بسم الله الرحمن الرحيم
عند تأمل النصوص الواردة عن النقاد-رحمهم الله تعالى-في حقِّ الإمام حماد بن أبي سليمان-رحمه الله تعالى- يمكن حملها على دافعين:
أولا :النصوص التي دافعه غير معتبر في النقد كالنصوص التي يظهر أن دافعها عقدي أو تنافسي(كلام أقران)،ومن ذلك ما جاء عن الإمام الأعمش-وهو من أقران حماد أيضا-
قال أبو حذيفة ثنا الثوري قال كان الأعمش يلقى حماداً حين تكلم في الإرجاء فلم يكن يسلم عليه.
وقال أبو بكر بن عياش عن الأعمش حدثنا حماد عن إبراهيم بحديث وكان غير ثقة .
وقد أشار الإمام الذهبي إلى الدافع العقدي للنصوص التي تتضمن القدح في حماد حيث قال كما في الميزان:(تُكلِّم َ فيه للإرجاء)،ومن المعلوم أن كتب الصناعة قد أشارات إلى انفكاك الجهة بين الرواية والمعتقد كما هو مقرر...بل قد ذكر الذهبي-رحمه الله تعالى- أنَّ حمادا كان (مرجئا إرجاء الفقهاء، وهو أنهم لا يعدون الصلاة والزكاة من الإيمان، ويقولون: الإيمان إقرار باللسان، ويقين في القلب، والنزاع على هذا لفظي إن شاء الله، وإنما غلو الإرجاء من قال: لا يضر مع التوحيد ترك الفرائض، نسأل الله العافية)([1])

ثانيا:النصوص النقدية التي دافعه الرواية وهذا الذي يهمني في هذه المعالجة المتواضعة...
وسأستهلُّ بموقف أمير المؤمنين في الحديث...
موقف الإمام أبي بسْطام شعبة بن الحجاج:
أولا:رواية الإمام شعبة عن حماد لها دلالة لا تخفى،قال ابن أبي حاتم:(سمعتُ أبي يقول:إذا رأيت شعبة يحدث عن رجل فاعلم أنه ثقة،إلا نفراً بأعيانهم)([2])
ثانياً:قال بقية بن الوليد قلت لشعبة:لمَ تروي عن حماد بن أبي سليمان وكان مرجئاً؟ قال: كان صدوق اللسان
قلت:وهذا النص يدفع ما ورد من نصوص تكذب حمادا في روايته
ثالثاً:قال شعبة:كنت أمشي مع حماد ابن أبي سليمان،فتلقنا الحكم-ابن عتيبة-قد أقبل نحونا في السكة،فكرهت أن يلقانا،فنزعت يدي من يد حماد،ودخلت داراً كراهيةَ أن يراني الحكم مع حماد([3])

موقف الإمام أحمد:
ثبت عن الإمام أحمد توثيق حماد([4])، لكن ثمَّة نصوص أخرى تبين أن الإمام أحمد يرى تفاوت أحاديث حماد باعتبار الرواة عنه، قال الأثرم :سمعت أبا عبد الله قيل له حماد بن أبي سليمان؟؟ قال أما حماد فرواية القدماء عنه مقاربة شعبة والثوري وهشام يعني الدستوائي قال وأما غيرهم فقد جاؤوا عنه بأعاجيب؟؟ قلت له: حجاج وحماد بن سلمة؟؟ قال حماد على ذاك لا بأس به([5])
قلت :مراد الإمام أحمد أن رواية شعبة وسفيان وهشام-والقدماء- أصح من رواية غيرهم ،وهذا التفصيل النفيس لا تجده إلا عند إمام السنة في عصره رحمه الله تعالى،وهو تفصيل يحتاجه طالب الحديث عند دراسة حديث ما من رواية حماد لا سيما إذا لاح في الخبر نكارة أو نحو ذلك،ولعل الإمام حماد رحمه الله تعالى اشتغل في بواكير عمره بالأخبار ثم عطف على التفقه فيها مما أثر على روايته

موقف ابن معين:
حماد ثقة
موقف أبي حاتم:
حماد هو صدوق لا يحتج بحديثه وهو مستقيم في الفقه فإذا جاء الآثار شوَّش
موقف العجلي:
كوفي ثقة وكان أفقه أصحاب إبراهيم
موقف النسائي:
ثقة إلا أنه مرجئ
موقف ابن عدي:
وحماد كثير الرواية خاصة عن إبراهيم ويقع في حديثه أفراد وغرائب وهو متماسك في الحديث لا بأس به.
تأمل يا رعاك الله كيف احتمل الإمام ابن عدي من حماد الأفراد والغرائب وذلك لكونه من المكثرين، لكن الأمر ذاته لا يقع لوكان حماد من المقلين في الرواية فتأمل

موقف ابن حبان:
وقال في الثقات: يخطئ وكان مرجئا وكان لا يقول بخلق القرآن وينكر على من يقوله.
موقف ابن سعد:
كان ضعيفا في الحديث واختلط في آخر أمره وكان مرجئا وكان كثير الحديث إذا قال برأيه أصاب وإذا قال عن غير إبراهيم اخطأ
الذي يظهر أن الإمام ابن سعد يريد بقوله (اختلط في آخر أمره) التغير لا أكثر ،وقد راجعت كتب المختلطين فلم أرَ من ذكر حماد في المختلطين،فقوي الظن عندي أن مراد الإمام ابن سعد هو التغير لا أن حماد ممن يعد في المختلطين...
موقف الذهلي:
وقال الذهلي: كثير الخطأ والوهم

*الخلاصة مما سبق أن حماد ابن أبي سليمان مقبول الرواية ثقة، وقد سبق أن الإمام يحيى والنسائي قد وثقاه وهما من المتعنتين في التوثيق كما هو معلوم،وكذلك الإمام ابن حبان لا سيما وتوثيقه هنا معتبر ، وقد قال الإمام الذهبي كما في الكاشف(ثقة إمام مجتهد كريم جواد قال أبو إسحاق الشيباني: هو أفقه من الشعبي قلت لكن الشعبي أثبت منه)
و لله درُّ حذام الحفاظ عندما قال في التقريب(صدوق له أوهام)([6]) وممن يرى توثيق حماد من المعاصرين العلامة الألباني -رحمه الله تعالى-فقد وقفت له على نصوص تبين توثيقه لحماد وأنه ممن يحسن حديثه...
ولا بأس أن أذكر مواطن التوثيق...
قال الشيخ في الصحيحة(4/314) عند دراسة حديث " حسن الصوت زينة القرآن " وبعد ذكر من خرَّجه من الأئمة ... و هذا إسناد حسن ، مدار طرقه على حماد بن أبي سليمان و هو صدوق له أوهام كما في " التقريب " ، و من فوقه من رجال الشيخين)
وقال الشيخ أيضا في الصحيحة(5/425) عند حديث" لا تطعموهم مما لا تأكلون . يعني المساكين " وقد ذكر إسناد الطبراني الذي قال عنه الهيثمي(ورجاله موثوقون)...و رجاله رجال مسلم ، على ضعف في حماد بن أبي سليمان ، فالإسناد حسن )
أما الإمام المعلمي-رحمه الله تعالى- فقد وصف حماداً بأنه(سيء الحفظ)كما في التنكيل،والله أعلم







[1] راجع السير،،ترجمة حماد

[2] مقدمة الجرح والتعديل(128)

[3] انظر الضعفاء للعقيلي(1/303)

[4] سؤالات المرُّوذي(128)

[5] تهذيب الكمال(7/272)

[6] وهذا على رأي من يقول بأن المرتبة الخامسة من أهل التوثيق عند الحافظ