تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 32

الموضوع: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    174

    افتراضي قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    قضية تلبس الجان ببدن الإنسان
    حقائق لا تخفى !
    بقلم : خباب بن مروان الحمد

    الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم أجمعين:
    فلقد استمعت لعدد من البرامج وكلام بعض الشيوخ النافين لدخول الجان بالإنسي، وأنَّ تصديق ذلك محض خرافة وخبط من القول ما أنزل الله به من سلطان، وأنَّ من يصدِّق ذلك فإنَّما يصدق الخرافات والخزعبلات، وبعيداً عن تسمية الأشخاص بأعيانهم ، ولضرورة تبيان خطأ هذا القول ولرواجه في هذا الزمن (وبالذات)عبر بعض المنتسبين للعلم والمشيخة، فإنَّ من الضرورة التنبيه على خطأ النافين لدخول الجان في بدن الإنسان بعد مشيئة الله وقدرته.
    فالقول الذي يعتقده أهل السنة والجماعة ديانة لله تعالى، أنَّ الجني يتلبَّس الإنسي وينطق على لسانه ويتحدث فيه ويؤذيه
    وقد أجمع على ذلك علماء أهل السنة والجماعة ولم يخالف في هذا إلا الفرق الضالة كالشيعة والمعتزلة ، وقد نقل الإجماع على هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية عن جميع أهل العلم ، وذكر عن أبي الحسن الأشعري أنه نقل ذلك عن أهل السنة والجماعة ونقل ذلك أيضا عن أبي الحسن الأشعري العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشبلي الحنفي المتوفي سنة 799 هـ في كتابه [آكام المرجان في غرائب الأخبار وأحكام الجان] في الباب الحادي والخمسين من كتابه المذكور ، ولأجل ذلك يقول العلامة ابن حجر الهيثمي (توفي سنة 974هـ): "فدخوله (أي الجني) في بدن الإنسان هو مذهب أهل السنة والجماعة".
    • الأدلة من القرآن:
    1) من الأدلة على تلبس الجني بالإنسي المراد الدخول به ما في كتاب الله تعالى قوله تعالى (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس).
    قال الإمام القرطبي في تفسيره عند هذه الآية:(في هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن، وزعم أنَّه من فعل الطبائع ، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس.
    وقد تحدثَّ العلامة السيد محمود أفندي الألوسي عن المس الشيطاني للإنسان مستشهداً بقوله تعالى: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس سورة البقرة: 275( ) ثم قال: "واعتقاد السلف وأهل السنة أن ما دلت عليه أمور حقيقة واقعة، كما أخبر الشرع عنها، والتزام تأويلها كلها يستلزم خبطاً طويلاً لا يميل إليه إلا المعتزلة ومن حذا حذوهم، وبذلك ونحوه خرجوا عن قواعد الشرع القويم، فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون.
    ويقول "إن صورة الممسوس المصروع صورة معروفة معهودة عند الناس، والنص القرآني يستحضرها لتؤدي دورها الإيجابي في إفزاع حس الإنسان المرابي واستجاشة مشاعره"
    2) ومن الادلة على ذلك من كتاب الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ) ( سورة الأعراف – الآية 201 )
    قال ابن كثير : ( إذا مسهم أي أصابهم طيف وقرأ الآخرون طائف وقد جاء فيه حديث وهما قراءتان مشهورتان ، فقيل : بمعنى واحد، وقيل : بينهما فرق ومنهم من فسر ذلك بالغضب ومنهم من فسره بمس الشيطان بالصرع ونحوه ) ( تفسير القرآن العظيم – 2 / 267)
    • الأدلة من السنة:
    1) ومن الأدلة من السنة ما ورد عن عطاء بن رباح قال : قال لي ابن عباس - رضي الله عنه – : ( ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى، قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي ، قال : إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك ؟ فقالت : أصبر ، فقالت : إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف ، فدعا لها ) ( متفق عليه )قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( وعند البزار من وجه آخر عن ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت : إني أخاف الخبيث أن يجردني ، - والخبيث هو الشيطان - فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها ثم قال : وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان من صرع الجن لا من صرع الخلط انتهى ) ( فتح الباري – 10 / 115 ) وقد قال الحافظ ابن كثير عن الحديث الذي في مسند البزَّار : له شاهد في صحيح البخاري ومسلم، كما في البداية والنهاية : 6/298.
    2) عن عثمان بن العاص - رضي الله عنه - قال : ( لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف ، جعل يعرض لي شيء في صلاتي ، حتى ما أدري ما أصلي فلما رأيت ذلك ، رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ابن أبي العاص ؟ ) قلت : نعم ! يا رسول الله ! قال : ( ما جاء بك ؟ ) قلت : يا رسول الله ! عرض لي شيء في صلواتي ، حتى ما أدري ما أصلي قال : ( ذاك الشيطان ادنه ) فدنوت منه فجلست على صدور قدمي قال ، فضرب صدري بيده ، وتفل في فمي، وقال: ( أخرج عدو الله ! ) ففعل ذلك ثلاث مرات ثم قال : ( الحق بعملك ) ( أخرجه ابن ماجة في سننه - كتاب الطب ( 46 ) – برقم (3548) ، وصححه الحاكم في المستدرك، وصححه البوصيري في " مصباح الزجاجة " – 4 / 36 – السنن )، وقال الألباني حديث صحيح ، انظر: صحيح ابن ماجة 2858 ، وصححه الدكتور بشار عواد معروف.
    3) عن يعلى بن مرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه أتته امرأة بابن لها قد أصابه لمم – أي طرف من الجنون - فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :" أخرج عدو الله أنا رسول الله " قال : فبرأ فأهدت له كبشين وشيئا من أقِط وسمن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يا يعلى خذ الأقط والسمن وخذ أحد الكبشين ورد عليها الآخر) أخرجه أحمد والطبراني وذكره التبريزي في مشكاته وقال : صحيح لشواهده، وقد ذكره الإمام ابن كثير في (البداية والنهاية (6/ 146) ضمن أحاديث أخرى ثم قال بعدها : (فهذه طرق جيدة متعددة تفيد غلبة الظن أو القطع عند المتبحر أن يعلى بن مرة حدث بهذه القصة في الجملة)
    4) عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه ، فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب ) ( صحيح أبو داوود 1375 ) ( صحيح الجامع 426 ) وهذا يدل على أن الجني يدخل في الإنسان حالة غفلته.
    قال الحافظ في الفتح : ( فيحتمل أن يراد الدخول حقيقة ، وهو وإن كان يجري من الإنسان مجرى الدم ، لكنه لا يمكن منه ما دام ذاكرا الله تعالى ، والمتثائب في تلك الحالة غير ذاكر ، فيتمكن الشيطان من الدخول فيه حقيقة ، ويحتمل أن يكون أطلق الدخول وأراد التمكن منه ، لأن من شأن من دخل في شيء أن يكون متمكنا منه ) ( فتح الباري – 10 / 628
    5) وجاء في حديث أسامة بن زيد قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته التي حجها ، فلما هبطنا بطن الروحاء عارضت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة [ معها صبي لها ] فسلمت عليه صلى الله عليه وسلم فوقف لها ، فقالت : يا رسول هذا ابني فلان ، والذي بعثك بالحق مازال في خنق واحد منذ ولدته إلى الساعة – أو كلمة تشبهها فاكتنع ـ أي: حضر ودنا ـ إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فبسط يده فجعله بينه وبين الرحل ، ثم تفل في فيه ، ثم قال : اخرج عدو الله فإني رسول الله ، ثم ناولها صلى الله عليه وسلم إياه فقال : خذيه فلن ترى معه شيئا يريبك بعد اليوم إن شاء الله تعالى قال أسامة رضي الله عنه : وقضينا حجتنا ثم انصرفنا ، فلما نزلنا بالروحاء فإذا تلك المرأة أم الصبي ، فجاءت ومعها شاة مصلية فقالت : يا رسول الله ، أنا أم الصبي الذي أتيتك به ، قالت : والذي بعثك بالحق ما رأيت منه شيئا يريبني إلى هذه الساعة . قال أسامة رضي الله عنه : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أسيم قال الزهري - : وهكذا كان [ يدعوه ] به لخمسة – ناولني ذراعها . قال : فامتلخت (أي: انتزعت الذراع وسللتها) الذراع فناولتها إياه صلى الله عليه وسلم فأكلها صلى الله عليه وسلم ثم قال : يا أسيم ، ناولني الذراع : فامتلخت الذراع فناولتها إياه فأكلها صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : يا أسيم ، ناولني الذراع . فقلت : يا رسول الله ، إنك قد قلت : ناولني فناولتكها فأكلتها ، ثم قلت : ناولني فناولتكها فأكلتها ، ثم قلت : ناولني الذراع ، وإنما للشاة ذراعان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إنك لو أهويت إليها ما زلت تجد فيها ذراعا ما قلت لك ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : يا أسيم ، قم فاخرج فانظر هل ترى مكانا يواري رسول الله صلى الله عليه وسلم . فخرجت فمشيت حتى حسرت وما قطعت الناس و [ ما ] رأيت شيئا أرى أنه يواري أحدا وقد ملأ الناس ما بين السدين ، فأخبرته ، فقال صلى الله عليه وسلم : فهل رأيت شجرا أو رجما ؟ قلت : بلى ، قد رأيت نخلات صغارا إلى جانبهن رجم من حجارة . فقال صلى الله عليه وسلم : يا أسيم ، اذهب إلى النخلات فقل لهن : يأمركن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلحق بعضكن ببعض حتى تكن سترة لمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقل [ ذلك للرجم ] فأتيت النخلات فقلت لهن الذي أمرني به ، فوالذي بعثه بالحق لكأني أنظر تعاقرهن بعروقهن وترابهن حتى لصق بعضهن ببعض ، فكن كأنهن نخلة واحدة ، وقلت ذلك للحجارة ، فوالذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى تعاقرهن حجرا حجرا حتى علا بعضهن بعضا ، فكن كأنهن جدار ، فأتيته صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال صلى الله عليه وسلم : خذ الإداوة ، فأخذتها ، ثم انطلقنا نمشي ، فلما دنونا منهن سبقته صلى الله عليه وسلم فوضعت الإداوة ، ثم انصرفت إليه فانصرف صلى الله عليه وسلم حتى قضى حاجته ، ثم أقبل عليه الصلاة والسلام وهو يحمل الإداوة ، فأخذتها منه ثم رجعنا ، فلما دخل صلى الله عليه وسلم الخباء قال لي : يا أسيم ، انطلق إلى النخلات [ فقل لهن ] : يأمركن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترجع كل نخلة إلى مكانها ، وقل ذلك للحجارة . فأتيت النخلات فقلت لهن [ الذي ] قال ، فوالذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى تعاقرهن بترابهن حتى عادت كل نخلة إلى مكانها وقلت ذلك للحجارة ، فوالذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى تعاقرهن حجرا حجرا حتى عاد كل حجر إلى مكانه ، فأتيته صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك .
    أخرجه البيهقي في الدلائل :(6/25 ـ 26) وأخرجه أبو نعيم في الدلائل كذلك برقم (298) وأخرجه البوصيري في زوائد العشرة، وحكم ابن حجر على هذا الحديث في المطالب العالية (4/197) فقال: إسناده حسن.
    6) ما رواه البخاري ومسلم وأبو داود عن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته، ثم قمت لأنقلب، فقام ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال صلى الله عليه وسلم "على رسلكما، إنها صفية بنت حيي، فقالا: "سبحان الله يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً، أو شيئا".
    وقد استدل بهذا الحديث على قدرة الجن سلوك بدن الإنسان جماعة من علماء وأئمة أهل السنة والجماعة منهم: القرطبي في تفسيره، وابن تيمية في فتاويه، وابن حجر الهيثمي وردَّ به على المعتزلة منكري ذلك، والبقاعي في تفسيره، وابن حجر العسقلاني في بذل الماعون، والعلامة موفق الدين بن عبد اللطيف البغدادي، والقاسمي في تفسيره، وحكى النووي أن بعض علماء الشافعية استدلوا بالحديث على أن الله جعل للشيطان قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان مجاري دمه.
    فهل كل هؤلاء العلماء يأخذون بالخرافات التي يدعيها غيرهم على من يقول بدخول الجان في بدان الإنسان؟
    • دليل المشاهدة والحس:
    دخول الجني بالإنسي الذي يريد ويتقصد الدخول فيه أمر واضح ومشاهد عيانا بياناً وأروي قصةَّ وقعت أمام عيني قبل عشرة سنوات حيث كنت في المسجد الحرام وكانت هنالك امرأة تطوف حول الكعبة وكان زوجها معها وقد كانت تقرأ القرآن وسورة الإخلاص كما تحدث بذلك زوجها أمام ملأ من الناس، فحينما كانت تقرأ القرآن صُرِعَت وألقي بها على الأرض فبدأت تتكشَّف، وذلك من شدة وقع الآيات التي كانت تقرأها وقوة هذه الآيات على ذلك الجني المتلبس بها، حتى جاء بعض الفضلاء من حفظة القرآن والرقاة وقاموا يقرؤون عليها، فبدأت تدفعهم دفعاً شديداً ولقد رأيت بأم عيني أكثر من سبعة رجال قد وضعوا عليها عدداً من سجاجيد المسجد الحرام الثقيلة وهي تدفعهم دفعاً شديداً وكل واحد منهم يضغط على جزء من جسدها من فوق السجاجيد ومعهم زوجها وهي تدفعهم بقوَّة، ثم بدأ الجني ينطق وقد سمعته بأذني وكان صوته صوت رجل يتحدث على لسانها ، وكان يقول لمن يقرأ عليه لقد أحرقتني بالآيات القرآنية، فمضى القارئ للقرآن يقرأ عليها الآيات وذلك الجني يتكلم ويحاول أن يستغفل ذلك القارئ لكي يخف عليه ما يجده من ألم من قوة الآيات القرآنية التي يقرأ بها عليها.
    ومن الادلة التي تشهد بذلك في عصر الصحابة ما قاله محمد بن سيرين : ( كنا عند أبي هريرة – رضي الله عنه – وعليه ثوبان ممشقان من كتان فتمخط فقال: بخ بخ ، أبو هريرة يتمخط في الكتان، لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حجرة عائشة مغشيا علي ، فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي ويرى أني مجنون وما بي من جنون ، ما بي إلا الجوع ) ( فتح الباري – 13 / 303 )
    ووجه الدلالة واضح وهو أنَّ من مرَّ من الصحابة رضوان الله عليهم بأبي هريرة كان يظنه مجنونا فيضع رجله على رقبته؛ لأن من علاج الجن وإخراجهم الضرب حتى يخرج من بدن المصروع ، ولهذا قال الذهبي معقبا على الأثر آنف الذكر : ( كان يظنه من يراه مصروعا ، فيجلس فوقه ليرقيه أو نحو ذلك ) ( سير أعلام النبلاء – 2 / 590 – 591 )
    لهذا نقل ابن تيمية عن الإمام أحمد قائلاً له ابن عبد الله : ( قلت : لأبي إن أقواما يقولون : إن الجني لا يدخل بدن المصروع ، فقال : يا بني ، يكذبون . هو ذا يتكلم على لسانه ) ، وهذا الذي قاله أمر مشهور ، فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه ، ويضرب على بدنه ضربا عظيما لو ضرب به جمل لأثر به أثرا عظيما ، والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقوله، وقد يجر المصروع غير المصروع ويجر البساط الذي يجلس عليه ويحول الآلات وينقل من مكان إلى مكان ، ويجري غير ذلك من الأمور من شاهدها أفادته علما ضروريا بأن الناطق على لسان الإنسي والمحرك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان . وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع ، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع ، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك ) . ا هـ .
    وقال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في كتابه [إيضاح الدلالة في عموم الرسالة للثقلين] الموجود في مجموع الفتاوى جـ 19 ص 9 إلى ص 65 ما نصه بعد كلام سبق . ( ولهذا أنكر طائفة من المعتزلة كالجبائي وأبي بكر الرازي وغيرهما دخول الجن في بدن المصروع ولم ينكروا وجود الجن ، إذ لم يكن ظهور هذا في المنقول عن الرسول كظهور هذا وإن كانوا مخطئين في ذلك . ولهذا ذكر الأشعري في مقالات أهل السنة والجماعة أنهم يقولون أن الجني يدخل في بدن المصروع ، كما قال تعالى : الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل قلت لأبي إن قوما يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي فقال يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه . وهذا مبسوط في موضعه ) .
    لقد قال ابن القيم في كتابه زاد المعاد في هدي خير العباد المجلد الرابع صفحة 66ـ 99 حث قال: "شاهدت شيخنا يقصد ابن تيمية يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التي فيه ويقول : قال لك الشيخ اخرجي فإن هذا لا يحل لك فيفيق المصروع"
    فما حجَّة القائلين بهذا بعد هذا؟
    فإن قالوا هذه خرافات، فإنا نقول إنَّ الخرافة وجود أمر لا يصدَّق شرعاً ولا حسَّاً ولا واقعاً، فكيف والذي نقوله هو بخلاف الخرافات بل هو ملاحظ ومشاهدا حسا وبيانا، ونلحظ ذلك دليلا أثراً من القرآن والسنَّة، ونظراً بمشاهدة ذلك حساً وواقعاً معاينا، بل القول بخلاف ذلك نقض للعقلانية ممَّن يدعي العقلانية !!
    والله ولي التوفيق.
    ـــــــــــــــ ـــــــــ
    • المقال منشور في موقع رسالة الإسلام على هذا الرابط:
    http://www.islammessage.com/articles...d=15&aid=16182
    أخي طالب العلم: أتشرف بك صديقاً مُشاركاً في صفحتي على الفيس بوك :
    http://www.facebook.com/khabab.al.hamad

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    525

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خباب الحمد مشاهدة المشاركة
    2) ومن الادلة على ذلك من كتاب الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ) ( سورة الأعراف – الآية 201 )
    قال ابن كثير : ( إذا مسهم أي أصابهم طيف وقرأ الآخرون طائف وقد جاء فيه حديث وهما قراءتان مشهورتان ، فقيل : بمعنى واحد، وقيل : بينهما فرق ومنهم من فسر ذلك بالغضب ومنهم من فسره بمس الشيطان بالصرع ونحوه ) ( تفسير القرآن العظيم – 2 / 267)
    هل كون القول بدخول الجني بدن الانسي هو الحق الذي يريد اثباته كاتب المقال ، يجيز له أن يحشد أي أقوال مهما كانت ضعيفة أو معيبة لاثبات ما يريد ، ويدعي أن القرآن يقصد ذلك؟؟
    ليدعي بعض الناس بعد ذلك أن هذا القول علية ثلاث أدلة من القرآن وسبعة من السنة وخمسة عشر من الآثار فيمثل ذلك ارهاباً فكرياً للمخالف لأنه ليس بوسعه معاندة كل هذه الادلة وحكايات الاجماع .
    أليس من المحرمات القطعية " وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " أم يكفي أن يقول أي قائل أي كلام - حتى ولو كان مجهولا كما في حالتنا - ليتلقف كلامه وإن كان ساقطاً .
    لو كان معنى المس في الآية الصرع فبالله عليكم ما معنى تذكروا فإذا هم مبصرون ؟؟؟؟!!!!!!
    تذكروا ماذا إذا اصابهم الصرع ؟؟؟؟ فإذا هم مبصرون لأي شيء؟؟؟
    فالآية واضحة الدلالة :
    " إن الذين اتقوا إذا عرض لهم عارض من أسباب الشيطان، ما كان ذلك العارض، تذكروا أمر الله وانتهوا إلى أمره - فإذا هم مبصرون هدى الله وبيانه وطاعته فيه، فمنتهون عما دعاهم إليه طائف الشيطان. " ابن جرير الطبري في التفسير .
    وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    525

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    قال ابن حزم - رحمه الله وطيب ثراه - في كتابه الفصل :
    " وأما الصرع فان الله عز وجل قال " كالذي يتخبطه الشيطان من المس " فذكر عز وجل تأثير الشيطان في المصروع إنما هو بالمماسة فلا يجوز لأحد أن يزيد على ذلك شيئا ومن زاد على هذا شيئا فقد قال ما لا علم له به وهذا حرام لا يحل قال عز وجل " ولا تقف ما ليس لك به علم " وهذه الأمور لا يمكن أن تعرف البتة إلا بخبر صحيح عنه صلى الله عليه وسلم ولا خبر عنه عليه السلام بغير ما ذكرنا وبالله تعالى التوفيق فصح أن الشيطان يمس الإنسان الذي يسلطه الله عليه كما جاء في القرآن يثير به طبائعه السوداء والأبخرة المتصاعدة إلى الدماغ كما يخبر به عن نفسه كل مصروع بلا خلاف منهم فيحدث الله عز وجل له الصرع والتخبط حينئذ كما نشاهده وهذا هو نص القرآن وما توجبه المشاهدة وما زاد على هذا فخرافات من توليد العزامين والكذابين وبالله تعالى نتأيد "
    وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    أوافقك يا أخ شريف على أن كثيرا من هذه الأدلة التي ساقها كاتب المقال ليست من تلك البابة عند التأمل. ولكن أسألك بالله - وقد سقتَ إلينا هذا النقل عن ابن حزم رحمه الله - ما قولك في حديث الصبي الذي تفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في فيه - وفي رواية ضرب على ظهره - وقال (اخرج عدو الله)؟؟؟ (والحديث صالح للحجاج عند أئمة الصنعة من المتقدمين والمتأخرين بلا منازع)
    زد على هذا ما ثبت بالحس والمشاهدة من سالف القرون وإلى يومنا هذا، وعند سائر أهل الملل، هل كل هذا لم يكن إلا مسا من الخارج فقط؟ أنا أعجب والله، ما وجه إنكار من أنكر التلبس من المتأخرين والمعاصرين وقد توافر فيه ما توافر من الآثار المروية والمشاهدات الحسية ولم نسمع أحدا من السلف الأول أو الأئمة أنكره (مع قوة الداعي إلى نقل ذلك الإنكار إن وقع)؟؟؟ ما مشكلة القوم في معنى التلبس؟؟ الذي أعقله وأتصوره أن المتكلمين لما نفوا، نفوا معنى المس جملة واحدة لفساد في أصولهم العقلية ومصادر التلقي عندهم! أما أن يأتي من يفرق بين المس والتلبس يقول أثبت المس (أي من الخارج) وأنفي التلبس فما وجه هذا التفريق عنده ومن أين جاء به؟؟ أهو من اللغة؟ إن كانت اللغة مستنده في التفريق بين معنى المس والتلبس، فإن اللغة تقبل أن تطلق كلمة (مس) ويراد التلبس به أو الدخول به! ألم تسمع قول الله تعالى ((قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ)) [آل عمران : 47] قالت ((يمسسني)) وأرادت ((يدخل بي: أي بما ينشأ عنه الولد))
    وقال تعالى: ((لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) [المائدة : 73] فهل "مس" العذاب الأليم المذكور هنا لن يكون إلا من الخارج فقط؟؟
    الشاهد أن لفظة (مس) قد تطلق ويراد بها المس وما وراءه! فالذين قبلوا المس وأنكروا التلبس والدخول بالجسد لا حجة لهم في اللغة! كما أنهم لا حجة لهم في العقل، ولا النص ولا المشاهدة ولا الحس، وكل ذلك جميعا يبطل دعواهم، فماذا بقي لهم ؟؟؟
    معلوم أن طريقة أهل العلم الجمع بين النصوص - وغيرها من الأدلة كالمشاهدة والحس - ما لم تتعارض، والتلبس يصح أن يكون هو المعنى المراد من المس - لغة - ويصح أن يكون صورة من صوره، فلو أننا - معاشر أهل السنة - لم نقف إلا على حديث الصبي لحملنا معنى المس في قوله تعالى ((الذي يتخبطه الشيطان من المس)) على التلبس والدخول بالجسد، إذ معنى "التخبط من المس" يحتمله!!
    فما وجه اعتراض النفاة على هذا المسلك؟؟
    دع عنك الإجماع المروي فإني لم أقف عليه، ولكن إن كان غاية حجة النفاة ما في كلام ابن حزم رحمه الله، فإني لا أظن به إلا أنه لم يثبت لديه هذا الخبر، وإلا فلو ثبت عنده لكان أول المثبتين لدخول الجني في جسد المصروع!
    ثم تأمل - رحمني الله وإياك - قوله في هذا النقل الذي نقلته عنه:
    فصح أن الشيطانيمس الإنسان الذي يسلطه الله عليه كما جاء في القرآن يثير به طبائعه السوداء والأبخرة المتصاعدة إلى الدماغ كما يخبر به عن نفسه كل مصروع بلا خلاف منهم فيحدث الله عز وجل له الصرع والتخبط حينئذ كما نشاهده وهذا هو نص القرآن وما توجبه المشاهدة وما زاد على هذا فخرافات من توليد العزامين والكذابين وبالله تعالى نتأيد
    أقول إن كان الإمام يقبل الاحتجاج بما يخبر به المصروعون عن أنفسهم "بلا خلاف" وبما توجبه المشاهدة، كما يظهر في كلامه الذي علمتُ عليه باللون الأحمر، فمن باب أولى أن يقبل القول بالتلبس والدخول في جسد الجني فإن أقوال المصروعين به متواترة معلومة بلا خلاف، ومن الدلائل الحسية عليها ما يفوق الحصر!!
    ولا أظنك يا أخ شريف توافق الإمام رحمه الله على كلامه عن "الأبخرة التي تتصاعد إلى الدماغ"، إذ هذه في الحقيقة لم ترد في نص من قرءان ولا سنة، ولم نقف على قائل بها من المصروعين ولا ظهرت لأحد بالمشاهدة، ولعلها أولى - عند التحقيق - بمعنى الخرافة من غيرها، والله المستعان!
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    525

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    سيدي العزيز : أنا لم أسق كلام ابن حزم مقراً لكل مافيه ولكن للرد على ادعاءات الاجماع .
    أما الاستدلال بالحديث - وأرجوك أن تصبر علي - هل في موضوع مثل هذا يرتبط بخبر غيبي وعقيدة يمكن الاعتماد على حديث لم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة سوى ابن ماجه ، إن أغلب علماء المسلمين كانوا يشترطون التواتر لاثبات مثل هذه الامور ، هل يمكن ان نسأل أنفسنا ما الذي أذهل الأئمة مثل البخاري ومسلم مثلا عن رواية مثل هذا الحديث ؟
    النبي عاش مع أصحابه بعد البعثة 23 عاماً في مكة والمدينة وغيرها هل في خلال هذه الفترة لم تتلبس الشياطين إلا بهذا الصبي ؟
    ولو كان غير ذلك فلماذا لم ينقل إلينا ، فإن مثل هذه الأمور الغريبة تتوافر الدواعي على نقلها وحكايتها والتعجب منها .
    ثم لا تقل لي الحس والمشاهدة - كما تكرر كثيراً في أصل البحث - فأنت وأنا وغيرنا نشاهد ونحس تغيراً في سلوك العليل وطبيعته ، ولكننا نرى ظواهر فقط ، وليس معناها بالتأكيد أن جنياً داخله هو الذي يفعل ذلك بل هو تفسير للبعض لهذه الظواهر ، والأطباء يرون هذه الظواهر ويفسرونها تفسيرات أخرى ، والنفس البشرية معقدة جداً وبها الكثير من الأسرار التي لا يعلمها الا الله " وما أوتيتم من العلم الا قليلاً "

    ثم أين نحن من كلام الله الذي يؤكد مراراً على أن الشيطان ليس له على الانسان أي سلطان لا سيما المؤمنين ، ألا ترى أن المفهوم من هذه الآيات يخالف القول بتلبس الجني ببدن الانسي والتصرف فيه بغير مشيئة الانسي واختياره وطبيعته ؟؟

    أرجو أن تستمر في النقاش بنفس طبيعتك الهادئة ولك جزيل الشكر .

    وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    هل في موضوع مثل هذا يرتبط بخبر غيبي وعقيدة يمكن الاعتماد على حديث لم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة سوى ابن ماجه ، إن أغلب علماء المسلمين كانوا يشترطون التواتر لاثبات مثل هذه الامور ، هل يمكن ان نسأل أنفسنا ما الذي أذهل الأئمة مثل البخاري ومسلم مثلا عن رواية مثل هذا الحديث ؟
    أخي شريف، دعواك أن أغلب علماء المسلمين كانوا يشترطون التواتر لقبول أخبار الغيب والعقائد دعوى عارية عن الصحة، وهي - عندي وعند القائمين على هذا المجلس - مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة، وقد سبق النقاش فيها في هذا المجلس من قبل، فحبذا ألا نعاود فتح هذا الباب، بارك الله فيك.
    النبي عاش مع أصحابه بعد البعثة 23 عاماً في مكة والمدينة وغيرها هل في خلال هذه الفترة لم تتلبس الشياطين إلا بهذا الصبي ؟
    لم يزعم أحد هذا الزعم - وإن كان لا يمتنع عقلا! - ومع ذلك نقول إن في ورود رواية واحدة صحيحة عما فعله النبي عليه السلام بصبي تلبسه جني، ما يكفي عند عقلاء الصحابة والتابعين لإثبات هذا المعنى بما يغني عن نقل العديد من الأخبار المرفوعة المشابهة! وكما سبق أن ناقشتك من قبل في مسألة اشتراط التواتر (ولعلك تذكر) = فقد أرى أنا ويرى غيري أن خبرا في أحكام الصلاة أو في شروط الطهارة - مثلا -، أولى بأن يحرص المسلمون على نقله بالتواتر من خبر كهذا!! إذ سواء كان هذا الإيذاء من وسوسة خارجية أو من تلبس ودخول بالجسد - مع ثبوت حقيقة الإيذاء نفسه - فالعمل المبني على المعنيين واحد على أي حال، وهو ما يعنينا ويعني سائر العقلاء في النهاية! ومع هذا فقد قبل المسلمون أخبار الآحاد في مثل هذا وفي مثل ذاك، ما دام النقل سالما من العلة التي يترجح معها بطلانه!
    فأرجو ألا نعاود تكرار ما فرغنا منه من قبل من الكلام في قضية خبر الآحاد هذه!
    وإن كنت متسائلا عن الداعي لنقل الخبر .. فالصحيح في هذا المقام أن يقال: لماذا لم يظهر من الأخبار ما يتواتر بتكذيب هذا المعنى الثابت في ذلك الخبر الواحد لو لم يكن سائغا مقبولا عند الصحابة والسلف، مع غرابة القول بأن الجني يدخل في جسم الإنسان؟؟؟ هذا لا يلزم منه إلا أن يكون الناس قد قبلوا هذا الخبر الواحد وما وافقه دون معارض، وإلا لاشتد الداعي إلى نقل ذلك الخبر المعارض إن وجد، وهو ما لم نره!! بل رأينا ما تواتر من أخبار مشابهة عن أئمة المسلمين عبر قرون الأمة ممن اشتغلوا بمعالجة تلك الحالات، حتى ظهرت تلك المعارضة التي تنافح أنت عنها لاحقا في القرون المتأخرة بلا سلف معتبر!
    ثم أين نحن من كلام الله الذي يؤكد مراراً على أن الشيطان ليس له على الانسان أي سلطان لا سيما المؤمنين ، ألا ترى أن المفهوم من هذه الآيات يخالف القول بتلبس الجني ببدن الانسي والتصرف فيه بغير مشيئة الانسي واختياره وطبيعته ؟؟
    أخي أنت تشهد بأن من ظواهر النفس البشرية المعقدة ما يؤدي بالإنسان - مؤمنا كان أو كافرا - إلى إتيان أفعال لا تحكم له بها، والظهور على صورة من فقد السيطرة على نفسه وكأن هناك من يتحكم فيه في تلك الحالة ويسلبه إرادته! فإن ادعينا نحن أن لدينا من الأدلة ما يثبت أن من هذا - وليس جميعه بالضرورة - ما يرتبط بدخول الشيطان في جسد ذلك المبتلى، فلا يكن احتجاجك علينا بأنه "ليس له على الإنسان أي سلطان لا سيما المؤمنين"!!
    قال تعالى:
    ((إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ)) [الحجر : 42]
    والسلطان المراد في هذه الآية كما هو واضح ليس الإيذاء أو المس أو التلبس أو نحوه، وإنما المراد إهلاكهم وإيرادهم النار يوم القيامة! وهو معنى احتناكه إياهم كما في قوله تعالى:
    ((قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً)) [الإسراء : 62]
    فهذه النصوص لا تنفي أن يمس المؤمن أذى من فعل الشيطان في الدنيا بهذا الإطلاق الذي يبدو لي أنك تتصوره، وإنما تنفي أن يكون الشيطان سببا في هلاكه في الآخرة كما في عهده على نفسه في قوله ((لأقعدن لهم صراطك المستقيم)) وقوله ((رب بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّه ُمْ أَجْمَعِينَ)) [الحجر : 39]!
    والله يحفظ المؤمنين في الدنيا من إيذاء الشيطان بالذكر والعمل الصالح، ولكنها أسباب - كسائر أسباب الوقاية - قد يرد الله تعالى ابتلاءا لذلك المؤمن أن تتخلف عن وقايته من إيذاء الشيطان فيتعرض لما يتعرض له المصروعون، نسأل الله العافية!
    فالشاهد أن الآيات ليس في مفهومها ما يخالف معنى المس والتلبس والإيذاء! وكل هذا لا يعدو أن يكون من كيد الشيطان الذي وصفه الله بأنه ضعيف، ووجه ضعفه أنه لا يغنم به الشيطان من المؤمن ما يطمع فيه من إهلاكه في الآخرة! ولكنك تراه في المقابل يحتنك بهذه الأشياء وبغيرها الكفار والمشركين أشد ما يكون ذلك، حتى يميتهم عبيدا له من دون الله!!
    فأنا ما زلت على طريقتي، أوافق أئمة أهل السنة في جمع سائر ما صح سنده من النصوص بعضه إلى بعض، للوصول إلى فهم صحيح لا أشذ به عما كان عليه الأولون في الباب، والله الموفق إلى الصواب.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    525

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    وإن كنت متسائلا عن الداعي لنقل الخبر .. فالصحيح في هذا المقام أن يقال: لماذا لم يظهر من الأخبار ما يتواتر بتكذيب هذا المعنى الثابت في ذلك الخبر الواحد لو لم يكن سائغا مقبولا عند الصحابة والسلف، مع غرابة القول بأن الجني يدخل في جسم الإنسان؟؟؟ هذا لا يلزم منه إلا أن يكون الناس قد قبلوا هذا الخبر الواحد وما وافقه دون معارض ، وإلا لاشتد الداعي إلى نقل ذلك الخبر المعارض إن وجد، وهو ما لم نره!! بل رأينا ما تواتر من أخبار مشابهة عن أئمة المسلمين عبر قرون الأمة ممن اشتغلوا بمعالجة تلك الحالات، حتى ظهرت تلك المعارضة التي تنافح أنت عنها لاحقا في القرون المتأخرة بلا سلف معتبر!
    منطق عجيب أن أسمعه منك فالبينة على المدعي وليس على المنكر .
    أما بخصوص اتفاق السلف على ذلك وقبولهم له ، فإن ذلك لا يلزمنا ما لم تكن فيه نصوص واضحة ثابتة بينة .
    فبعض السلف والمفسرين مثلاً قالوا إن الأرض يحيط بها جبل قاف ، وأنها مخلوقة فوق ظهر حوت إذا تحرك الحوت حدثت الزلازل ، واعتقدوا ذلك ، ولم ينقل الينا إنكار أحد من السلف - فيما أعلم - ذلك .
    فهل لمن أنكر ذلك اليوم أن يحتج عليه محتج بأنه لم يرو انكار أحد من السلف ذلك ؟
    السلف قد يقولوا أقوالاً ويعتقدونها ويقبلونها بموجب فهم عصرهم وعلومهم وربما يجتمعوا على ذلك ، فلا يكون ذلك مانعاً من القول بخلاف قولهم مما يستبعد في عصرنا ويصعب قبوله .
    فهم معذورون فيما ذهبوا اليه بينما ليس لنا العذر نفسه في قبوله.
    وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    منطق عجيب أن أسمعه منك فالبينة على المدعي وليس على المنكر .
    سبحان الله! أنا أستند إلى دليل واضح تناقلته قرون الأمة بلا مستنكر ولا مخالف، ثم يقال لي (منطق عجيب) وإن البينة علي لا على من يعارضني!
    أما بخصوص اتفاق السلف على ذلك وقبولهم له ، فإن ذلك لا يلزمنا ما لم تكن فيه نصوص واضحة ثابتة بينة
    بل يلزمنا ما لم يثبت له معارض من كلامهم، وحينئذ يكون الترجيح بين المتعارضين بأدلة إضافية أو بقرائن صالحة للاستدلال، أما أن يتخلف ظهور ذلك المعارض إلى قرون لاحقة، ثم يثبت بطلان قولهم القديم الذي أطبقوا عليه بلا معارض = فهذا يعني إجماعهم على باطل وأرجو ألا تخالفني في أن هذا ممتنع!
    فبعض السلف والمفسرين مثلاً قالوا إن الأرض يحيط بها جبل قاف ، وأنها مخلوقة فوق ظهر حوت إذا تحرك الحوت حدثت الزلازل ، واعتقدوا ذلك ، ولم ينقل الينا إنكار أحد من السلف - فيما أعلم - ذلك .
    لا يلزم أن يكون المنقول إنكارا، ولكن يكفي أن يكون قولا مخالفا، وحينئذ يتبين أنه لا إجماع ولا اتفاق!
    ثم إن هناك فرقا واضحا بين ما يقوله التابعي أو المفسر اجتهادا بما لا يقال مثله عن الغيب بالرأي، أو هو يرويه عن بني إسرائيل استئناسا، وبين ما هو مرفوع بسند صحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم!! فلا تدخل بنا - رجاءا - فيما لا مدخل له في مادتنا هذه!
    السلف قد يقولوا أقوالاً ويعتقدونها ويقبلونها بموجب فهم عصرهم وعلومهم وربما يجتمعوا على ذلك، فلا يكون ذلك مانعاً من القول بخلاف قولهم مما يستبعد في عصرنا ويصعب قبوله .
    فهم معذورون فيما ذهبوا اليه بينما ليس لنا العذر نفسه في قبوله.
    هذا قول يا أخ شريف لو قبلناه منك على هذا التحرير لما سلم لنا شيء من ديننا من احتمال أن يظهر له معارض في يوم من الأيام فيبطله، فيا ليتك تتروى وتتأمل طويلا في لوازم كلامك قبل أن تطلقه بمثل هذه الألفاظ، والله المستعان!
    ثم إن مفهوم كلامك هذا أنه قد ظهر في عصرنا ما يلزم منه رد اتفاقهم على معنى تلبس الجن بجسد الإنسان = فدعك من كل ما تقدم وأثبت هذا المعنى الآن إن كنت تجد إلى إثباته من سبيل!!
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    174

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    لدي رجعة لمناقشة كلام الأخ شريف شلبي
    أخي طالب العلم: أتشرف بك صديقاً مُشاركاً في صفحتي على الفيس بوك :
    http://www.facebook.com/khabab.al.hamad

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    174

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    أخي الحبيب شريف شلبي يرعاه ربي

    الهدوء في النقاش خير من الانفعال بإذن الله من كلا الطرفين مني أولا ثم منك.

    ألا ترى أيها الفاضل أن ابن حزم نفسه يثبت دخول الجان في بدن الإنسان من خلال نص قوله هنا ( وصح أن الشيطان يمس الإنسان الذي يسلطه الله عليه مسا، كما جاء في القرآن يثير به من طبائعه السوداء والأبخرة المتصاعدة إلى الدماغ، كما يخبر به عن نفسه كل مصروع، بلا خلاف منهم، فيحدث الله عز وجل الصرع والتخبط حينئذ كما نشاهده، وهذا هو نص القرآن وما توجبه المشاهدة)
    أخي طالب العلم: أتشرف بك صديقاً مُشاركاً في صفحتي على الفيس بوك :
    http://www.facebook.com/khabab.al.hamad

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    174

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    الأخ الكريم أبو الفداء
    قلت يرعاك الله ( أوافقك يا أخ شريف على أن كثيرا من هذه الأدلة التي ساقها كاتب المقال ليست من تلك البابة عند التأمل).
    والذي أقوله أيها المحب حفظك الله
    أنَّ هذه الادلة ليس العبد الفقير خبابا هو الذي استدل بها
    بل استدل بها علماء فطناء جهابذة أعمق مني ومنك تدبرا وتأملاً
    حفظكم الباري.
    والبحث هنا مختصر جدا وقد جاء على جواب سؤال سألنيه أحد الإخوة فأرسلته له.
    وإلاَّ فهنالك أقوال عديدة تدلل على ما قلناه وتؤكد ما قلته من أقوال العلماء
    وبشأن ابن حزم رحمه الله تعالى فإنَّ المعهود عن هذا الإمام الجليل يرحمه الله رحمة واسعة أنَّه كثيراً في بعض مسائل العقيدة قد يعتري قوله الخلل والخطأ ، فدعونا منه وانظروا إلى إجماعات العلماء.
    حفظكم الله
    أخي طالب العلم: أتشرف بك صديقاً مُشاركاً في صفحتي على الفيس بوك :
    http://www.facebook.com/khabab.al.hamad

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    والذي أقوله أيها المحب حفظك الله
    أنَّ هذه الادلة ليس العبد الفقير خبابا هو الذي استدل بها
    بل استدل بها علماء فطناء جهابذة أعمق مني ومنك تدبرا وتأملاً
    لا إشكال أخي الحبيب - وفقك الله، وأنا لم أنكر الإجماع المنقول وإنما قلت إنني لم أقف عليه، ولو تتبعت كلامي لوجدتني أنتصر له في الحقيقة بأصول العلم الكلية وإن لم أقف على من نص عليه من العلماء .. أما آحاد الأدلة التي سقتها - بارك الله فيك - والتي استدل بها أولو العلم والفضل من قبل - الذين أشهد بفضلهم وعلو كعبهم فوق رأسي وأمثالي، رحمهم الله جميعا - فلا يلزمني لفضلهم علي أن أوافقهم في كل فرد منها، حتى مع كوني على مذهبهم الذي ينتصرون له بتلك النصوص!
    وظني بك أنك - إن شاء الله تعالى - لا تلزمني بمثل هذا، بارك الله فيك ونفع بك.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  13. #13

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    بارك الله فيك أخي على الموضوع

    وإن كانت ليست كل الادلة المذكورة صريحة في الاستدلال على المس , إلا أنه أمر مقطوع به من القرآن والسنة والاجماع , ولم يخالف في ذلك إلا أهل الزندقة من الفلاسفة و طائفة من المعتزلة

    قال شيخ الإسلام في الجزء 24 من الفتاوى : " وجود الجن ثابت بكتاب الله وسنة رسول الله واتفاق سلف الأمة, وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق اهل السنة والجماعة "

    وقال أيضا : " ولهذا أنكر طائفة من المعتزلة كالجبائي وأبي بكر الرازي وغيرهما دخول الجني في بدن المصروع- إلى أن قال- ولهذا ذكر الأشعري في مقالات أهل السنة والجماعة أنهم يقولون: إن الجني يدخل في بدن المصروع "


    ونقل ذلك ابن القطان في الإقناع في مسائل الإجماع : " وأجمعوا على الإيمان بأن الشيطان تتخبط من بني آدم من سلطان الله عليه و كما شاء وكيف شاء "


    ولو لم يكن هناك من دليل إلا الواقع المشاهد الملموس لكفى به على ثبوته , ولكننا بحمد الله قوم نقدم نصوص الوحيين على عقولنا الفارغة القاصرة , فنعوذ بالله من لوث العقلانيين ومن تبع منهجهم في الاستدلال والتلقي

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    525

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    قال ابن القيم -
    الصّرْعُ صَرْعَانِ صَرْعٌ مِنْ الْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ الْأَرْضِيّةِ
    وَصَرْعٌ مِنْ الْأَخْلَاطِ الرّدِيئَةِ . وَالثّانِي : هُوَ الّذِي يَتَكَلّمُ فِيهِ الْأَطِبّاءُ فِي سَبَبِهِ وَعِلَاجِهِ .
    السؤال : من هم سلف ابن القيم في تقسيم الصرع الى نوعين ؟؟ والاعتراف بأن هناك نوع من الصرع نتيجة ( الاخلاط الرديئة ) أي لا صلة له بالجن أو ما يسميه ابن القيم الارواح الخبيثة الأرضية .
    أم أنه ليس له سلف في ذلك ، وأنه خالف الاجماع - السابق له ؟
    ثم بالمناسبة ما معنى الأرواح - الخبيثة - الأرضية ؟؟ وما الدليل على جواز استخدام هذه الألفاظ لفظاً لفظاً ؟
    إن شيخ الاسلام ابن القيم ونظراً لالمامه ببعض علوم الطب لم يستطع أن ينكر أن هناك أسبابا مادية للصرع ، فوقف موقفاً وسطاً بين الادعاء بأن للصرع أسباباً مادية معقولة أو أنه سبباً لدخول الجن بدن الانسان .

    قال :وَأَمّا صَرْعُ الْأَرْوَاحِ فَأَئِمّتُهُمْ وَعُقَلَاؤُهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِهِ وَلَا يَدْفَعُونَهُ وَيَعْتَرِفُونَ بِأَنّ عِلَاجَهُ بِمُقَابَلَةِ الْأَرْوَاحِ الشّرِيفَةِ الْخَيّرَةِ الْعُلْوِيّةِ لِتِلْكَ الْأَرْوَاحِ الشّرّيرَةِ الْخَبِيثَةِ فَتَدَافُعُ آثَارِهَا وَتَعَارُضُ أَفْعَالِهَا وَتَبَطّلِهَا.
    - ثم شنع كثيراً على من ينكر صرع الارواح من الاطباء .
    إذن فلتفسروا لنا كيف يتمكن القساوسة وعباد الصليب والأوثان الذين لا يمكن وصف أرواحهم بالشريفة العلوية - من علاج بعض من به مثل هذه العلل حتى إن بعض المسلمين يذهبون للكنائس للعلاج .
    قال : وَعِلَاجُ هَذَا النّوْعِ يَكُونُ بِأَمْرَيْنِ أَمْرٍ مِنْ جِهَةِ الْمَصْرُوعِ وَأَمْرٍ مِنْ جِهَةِ الْمُعَالِجِ فَاَلّذِي مِنْ جِهَةِ الْمَصْرُوعِ يَكُونُ بِقُوّةِ نَفْسِهِ وَصِدْقِ تَوَجّهِهِ إلَى فَاطِرِ هَذِهِ الْأَرْوَاحِ وَبَارِئِهَا وَالتّعَوّذِ الصّحِيحِ الّذِي قَدْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ الْقَلْبُ وَاللّسَانُ
    وَالثّانِي : مِنْ جِهَةِ الْمُعَالِجِ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ هَذَانِ الْأَمْرَانِ أَيْضًا حَتّى إنّ مِنْ الْمُعَالِجِينَ مَنْ يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ " اُخْرُجْ مِنْهُ " . أَوْ بِقَوْلِ " بِسْمِ اللّهِ " أَوْ بِقَوْلِ " لَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِاَللّهِ " وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ يَقُولُ اُخْرُجْ عَدُوّ اللّهِ أَنَا رَسُولُ اللّهِ.
    وأشهد الله أني قد رأيت من المبتلين بهذه العلة من لا نعلمه إلا مؤمناً متوكلاً -ولا نزكي على الله أحداً - وأحياناً تأتيه النوبة وهو في صلاة الجماعة كما أشهده أيضاً أني رأيت من المعالجين بالقرآن من لا تبدو عليه أمارات التقوى بل وتظهر منه مخالفات شرعية ظاهرة مثل التدخين أووضع يده على المريضات .
    ويا ليت كل قارئ لهذا الكلام يستدعي ما في ذاكرته من أناس ابتلوا بهذا المرض أو أناس يعالجون منه لينظر في حالهم ويراجعه مع ما ذكره ابن القيم - بتجرد لله .
    ثم :
    سبحان الله ، كيف تقيموا عقيدة تقاتلوا عليها هذا القتال وليس عندكم نص صريح عن معصوم فيه سوى حديث ابن ماجة في الوقت الذي يتجاهل فيه حديث مسلم في المرأة التي كانت تصرع فخيرها النبي بين أمرين :
    1 : أن تصبر ولها الجنة .
    2 : أن يدعو لها .
    ولم يذكر الثالث وهو أن يخرج منها الجني الذي تلبس بها بكلمة واحدة منه ، ولا يقال كما قال شيخ الاسلام ابن القيم لعله من النوع الذي تسببه الأخلاط ، فهذا التقسيم ليس عليه دليل ولم يختبر النبي المرأة ليتعرف على نوعية الصرع الذي أصابها ، كما أن ابن القيم لم يذكر لنا كيف نفرق بين الصرع الذي نذهب بصاحبه لأطباء العصبية والنفسية ، والآخر الذي نذهب به لمن نظن به الصلاح والتقوى .
    وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    الأخ الفاضل شريف أصلح الله حالي وحالك، لعله لم يعد خافيا على أحد أنك تراوغ وتورد من الإيرادات ما لا تقوم لك به حجة ولا قريب منها، بل إن منه لما هو حجة عليك لو تأملته بتجرد، والله المستعان! طالبناك بدليل واضح يرقى لدفع ما سقناه إليك من الأدلة، فما كان منك إلا أن سقت إلينا كلاما لابن حزم رحمه الله يثبت فيه التلبس والإيذاء الذي تنفيه أنت، وكلاما لابن القيم يثبت فيه التلبس كذلك (وهو ممن نقلوا عليه الإجماع أصلأ)، وحديثا في صحيح مسلم تزعم أن ظاهره ينفي ما معنا لمجرد أنه عليه السلام قال للمرأة (إن شئت دعوت لك) ولم يقل لها (إن شئت أمرت الشيطان ليخرج) أو نحوا من هذا، وكأن الصرع لا يكون إلا تلبسا، أو وكأن علاج التلبس لا يكون إلا بالأمر الصريح للشيطان بالخروج (والرقيا ليست إلا صنفا من الدعاء أصلا)!
    فهل هذا كل ما عندك يا أخ شريف؟؟
    لا أحب المراء - يعلم الله - ولكن قد حملتني حملا على تعقب كلامك الذي لا يخفى ما فيه، فإلى الله المشتكى!
    سأجيبك عما كتبته حتى يتبين لك ما وصفته بالمراوغة والحيدة والله المستعان.
    تقول رحمني الله وإياك:
    من هم سلف ابن القيم في تقسيم الصرع الى نوعين ؟؟ والاعتراف بأن هناك نوع من الصرع نتيجة ( الاخلاط الرديئة ) أي لا صلة له بالجن أو ما يسميه ابن القيم الارواح الخبيثة الأرضية .
    وأقول هذا سؤال فاسد بالأساس لأننا عندما نبحث عن سلف في مسألة ما فإنما نبحث عنه في خبر غيبي أو في تكليف عملي أو في اجتهاد شرعي، وابن القيم في هذا الكلام لا يثبت هذا ولا ذاك ولا ذلكم، وإنما يثبت - إضافة إلى ما اتفقت عليه الأمة بشأن الصرْع الشيطاني - أن من الصرْع صنفا آخر لا يظهر أنه من الشيطان، وإنما من أحوال أو أخلاط خبيثة تعتري النفس.. فلا يقال لهذا "من سلفك؟" !!!
    أما قولك (والاعتراف بأن هناك نوع من الصرع نتيجة كذا......) فلازمه - كما لا ينبغي أن يخفى على طالب علم - أن من سبقوا ابن القيم أنكروا ذلك، أو أنه هو نفسه كان ينكره من قبل ثم "اعترف" به .. فهل أطالبك الآن بإثبات هذا المعنى حملا على لوازم إطلاقك هذا؟ لم ينف أحد وجود هذا الصنف من قبل حتى يقال "اعترفوا" به الآن، وإنما أثبتوه لمّا عرفوه من أهل الطب، وأضافوه إلى ما تعلموه من قبل من الوحي، ولا تعارض ولله الحمد!
    فبأي حجة وبأي عقل يقال إن كلام من أثبت أن من الصرع نوعا لا يكون من الشيطان وإنما من نفس الإنسان = يلزم منه نفي تلبس الشيطان بجسد الإنسان ودخوله فيه ؟؟؟

    وأما قولك:
    وأنه خالف الاجماع - السابق له ؟
    فمبناه عندك لزوم التعارض بين إثبات الصنف الأول وإثبات الصنف الثاني، وقد بينا بطلان هذا التعارض!

    وأما هذا:
    ثم بالمناسبة ما معنى الأرواح - الخبيثة - الأرضية ؟؟ وما الدليل على جواز استخدام هذه الألفاظ لفظاً لفظاً ؟
    فتشغيب وتشويش واضح، ولن أطيل بالجواب عنه!

    وأما هذا:
    إن شيخ الاسلام ابن القيم ونظراً لالمامه ببعض علوم الطب لم يستطع أن ينكر أن هناك أسبابا مادية للصرع ، فوقف موقفاً وسطاً بين الادعاء بأن للصرع أسباباً مادية معقولة أو أنه سبباً لدخول الجن بدن الانسان .
    فكلام ممخرق بالدخن والله المستعان!
    ما مقصودك بالأسباب المادية؟؟ وهل يلزم - عند العقلاء - من إثبات الأسباب المادية (على اعتبار أنك تقصد بها الأسباب المشاهدة) نفي الأسباب الغيبية من ورائها (أيا ما كانت)؟؟؟
    يعني هل يمتنع عقلا - وهذا أقوله ضربا للمثل تنزلا معك، لا أني أثبت هذا المعنى أو أقول به - أن يقال: إن الشيطان عندما يصرع الإنسان - في أحد أصناف ذلك الصرع - فإنه يُحدث في مخه وجهازه العصبي اضطرابات تؤدي إلى تلك الأعراض والأحوال التي تظهر لنا منه؟؟ أو بمعنى آخر، هل يستطيع أي عالم من علماء الطب أن يدعي أن الصرع الذي لا يصاحبه دخول للشيطان فيما يظهر لنا، ليس من أسبابه الغيبية شيطان كذلك أصاب ذلك المصروع بشيء في عقله أو في أعصابه فظهر لنا من أعراضه ما ظهر؟؟
    هذا التعارض الموهوم بين الأسباب المشاهدة المحسوسة والأسباب الغيبية إنما مرجعه إلى فكر الملاحدة نفاة الغيب يا أخ شريف فانتبه لهذا!!
    والمتأمل لقولك (أسبابا مادية معقولة) في هذا السياق لا يسعه إلا أن يسألك:هل تزعم أن دخول الشيطان في الجسد = سبب غير معقول ؟؟؟

    وأما قولك:
    إذن فلتفسروا لنا كيف يتمكن القساوسة وعباد الصليب والأوثان الذين لا يمكن وصف أرواحهم بالشريفة العلوية - من علاج بعض من به مثل هذه العلل حتى إن بعض المسلمين يذهبون للكنائس للعلاج .
    فحيدة أخرى واضحة! ومع أنه لا يلزمنا أن نجيبك عن هذا السؤال في مقام البحث في إثبات أو نفي دخول الشيطان في جسد المصروع، إلا أني أجيبك بعون الله.. وأحيلك على كتب الأئمة كشيخ الإسلام ابن تيمية، لا سيما كتابه الماتع (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان).. فإن الأمة متفقة على أن الشيطان إذا ما ابتلى الله إنسانا برفع أسباب الحفظ عنه، فقد يخرج من جسده باختياره كما دخله باختياره! فالمصروع إن كان على الوصف الذي ذكره ابن القيم - أي من الصلاح والإخلاص - وكان الراقي كذلك، جعل الله له من الأسباب الغيبية - إن شاء سبحانه - ما يخرج به الجني راغما ذليلا! أما إن كان ذاك المصروع مشركا، وذهب إلى رأس من رؤوس الشرك في ملته ممن لهم تعامل مع تلك الحالات، فلن يكون خروج الشيطان - إن خرج - رغَما واضطرارا، وإنما رغبا واختيارا، لا لشيء إلا ليفتن من شهد تلك الواقعة من الناس ويوهمهم بصحة تلك التلاوات الشركية التي يستعملونها في إخراج الشياطين من المصروعين (وهذا كان ولا يزال حاصلا في أكثر ملل الأرض)! وقد افتتن بسبب ذلك كثير من جهال المسلمين - كما ذكرتَ أنت - في قصة مشهورة لقس نصراني مصري خبيث كان يقصده المصروعون لهذا الغرض! فهذه الحيل والألاعيب يا أخي الكريم يعرفها أئمتنا من قديم، وهي من جنس ظهور خوارق العادات على أيدي أولياء الشيطان!
    وشياطين الجن تتفاوت في عقولها كما هو معلوم، فمنها الفطن الداهية ومنها الأحمق السفيه! ولا ريب أن مغنم الشيطان من فتنة وإضلال ثلة كبيرة من الناس في محضر تلك التلاوات، أحب إليه من الاستمرار في إيذاء رجل واحد وتخبطه وصرعه! فتأمل!
    كما أنه لا يبعد في كثير من الأحيان أن يكون الكاهن المشتغل بهذا الأمر ساحرا له اتصال بمردة كبار يخرجون الجني من المصروع راغما مضطرا لاتفاق بينهم وبين الكاهن!
    فالآن أسألك بالله، ما علاقة هذا كله بإثبات دخول الشيطان في الجسد من نفيه؟؟؟
    كما أشهده أيضاً أني رأيت من المعالجين بالقرآن من لا تبدو عليه أمارات التقوى بل وتظهر منه مخالفات شرعية ظاهرة مثل التدخين أووضع يده على المريضات .
    نعم وأكثر من هذا يكون من بعض هؤلاء (المعالجين) الدجاجلة، فمنهم الساحر المرتد ومنهم الفاسق الماجن ومنهم ومنهم، والله المستعان! وأنا في الحقيقة لا أرى مشروعية أن ينقطع رجل للاشتغال بالرقيا ومعالجة المصروعين على نحو ما نرى في هذا الزمان، إذ لا سلف لهذه "الصنعة" أصلا في زمان الصحابة والتابعين، ولا أراها إلا بابا للفتنة بل والاستدراج إلى الكهانة والشرك ولا حول ولا قوة إلا بالله!! ولكن نظرا لأني أضبط أدلتي ولا أضرب المسائل بعضها ببعض كما هو دأبك هداك الله، فإنني أقول إنه لا يلزم من إنكاري على تلك الأفعال والتلاوات والوصفات التي أحدثها هؤلاء "الرقاة" في علاج المصروعين، أن أنكر ما ثبت عندي بالدليل المستقيم وأجمعت عليه الأمة من قديم!! فلا تخلط علينا الأوراق يا أخي الكريم، إذ ليس المقام ههنا مقام مناقشة مشروعية الاشتغال بالرقيا وعلاج الصرع الشيطاني، ولا مقام مناقشة كيفية التفرقة بين ما يكون من صرع الشيطان وما يكون من مرض النفس والهلوسة، فكلامك هذا أيضا لا يلزمني الجواب عنه في هذا المقام:
    كما أن ابن القيم لم يذكر لنا كيف نفرق بين الصرع الذي نذهب بصاحبه لأطباء العصبية والنفسية ، والآخر الذي نذهب به لمن نظن به الصلاح والتقوى
    ومع هذا ففي الختام أقول تعقيبا على هذا الكلام (لا جوابا عنه ولكن إيقافا للناس على حقيقة ما تكتب):
    إن رأيت مثل هذا يا أخانا فاذهب به إلى طبيب نفساني تظن به الصلاح والتقوى، فإن الخصلتين (خصلة الاشتغال بالطب النفسي وخصلة الاتصاف بالصلاح والتقوى والعلم بدين الله تعالى) يمكن عند العقلاء أن تجتمعا في رجل واحد، والله المستعان!
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    قال ابن تيمية رحمه الله -في مجموع الفتاوى المجلد17-


    فإن الفلاسفة كلامهم في الإلهيات والكليات العقلية كلام قاصر جدًا، وفيه تخليط كثير، وإنما يتكلمون جيدًا في الأمورالحسية الطبيعية وفي كلياتها، فكلامهم فيها في الغالب جيد‏.‏

    وأما الغيب الذي تخبر به الأنبياء، والكليات العقلية التي تعم الموجودات كلها، وتقسيم الموجودات كلها قسمة صحيحة فلا يعرفونها البتة؛ فإن هذا لايكون إلا ممن أحاط بأنواع الموجودات، وهم لا يعرفون إلا الحسيات وبعض لوازمها، وهذا معرفة بقليل من الموجودات جدًا؛ فإن ما لا يشهده الآدميون من الموجودات أعظم قدرًا وصفةً مما يَشْهَدُونَهُ بكثير‏.‏
    ولهذا كان هؤلاء الذين عرفوا ما عرفته الفلاسفة إذا سمعوا أخبارالأنبياء بالملائكة والعرش والكرسي والجنة والنار ـ وهم يظنون ألا موجود إلا ماعلموه هم والفلاسفة ـ يصيرون حائرين متأولين لكلام الأنبياء على ما عرفوه، وإن كان هذا لا دليل عليه، وليس لهم بهذا /النفي علم؛ فإن عدم العلم ليس علمًا بالعدم، لكن نفيهم هذا كنفي الطبيب للجن؛ لأنه ليس في صناعة الطب ما يدل على ثبوت الجن، وإلا فليس في علم الطب ما ينفي وجود الجن، وهكذا تجد من عرف نوعًا من العلم وامتاز به على العامة الذين لا يعرفونه، فيبقى بجهله نافيًا لما لم يعلمه، وبنو آدم ضلالهم فيما جحدوه ونفوه بغير علم أكثر من ضلالهم فيما أثبتوه وصدقوا به، قال تعالى‏:‏ ‏{‏بَلْ كَذَّبُواْ بِمَالَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ‏}‏[‏يونس‏:‏ 39‏]‏؛ وهذا لأن الغالب على الآدميين صحة الحس والعقل، فإذا أثبتوا شيئًا وصدقوا به كان حقًا‏.‏
    ولهذا كان التواتر مقبولًا من جميع أجناس بني آدم؛ لأنهم يخبرون عما شاهدوه وسمعوه، وهذا أمر لا يشترك الخلق العظيم في الغلط فيه، ولا في تعمد الكذب فيه، فإذا علم أنهم لم يتواطؤوا عليه، ولم يأخذه بعضهم عن بعض، كما تؤخذ المذاهب والآراء التي يتلقاها المتأخر عن المتقدم، وقد علم أن هذا مما لا يغلط فيه عادة علم قطعا صدقهم، فإن المخبر إما أن يتعمد الكذب وإما أن يغلط، وكلاهما مأمون في المتواترات، بخلاف ما نفوه وكذبوا به، فإن غالبهم أو كثيرًا منهم ينفون ما لايعلمون، ويكذبون بما لم يحيطوا بعلمه‏.‏
    فصار هؤلاء الذين ظنوا الموجودت ما عرفه هؤلاء المتفلسفة، إذاسمعوا ما أخبرت به الأنبياء من العرش والكرسي وقالوا‏:‏ العرش هو/ الفلك التاسع،والكرسي هو الثامن، وقد تكلمنا على ذلك في ‏[‏مسألة الإحاطة‏]‏ وبينا جهل من قال هذا عقلًا، وشرعًا، وإذا سمعهم يذكرون الملائكة ظن أنهم العقول والنفوس التي يثبتها المتفلسفة، والقوى التي في الأجسام، وكذلك الجن والشياطين يظن أنها أعراض قائمة بالنفوس، حيث كان هذا مبلغه من العلم، وكذلك يظن ما ذكره ابن سينا وأمثاله من أن الغرائب في هذا العالم سببها قوة فلكية، أو طبيعية أو نفسانية، ويجعل معجزات الأنبياء من باب القوى النفسانية، وهي من جنس السحر، لكن الساحر قصده الشر، والنبي قصده الخير، وهذا كله من الجهل بالأمور الكلية المحيطة بالموجودات وأنواعها، ومن الجهل بما جاء به الرسول، فلا يعرفون من العلوم الكلية ولا العلوم الإلهية إلا مايعرفه الفلاسفة المتقدمون، وزيادات تلقوها عن بعض أهل الكلام، أو عن أهل الملة‏.‏
    فلهذا صار كلام المتأخرين ـ كابن سينا وأمثاله ـ في الإلهيات والكليات أجود من كلام سلفه؛ ولهذا قربت فلسفة اليونان إلى أهل الإلحاد المبتدعة من أهل الملل، لما فيها من شوب الملة؛ ولهذا دخل فيها بنو عبيد الملاحدة، فأخذوا عن هؤلاء الفلاسفة الصابئة المشركين العقل والنفس، وعن المجوس النور والظلمة، وسموه‏:‏هم السابق والتالي، وكذلك الملاحدة المنتسبون إلى التصوف والتأله ـ كابن سبعين وأمثاله ـ سلكوا /مسلكًا جمعوا فيه ـ بزعمهم ـ بين الشرع والفلسفة، وهم ملاحدةليسوا من الثنتين والسبعين فرقة، وقد بسط الكلام على هؤلاء وهؤلاء في غير هذاالموضع‏.‏
    وإنما ذُكِروا هنا؛ لأن أهل الكلام المحدث صاروا ـ لعدم علمهم بماعلمه السلف وأئمة السنة من الكتاب والسنة وآثار الصحابة، ولما وقعوا فيه من الكلاميات الباطلة ـ يُدْخِلُ بسببهم هؤلاء الفلاسفة في الإسلام أمورًا باطلة،ويحصل بهم من الضلال والغي ما لا يتسع هذا الموضع لذكره‏.‏


  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    525

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    سبحان الله
    أدخلتمونا في انكار الغيبيات واتباع الفلاسفة ؟؟!!!
    هل هذا هو الانصاف ؟
    نحن نؤمن بالغيب ، وبالملائكة وبالجن وبالشياطين ، ونقول أنه ليس للشياطين على الانسان سوى الوسوسة والدعوة الى الباطل وتزيين الدنيا وهو الذي ذكره القرآن في محكم آياته .
    وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    لم يدخلك أحد في شيء، وإنما أنت من أدخلت نفسك! ودونك التعقيب المفصل المستفيض على سائر ما أوردته علينا، فلستُ ولله الحمد ممن يرمي الكلام جزافا بلا دليل ولا حجة!
    ويكفي أن يرى الإخوة القراء الكرام أنك لم تجد بعد طول المراوغة من متمسك إلا أن تقول:
    ونقول أنه ليس للشياطين على الانسان سوى الوسوسة والدعوة الى الباطل وتزيين الدنيا وهو الذي ذكره القرآن في محكم آياته .
    تريد الإنصاف حقا؟
    هذا هو الإنصاف: انتهى الحوار، هدانا الله وإياك، وعافانا وإياك من المراء والجدال بالباطل ....
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    525

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    اللهم آمين
    وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: قضية تلبس الجان ببدن الإنسان: حقائق لا تخفى!!!

    بايرادي الجملة من كلام شيخ الاسلام لم اقصد ادخالك اخي شريف شلبي في الفلاسفة وموقفهم المذكور اعلاه
    فانا والله لم انظر الا الى الموضوع وقد وجدت وانا اتصفج مجموع الفتاوى لسبب اخر تماما مايتناسب مع ماوضعه اخي الحبيب خباب فقلت هذه نافعة في الموضوع
    ولما لم استطع اجتزاء المطلوب تحديدا في المسألة هنا وضعت الكلام كله حتى يفهم في سياقه
    الان اقطع النص خالصا اي الجمل المفيدة السديدة في الموضوع بعيدا عن الفلاسفة وابن سينا والمتكلمين اياهم


    فإن ما لا يشهده الآدميون من الموجودات أعظم قدرًا وصفةً مما يَشْهَدُونَهُ بكثير‏.‏

    فإن عدم العلم ليس علمًا بالعدم، ...لأنه ليس في صناعة الطب ما يدل على ثبوت الجن، وإلا فليس في علم الطب ما ينفي وجود الجن،


    وهكذا تجد من عرف نوعًا من العلم وامتاز به على العامة الذين لا يعرفونه، فيبقى بجهله نافيًا لما لم يعلمه، وبنو آدم ضلالهم فيما جحدوه ونفوه بغير علم أكثر من ضلالهم فيما أثبتوه وصدقوا به، قال تعالى‏:‏ ‏{‏بَلْ كَذَّبُواْ بِمَالَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ‏}‏‏[‏يونس‏:‏ 39‏]‏؛ وهذا لأن الغالب على الآدميين صحة الحس والعقل، فإذا أثبتوا شيئًا وصدقوا به كان حقًا‏.



    اما الجملة الصافية والحجة البالغة والكلمة السابغة والقول الحصيف والدليل النظيف الذي اخذ بلبي وملئ على حسي وشعوري واحتل مركز الفكر من عقلي ولايستطيع ان يرده مادي او فيلسوف او متفلسف او خبير او احد ممن تكلم في المسألة فهو قول شيخ الاسلام مما اوردناه سابقا

    ولهذا كان التواتر مقبولًا من جميع أجناس بني آدم؛ لأنهم يخبرون عما شاهدوه وسمعوه، وهذا أمر لا يشترك الخلق العظيم في الغلط فيه، ولا في تعمد الكذب فيه، فإذا علم أنهم لم يتواطؤوا عليه، ولم يأخذه بعضهم عن بعض، كما تؤخذ المذاهب والآراء التي يتلقاها المتأخر عن المتقدم، وقد علم أن هذا مما لا يغلط فيه عادة علم قطعا صدقهم، فإن المخبر إما أن يتعمد الكذب وإما أن يغلط، وكلاهما مأمون في المتواترات، بخلاف ما نفوه وكذبوا به، فإن غالبهم أو كثيرًا منهم ينفون ما لايعلمون، ويكذبون بما لم يحيطوا بعلمه‏.‏
    وهذه الجملة هي حجة على علماء الاجتماع والنفس والمثيولوجيا والالسنيات واللسانيات والاركيولوجيا والتيولوجيا
    ومنها يقول الغيب كلمته -التي هي اوسع من المادة الظاهرة!- للجميع ويؤكد حقائقه وسط المادة الساحرة لعقول الماديين وارواجهم ويقول الواقع كلمته المحجوبة في المراسيم العلمانية باكاديمياتها المفتخرة بالباطل الساحر
    هنا يقول ابن تيمية لاتنظروا في ادلة الوحي على الاقل الان دعوه الان وتعالوا ننظر في الواقع المتناثر المشترك والمتعدد والذي لايُرد!
    انظروا الى التجربة البشرية والخبرة الغير متواطئة على تلبيس او كذب فستجدون الناس كل الناس مؤمنون وكافرون يلاحظونه ويعاينونه ويشاهدونه ويختبرونه!
    ...ويقولون العقل ليس في الاسلام-وهو زعم اركون- ويزعمون اننا نعيش في خيال مدهش خلاب كما يزعم اركون وهاشم صالح ومن ورائهم من علماء المذاهب الحديثة بكل انواعها
    وشيخ الاسلام هنا يصفعهم بقانون حسي مادي ملموس ومشترك ولاتواطئ فيه ولاحزبية فيه ولااممية فيه ولافرقية فيه ولاانفراد فيه من فرقة او ديانة وانما هو اصل في التجربةالبشرية كلها لامسته وعاشته وخبرته وشاهدته في كل افاق الارض واطرافها من قديم الزمان الى حديثه ويوجد ونشاهده في الغرب الحديث والشرق الاخر كما يصفونه
    وهو دليل واحد على الغيب!
    فلله الحمد والمنة على حجج علماء الاسلام الباهرة وتمتعهم بحس مادي اصيل -ابتسامة
    وحس معنوي اصيل
    وعلم لدني اصيل
    وفراسة وكياسة
    وفكر فطري عقلي فهم شريعة الرحمن ووجد ان العقل لايلغي الوحي ولاالوحي يلغي العقل ولايتعارضان ولا الحس والمشاهدة يلغيان الوحي بل يوكده الواقع في كل زمان ومكان

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •