الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
أشكل علي ما جاء في ترجمة جرير بن حازم في الضعفاء الكبير للعقيلي (1|199)
حدثنا على بن محمد بن سلم قال حدثنا عقيل بن يحيى قال سمعت أبا داود قال كان جرير بن حازم إذا قدم قال شعبة :قد جاءكم هذا الحشوي .
مع أن الإمام أحمد أثنى على جرير كما في ترجمته وبين أنه صاحب سنة وفضل وديانة .
والمعلوم أن شعبة بن الحجاج من أئمة السلف , وهذا اللفظ - الحشوية - من المصطلحات التي نبز بها المعتزلة أهل الحديث ومن أثبت الصفات .


قال أبو عبد الله الحاكم : ولقد صدقا جميعا أن أصحاب الحديث خير الناس وكيف لا يكونون كذلك وقد نبذوا الدنيا بأسرها ورائهم وجعلوا غذائهم الكتابة وسمرهم المعارضة واسترواحهم المذاكرة وخلوقهم المداد ونومهم السهاد ونومهم السهاد وأصطلاءهم الضياء وتوسدهم الحصى فالشدائد مع وجود الأسانيد العالية عندهم رخاء ووجود الرخاء مع فقد ما طلبوه عندهم بؤس فعقولهم بلذاذة السنة غامرة تعلم السنن سرورهم ومجالس العلم حبورهم وأهل السنة قاطبة إخوانهم و أهل الإلحاد والبدع بأسرها أعداؤهم
سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد الحنظلي ببغداد يقول سمعت أبا إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي يقول : كنت أنا و أحمد بن الحسن الترمذي عند أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل فقال له أحمد بن الحسن : يا أبا عبد الله ذكروا لإبن أبي فتيلة بمكة أصحاب الحديث فقال : أصحاب الحديث قوم سوء فقام أبو عبد الله وهو ينفض ثوبه فقال : زنديق ! زنديق ! زنديق ! ودخل البيت .
سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول سمعت جعفر بن محمد بن سنان الواسطي يقول سمعت أحمد بن سنان القطان يقول : ليس في الدنيا متبدع إلا وهو يبغض أهل الحديث وإذا ابتدع الرجل نزع حلاوة الحديث من قلبه .
سمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارا يقول سمعت أبا نصر أحمد بن سلام الفقيه يقول ليس شي أثقل على أهل الإلحاد ولا أبغض إليه من سماع الحديث وروايته بإسناد
قال أبو عبد الله : وعلى هذا عهدنا في أسفارنا وأوطاننا كل من ينسب إلى نوع الإلحاد والبدع لا ينظر إلى الطائفة المنصورة إلا بعين الحقارة ويسميها الحشوية .
معرفة علوم الحديث (35)
وجاء في طبقات الحنابلة (2|208) في وصف أهل الحديث
"وهي الفرقة الناجية والجماعة العادلة والطائفة المنصورة إلى يوم القيامة فهم أصحاب الحديث والأثر والوالد السعيد تابعهم هم خلفاء الرسول وورثة علمه وسفرته بينه وبين أمته بهم يلحق التالي وإليهم يرجع العالي وهم الذين نبذهم أهل البدع والضلال وقائلو الزور والمحال أنهم مشبهة جهال ونسبوهم إلى الحشو والطغام .
ومن ذلك قول الوزير الصاحب إسماعيل بن عباد الطالقاني لما سئل عن البخاري قال : ومن البخاري ؟! حشوي لا يعول عليه .
سير أعلام النبلاء (16|512)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وتكلمت على لفظ الحشوية ما أدري جوابا عن سؤال الأمير أو غيره أو عن غير جواب

فقلت هذا اللفظ أول من ابتدعه المعتزلة فإنهم يسمون الجماعة والسواد الأعظم الحشو كما تسميهم الرافضة الجمهور .
وحشو الناس هم عموم الناس وجمهورهم وهم غير الأعيان المتميزين يقولون هذا من حشو الناس كما يقال هذا من جمهورهم
وأول من تكلم بهذا عمرو بن عبيد وقال: كان عبدالله بن عمر حشويا .
فالمعتزلة سموا الجماعة حشوا كما تسميهم الرافضة الجمهور .
العقود الدرية (254)
وقال ابن القيم رحمه الله في بيان أصل هذا اللفظ - الحشوية _
يا قوم إن كان الكتاب وسنة... المختار حشوا فاشهدوا ببيان
إنا بحمد إلهنا حشوية ... صرف بلا جحد ولا كتمان
تدرون من سمت شيوخكم بهذا ...الاسم في الماضي من الأزمان
سمي به ابن عبيد عبد الله ذا ... ك ابن الخليفة طارد الشيطان
فورثتم عمرا كما ورثوا ...لعبد الله أنى يستوى الارثان
تدرون من أولى بهذا الاسم ....وهو مناسب أحواله بوزان
من قد حشى الأوراق والأذهان ....من بدع تخالف موجب القرآن
هذا هو الحشوي لا أهل ....الحديث أئمة الاسلام والإيمان
وردوا عذاب مناهل السنن التي ...ليست زبالة هذه الأذهان
ووردتم القلوط مجرى كل ذي ...الأوساخ والاقذار والأنتان
وكسلتم أن تصعدوا للورد من ... رأس الشريعة خيبة الكسلان
شرح القصيدة (1|366)
ويقصد ابن القيم رحمه الله بابن عبيد عمروبن عبيد الذي أطلق على عبد الله بن عمر لفظة الحشوي

والسؤال ما مراد شعبة بن الحجاج بقوله جاءكم هذا الحشوي في حق جرير بن حازم ؟
بدا لي والله أعلم أن لفظة الحشو في لغة العرب تطلق على الشيء الرديء , فحشو الكلام الفضل الذي لا يعتمد عليه .
ولعل شعبة أراد أن جرير لايتحرى الأحاديث الجيدة وأن في حديثه شيئا لا يعتد به لا أنه أراد ماتطلقه المعتزلة على أهل الحديث .
ويدل على ذلك أن جرير اختلط قبل موته بسنة
ومعلوم أن روايته عن قتادة تكلم عليها العلماء .
قال عبد الله بن أحمد سألت ابن معين عنه فقال : ليس به بأس فقلت : إنه يحدث عن قتادة عن أنس أحاديث مناكير .فقال : ليس بشيء هو عن قتادة ضعيف .
تهذيب التهذيب (2|61)
أو قالها على سبيل الدعابة ؟
فمن كان عنده فائدة في توجيه قول شعبة في جرير فليتفضل مشكورا .