حوار حول ميراث المرأة
هذه هي القضية
هناك مواطنُ يتسرب منها الخلل إلى الفهم أو العقل البشري، فيرى الأمور على غير حقيقتها، من هذه المواطن: النظر في النص مفصولاً عن سياقه: سابقه ولاحقه. أو النظر في الجزئيات خارج إطار الكليات. أو النظر في الأمر من زاوية وإهمال بقية الزوايا. أو الحكم على الشيء من خلال أفكارٍ مسبّقة، استحكم فتلها بسبب التقليد، إلى غير ذلك من المواطن التي تتسبب في سوءٍ في الفهم، وضلالٍ في الحكم. من هذه الأمور قضية ميراث المرأة في الإسلام.

- قال لي صاحبي، وهو يحاورني: لقد ظلم الإسلام المرأة في الميراث، وعدها نصف الرجل.
- قلت له: هل تدرك ما تقول، هل تؤمن بالله؟
- قال: أشهد ان لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمداً رسول الله. (ثم استدرك قائلاً): ما هذا السؤال؟
- قلت: إنك تدَّعي أن الإسلام ظلم المرأة، وهل الإسلام إلا ما قال الله، وقال رسول الله؟ بعبارة أخرى: نتيجة تقريرك ولازم كلامك أن الله تعالى ظلم المرأة لحساب الرجل.
- قال: لا، لا، لا أقصد ذلك، فلا تذهب بعيداً، إنما قصدي... قصدي... قصدي...
- قلت له: حسناً، لن أبتعد كثيراً، بل سأبقى قريباً، فما دليلُك على ما تقول؟
- قال - وهو ممتلئ ثقة – أليس في القرآن: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ }؟ ألا يعني هذا أن المرأة ناقص الأهلية، وأنها نصف الرجل؟ فهل في هذا الأمر شك؟
- قلت له: هل لك أن تذكر لي أوَّلَ الآية؟ فَبُهت. (فقلت له): هل لك أن تكمل لي الآية؟ فازداد حيرة واضطراباً...

هكذا حكم صاحبنا، وردد ما يقوله الآخرون، وهكذا بتر النص عن سياقه على طريقة {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ}، وهكذا نظر في المسألة دون اعتبار لمبدأ المسؤولية المالية والنفقات الواجبة بين الأقارب.

إن هذا الحوار يشخص لنا حال صنفٍ من المنتسبين إلى الإسلام، الذين يهرِفون بما لا يعرفون، ويخرجون من الدين، من حيث يدرون أو لا يدرون. إنهم صنف تحولت عقولهم إلى مستوطنات بل مستعمرات للفكر الوافد، حتى صاروا يقلدون كما تقلد القرود والببغاوات، فيرددون مقولات أعداء هذا الدين، من غير تفكير ولا روية لما يقال، وهل ما يقال أصحيح هو أم خطأ. (يهرِف: يهذي)

وهدف هذه المقالة هو رد وتزييف هذه الشبهة، شبهة أن الإسلام ظلم المرأة في ميراثها، وإزالة ما علق بالأذهان من آثار هذه الشبهة التي أثارها أعداء هذا الدين، أولئك الذين امتلأت قلوبهم بالحقد على الإسلام والكراهية له، والذين لن يعودوا عن ضلالهم - مهما كانت الأدلة دامغة والبراهين ساطعة ناصعة - إلى الهداية.

أما المؤمنون فهم على يقين بأن حقائق الإسلام ونوره لن يتأثر بتلك المقولات الزائفة، بل سيستمر نور الحق يبدد ظلام الضالين والمضلين، حتى يتبين الرشد من الغي، قال الله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 18]

وهذا هو البيان
أولاً- آيات المواريث:
قال الله تعالى في بيان ميراث الأولاد والوالدين: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ، وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ؛ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ؛ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)} [النساء: 11]

وقال في ميراث الزوجين، والأخوة للأم: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ، وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ، فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ. وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ، وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)}

وقال في بيان ميراث الأخوة الأشقاء أو لأب: {يَسْتَفْتُونَك قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ، إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ، وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ، فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ، وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)} [النساء] (الكَلالة): اسم للورثة إِذا لم يكن فيهم ولد ولا والد.

ثانياً- مبادئ عامة في الميراث:
فيما يلي بعض المبادئ العامة للميراث؛ ليتمكن القارئ من تفهم الموضوع ومجاراته:
1- للميراث في الإسلام سببان: (1) القرابة. (2) والزوجية.

2- الوارثون الاحتماليون من الرجال (14) أربعة عشر فرداً: (الابن، وابن الابن مهما نزل). (والأب، والجد لأب وإن علا). (والأخ الشقيق، والأخ لأب، والأخ لأم، وابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب). (والعم الشقيق، والعم لأب، وابن العم الشقيق، وابن العم لأب). والزوج.
ومن النساء (9) تسعة أفراد: (البنت، وبنت الابن مهما نزلت). (والأم، والجدة لأم، والجدة لأب). (والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم). والزوجة.
قلنا: احتماليون؛ لأنهم لا يرثون معاً جميعاً؛ لأن الحَجْب يعمل فيهم، فيحرم بعضهم.

3- للإرث مرتبتان: (1) الإرث بالفرض. (2) والإرث بالتعصيب. قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلْحِقُوا الفرائضَ بأهلها فما بقي فلأولى رجلٍ ذَكَرٍ». – متفق عليه - فالإرث بالفرض مقدم على الإرث بالتعصيب، وهذه ميزة لأصحاب الفروض.

4- الوارثون من الرجال كلهم يرثون بالتعصيب إلا الزوج والأخ لأم، وإلا الأب والجد فيرثان بالفرض والتعصيب. كما أن الوارثات من النساء كلهنّ ذوات فروض.

5- الفرض: هو النصيب المقدر للوارث من التركة. والفروض المقدرة في كتاب الله تعالى (6) ستة هي: النصف ونصفه ونصف نصفه (1/2، 1/4، 1/8)، والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما (2/3، 1/3، 1/6).

6- والعَصَبة: هم قرابة الرجل لأبيه. وهم كل من لم تكن له فريضة مسماة من التركة. والعصبة يأخذ ما أبقته الفرائض إذا كان معه ذوو فروض، ويحوز جميع المال إذا انفرد.
7- والعصبة ثلاثة أنواع: (1) عصبة بنفسه، كالابن، والأب، والأخ الشقيق أو لأب... (2) عصبة بغيره، وتنحصر في أربع من النسوة: البنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، فكل واحدة منهن تكون عصبة بأخيها، ويقتسمون التركة للذكر مثل حظ الأنثيين. (3) عصبة مع غيره، وهي مختصة بالأخوات مع البنات إذا لم يكن معهن أخ ذكر.
8- والعصبة بنفسه له أربع جهات، وهي وفق الترتيب التالي: (1) جهة البنوة، وهم أبناء الميت، ثم أبناء أبنائه مهما نزلوا. (2) جهة الأبوة، وهي أبو الميت، ثم جده وإن علا. (3) جهة الأخوة، وهم أخوة الميت الأشقاء، ثم أخوته لأبيه، ثم ابناء الأخوة الأشقاء، ثم لأبيه، مهما نزلوا. (4) جهة العمومة، وهم أعمام الميت لأبويه، ثم لأبيه، ثم أبناء الأعمام لأبوين، ثم لأب.

والنظام في توريث العصبات بالنفس إذا تزاحموا: إن تعددت الجهات قدمت جهة البنوة، ثم الأبوة، ثم الأخوة. وإن اتحدت الجهة قُدِّم الأقرب درجة، كالابن مقدم على ابن الابن، والأب مقدم على الجد. وإن استوى القرب قُدِّم الأقوى قرابة، كالأخ الشقيق مقدم على الأخ لأب.

9- في بيان الورثة إذا اجتمع كلهم: (1) إذا اجتمع الذكور كلهم فالوارثون منهم ثلاثة: الابن، والأب، والزوج. (2) وإذا اجتمع الإناث كلهن فالوارثات منهن خمس: البنت، وبنت الابن إذا كانت البنت واحدة، والأم، والزوجة، والأخت الشقيقة. (3) وإذا اجتمع الذكور والإناث كلهم فالذي يرث منهم خمسة: الأبوان، والابن، والبنت، وأحد الزوجين. والآخرون محجوبون.

10- الْحَجْب: منع من قام به سبب الإرث من الإرث بالكلية، أو من أوفر حظيه، بوجود وارث آخر، أو لوصف قائم به. وعليه فالحجب قسمان: (أ) حجب بالوصف، كأن يكون الوارث قاتلاً أو كافراً. (ب) حجب بالشخص، وهو نوعان: (1) حجب حرمان، كحجب ابن الابن بالابن، وحجب الجد بالأب، والجدة بالأم، ولأخ لأب بالأخ الشقيق... (2) حجب نقصان، وهو نقل الوارث من فرض أعلا إلى فرض أدنى، كحجب كل من الزوج والزوجة إلى نصف فرضه بوجود الولد، أو كحجب الأم من الثلث إلى السدس بوجود الولد أو تعدد الأخوة...

ثالثاً- علة التفاضل بين ميراث الأبناء والبنات:
1- إن التفاضل بين ميراث الأبناء والبنات إنما سببه أن تبعات الأبناء المالية أكبر، حسب نظام النفقات الواجبة بين الأقارب، فقد كلف الإسلام الابن بأعباء كثيرة: كلفه بالإنفاق على زوجته وأولاده. وكلفه بالإنفاق على أقاربه المحتاجين، ذكوراً وإناثاً. وكلفه بأعباء الضيافة للقريب والبعيد. وكلفه بتأسيس منزل الزوجية، وعن تقديم جانباً من المال إلى من سيتزوجها كمهر لها. ومن هنا يُعْلَم أن علة التفاوت في الميراث هو التفاوت في الإنفاق، وليست الذكورة والأنوثة.

قال ابن كثير: قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ}، أي: يأمركم بالعدل فيهم، فإن أهل الجاهلية كانوا يجعلون جميع الميراث للذكور دون الإناث، فأمر الله تعالى بالتسوية بينهم في أصل الميراث، وفاوت بين الصنفين، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين؛ وذلك لاحتياج الرجل إلى مؤنة النفقة والكلفة.

2- إن توريث المرأة على النصف من الرجل ليس قاعدة عامة في توريث كل ذكر وأنثى، فالآية الكريمة لم تقل: (يوصيكم الله في الوارثين...) وإنما قالت {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } والأولاد هم بعضُ الوارثين، وليسوا كلَّ الوارثين، فالتفاضل إذاً بين ميراث الابن والبنت، وليس بين ميراث كل رجل وامرأة.

رابعاً- بين الجاهلية العربية والجاهلية الغربية:
روى ابن أبي حاتم وابن جرير الطبري في تفسيريهما عن ابن عباس –رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - قوله: «لما نزلت الفرائض التي فرض الله فيها ما فرض للولد الذكر والأنثى والأبوين كرهها الناس أو بعضهم، (وقالوا: تُعطَى المرأةُ الربعَ والثمن، وتُعطى الابنةُ النصفَ، ويُعطَى الغلامُ الصغير، وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم، ولا يحوز الغنيمة. اسكتوا عن هذا الحديث لعلّ رسولَ الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينساه، أو نقول له فيغيِّره، فقال بعضهم: يا رسول الله، أنعطي الجاريةَ نصفَ ما ترك أبوها، وليست تركب الفرس، ولا تقاتل القوم، ونعطي الصبيَّ الميراثَ، وليس يغني شيئًا؟) وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية، لا يعطون الميراث إلا من قاتل، يعطونه الأكبر فالأكبر».

وإذا كان الإسلام قد قضى على الجاهلية العربية فإن الجاهلية الغربية التي يسعى المستغربون إلى تقليدها، بعضها تحصر الميراث في الابن الأكبر، وبعضها ينكر الميراث (الاتحاد السوفياتي سابقاً)، وبعضها يخول صاحب المال حرية توزيعه على من يشاء حتى لو حرم جميع الورثة. بينما الإسلام أبطل الوصية فيما زاد عن ثلث التركة، فجعل الثلثين حقاً خالصاً للورثة، كما منع التمييز بين الورثة عن طريق الوصية لبعضهم، قال رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في خطبته عام حجة الوداع: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ».

خامساً- أمور غابت عن المقلدين وتقاصر عنها عقول المشرعين:
إن المقدين المطالبين بالمساواة بين الرجال والنساء في الميراث قد غاب عنهم أو تناسوا:
1- أن الإسلام يساوي بين المرأة والرجل في الأجر وغيره، وذلك بخلاف الغرب، فبريطانية - أم الديموقراطية - لم تعترف بالمساواة في الأجر بين الرجل والمرأة إلا بعد عام (1975م).

2- أن الميراث ليس من كسب الورثة، سواء أكانوا رجالاً أم نساء، وإنما هو من كسب المتوفى؛ لذلك روعي في توزيعه أمران: الأول القرابة. والثاني التبعة المالية بين الأقارب. فنظام الميراث جزء من كل، جزء من نظام الأسرة، وما بين أفرادها من واجب النفقة والتكافل.

3- من نظر إلى نظام الميراث وحده تبادر إلى ذهنه عدم العدل بين الذكور والإناث. ومن نظر إليه في إطار نظام النفقات بين الأقارب علم أن الإسلام أعطى الذكور أكثر من الإناث؛ لأن أعباءهم في الإنفاق أكبر.

4- أن نظام الميراث في الإسلام نظام عائلي، لا نظام فردي، بمعنى أن التركة (الثروة) تتشعب وتتوزع بين أفراد العائلة، ولا (تتركز) عند واحد منها، إلا في حالات خاصة، كأن تكون العائلة نفسها لا تتعدى الفرد الواحد.

5- أن التشريعات والقوانين غير الإسلامية لا تعرف نظام الميراث إنما تأخذ بنظام الوصية، وهذا من شأنه أن يتصرف الشخص في أمواله قبل وفاته، فيوصي بها لمن شاء من أقاربه أو غيرهم، بل له أن يوقف هذه الأموال على الكلاب والقطط، ويحرم منها بناته وبنيه.

6- أن الإسلام يجعل القوامة على الأسرة للرجل، وجعل في مقابل ذلك أن يتحمل المهر والنفقات السالفة الذكر، بينما التشريعات التي يقلدها هؤلاء تجعل رئاسة الأسرة للرجل ولا تعفي المرأة من النفقات، حيث ينص القانون المدني الفرنسي - وهو مصدر قوانين معظم الدول الغربية - على أن الالتزامات متبادلة بين الزوجين، وهذه القاعدة تسود جميع التشريعات غير الإسلامية، بل نظام الزواج في التشريعات الغربية يجعل المرأة تقدم مبلغاً من المال لزوجها عند الزواج، أو أن تخلط أموالها بأمواله، ويكون الزوج هو المتصرف وحده في الأموال المقدمة منها أو المختلطة بينهما.

7- أن المساواة المطلقة قد تضر بالمرأة نفسها، فتحملها أعباء كثيرة، من ذلك إلزامها بالعمل، فلا تستطيع التفرغ للبيت إن شاءت. ومن ذلك تجنيدها في الجيش.

سادساً- زَعْمُ المقلِّدِين الجاهلِين:
يزعم المقلدون والمقلدات للغرب أن المرأة المسلمة تابعة للرجل؛ لأنها لم تستقل اقتصادياً عنه. فها هو القانون المدني الفرنسي ينص على أن الالتزامات بين الزوجين متبادلة.
الجواب: إن هؤلاء يجهلون القانون المدني الفرنسي؛ لأنه ينص في المادة (216) على أن النظام المالي للزوجين هو الذي يحدد حقوق والتزامات الزوجين المالية، فقد وضع هذا القانون أمام الزوجة أحد الخيارات التالية:
1- أن تدفع للزوج مبلغاً من المال – قد يشمل جميع أموالها عند الزواج – وذلك لمعاونة الزوج في أعباء الحياة الزوجية، ويسمى هذا نظام (الدوطة).

2- أن تختار خلط أموالها بأموال زوجها، وهذه الأموال المختلطة ليس للزوجة أي حق فيها.

3- أنه إن لم يتضمن عقد الزواج اختيار الزوجة لنظام الدوطة أو لنظام اختلاط الأموال، فيفرض القانون نظام المشاركة في نفقات البيت والأسرة طول الحياة الزوجية، كل بحسب قدرته المالية (المواد: 207، 214، 216، 1300، 1426)

والقانون المدني الفرنسي يلزم المرأة المتزوجة الحصول على موافقة الزوج الكتابية عند قيامها ببيع شيء من أموالها أو شراء شيء بأموالها (م 217)، بل لا تستطيع أن ترفع دعوى أمام القضاء إلا بموافقته (م215). أما الإسلام المفترى عليه فلا يحمل المرأة شيئاَ من النفقات أو القيود. [المستشار سالم الْبَهْنَسَاوي، المرأة بين الإسلام والقوانين العالمية، ص 195]

سابعاً- معايير التفاضل في الميراث:
إن وراء التفاوت بين أنصبة الورثة حكم إلهية ومقاصد شرعية خفيت على أولئك المقلدين الذين جعلوا من ذلك التفاوت في بعض مسائل الميراث شبهة على كمال أهلية المرأة في الإسلام. إن ذلك التفاوت تحكمه ثلاثة معايير، ليست منها الذكورة والأنوثة:

الأول- جهة القرابة: فالأولاد – وإن كانوا إناثاً - أوفرُ حظاً من الآباء؛ لأن الأولاد يستقبلون الحياة بتبعاتها، والآباء يستدبرونها، وربما أصبحوا أعباء على غيرهم، فبنتُ المتوفى - ولو كانت رضيعة - ترث أكثر من أمه، وكلتاهما أنثى، بل وترث أكثر من أبيه، فهي ترث نصف ماله. وكذلك يرث ابن المتوفى أكثر من أبيه، وكلاهما من الذكور، فللابن خمسة أسداس التركة.

الثاني- درجة القرابة: فلا يرث إلا القريب، وكلما كان الوارث أدنى من المتوفى زاد نصيبه من الميراث، وكلما ابتعد قل نصيبه من الميراث، ذلك لأن القريب الأدنى في العادة أكثر مناصرة ونفعاً للمتوفى، وأكثر إعانة له على تكوين ثروته.

الثالث- التبعة والمسؤولية المالية: وهذا هو المعيار الوحيد الذي يراعى فيه الذكورة والأنوثة، وليس في هذا التفاضل أي ظلم أو انتقاص للأنثى، بل العكس هو الصحيح، لأنها تعفى من جميع المسؤوليات المالية التي يطالب بها الذكر. فعلة التفاوت في الإرث هو التفاوت في الإنفاق.

ثامناً- التفاضل في الميراث ليس قاعدة مطردة:
كما أن التفاضل في الميراث له معاييره الخاصة، وأنه ليس قائماً على أساس الذكورة والأنوثة، فهو كذلك ليس قاعدة مطردة، لأن الحالات التي ترث فيها المرأة نصف ميراث الرجل إنما هي حالات خاصة ومحددة، من عشرات الحالات المغايرة لذلك، وباستقراء مسائل الميراث تتكشف الحقائق التالية:
· أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل.
· حالات كثيرة ترث فيها المرأة مثل الرجل.
· حالات كثيرة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل.
· حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال.

أ- حالات التفاضل (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ )
1- ميراث الأولاد: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } فإذا مات أحد الأبوين وترك (ابناً وبنتاً) تقسم التركة بينهما أثلاثاً.

2- ميراث الوالدين في بعض الأحوال: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} ففرض الأم الثلث، والباقي وهو الثلثان للأب.

3- ميراث الأزواج: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ، وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ، فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} فميراث الزوجة على النصف من ميراث الزوج، سواء أكان للمتوفى منهما ولد أم لم يكن.

4- ميراث الأخوة لأبوين أو لأب: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } فمن مات وترك (أخاً شقيقاً وأختاً شقيقة) أو ترك (أخاً لأب وأختاً لأب) تقسم التركة بينهم أثلاثاً.

ب- حالات المساواة (للذكر مثل حظ الأنثى)
1- حالات الأم مع الأب بوجود ولد.
{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} من صور هذه الحالة:
- مات عن (أم، وأب، وابن) فلكل من الأم والأب السدس، والباقي للابن.
- مات عن (أم، وأب، وبنتين) فللأم السدس، وللبنتين الثلثان، وللأب السدس والتعصيب، ولا يبقى له سوى السدس، فيتساوى عملياً مع الأم.
- مات عن (زوج، وبنت، وأم، وأب) فللزوج الربع، وللبنت النصف، وللأم السدس، وللأب السدس والتعصيب، تعول المسألة، فلا يرث الأب عملياً إلا السدس.
- مات عن (أب، وجدة - أم أم- وابن) لكل من الأب والجدة السدس، والباقي للابن.

2- حالات الأخ والأخت لأم.
{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (الكَلالة): اسم للورثة إِذا لم يكن فيهم ولد ولا والد. فحظ الأخت للأم تساوي حظ الأخ للأم. وتحت هذه الحالة صور:
- مات عن (زوج، وأم، وأخ لأم) للزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخ لأم السدس.
- مات عن (زوج، وأم، وأخت للأم) للزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخت لأم السدس.
- مات عن (زوج، وأم، وأخ لأم، وأخت لأم) للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخ والأخت لأم الثلث، وهم شركاء فيه.

حكمة التسوية بين الأخ والأخت لأم: إن (الأخ والأخت لأم) ينتميان إلى عائلة أخرى، لذلك لا يترتب عليهما إنفاق عائلي ضمن عائلة المتوفى. ولما كانت علة التفاوت في الإرث هي التفاوت في الإنفاق، فإذا انتفى الإنفاق عاد الإرث إلى التساوي.

3- حالات انفراد الرجل أو المرأة بالتركة.
- لو مات عن (أب) أخذ التركة كلها تعصيباً، ولو مات عن (أم) أخذت التركة كلها، ثلثها فرضاً والباقي رداً.
- لو مات عن (ابن) أخذ التركة كلها تعصيباً، ولو مات عن (بنت) أخذت التركة كلها، نصفها فرضاً والباقي رداً.
- لو مات عن (أخ شقيق أو لأب) أخذ التركة كلها تعصيباً، ولو مات عن (أخت شقيقة أو لأب) أخذت التركة كلها، نصفها فرضاً والباقي رداً.
- لو ماتت عن (زوج، وابن) للزوج الربع والباقي للابن تعصيباً، ولو ماتت عن (زوج وبنت) للزوج الربع، وللبنت النصف فرضاً والباقي رداً. (كذلك الحكم لو مات عن زوجة وابن أو بنت).
- لو مات عن (زوجة، وأخ شقيق أو لأب) للزوجة الربع، والباقي للأخ تعصيباً، ولو مات عن (زوجة، وأخت شقيقة أو لأب) للزوجة الربع، وللأخت النصف فرضاً والباقي رداً.

4- حالات أخرى من المساواة.
· الأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق:
- إذا ماتت عن (زوج، وأخ شقيق أو لأب) فللزوج النصف، وللأخ الباقي تعصيباً وهو النصف. ولو وضعنا (الأخت) موضع (الأخ) لأخذت النصف أيضاً فرضاً.
- لو ماتت عن (زوج، وبنت، وأخ شقيق أو لأب) فللزوج الربع، وللبنت النصف، والباقي للأخ تعصيباً. ولو وضعنا (الأخت) موضع الأخ لأخذت الباقي أيضاً تعصيباً. (عصبة مع الغير).
· الأخت لأم مع الأخ الشقيق:لو ماتت عن (زوج، وأم، وأخت لأم، وأخ شقيق) للزوج الربع، وللأم السدس، وللأخت للأم السدس، والباقي للأخ الشقيق تعصيباً، ويساوي السدس، وهو حصة الأخت لأم أيضاً.


ج- حالات ترث فيها المرأة أكثر من نظيرها من الرجال:
· فرض (الثلثين) أحظى للمرأة من التعصيب لنظيرها من الرجال أحياناً، من صوره:
- لو ماتت عن (زوج، وأب، وأم، وبنتين) فللزج الربع، وللأب السدس والتعصيب، وللأم السدس، وللبنتين الثلثان، والمسألة من (12) وتعول إلى (15)، وحصة البنتين منها (8) أسهم. ولو وضعنا (ابنين) موضع البنتين، يبقى لهما (5) أسهم فقط، ومعلوم أن (8) من (15) أحظى من (5) من (12).

- إذا ماتت عن (زوج، وأم، وشقيقتين) فللزوج النصف، وللأم السدس، وللشقيقتين الثلثان، والمسألة من (6) وتعول إلى (8) للشقيقتين منها (4) أسهم. ولو وضعنا (شقيقين) موضع الشقيقتين، يبقى لهما (2) سهمان فقط. ومعلوم أن (4) من (8) أحظى من (2) من (6).

· فرض (النصف) أحظى للمرأة من التعصيب لنظيرها من الرجال أحياناً، من صوره:
- لو ماتت عن (زوج، وأم، وأب، وبنت) ف للزوج الربع، وللأم السدس، وللأب السدس مع التعصيب، وللبنت النصف، والمسألة من (12) وتعول إلى (13) للبنت منها (6) أسهم. ولو وضعنا (الابن) موضع (البنت)، يبقى له (5) أسهم فقط، وهو أقل من نصيب البنت.

- لو ماتت عن (زوج، وأم، وشقيقة) فللزوج النصف، وللأم الثلث، وللشقيقة النصف، والمسألة من (6) وتعول إلى (8) للشقيقة منها (3) أسهم. ولو وضعنا (الشقيق) موضع (الشقيقة)، لا يبقى له سوى سهم واحد، بينما حظيت الشقيقة بثلاثة أسهم.

· فرض (الثلث) أحظى للمرأة من التعصيب للرجال أحياناً، من صوره:
- مات عن (زوجة وأم وأختين لأم وشقيقين) فللزوجة الربع، وللأم السدس، وللأختين لأم الثلث، وللشقيقين الباقي تعصيباً، المسألة من (12) للزوجة (3) أسهم، وللأم (2) سهمان، وللأختين لأم (4) أسهم، ويبقى للشقيقين (3) أسهم، علماً أنهما أقوى قرابة من الأختين لأم.

- ماتت عن (زوج وأختين لأم وشقيقين) للزوج النصف، وللأختين لأم الثلث، وللشقيقين الباقي تعصيباً. المسألة من (6) للزوج (3) أسهم، وللأختين لأم (2) سهما، ولا يبقى لشقيقين سوى سهم واحد. فكل أخ شقيق أخذ نصف نصيب أخت لأم.

· فرض (السدس) أحظى للمرأة من التعصيب لنظيرها من الرجال أحياناً:
لو مات عن (زوجة، وأم، وأب، وبنت، وبنت ابن) فللزوجة الثمن، وللأم السدس، وللأب السدس والتعصيب، وللبنت النصف، ولبنت الابن السدس. والمسألة من (24): للزوج (3) أسهم، وللأب (4) وللأم (4) وللبنت (12) ولبنت الابن (4) فتعول المسألة إلى (27). ولو وضعنا (ابن الابن) موضع (بنت الابن)، لا يبقى له سوى سهم واحد، وهو أقل من نصيب بنت الابن.

د- حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال
- لو ماتت عن (زوج، وأم، وأب، وبنت، وبنت ابن) فللزوج الربع، وللأم السدس، وللأب السدس والتعصيب، وللبنت النصف، ولبنت الابن السدس، والمسألة من (12): للزوج (3) أسهم، وللأم (2) وللأب (2) وللبنت (6) ولبنت الابن (2) فتعول المسألة إلى (15). ولو استبدلنا ابن الابن ببنت الابن، تعول المسألة إلى (13)، ولا يبقى له شيء لأنه عصبة،، ولأن الفروض استغرقت التركة.

- لو ماتت عن (زوج، وشقيقة، وأخت لأب) فللزوج النصف، وللشقيقة النصف، وللأخت لأب السدس، والمسألة من (6): للزوج (3) أسهم، وللشقيقة (3) وللأخت لأب سهم واح، فتعول المسألة إلى (7). ولو استبدلنا بالأخت لأب الأخ لأب، لا يبقى له شيء لأنه عصبة، ولأن الفروض استغرقت التركة.

- وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ -
قال الله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ، لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [النساء: 32]

قال القرطبي: «قال قتادة: (كان الجاهلية لا يورِّثون النساء ولا الصبيان، فلما وُرِّثوا، وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين؛ تمنى النساء أن لو جعل أنصباؤهن كأنصباء الرجال)... فنزلتْ».

ثم قال: «فنهى الله - عز وجل - عن التمني على هذا الوجه؛ لما فيه من دواعي الحسد; ولأن الله تعالى أعلم بمصالحهم منهم; فوضع القسمة بينهم على التفاوت على ما علم من مصالحهم».

ما سلف بيانه من حالات التفاوت والتساوي في الميراث لم يكن الهدف منها الحصر، بل التمثيل؛ ليزداد المؤمن إيماناً، ولتكون شوكة في عين الجاهل العنيد. وبالله التوفيق.
*****
السبت 29/ذو القعدة/1431ه = 6/11/2010م
ابن الجزيرة الفراتية