تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: هل التأويل من عقيدة السلف ؟

  1. #1

    Lightbulb هل التأويل من عقيدة السلف ؟

    الأخوة الأفاضل / حياكم الله وبياكم .. وشهر مبارك علينا وعليكم جميعا وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ..
    أريد أن أسأل سؤالاً احترت فيه كثيراً :
    من المعلوم أن عقيدة أهل السنة والجماعة التي هي عقيدة السلف أن تأويل الصفات لا يجوز، وأن ما ورد في الكتاب والسنة يجب إثباته بلا تشبيه و لا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل .
    ولكن ما هو المسوغ لتأويل بعض الصفات فمثلاً حين نأتي إلى قوله تعالى ( على ما فرطت في جنب الله ) فنذهب إلى تأويلها وعدم إمرارها على ظاهرها .
    وكذلك صفة (الحقو).
    وغيرها من الصفات ..
    أرجوا من الإخوة إفادتي ..
    باختصار : هل التأويل منه جائز ومنه ممنوع وما هو الضابط لذلك .. أم أنه ممنوع تماماً

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: هل التأويل من عقيدة السلف ؟

    حياك الله أخانا الفاضل.. التأويل اصطلاحا هو صرف صفة من الصفات الثابتة لله تعالى في نص صحيح عن ظاهر معناها بلا قرينة سوى دعوى لزوم التشبيه من المعنى الظاهر.
    فعلى هذا المعنى الاصطلاحي = التأويل باطل كله!
    والإشكال عندك - وفقك الله - إنما جاء من إطلاق معنى الصفة على نص ما، ثم تصور أن من السلف من ذهب إلى تأويله! وهذا ليس بصحيح.
    فهذا النص الذي ضربت به المثل لا يُصطلح عليه بأنه نص في الصفات (لا الذاتية ولا الفعلية)، لأن السلف رضي الله عنهم لما فهموه - على وفق المعنى الجاري على ألسنة العرب في زمان التنزيل - لم يفهموا (جنب الله) على أنه صفة ذات، ولا على أن من لوازمه إثبات صفة ذات.. وهذا له نظائر كثيرة، فما رأيت من صرف السلف في تفسير نص كهذا إلى خلاف الوصفية، أو من خلاف بينهم في تفسيره، فاعلم أنه ليس خلافا بين فريق يثبت ظاهر الصفة وفريق يؤولها، وإنما هو خلاف في نص ما، هل نثبت منه صفة لله أم ليس هو بداخل في نصوص الصفات أصلا.
    فتنبه لهذا الفرق بارك الله فيك: المؤول يثبت الصفة، ويقول هذه صفة، لكنه يصرفها (عند تفسيرها) عن ظاهر معناها إلى معنى آخر (بلا قرينة سوى أنه يزعم أن هذا أليق بأن يوصف الله به من المعنى الظاهر الذي ظن أن لازمه التشبيه أو التجسيم).
    أما من يقول إن هذا المعنى في هذا النص ليست تثبت منه صفة لله أصلا، لا على معنى ظاهر ولا غيره، فأنى يقال إن هذا يؤول (الصفة)؟
    أرجو أن يكون قد زال عنك الإشكال، والله أعلى وأعلم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,120

    افتراضي رد: هل التأويل من عقيدة السلف ؟

    فهذا النص الذي ضربت به المثل لا يُصطلح عليه بأنه نص في الصفات (لا الذاتية ولا الفعلية)، لأن السلف رضي الله عنهم لما فهموه - على وفق المعنى الجاري على ألسنة العرب في زمان التنزيل - لم يفهموا (جنب الله) على أنه صفة ذات،
    ومنه قول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى "يوم يكشف عن ساق" فقال:أي عن هول وشدة
    فهذه الآية لا تصلح مستمسكا لأهل "التأويل" لأن الساق ليست منسوبة لله عز وجل
    ولولا ورود حديث البخاري لما فهم أحد منها إثبات الساق لله عز وجل
    قال الإمام ابن تيميّة رحمه الله تعالى:
    والفقرُ لي وصف ذاتٍ لازمٌ أبداً..كما الغنى أبداً وصفٌ له ذاتي

  4. #4

    Lightbulb رد: هل التأويل من عقيدة السلف ؟

    جزاك الله خيرا وبارك الله فيك ..
    ولكن الإشكال هو : عندما أسمع بعض النقاشات بين طلبة العلم وبين بعض أهل البدع ..
    يقول السني للمبتدع : أنت مؤل لهذه الصفة مثلاً .. وقد أخرجتها عن معناها الظاهر .
    فيقول المبتدع أيها السني فما تقول في قول الله عز وجل ـ مثلاً ـ ( فأتى الله بنيانهم من القواعد ).
    هل تثبتها على الظاهر أن الله يأتي لهؤلاء من القواعد تعالى الله عن ذلك، أم أنك ستؤل هذه الصفة، فلماذا تحرم علينا التأويل ويكون التأويل حلال عليكم ..
    فالمقصود ما هي الضوابط للذهاب إلى التأويل .. أو متى أعرف أن هذه الصفة تحتاج إلى تأويل وهذه الصفة لا تحتاج إلى تأويل ..
    بارك الله فيك وفي جميع الاخوة .. أنتظر تعليقاتكم وأترقب إحالتي إلى مرجع يغنيني في هذا الباب .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: هل التأويل من عقيدة السلف ؟

    حياك الله يا أبا أميمة.. المرجع في ذلك، الذي لا مرجع لدينا سواه = طريقة السلف رحمهم الله ورضي عنهم التي قررها أئمة السنة في كتبهم، وهي مبسوطة في مظانها ولله الحمد.
    أما عن قولك ما الضابط في الذهاب إلى التأويل، فراجع - غير مأمور - حدَ التأويل الذي قدمتُ به مشاركتي الآنفة، فإنه من قال بهذا التأويل فقد خالف أهل السنة البتة! إذ لا يذهب أهل السنة إلى التأويل لكون الصفة ظاهرها يفضي إلى كذا! فإما أنهم يثبتون الصفة على معناها الظاهر، وإما أنهم لا يعدون النص من نصوص الصفات أصلا.. فما ضاطبهم في ذلك؟ ضابطهم الفهم السليم للسان التنزيل الذي خاطبهم القرءان به، مع التأكيد على خلو النفس في ذلك من شبهات المتكلمة الذين قالوا هذه ظاهرها تجسيم وهذه أعراض وتلك أبعاض ... الخ!
    ولهذا لما وقع الخلاف بينهم في بعض النصوص التي عدها بعضهم من نصوص الصفات وعدها البعض الآخر خلاف ذلك، لم يبلغنا أن أحد الفريقين شنَّع على الآخر أو ألزمه بالتشبيه أو التجسيم أو نحو ذلك، أو اتخذ من هذا المفهوم مذهبا له! لماذا؟ لأن الذي حملهم جميعا على ما ذهبوا إليه من إخراج نص من النصوص من باب الصفات (بمعنى أن يكون النص لا تثبت منه لله صفة كذا) = ليس هو حرصهم على التنزيه كما يدعي المخالفون، وإنما هو بناؤهم لفهمهم خطاب ربهم على أقرب ما يصل إلى ذهن العربي صحيح اللسان الذي خاطبه الوحي بلسانه! فإن وقفوا على نص يثبت صفة من الصفات لرب العزة بصريح العبارة، فإنهم يثبتونه على معناه اللغوي الصحيح الذي يعقلونه ولا يترردون، لأنهم يسلِّمون ابتداءا بأن الله ليس كمثله شيء!
    وإن كان النص مما يلزم منه لغة إثبات أصل الصفة لله حتى يصح استعمال المعنى على المجاز على وفق طريقة العرب في ذلك فإنهم يعدونه من نصوص الصفات مع كونهم لا يحملون المعنى على ظاهره، أي يثبتون لله ما يلزم ثبوته منه من صفة حتى يصح المجاز لغة وعقلا.. وقد يختلفون في ذلك ولكن لا للتنزيه كما يدعي أهل البدع، وإنما لورود الاحتمال اللغوي. ومثاله قوله تعالى ((يد الله فوق أيديهم))، إذ لا يصدر هذا المعنى ممن لا يد له أصلا! أو قوله ((تجري بأعيننا)) ونحوها من معان لا يُتصور أن يستعملها الرب جل وعلا لإرادة تلك المعاني المجازية دون أن يكون أصلها ولازمها ثابتا صحيحا في حقه، وإلا لزم تنبيه العرب المخاطبين بالوحي في هذا الخصوص بنص صريح، حتى يندفع أول ما يتبادر إلى الذهن من أن لله يدا على الحقيقة ولابد وأن له عينا، وهو ما لم يكن.
    وأظهر ما يكون ذلك في نص كمثل قوله تعالى ((يوم يكشف عن ساق)).. فهنا جاءت لفظة ساق نكرة غير معرفة، فاختلفوا في تفسيرها بين من يدخلها في نصوص الصفات التي تثبت منها صفة الساق لله تعالى، ومن يخرجها منها ولا يعدها من نصوص الصفات.. ولم ينكر أحدهم على الآخر بدعوى أن نسبة الساق إلى الله (كصفة ذات) = تجسيم أو تشبيه أو يلزم منها كذا وكذا، ولا رأيناهم قالوا يجب التأويل تنزيها عن المشابهة!! ولولا أن رأينا حديثا صحيحا في البخاري ينص نصا صريحا على أن لله ساقا حقيقية يعرفه بها المؤمنون يوم القيامة ويسجدون لها، ما أمكننا أن نرجح كون هذا النص من نصوص الصفات، وأنه يثبت لله صفة ذات هي صفة الساق، ولبقي على الناظر أن يبحث عن مرجح آخر من النصوص الصحيحة، يحملها على ظاهرها المتبادر إلى الذهن ما لم يكن من طريقة العرب في كلامهم ما يحمله على خلاف ذلك! ولم نر أحدا من الصحابة أو التابعين رضي الله عنهم وأرضاهم يقعِّد لنا قاعدة مفادها = أينما رأيتم الصفة يلزم من حملها على ظاهرها التجسيم فأولوها على أقرب معنى آخر يحتمله لسان العرب، ولا رأينا منهم من فسر الآية على الوجه الذي لا تثبت منه لله صفة الساق، بسبب أن الظاهر لازمه التجسيم، فضلا عن من يدعي أن النص الصريح في إثبات تلك الصفة لله في الحديث = يجب تأويله!!
    هذا هو الفرق الجوهري بيننا وبين مخالفينا في التعامل مع النصوص المختلف فيها في هذه البابة، فأرجو أن يكون قد زال الإشكال أخي الكريم، والله أعلى وأعلم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    2

    افتراضي رد: هل التأويل من عقيدة السلف ؟

    ###إذا كان لكم شكوى أو استفسار فهنا ## الإشراف###

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    98

    افتراضي رد: هل التأويل من عقيدة السلف ؟

    جزاك الله خيرا
    أبو أميمة رجاء حمل الملف ففيه جواب شاف إن شاء الله
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    447

    افتراضي رد: هل التأويل من عقيدة السلف ؟

    السلام عليكم

    المشكلة تكمُن في عدم فهم معنى "ظاهر النص" ومعنى "التأويل" ... والخلط بين "ظاهر النص" و"الحقيقة"
    فالمعنى الظاهر قد يكون حقيقة أو مجاز

    أخي الكريم
    عندما تقرأ قول الله تعالى {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ص : 75]
    ما أول معنى يأتي لذهن الإنسان عند قراءة الآية ؟ أو ما هو ظاهر النص؟
    هل هو أن الله خلق آدم بقوته أو قدرته أم بيده ؟
    بالتأكيد هي اليد ... فإذا فُسرت بغير ذلك يصبح تأويلا لأن التأول هو صرف النص عن ظاهره

    أيضا عند قراءتك لقول الله عز وجل {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق : 16]
    هل يفهم منها المرء أن الله عز وجل داخل جسم الانسان ؟؟
    أكيد لا... فالآية واضحة .. تتحدث عن علم الله عز وجل ... أي أنه قريب من عبده بعلمه
    فإذا فُسرت بأن ذات الله داخل الانسان (تعالى الله) فعندها يصبح تأويلا لأنه صرف النص عن ظاهره

    فهكذا مع الآيات التي ذكرتها
    فعندما تقرأ قول الله تعالى (على ما فرطت في جنب الله ) ما المعنى الذي يأتي في ذهنك عند أول قراءتك لها؟
    وأيضا عند قراءة قوله تعالى {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل : 26]
    ما أول معنى يأتي في ذهن الإنسان عند قراءته للآية ؟
    ذاك المعنى هو المعنى الظاهر


    قال ابن قدامة رحمه الله في روضة الناظر:
    القسم الثاني الظاهر وهو ما يسبق إلى الفهم منه عند الإطلاق معنى مع تجويز غيره وإن شئت قلت ما احتمل معنيين هو في أحدهما أظهر فحكمه أن يصار إلى معناه الظاهر ولا يجوز تركه إلا بتأويل والتأويل صرف اللفظ عن الاحتمال الظاهر إلى احتمال مرجوح به لاعتضاده بدليل يصير به أغلب على الظن من المعنى الذي دل عليه الظاهر إلا أن الاحتمال يقرب تارة ويبعد اخرى وقد يكون الاحتمال بعيدا جدا فيحتاج إلى دليل في غاية القوة وقد يكون قريبا فيكفيه أدنى دليل وقد يتوسط بين الدرجتين فيحتاج دليلا متوسطا )


    وقال في "ذم التأويل" :

    فإن قيل فقد تأولتم آيات وأخبارا فقلتم في قوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم) الحديد 4
    أي بالعلم ونحو هذا من الآيات والأخبار فيلزمكم ما لزمنا.
    قلنا نحن لم نتأول شيئا وحمل هذه اللفظات على هذه المعاني ليس بتأويل لأن التأويل صرف اللفظ عن ظاهره وهذه المعاني هي الظاهر من هذه الألفاظ بدليل أنه المتبادر إلى الأفهام منها
    وظاهر اللفظ هو ما يسبق إلى الفهم منه حقيقة كان أو مجازا
    ولذلك كان ظاهر الأسماء العرفية المجاز دون الحقيقة كاسم الراوية و الظعينة وغيرهما من الأسماء العرفية فإن ظاهر هذا المجاز دون الحقيقة وصرفها إلى الحقيقة يكون تأويلا يحتاج إلى دليل وكذلك الألفاظ التي لها عرف شرعي وحقيقة لغوية كالوضوء والطهارة والصلاة والصوم والزكاة والحج إنما ظاهرها العرف الشرعي دون الحقيقة اللغوية
    وإذا تقرر هذا فالمتبادر إلى الفهم من قولهم الله معك أي بالحفظ و الكلاءة ولذلك قال الله تعالى فيما أخبر عن نبيه (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) التوبة 40
    وقال لموسى (إنني معكما أسمع وأرى) طه 46
    ولو أراد أنه بذاته مع كل أحد لم يكن لهم بذلك اختصاص لوجوده في حق غيرهم كوجوده فيهم ولم يكن ذلك موجبا لنفي الحزن عن أبي بكر ولا علة له
    فعلم أن ظاهر هذه الألفاظ هو ما حملت عليه فلم يكن تأويلا .. ا.هـ.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    82

    افتراضي رد: هل التأويل من عقيدة السلف ؟

    هناك تأويل صحيح من مثل ما ذكر من الآيات ، مثل قول الله جل وعلا: {فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ} (26) سورة النحل] ، ظاهره ، الظاهر اللفظي أن الإتيان هنا لله جل وعلا ، أتى اللهُ ، يعني أن الله يأتي ، لكن أجمع أهل السنة على أن هذه الآية ليست من آيات صفة الإسلام – كذا في الشريط ! - ، لم ؟ لأن الظاهر هنا ظاهر تركيبي {فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ} ، معلوم أنه لما قال: من القواعد ، أن الله جل وعلا لم يأت من القواعد بذاته {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ}(26) سورة النحل] ، وإنما أتى الله جل وعلا بصفاته يعني بقدرته ، بعذابه ، بنكاله.

    كذلك قول الله جل وعلا: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} (45) سورة الفرقان] ، {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ} ، ليس معناه رؤية الله جل وعلا ، حيث يُمَد الظل ، وإنما تُرى قدرته جل وعلا حيث يمد الظل ، فهذا الظاهر تركيبي.

    هذا لا يسمى تأويلاً أصلاً ، لأنه قول بظاهر الكلام ، ما نقلنا الكلام ، ولا صرفنا الكلام عن ظاهره.

    فإذا القاعدة المقررة عند أهل السنة ، أنه في نصوص الغيبيات ، في الصفات ، أو في ما يكون يوم القيامة ، أو في الملائكة ، أو إلى غير ذلك ، لا تأويل فيها ، نأخذ بالظاهر ، هذا الظاهر تارة يكون ظاهراً من جهة اللفظ ، وتارة يكون ظاهراً من جهة التركيب.

    في قول الله جل وعلا: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1) سورة الملك] ، قد تجد من يفسرها بقوله: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ، يعني في قبضته ، وتحت تصرفه ، وهذا التفسير إذا كان مع إثبات صفة اليد لله جل وعلا ، فهو تفسير سائغ ، لأن الملك بيده ، بمعنى أنه تحت تصرفه ، لكن في الآية إثبات صفة اليد.

    في قول الله جل وعلا: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (10) سورة الفتح] ، قال ابن كثير وغيره: هذا تشديد في أمر البيعة ، هذا فيه إثبات صفة اليد لله جل وعلا ، ومعنى الكلام في ظاهره التركيبي ، مع إثبات صفة اليد ، أن فيه تشديد أمر البيعة ، فإذا كان أحدٌ من المفسرين فسّر بالظاهر التركيبي ، أو فسّر بالمتضمن للكلام ، أو فسّر باللازم ، فتنظر فيه ، هل يؤول الصفات أو لا يؤولها؟.

    فمثلاً: لو نظرت إلى هذه الآية {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (10) سورة الفتح] ، ووجدت أنه في هذه الآية لم يثبت صفة اليد ، وإنما قال: هذا تشديد في أمر البيعة ، لأجل أن لا ينكث بها أحد ، تنظر في موضع آخر في قوله جل وعلا: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (75) سورة ص] ، وفي قوله: {يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ} (64) سورة المائدة] ، هل في ذلك إثبات صفة اليد عند هذا المفسِّر أم لا؟
    فإن أوَّل في ذلك الموضع ، علمنا أنه في هذا الموضع أوََّل ، وإن أثبت في ذلك الموضع ، علمنا أنه في هذا الموضع فسّر باللازم ، والمتضمّن.
    وهذا من دقيق المسائل ، إذا لم تفهمه ، فجاوزه ، ولا تخض فيه بعدم فهم له ، لأن هذه من دقيق المسائل ، ولهذا بعضهم يقول: البغوي أوَّل ، أو مثل واحد ألّف: ابن كثير بين التفويض أو قال: بين التأويل والتفويض ، ويظن أن - بعض الناس - أن ابن كثير فوّض بعض الآيات ، أو بعض الصفات ، أو أوَّل ، هذا غير صحيح ، كذلك البغوي فوّض وأوّل ، هذا غير صحيح ، لم؟ لأنه قد يفسر باللازم ، قد يفسر بالمتضمن ، قد يفسر بالظاهر التركيبي ، فكيف تعلم الفرق بين المؤول وبين غيره؟ كما سأل السائل هنا بدقة حيث قال: ما هو الضابط بين ما يجوز تأويله ، وما لا يجوز تأويله؟ ، يلتبس في حق بعض المفسرين ، فلا تأخذ بالموضع المشكل الذي يحتمل أن يُفسّر باللازم ، ولكن انظر إلى الموضع الذي فيه التنصيص على الصفة ، فإذا أثبت في الموضع الذي فيه التنصيص على الصفة ، فإنه هنا ما أوَّل الصفة ، ولكن فسّر بالمتضمن ، أو اللازم ، أو فسّر بالظاهر التركيبي.

    وهذا بحث يحتاج إلى مزيد بسط ، لكن هذه أصوله.
    الأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية
    الشيخ صالح آل الشيخ

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    52

    افتراضي رد: هل التأويل من عقيدة السلف ؟

    التأويل في أصل معناه الشرعي بمعنى التفسير ومن ذلك دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس " وعلمه التأويل " أو بمعنى حقيقة الشيئ ومآله ومنه قوله تعالى " هذا تأويل رؤياي من قبل " .
    وأما التأيل بالمعنى الحادث أعني : صرف اللفظ عن الظاهر إلى معنى يخالف الظاهر فهو معنى حادث وهو نوعان :
    1- تأويل صحيح مقبول وهو ما دل عليه دليل ومنه قوله تعالى " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم "والمعنى إذا أردت أن تقرأ .
    2- تأويل فاسد غير مقبول وهو ما لا دليل عليه ومنه تأيل الإستواء بالاستيلاء أو اليد بالنعمة أو القدرة .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •