بسم الله الرحمن الرحيمعند تأملي في بعض التطبيقات الحديثية للشيخ الألباني-رحمه الله تعالى- وجدت أنه يرى أن هذه اللفظة تحديداً من ألفاظ التضعيف عند الحافظ...
ولكن ثمة سؤال يطرح نفسه وهو هل الشيخ يرى أن المرتبة الخامسة عند الحافظ في التقريب من مراتب التضعيف عنده أم أنها من مراتب التوثيق حاشا لفظة(صدوق سيء الحفظ)؟؟ لعل أحد الإخوة يتحفنا بهذ الأمر
قال الشيخ الألباني في الضعيفة:
**( خرج َ نبي الله صلى الله عليه و سلم يوماً يستسقي ، فصلى بنا ركعتين بغير أذان ٍ و لا إقامة ٍ ، ثم خَطَبَنَا ، و دعا الله ، و حوّل وجهَه نحو القبلةِ رافعا ً يَدَهُ ، ثم قَلَبَ رداءَهُ ، فجعلَ الأيمنَ على الأيسرِ ، و الأيسرَ على الأيمنِ ِ ) .
منكر بذلك الخطبة بعد الصلاة . أخرجه أحمد ( 2 / 326 ) ، و ابن ماجه( 1 / 384 ) ، و ابن خزيمة ( 1409 / 1422 ) ، و الطحاوي ( 1 / 192 ) ، و البيهقي( 3 / 347 ) من طريق النعمان بن راشد عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال : . . . . . . . فذكره . و قال ابن خزيمة عقبه : ( ( في القلب من النعمان بن راشد ؛ فإن في حديثه عن الزهري تخليطا ً كثيرا ً ) ) .و قال البيهقي : ( ( تفرد به النعمان ) ) .قلت : قال البخاري في ( ( التاريخ ) ) ( 4 / 2 / 80 ) : ( ( في حديثه و هم كثير ، و صدوق في الأصل ) ) . و قال أحمد :( ( مضطرب الحديث ، روى مناكير ) ) .
و ضعفه آخرون . و لذلك ؛ قال الحافظ في ( ( التقريب ) ) :( صدوق سيئ الحفظ )([1])
قلت-والكلام ما زال للشيخ- : فمن كان هذا حاله فأحسن أحواله أن يستشهد بحديثه و يتقوى بغيره ، و أما أن يحتج به فلا ، و لذلك ، قال ابن خزيمة بعد تضعيفه إياه فيما نقله عنه آنفا ً : ( ( فإن ثبت هذا الخبر ؛ ففيه دلالة على أن النبي صلى الله عليه و سلم خطب و دعا و قلب رداءه مرتين : مرة قبل الصلاة و مرة بعدها ) ) .
و إنما قال هذا على فرض ثبوته ؛ توفيقا ًبينه و بين حديث عبد الله بن زيد الذي ذكرته قبل هذا بألفاظ ، منها لفظ ابن خزيمة :....ثم قال الشيخ –رحمه الله تعالى-(لقد تبين لي و أنا أعد لهذا البحث و التحقيق : أن بعض العلماء لم يكن موقفهم تجاه هذا الحديث و نحوه الموقف الذي يوجبه التحقيق و التجرد و الإنصاف ،لا من الناحية الحديثية و لا من الناحية الفقهية ، و إليك بعض الأمثلة بالقدر الذي تحصل به العبرة .
أما الناحية الحديثية ؛ فقد مر بك قول البيهقي في هذا الحديث أنه تفرد به
النعمان بن راشد ، و ما قاله أحمد و البخاري و غيرهما فيه من الضعف ، و مع ذلك فقد وجدت ما يأتي :
أولا ً : نقل الحافظ في ( ( التلخيص الحبير ) ) ( 2 / 98 ) عن البيهقي أنه قال في كتابه ( ( الخلافيات ) ) : ( ( رواته ثقات ) ) .
كذا قال ! و ما أظن أنه خفي عليه الضعف المشار إليه آنفا ً ، و مع ذلك أقره عليه الحافظ ! و هو القائل في رواية ( النعمان ) : ( ( صدوق سيئ الحفظ ) ) كما تقدم ([2])
قال الشيخ في الضعيفة أيضا عند حديث:
**(قرأ هذه الآية : *( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب )* ، قال : لما قالها يوسف عليه السلام ، قال له جبريل عليه السلام : يا يوسف ! اذكر همك ، قال : *( و ماأبرئ نفسي )* ) .
منكر . أخرجه الحاكم في " تاريخه " و ابن مردويه و الديلمي عن أنس رضي الله عنه مرفوعا . كذا في " الدر المنثور " ( 4 / 23 ) . و قد وقفت على إسناد الحاكم . أخرجه من طريقه الديلمي في " مسند الفردوس " ( 2 / 81 / 1 ) بسنده عن المؤمل بن إسماعيل : حدثنا حماد عن ثابت عن أنس .. قلت : و هذا إسناد ضعيف علته المؤمل هذا ، قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق سيء الحفظ " . و قد أورده الذهبي في " الميزان " ، و حكى أقوال الأئمة فيه ، و ذكر له حديثا استنكره ، وأعتقد أن هذا الحديث من مناكيره أيضا لأنه مع ضعفه قد خالف الثقات في رفعه))
وأيضا قال الشيخ في الضعيفة عند حديث:
**( أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا و الآخرة : قلب شاكر ، و لسان ذاكرو بدن على البلاء صابر ، و زوجة لا تبغيه خونا في نفسها و لا ماله ) .
ضعيف .
أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب الشكر " ( 5/2 ) : حدثنا محمود بن غيلان المروزي : أخبرنا المؤمل بن إسماعيل : أخبرنا حماد بن سلمة : أخبرنا حميد الطويل عن طلق بن حبيب عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
و هكذا أخرجه الطبراني وأخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة "
( 283/2 ) ، ثم أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( و رقم 7351 ) بإسناده المتقدم إلا أنه وقع فيه " موسى " بدل " المؤمل " ، و كذا وقع في " زوائد المعجمين " ( 1/163/1 ) و هو خطأ لا شك فيه ، لا أدري ممن هو ؟ و لعله من بعض النساخ القدامى ، فقد تورط به جماعة ، فحكموا على إسناد " الأوسط " بغير ما حكموا به على " الكبير " كما سيأتي ، و هو هو ! فإن شيخه فيهما واحد ، و هوالجنديسابوري ، و شيخ هذا كذلك ، و هو ابن غيلان المروزي ، و قد رواه عنه ابن أبي الدنيا كما رواه في " الكبير " فكان ذلك من المرجحات لروايته على رواية " الأوسط " و يؤيد ذلك أمران :
الأول : أن الحسن بن سفيان قال : حدثنا محمود بن غيلان به .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3/65 ) و في " الأربعين الصوفية "( 58/2 ) :حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان : حدثنا الحسن بن سفيان به .
و من طريق أبي نعيم رواه الضياء أيضا في " المختارة " .
و الآخر : أن ابن غيلان قد توبع عليه ، فقال ابن أبي الدنيا في " كتاب الصبر "( ق 43/2 ) : حدثنا محمود بن غيلان و الحسن بن الصباح قالا : حدثنا المؤمل بن إسماعيل به .
قلت : و في هذا رد على الطبراني ، فإنه قال :
لم يروه عن طلق إلا حميد ، و لا عنه إلا حماد ، و لا عنه إلا مؤمل و في الأصل موسى ، و قد عرفت خطأه ، تفرد به محمود .
فقد تابعه الحسن بن الصباح ، و كأنه لذلك لم يذكر أبو نعيم هذا التفرد و إنما تفرد المؤمل ، فقال :
غريب من حديث طلق ، لم يروه متصلا مرفوعا ، إلا مؤمل عن حماد .
قلت : و هو ضعيف لكثرة خطئه ، و قد وصفه بكثرة الخطأ الإمام البخاري و الساجي و ابن سعد و الدارقطني ، و قال ابن نصر : إذا تفرد بحديث وجب أن يتوقف ، و يثبت فيه ، لأنه كان سيىء الحفظ ، كثير الغلط .
و لخص ذلك الحافظ في " التقريب " فقال : صدوق سيء الحفظ .
قلت : فمؤمل بن إسماعيل هذا هو علة هذا الحديث ، و قد تفرد به كما حققناه في هذا التخريج بما لم نسبق إليه و الفضل لله عز وجل )) انتهى النقل
والله من وراء القصد
ـــــــــــــــ ـــــــ
[1] قلت:تأمل فهم الشيخ الألباني لقول الحافظ(صدوق سيء الحفظ)فلو كان متقرِّراً عند الشيخ أنها لفظة توثيق ولو في أدنى مراتبه عند الحافظ لما جعلها فذلكة في الحكم على النعمان
[2] قلت:هذا نص واضح على فهم الشيخ لمقولة الحافظ(صدوق،سيء الحفظ)أنها للتضعيف وإلا لما حاجج الحافظ بكلامه؟؟