أمنا عائشة البتول الطاهرة زوج الرسول-خطــبة الجمــعة -لفضيـلة الشــيخ ياســين الأســطل



الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة بالمجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين



بمســجد الحـــمد – خان يونس

خطبة الجمعة 22/شوال / عام 1431 هـ ، الموافق 1/10/ 2010م
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } النساء1 ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً{70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً{71}} الأحزاب .


أما بعد،فان أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وبعد :{أمنا عائشة البتول الطاهرة زوج الرسول}

عباد الله ، أيها المسلمون :أَكْرِمْ بهؤلاء من رجالٍ مؤمنين ونساءٍ مؤمنات ، يخفق القلب لذكرهم ، ويَيْنَعُ الروض ويَضُوع الطيبُ لعطرهم ،قوم باعوا أنفسهم ونفائسهم لله ، فذكرهم ربهم في الملأ الأعلى ، وأنزل فيهم قرآناً يتلى إلى يوم القيامة إعلاناً بفضلهم ، وإعلاءً لشأنهم.
قال سبحانه وتعالى في سورة التوبة:{ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)} .إنهم أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، هجروا الأهلين والأوطان ، والأزواج والأولاد والخِلاّن ، نابذين للأصنام والأوثان ، عابدين الله وحده الرحمن ، راحمين للناس والعالمين مما استزلهم الشيطان ، فقد أغوى الأبوين آدم وحواء ، فوقعا في شَرَكه وأكلا من الشجرة فأهبطا إلى الأرض من السماء ، وكانت ذرية آدم فمنهم من آمن فيا سروره وسعادته ، ومنهم من كفر فيا حزنه وشقاوته !!..
وفي سورة الحشر :{ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) } .إنهم أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، للخيرات دلائل ، وللشرور غوائل ، آمانُ الضعفاء الخائفين ، وسُرُجُ الظلمات للمسبحين السابحين ، يتطلعون إلى الملأ الأعلى ؛ وإن وقفوا على الأرض ، ويتنسمون الروح الأنقى ؛ وقد ازدلفوا بالنفل والفرض ، لم يأنسوا إلا بخالقهم ، فهم في وحشةٍ مما سواه ، ولم يطمئنوا إلا لرازقهم ، وهل يسلم العبد لغير مولاه ؟ !!..
وقال جل وعلا في سورة الفتح :{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)}. وأثنى عليهم نبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم في سنته الشريفة بأعمالهم المنيفة ، وأحوالهم اللطيفة ، روى البخاري ومسلمٌ والترمذي وأحمد والسياق للبخاري في الصحيح قال :
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَتُهُمْ أَيْمَانَهُمْ وَأَيْمَانُهُمْ شَهَادَتَهُمْ " .
"خير الناس قرني " أي الصحابة رضي الله عنهم ، ثم القرن الثاني " ثم الذين يلونهم " التابعون ، " ثم الذين يلونهم " أتباعُ الأتباع ، قال : " ثم يجيء من بعدهم قومٌ .."بعد القرون الثلاثة تسبق شهادتُهم أيمانَهم أو شهادَتهم أيمانُهم بالفاعل أو المفعول يعني يحلف قبل أن تُطْلَبَ منه الشهادةُ أو يشهد قبل أن يطلب منه اليمين ، ويقول : ( في رقبتي ، في رقبتي ) ومن الذي أدراك ؟ ما الذي أدراك ؟ ومن الذي حملك ؟ .. لا تشهد إلا بعلم لاتشهد بافتراء ولا تشهد بكذب ولا تشهد بالهوى ولكن بالحق ، بالحق الذي أنزله الله سبحانه وتعالى إذا طُلِبَ مِنْك ، لم يُطْلَبْ منك اُسْكُتْ ، حتى لا تثير فتنة ، حتى لا تثير نزاعاً وشقاقاً بين الناس ، اسكت إلا إذا طلب منك الكلام وأمام القضاء ، القضاء العدل الذي يقيم الحق بين الناس ، ويقطع الخصومة ، قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث : " خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَتُهُمْ أَيْمَانَهُمْ وَأَيْمَانُهُمْ شَهَادَتَهُمْ " .
وروى أحمد ومسلم في صحيحه وهذا سياقه يعني الإمام مسلم قال :حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَاللَّفْظُ لِعَبْدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ " . الذي يجاهد باليد الأمير أو من وكله الأمير وليس كل أحد ، لا يجاهد باليد لهؤلاء المنافقين الزنادقة إلا الأميرأومن وكله الأمير وليس لأحد من الناس أن يفعل ذلك ، ليس لأحد من الناس أن يفعل ذلك ، وأما الذي يجاهد باللسان فهم العلماء ، وأما الذي يجاهد بالقلب فالعامة ، العامة تنكر بقلبها ولا تتكلم بلسانها ، لأنها لا تعرف كيف تأمر وكيف تنهى ، عامة الناس لا يعرفون ، بل من العلماء من لا يعرف فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس الأمر متاحاً لكل أحد ، ولا لكل عالم ، أو لكل من تسمى بالعلم ولكن للعلماء الحكماء الذين يعرفون ويفقهون ، ويقولون حكماً ، ويخاطبون فصلاً ، كما قال الله تعالى : { ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب }بل حذر النبي صلى الله عليه وسلم من سبهم والانتقاص من شأنهم ، ففي المسند للإمام أحمد والصحيحين البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي وابن ماجة والسياق لمسلم قال :حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ : " كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَيْءٌ فَسَبَّهُ خَالِدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ " اهـ .
لَا تسبوا أَصْحَابي فَإن أَحَدكم لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مثل جبل أُ حُد من الذهب ما بلغ مد أحدهم مد من الصحابة واحد منهم ولا نصف المد ولا نصيفه إذا أخرجه صدقةً لله مما يسر الله من الطعام عنده .
وروى الإمام أحمد في المسند والترمذي في السنن والسياق لأحمد قال : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ أَبِي رَائِطَةَ الْحَذَّاءُ التَّمِيمِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ أَوْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ آذَى اللَّهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ " .
وأما أنتم أيها الناس :فيا فوز من أعطى واتقى ، وصدق بالحسنى ، ويا خسران من بخل واستغنى وكذب بالحسنى ، قال سبحانه في سورة الأعراف: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) }.
عباد الله :نسأل الله رب العالمين أن يجعلنا مع هؤلاء الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما ، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.

الخطبة الثانية:الحمد لله ، الحمد لله حمد الشاكرين،ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة على نبينا محمد وعلى اله وأصحابه أجمعين والسلام ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بفضله وكرمه إنه أكرم الأكرمين.أما بعد :فإني أشهدكم أنه لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله ، وبعد : عباد الله :أثنى الله على نبيه وآل بيته وأمرنا بالصلاة عليهصلى الله عليه وسلم محذراً من إيذائه والمؤمنين فقال سبحانه :{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُون َ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62) }.
فيا لله العجب ممن قلوبهم عن الحق منكوسة ، وأبصارهم إلى البواطيل معكوسة ، وهممهم على حد الصغائر موقوفة ، وعزائمهم بما ران بما ران على قلوبهم معكوفة ، كيف يقعون في عرض أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ؟!.. كيف يطعنون في ثاني اثنين إذ هما في الغار ؟!.. كيف يطعنون في الفاروق ؟!.. الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم – كما روي ذلك في السير- : " اللهم أعز الإسلام بأحب العمرين إليك " فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو أحب العمرين إلى رب العالمين ، فجاء عمر جاء عمر ليصد عن سبيل الله فذاق حلاوة القرآن لما أنصتت إلى القرآن أذناه ، ونزل في قلبه فمس شغافه مساً طريا ، وران على قلبه راناً نديا ، بل استقر في قلبه حكمةً وحكماً أبديا ، حتى قال النبيصلى الله عليه وسلم : "إن الله قد جعل الحق على قلب عمر ولسانه " ، سبحان الله الذي أطفأ نار كسرى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبث الجيوش الغازية المجاهدة في سبيل الله ، فابتدأ الفتح في عهد أبي بكر واستتب الأمر والفتح في عهد عمر ، بلاد فارس ، وبلاد الشام ، وشمال أفريقيا ، فكان رجلاً عبقرياً يَفْرِي لا يَفْرِي أحدٌ فَرِيَّه ولا يقوم أحدٌ مقامه مثلما قام ، وكان عمر الباب دون الفتن التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة الذي رواه حذيفة بن اليمان " إن دون الفتن باباً يكسر – وعمر جالس – فقال عمر : يُكْسَر أم يُفْتَحُ يا رسول الله ؟.. قال : بل يكسر " وقد كُسِرَ الباب ، قال حذيفة : ( ..فعلمنا أن عمر ذلك الباب كما علمنا أن الليلة دون الغد ) ، فكان عمر ذلك الباب سبحان الله ! أيها الأحبةُ في الله ، يا عباد الله : ينالُ عرضُ النبي صلى الله عليه وسلم أيضاًفوق عرض أصحابه، يؤذى في أهل بيته ، يؤذى في زوجه رضي الله عنها عائشة ، يؤذى في زوجه عائشة ، وقد كانت صغيرة رضي الله عنها ،كانت صغيرة رضي الله عنها ،كما قالت ذلك بريرة رضي الله عنها مولاة النبي صلى الله عليه وسلم ، كانت عائشة تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله ، رضي الله عنك يا عائشة ، ورضي الله عنكم يا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما كانت الغزوة التي فيها الإفك ، التي فيها الإفك المفترى الذي افتراه المنافقون على أهل بيت النبي على عائشة ، الإفكُ المفترى رأسُ النفاق تولى كِبْرَهُ ونشره وإذاعته في المدينة ، والمنافقون معه ، والضعفاءُ ضعفاءُ الإيمان من المؤمنين الذين ضَعُفَ إيمانُهم ، وقد ذكر ذلك الله عز وجل في كتابه ، في سورة النور في سورة النور وأنزل الله براءة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وعن المؤمنين ، و قال سبحانه : {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } ..سبحان الله هو خيرٌ لنا ، لماذا ؟.. لأنه فضح هؤلاء المنافقين ، وكشف عوارهم ، وجعل الأصابع تشير إليهم ، وبرأ عائشة من فوق السماء فلذلك لما جاءت براءتها قالت لها أمها : قومي فاحمدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : " والله لا أحمد إلا الله "، والله لا أحمد إلا الله لأن الله هو الذي أنعم ولأن الله هو الذي استحق الحمد وأما النبي صلى الله عليه وسلمفبلغ عليه الصلاة والسلام ، فأنزل الله براءتها لكن لا زال لا زال مرضى القلوب ، لا زال فاسدوا القلوب يحيكون المؤامرات ، وينفثون السموم ، وينشرون الدسائس ، ويحاولون بأفواههم أن يطفئوا نور الله ، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ولكنَّ الله عز وجل متمٌ نوره ولوكره المنافقون ، ولوكره المشركون ، ولوكره الكافرون ، ولن يستطيعوا ، من ذا الذي يطفئ نور الشمس ببزاقه ؟!!. من ذا الذي يريد أن يطفئ نور الشمس فينظر إليها ، ويثفل عليها ، وإذا ببزاقه يسقط على وجهه ، هكذا الجزاء من جنس العمل ، الجزاء من جنس العمل ، رضي الله عنك يا عائشة ، يا زوج النبي صلى الله عليه وسلم .
روى الأئمة البخاري و مسلمٌ والترمذي وابن ماجة وأحمد والسياق لمسلم في الصحيح قال : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ ، ( ..فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ : أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟. قَالَ: " عَائِشَةُ " ،- النبي صلى الله عليه وسلم يقول : عائشة -قُلْتُ: مِنْ الرِّجَالِ ؟. قَالَ : "أَبُوهَا " قُلْتُ : ثُمَّ مَنْ ؟. قَالَ : " عُمَرُ " ، فَعَدَّ رِجَالًا ) اهـ .
فهل يحب النبي صلى الله عليه وسلم يحبهؤلاء ولا يكون هؤلاء أحباء لله عز وجل ؟!.. هل هؤلاء رضي الله عنهم أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين وعن سائر الصحابة يحبهم الله يحبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يحبهم الله ؟!!..الله أكبر !
عباد الله أيه المؤمنون :طوبى لمن كان الخير على يديه ، والويل لمن كان الشر على يديه ، فلنتب التوبة النصوح ، ولنجتنب السبيل الذي سالكه مفضوح ، فيا أهل فلسطين ، قد كنا مضرب مثل الخير والقدوة في الأعمال الصالحات وشتى أنواع المجاهدات ، وأضحينا مضرب مثلٍ للشر في الاختلافات والمخالفات ، فلنتق الله ولنراجع أنفسنا في لم شملنا ، واجتماع كلمتنا ورص صفوفنا ، والتحابب والتعاون على الخير و الأخلاق الفضيلة ، والبعد عن الشر والأخلاق الرذيلة ،فيا أهل الإسلام ، يا أهل الاتباع للسنة والجماعة ، وحسن السمع لولي الأمر والطاعة :ما أحرانا ونحن على الله قادمون ، وبين يديه بما عملنا مجزيون ، فمن أحسن فله حسنُ الثواب إحساناً ورضوانا ، ومن أساء فله بالإساءة ما يكفيه ذلاً وخسرانا ، ما أحرانا أن نلزم طريق الأولين ، الناجين من أوضار المعاصي والذنوب ، وأن نجتهد ونجهد أنفسنا في النصح والتذكير لإخواننا المفتونين ، من عامة المسلمين وخاصتهم ، ليَصْبِرُوا أنفسهم على سبيل المؤمنين ، الذين هم السواد الأعظم ، أهل السنة والجماعة منذ عهد الآل والأصحاب ومَنْ بعدَهم ، ومِن بعدِهم إلى يومنا هذا ، الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ، فلا تعد أعينهم تريد الحياة الدينا وزينتها ، اتباعاً للأهواء ، وتنكباً للسبيل الغراء ، فيا إخواننا : دونكم السنةَ والسبيلَ والكتاب ، وإياكم والبدعةَ والتفرقَ في الدين كالأحزاب ، الله الله في دينكم ودنياكم ، وإياكم وأصحاب المثالب والعيوب ، الذين يبهتون الأولين السابقين ، ممن يلعنون السلف من الصحب الصالحين ، والخلف المهتدين ، ..تريدون أن تأتيكم الدنيا بصحبة هؤلاء الملاعين ، أهل اللعن والطعن ، أهل البهتان ، أهل الزور والاختلاق والإفك والكذب ، تريدون أن تتحرر لكم الأوطان ؟!.. لا والله لن تتحرر ، ولا والله لن تنزل تلك اللقم التي تأكلونها من أموالهم إلا ناراً وعاراً وشناراً في قلوب من يأكلها ، لا يحل درهمٌ واحد من هؤلاء الذين يطعنون في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والذين يلعنونهم ، والذين أصابوا أمنا عائشة بما أصابوا ، كيف ذلك ؟ كيف يطيبُ لنا ممن يلعن آباءنا وأجدادنا ممن يلعن سلفنا الصالح أن نتقرب إليهم ؟! أو أن نرجو الخير منهم ؟!. لا والله ، لم تقم لهم قائمة أبد الآبدين إلا اليوم في ظل هؤلاء أعداء الله الذين تسلطوا على الدنيا، لم تقم لهؤلاء الظالمين الطاعنين اللاعنين للسلف وللسنة وللجماعة وأهلها إلا في أثناء تسلط الأمم الكافرة على شئون الخلق أجمعين ، وأما قبل ذلك فلم تقم لهم قائمة مثلما هي اليوم ، ولن يكونوا أبداً دعاةً لفضيلة ، وإلا فهم حماة الرذيلة ، والعياذ بالله سبحانه وتعالى ، فيا إخواننا يا أهل فلسطين الله الله في دينكم ودنياكم ، وإياكم وأصحاب المثالب والعيوب ، الذين يبهتون الأولين السابقين ، ممن يلعنون السلف من الصحب الصالحين ، والخلف المهتدين ، لم يتركوا من كذبهم لا الصديق أبا بكر ، ولا الفاروق عمر ، ونال افتراؤهم عائشة البتول ، الطاهرة زوج الرسول ، فإن هذا لا إصلاح فيه لدنيانا ، بل هو فساد أولانا وأخرانا ، وهلاك البقية الباقية ، ومالها من دون الله من واقية ،ألا يا عباد اللهوصلوا وسلموا على النبي المصطفى ، والرسول المرتضى صفوة الخلائق أجمعين ، سيد الأولين والآخرين ، من بطاعته زكاةُ الدين وصلاحُ الدنيا محمدٍ بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما ، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنه وكرمه سبحانه إنه أكرم الأكرمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وانصر بفضلك عبادك المؤمنين ، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، اللهم فرج همومنا ونفس كروبنا ويسر أمورنا ، واشرح صدورنا ، اللهم انا ندعوك كما أمرتنا ، فاستجب لنا كما وعدتنا ، اللهم انا نعوذ بك من جهد البلاء ، ودرك الشقاء ، وعضال الداء ، وشماتة الأعداء ، اللهم أغننا من الفقر واكسنا من العري واهدنا من الضلال وبصرنا من العمى واجعلنا من الراشدين ، اللهم انا نعوذ بك من الجبن والبَخَل ، والعجز والكسل ، وغلبة الدين وقهر الرجال ، اللهم إنا نسألك علماً نافعاً ، وعملاً صالحاً ،وقلباً خاشعاً ، ولساناً ذاكراً ، اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع ، وعمل لا يرفع ، وقلب لا يخشع ، وعين لا تدمع ، ودعاً لا يسمع ، اللهم انصرنا بالسنة والدين ، وانصر بنا السنة والدين ، واغفر لنا ولإخواننا أهل لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، نسألك اللهم التأليف بين المتخاصمين بما ألفت به بين عبادك المؤمنين ، من السلف الصالحين،والخلف المتبعين ، اللهم اغفر لنا ولأجدادنا وجداتنا،وآبائنا وأمهاتنا ، وإخواننا وأخواتنا ، وأبنائنا وبناتنا ، وأقربائنا وقريباتنا ، وجيراننا وجاراتنا ، والمسلمين أجمعين ، ونخص يا ربنا ولي أمرنا في فلسطين محمود عباس وإخوانه ومعاونيه والمسئولين أن تحفظهم على الصراط المستقيم ، والهدي الرحيم الحكيم ، وسائر علماء المسلمين وولاة أمورهم ، اللهم وفقهم ، وخذ بأيديهم ليحيوا دينك ، ويعلوا كلمتك ، وينصروا سنة نبيك صلى الله عليه وسلم ، ويحكموا بشريعتك ، اللهم آمين ، وصلِّ اللهم وسلِّم على نبينا محمد آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وعنا معهم برحمتك يا ارحم الراحمين ..