13/373).
    وقال الشيخ صالح آل الشيخ : " والذي رأيناه من علمائنا في هذا البلد وفي غيره حتى علماء الدعوة من قبل أنهم كانوا يجلسون ؛ لأنه لا تكون المصلحة إلا بذلك ، إذا فات ذلك فاتت سنة التعزية ". انتهى من موقعه على النت:
    http://saleh.af.org.sa/node/42 .
    وحتى على القول بالكراهة ، فإن الكراهة تزول عند وجود الحاجة كما هو معلوم عند العلماء ، ولا شك أن الجلوس للتعزية تشتد لها الحاجة في هذا الزمن لما فيها من تيسير على المعزين ورفع للحرج عنهم .
    فقد يكون أبناء الميت وأقاربه في أصقاع مختلفة أو في نواح متباعدة داخل المدينة الواحدة مما يصعب فيه على من أراد التعزية التنقل بينهم .
    وقد علل بهذا التعليل الشيخ عبد العزيز بن باز حينما سئل عن حكم الجلوس للتعزية، فأجاب بالجواز قائلاً : " إذا جلسوا حتى يعزيهم الناس فلا حرج إن شاء الله حتى لا يتعبوا الناس ، لكن من دون أن يصنعوا للناس وليمة " .
    انتهى من "مجموع الفتاوى" (13/382).
    وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي : " كان السلف يمنعون ذلك ، وكان الإمام مالك رحمة الله عليه يشدد في ذلك كثيراً ويمنع منه ، وعلى ذلك درج فعل السلف ، لكن أفتى المتأخرون من العلماء والفقهاء أنه لا حرج في هذه العصور المتأخرة .
    والسبب في ذلك : أن العصور المتقدمة كان الناس قليلين ، ويمكنك أن ترى آل الميت في المسجد ، وأن تراهم في الطريق ، وأن تراهم في السابلة وتعزي ، وكان الأمر رِفقاً ، بل قل أن يموت ميت إلا وعلم أهل القرية كلهم وشهدوا دفنه ، فكان العزاء يسيراً .
    لكن في هذه الأزمنة اتسع العمران ، وصعُب عليك أن تذهب لكل قريب في بيته ، ويحصل بذلك من المشقة ما الله به عليم ، وفيه عناء ؛ لذلك لو اجتمعوا في بيت قريبٍ منهم كان أرفق بالناس وأرفق بهم ، وأدعى لحصول المقصود من تعزية الجميع والجبر بخواطر الجميع ؛ ولذلك أفتوا بأنه لا حرج -في هذه الحالة- من جلوسهم ، ولا يعتبر هذا من النياحة ، بل إنه مشروع لوجود الحاجة له ".
    انتهى من "سلسلة دروس شرح الزاد" (86/ 16، بترقيم الشاملة آليا) .
    وكثير من العلماء إنما أنكر الاجتماع لما يحدث فيه غالباً من البدع والمنكرات ، وأما مع الخلو من ذلك ، فلا حرج فيه .
    قال شمس الدين المنبجي الحنبلي : " إن كان الاجتماع فيه موعظة للمعزَّى بالصبر والرضا وحصل له من الهيئة الاجتماعية تسلية بتذاكرهم آيات الصبر ، وأحاديث الصبر والرضا ، فلا بأس بالاجتماع على هذه الصفة ، فإن التعزية سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن على غير الصفة التي تفعل في زماننا من الجلوس على الهيئة المعروفة اليوم ، لقراءة القرآن ، تارةً عند القبر في الغالب ، وتارةً في بيت الميت ، وتارة في المجامع الكبار ، فهذا بدعة محدثة ، كرهها السلف ".
    انتهى من " تسلية أهل المصائب " (ص: 121) .
    والخلاصة : أن مسألة الجلوس الخالي من المنكر وتهييج الأحزان مسألة دار فيها الخلاف ، وهي محل نظر، والأمر فيها واسع ، وأما مع وجود المنكرات والبدع فممنوعة .
    وأما مع الخلو منها ، فأدلة القول الثاني – وهو القول بالجواز – أصح إسناداً ، وأظهر دلالةً ، وأما أدلة المنع فهي آثار ضعيفة ، ليس منها شيء صريح الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أن دلالتها محتملة ، إذ يبدو أن المنع فيها ليس عن الجلوس للتعزية المجردة ، بل عن تكلف أهل الميت للناس بصنع الطعام وقد جاءهم ما يشغلهم بالمصيبة .
    ثم لا يخفى أن القول بالجواز هو الأقرب إلى اليسر ورفع الحرج ، وخاصة مع اختلاف الزمان وتنوع مشاغل الناس ، مما اضطرهم إلى اتخاذ بعض الأعراف التي تساعدهم على تنظيم أمور حياتهم ، ومنها اجتماع أهل الميت لتلقي مواساة الناس وتعزيتهم في بداية هذه المصيبة ، فلا يضطر المعزون إلى التفتيش عن أهل المتوفى واحدا واحدا في أماكن عملهم أو مساجدهم أو حتى بيوتهم ، ولا يلجؤون إلى ترك أعمالهم أياما كثيرة لإدراك ذلك مع بعد المسافات واختلاف الظروف والأوقات .
    فلو لم يكن في القول بالجواز إلا رفع المشقة والحرج عن الناس لكان كافياً في ترجيحه ، فكيف وقد عضدته الأدلة الصريحة الصحيحة !
    والله أعلم .




    https://islamqa.info/ar/215016
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    أحسنت النقل أبا البراء ، بحث جيد .
    وفي الحقيقة هناك أمر آخر في حديث جرير هذا أنه في المسند في غير موضع مسند جرير ، بل هو في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهذا يدل على أن الحديث فيه شيء ؛ لذا فإن الحديث لم يذكره الحافظ في "أطراف المسند" على أنه في مسند عبد الله بن عمرو، بل لم يذكره أصلاً في مسند جرير.
    فالصحيح أنه غير صحيح فقد أعله أحمد والدارقطني وغيرهما.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    أحسنت النقل أبا البراء ، بحث جيد .
    وف يالحقيقة هناك أمر مهم أيضا في حديث جرير أنه في المسند في غير موضع مسند جرير ، بل هو في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهذا يدل على أن الحديث فيه شيء ؛ لذا فإن الحديث لم يذكره الحافظ في "أطراف المسند" على أنه في مسند عبد الله بن عمرو، بل لم يذكره أصلاً في مسند جرير.
    فالصحيح أنه غير صحيح فقد أعله أحمد والدارقطني وغيرهما.
    أحسن الله إليك شيخنا.
    فائدة قيمة.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    نفع الله بك حبيبنا الغالي .

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    نفع الله بك حبيبنا الغالي .
    آمين
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •