كيف نوفق بين قول النبي ﷺ" لا قطع إلا في ربع دينار "وبين حديث النبي ﷺ في الصحيحين عن أبي هريرة " لعن الله السارق يسرق البيضة تقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده من أهل العلم: الأعمش رحمه الله تعالى وهو أحد رواة هذا الحديث بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه .من تأول البيضة ببيضة الحديد ، لكي لا تتعارض مع " لا قطع إلا في ربع دينار " ، بيضة الحديد هي البيضة التي توضع مثل ( الخوذة ) التي يضعها المقاتل على رأسه حتى لا يشج رأسه بضربة سيف ، فهذه البيضة أكيد أكثر من ربع دينار ، وتأولوا الحبل بالحبل الغليظ وهو الحبل الذي تجرّ به السفن ، وهذا طبعً أكثر من ربع دينار .
لكن الذي عليه سائر أهل العلم: أن البيضة ، هي بيضة الدجاجة، وأن الحبل هو ذلك الحبل الذي ليس له قيمة الذي يمكن أن تجده في الطريق،.
إذن كيف التوفيق؟ التأويل الأول : قال، أن هذا الحديث خرج مخرج الدعاء على فاعل ذلك ، وأنه مهما سرق حتى لو سرق شيئاً ثميناً لا يساوي يده التي ستقطع ، يعني كأن هذا الشيء حتى وإن بلغ النصاب لا يساوي شيئاً بحانب يده ،يده أثمن بكثير .
التأويل الثاني : قال هذا هو حال ما يُؤدي إليه ويؤول الأمر إليه في النهاية ,فالواحد أول ما يسرق ماذا يفعل؟ يجرب حظه ، فيسرق بيضه يسرق دجاجة مثلا، لا يمكن أن يسرق جمل مرة واحدة ، لأنه ممكن لا يقدر عليه كيف يخرجه من حظيرة الحيوانات ، أو يسرق بقرة كبيرة أو ما إلى ذلك ، فهو يبدأ يجرب حظه على حسب سنه يسرق بيضه ثم يسرق دجاجه ثم يسرق أوزة ثم يسرق بطة ويصعد شيئاً فشيئاً إلى أن يصل إلى الجمل فما الذي أوصله إلى الجمل؟ البيضة !إذن هو كأنه قال: لعن الله السارق يسرق البيضة ثم يكون ذلك له عادة ، فيتقوى قلبه شيئاً فشيئاً حتى يسرق ما يبلغ النصاب فتقطع يده فيكون سرقة البيضة هي البوابة التي أوصلته إلى سرقة ما يكون فيه الحد " ويسرق الحبل فتقطع يده " لا يوجد تعارض في المسألة .