تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: (أهل السنة والجماعة) والرد على فودة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    125

    افتراضي (أهل السنة والجماعة) والرد على فودة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
    مقصود هذه الرسالة الرد على فودة في رسالته (أهل السنة)، التي ادعى فيها أنه يبين أحق الفريقين بلقب أهل السنة والجماعة، وضمنتها أيضاً بيان مذهب الشافعية خصوصاً في المعتقد، دفعاً لما شاع وذاع اليوم أن أكثر الشافعية أشاعرة، بل ظن البعض أن الغالب على المذاهب الثلاثة سوى الحنبلي هو التمشعر، وأنه في مذهب أحمد قليل. والصواب أن الغالب على المذاهب الأربعة حتى القرن الخامس بل إلى زمن ابن عساكر رحمه الله هو القول بالسنة بفضل الله جل وعلا.
    ويكفي أن تعلم أن أبا الطيب الباقلاني كين يتستر هو وأصحابه بمجالسهم ولا يظهرونها، ولعله يأتي معنا النقل لاحقاً لما يؤيد ذلك.
    وقد صرح فودة في أول رسالته أن مقصوده من رسالته هو : هل اعتقاد شيخ الإسلام ابن تيمية واعتقاد الأشاعرة يندرج تحت (باب) واحد أم لا ؟ (كذا عبر فودة، أي بلفظ باب)
    وهو خلاف الظاهر من عنوان رسالته الموهمة بأنه سيبين من هم أهل السنة والجماعة.
    وقد فرض فودة خلافاً بين طائفتين هم الأشاعرة والسلفيون، لكنه قال : (والحقيقة أنني قد كتبت حول هذا المعنىكلاما مفصلا وعددت فيه كثيرا من المسائل التي تبين وجوه الخلاف الحقيقية في كثير منالأصول بين ابن تيمية وأتباعه ولنسميهم ( التيميين) من جهة ، وبين سائر الأشاعرة من جهة أخرى ، كائنا من كان منهممستحقا اسم أهل السنة والجماعة.)
    لكن اختياره لتسمية شيخ الإسلام ومن وافقه في المعتقد بـ (التيميين) خطأ من جهة إيهام أن أو من قال بهذه المعتقدات مجموعة هو شيخ الإسلام، مع أن فودة يصرح بأن شيخ الإسلام كثير المتابعة لعثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله، كما أنهم يصرحون بأن كثيراً ممن تقدم شيخ الإسلام قد سبقوه إلى ما قال، ويسمونهم مشبهة، كالسجزي رحمه الله صاحب رسالة (إثبات الحرف والصوت) وقبله إمام الأئمة ابن خزيمة الذي يسمون كتابه (كتاب الشرك)، ولهذه الطائفة اسم ارتضته لنفسها واشتهر عنها، فكانت الإحالة إليه أولى، وهو (السلفية) أو (السلفيون).
    فإن قال: أنا لم اطلق عليهم هذا الإسم لما فيه من إيهام أنهم متابعون للسلف الصالح، وأنا لا أقر ذلك. قيل له: إن هذا لا يضر، فإن اسم (الأشاعرة) موهم لاتباع أبي الحسن الأشعري والخصم لا يسلم هذه المتابعة، ولا ينكر نفس التسمية. وهذا كالمتفق عليه، فإنا نقول: الجعفرية والزيدية والإسماعيلة لطوائف من الشيعة مع اعتقادنا أنهم لم يتابعوا أحداً ممن انتسبوا إليه.
    فإن قال: لكن شيخ الإسلام قد خالف من تقدمه بأقوال لم نراهم قالوا بها، كمسألة قدم النوع وتسلسل الحوادث ـ وهما مسألة واحدة ـ وفناء النار، وقيام الحوادث في الذات.
    قيل له : لا نسلم أنه خالفهم في شيء من ذلك، وعلى تسليمه، فإن من سميتهم بالتيميين لا يوافقونه على جميع ذلك، فمنهم من صرح بتخطئته في مسألة فناء النار والقدم النوعي. فلماذا ألصقتهم به في التسمية ؟
    فإن قال : لأنهم يوافقونه في مجمل اعتقاده وأن خالفوه في مسائل معينة.
    قيل له : فهلا قلت في شيخ الإسلام ما قلته في من تسميهم بالتيميين، أي أن مخالفته لمن تقدم في بعض المسائل لا تضر لموافقته لهم في مجمل اعتقادهم.
    ولا نطيل في هذا، المقصود أني أسمي الطائفتين هنا بالأشاعرة و السلفية لأن المقصود بهذين الإسميين معروف جلي لكل من يقرأه سواء وافق في صحة التسمية أو خالف في ذلك.
    ثم تأكيداً على غرضه، وهو بيان أن شيخ الأسلام وأتباعه لا يدخلون مع الأشاعرة تحت إسم واحد قال: (وهذه المسائل الأصولمن عرفها وعرف أن الخلاف قائم بين هذين الفريقين فيها ، عرف قطعا أنه يكون منالغباء التام أن يدرج ابن تيمية والأشاعرة تحت اسم واحد،إلا إذا كان لا يعرف ما الذي يقوله، أو عرف وعرف ما يندرج تحته منتناقضات وتخابطات، ومع ذلك أصر على ما يقول، ومثل هذا لا يلتفت إليه في العلوموالمعارف، لأنه ليس منضبطا بموازين العلم الصحيحة وإن حسب نفسه كذلك.)
    وهذا من تنطعه، حيث يطلق الألفاظ في أماكن التقييد، وإلا فإن اسم الإسلام والإيمان وأهل القبلة يشملهم، كما يجوز أن يندرجا تحت مسمى أهل السنة إذا أُريد به المقابلة للشيعة مثلاً. وهكذا إذا أُريد به من يدعي بناء عقيدته على السنة، سواءً كان محقاً أو مبطلاً، وهكذا يدخلان تحت مسمى الصفاتية وأهل الإثبات، ونحو ذلك.
    وهناك طوائف كالمعتزلة والفلاسفة يجعلون الفريقين داخلين في مسمى المشبهة والمجسمة والحشوية.
    وكان الصواب أن ينفي دخول أو اندراج الفريقين تحت مسمى معين له مفهوم معين، وذلك بأن يعطي اسماً خاصاً كـ (أهل السنة والجماعة) ويفسره ثم يقول : إن الأشاعرة والسلفيون لا يدخلون معاً تحت هذا اللقب بهذا المفهوم.
    أما أن يطلق دعواه أنه لا يمكن أن يدخل شيخ الإسلام والأشاعرة تحت مسمى واحد ويتشدد ويتنطع في دعوة استحالة ذلك حتى يرمي من يدعي جوازه بأنه ممن لا يُلتفت إليه في العلوم والمعارف وعدم الإنضباط بموازين العلم الصحيح، فهذا من جهله، ولولا أن للرجل أتباع يظنون فيه الظن الحسن ما تعانيت الرد عليه.
    ثم ما هي هذه الضوابط والموازين المانعة من اندراج شيخ الإسلام والأشاعرة تحت مسمى واحد ؟
    لا شيء سوى الدعوى المجردة.
    ثم شرع في موضوع رسالته، وهو بيان عدم اندراج السلفيين والأشاعرة تحت مسمى واحد، ومقصوده هنا مسمى أهل السنة والجماعة، ولما كان محتاجاً أولاً لبيان معنى هذا اللقب قال: (أول ما نتكلم عليهباختصار هو مفهوم اسم أهل السنة والجماعة)
    أي قارئ يتوقع بعد هذه العبارة أن يأتي فودة بتفسير أو تعريف يوضح معنى اللقب من جهة مفرداته أولاً، ومن جهة مفهومه العام ثانياً، ثم ما يمتاز به أصحاب هذا اللقب من عقائد. وبعد ذلك يشرع في بيان اعتقاد الأشاعرة واعتقاد السلفيين ومدى مطابقة عقيدة كل طائفة لمفهوم اللقب الذي شرحه.
    لكن تعال واقرأ معي ماذا قال فودة في مفهوم اسم أهل السنة والجماعة.
    قال فودة : (إن اسمأهل السنة والجماعةأطلق في التاريخ على طائفة من الناس اشتركوا في أصول معينة،وأجمعوا على أقوال محددة)
    أي شيء يمكن أن يُسْتَفاد من هذا الكلام ؟
    لا شيء.
    فإن السلفية إسم أطلق على طائفة من الناس اشتركوا في أصول معينة، وأجمعوا على أقوال محددة.
    الأشاعرة أيضاً إسم أطلق على طائفة من الناس اشتركوا في أصول معينة، وأجمعوا على أقوال محددة.
    وكذلك المعتزلة والجهمية والسالمية والكرامية والمقاتلية بل والفلاسفة والباطنية بل والدهرية وكل طائفة في الدنيا لها إسم يجمعها تحت أصول وأقوال محددة.
    بعدد تشدده وتعنته في كون شيخ الإسلام والأشاعرة لا يمكن أن يندرجا تحت مسمى واحد، عاد فأعطى لإسم أهل السنة مفهوماً يندرج فيه شيخ الإسلام والأشاعرة ومعهم جميع الطوائف في الدنيا بدأ ظهور الطوائف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها !
    فلنقوم نحن بما كان يتوجب على فودة في رسالته فنقول:
    أهل السنة والجماعة لقب يتكون من ثلاث مفردات أهل والسنة والجماعة. والسنة الطريقة، والمراد بها هنا طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو كل ما نقل لنا عنه من فعله وقوله وتقريره. و(أهل) باعتباره مضاف إلى السنة بمعنى من يدين بها، كما تقول: أهل الإسلام من يدين به، وأهل المذهب من يدين به. والجماعة كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (هم الجماعة) يراد به السواد الأعظم وجماعة المسلمين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في بعض الروايات (هم السواد الأعظم) و (هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي) ولا خلاف بين الروايات لكون الجماعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسوا إلا نفس رسول الله صلى عليه عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وهم في ذلك العهد السواد الأعظم بلا خلاف.
    ويدخل معهم القرون الثلاثة المفضلة، لثنائه صلى الله عليه وسلم عليها.
    وعليه فمعنى أهل السنة والجماعة من دان بالسنة ودان بدين الجماعة أو بمتابعة الجماعة الذين هم السلف الأول رضي الله عنهم.
    فإذا أردنا المقارنة لنعرف أي الفريقين أولى بهذا الإسم، فحينئذٍ ننظر إلى أصول اعتقاده ونقارنه بما جاء في الكتاب والسنة وبأقوال السلف الصالح، فما وافقها فهو اعتقاد أهل السنة والجماعة، وما خالفها فهو على خلاف ذلك، وهو حينئذٍ من دين أهل الأهواء والبدع.
    ثم ذكر كلاماً ساذجاً لا حاصل تحته، نذكره فقط ليرى الناس مبلغ علم الرجل، حيث قال : (وهذا الاسم لا يستطيعأحد أن يقول إنه قد ورد نص من الرسول على أنه يجب أن يطلق على هذه الطائفة،وبالتالي فهو لا يمكن أن يكون إلا اصطلاحا منهم أو من غيرهم على تسميتهم كذلك. وذلكتبعا لما لوحظ عليهم من اشتراكهم على هذه الأقوال. ولذا فإن انتسابالواحد إلى الطائفة التي يقال عليها أنها أهل السنة والجماعة لا يدخله الجنة لمجردذلك، ولا يكون خروج أحد من هذه الفرقة حكما عليه بالدخول قطعا في النار هذا الأمر يجب أن يدركه كل واحد من الذين يتصدون للكلام على مثلهذه المباحث)
    ما الفائدة التي يمكن تحصيلها من هذا الكلام ؟ إن هذا الكلام أشبه بقول الشاعر
    الليل ليل والنهار نهار***والأرض فيها الماء والأشجار
    وقول الآخر:
    كأننا والماء من حولنا***قومٌ جلوس حولهم ماء
    فإن هذا الذي يوجب على الناس إدراكه ، مُدْرَكٌ بالبديهة، إذ لا يقول عاقل أن مجرد الإنتساب إلى طائفة بمجرد الإسم يجعلنا مستحقين لما تستحقه هذه الطائفة من الأحكام. لكن هكذا قضى الله، أن يكون لمثل هذا الرجل أتباع يلقبونه بالعلامة النظار!!
    ثم زعم أن إسم أهل السنة والجماعة لم يتنازعه إلا الأشاعرة والسلفيون وقال: (وإن كان النزاع محسوما في سائر العصورلصالح السادة الأشاعرة. فالعلماء قداتفقوا على أن الأشاعرة هم الممثلون الحقيقيون للسنة والجماعة وأنها الفرقة التيكشفت عن حقائق هذا الدين مما أهلها لن ينضم تحت لوائها جماهير علماءالإسلام) ثم نقل عن السبكي والزبيدي والخيالي والكستلي ما يؤيد به دعواه.
    وهذا تناقض واضح، حيث زعم وجود نزاع بين السلفيين والأشاعرة في الأحقية المتعلقة باللقب، ثم زعم وجود اتفاق على من هو الأحق بهذا اللقب. فإن كان هناك نزاع، فأين الإتفاق، وإن اتفق العلماء فأين النزاع ؟
    وإن قال : عنيت بالنزاع اختلاف الأشاعرة والسلفيين وبالاتفاق اتفاق علماء الأشاعرة فقط. قيل له: فهذا الإتفاق لا يحسم النزاع، وأنت زعمته محسوماً به. ثم كيف يكون مثل هذا الاتفاق معتبراً ـ وأنت العلامة النظار بحسب دعوى أتباعك ـ مع أنها مجرد دعوى من طائفة مقابلة بمثلها ؟ إذ حاصل هذه الدعوى أن الأشاعرة أحق بلقب أهل السنة والجماعة لأن الأشاعرة يقولون أنهم أحق بهذا اللقب. فحينئذٍ لو عارضه معارض بقوله : بل السلفيون أحق باللقب لأنهم يقولون أنهم أحق به. لم تزد دعواه على دعواهم شيئاً.
    ثم قال : (وأوضح ـ أي الكستلي ـ هناك أنأهل الحديث ليسوا مستقلين عن أهل السنة والجماعة، والمقصود بأهلالحديث هنا الذين يعتمدون على الأحاديث ولا يلتفتون إلى النظر العقلي كثيرا فيالاستدلال على العقائد الإيمانية، فأكثر أهل الحديث يوافقون الأشاعرة والماتريديةفي العقائد، ولكن طريقة كل منهما تختلف عن الآخر في طرح وشرح هذه العقائد، وهذاكما تعلمون ليس خلافا جوهريا يكفي للقول إن هناك عقيدة خاصة بأهل الحديث. بل إن اهل الحديث في الحقيقة موافقون للأشاعرة، لايخالفونهم وإن خالفوهم لم يلتفت إليهم من حيث هم أهل حديث، بل ينظر إليهم على انهمفرقة أخرى)
    انظر كيف قرر أولاً أن أهل الحديث ليسوا طائفة أخرى غير أهل السنة، ثم أتبع ذلك بدعوى أن أكثر أهل الحديث يوافقون الأشاعرة والماتريدية في العقائد. فحكم أولاً أن أهل الحديث هم أهل السنة، وثانياً بأن أهل الحديث هم أشاعرة. فحسم الخلاف بمجرد الدعوى كما فعل سابقاً في دعوى وجود الاتفاق على أن الأشاعرة هم أهل السنة.
    وزاد ضغثاً على إبالة حيث زعم أنه عل فرض وجود خلاف بين أهل الحديث لم يلتفت إلى أهل الحديث من حيث هم أهل حديث، بل ينظر إليهم على أنهم فرقة أخرى !! وهذا الكلام على ركته وسخافته يعود على دعواه بالنقض؛ حيث زعم أولاً أن أهل الحديث ليسوا طائفة أخرى غير أهل السنة، ثم فرض وجود خلاف بينهم وبين الأشاعرة الذين هم أيضاً أهل سنة، ثم رأى أنه على فرض وجود ذلك الخلاف، فلا التفات إلى قول أهل الحديث، وكل ذلك بمجرد الدعوى.
    فأنت ترى أن مستند الرجل في كامل رسالته هو الدعوى، وإذا أراد أن يدعمها ويقويها زاد دعوى أخرى وأتبعها بأخرى وهكذا، أما البرهان، فحاشاه أن يلجأ إليه.
    لكن أحب أن أنبه هنا أن إسم أهل الحديث إذا أُطلِقَ في كتب العقائد لا يراد به رواته فقط، بل والعاملين به، لذا يقول علي بن المديني في قوله صلى الله عليه وسلم (إلا واحدة) هم أهل الحديث، ومثله أحمد بن حنبل، وصنف الأئمة عقائداً وكتباً باسم أهل الحديث، ككتاب (الإنتصار لأصحاب الحديث) للإمام السمعاني، وأئمته معروفون يذكرون بأسمائهم، على رأسهم أحمد بن حنبل وأبو نعيم وابن راهويه وابن خزيمة وعثمان بن سعيد الدارمي والبخاري والرازيان وغيرهم كما سيأتي.
    وقد يطلق اسم أهل الحديث ويراد به العارفين به رواية ودراية، لا مجرد أن يكون روى شيئاً من الحديث ولو كان ثقة في نفسه، لذا تجد في عبارات الجرح والتعديل (لم يكن يعرف الحديث) و(لم يكن يُعْرَفُ بالحديث) و (ليس من أهل هذا الشأن) وغير هذه العبارات في رواة الحديث، فلا يعد كل من روى حديثاً من أهل الحديث، بل المكثر منه العارف به.
    فقول فودة : (فأنت تعلم أيها القارئ أن كثيرا منالكرامية قد اشتغلوا بالحديث بل واشتهروا بالزهد ، ولكن مع هذا فقد خالفوا عقائدأهل السنة والجماعة في قولهم إن الله تعالى جسم، وإنه تعالى على العرش إما بمسافةأو بلا مسافة أي بمماسة، كما يجلس الواحد منا على كرسيه، فهؤلاء من الفرق المبتدعةالتي لا يلتفت إلى خلافهم من حيث العقائد. وهم ليسوا من أهل السنة والجماع)
    فهذا من جهله وجرأته على الدعوى بلا برهان، وإلا فإن الذين تعانوا الحديث من الكرامية هم أقل القليل، وأنا لا أعرف الساعة منهم سوى محمد بن أحمد بن علي أبو عبد الله المجاشعي الهروي، ذكره ابن عساكر رحمه الله في (تاريخه) 51/ 90 وزعم أنه كرامي، أما البستيغي ونحوه، فإنه ليس من أهل الحديث، لكنهم عرفوا بالزهد والعبادة.
    لكن فودة أراد أن يزهد في أهل الحديث، ويقلل من شأن مخالفتهم، عامله الله بما يستحق.
    وزعم أن ممن وافق الكرامية الإمام أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي، وذكر اعتماد شيخ الإسلام عليه وقال : (وفي الواقع فما هو إلا أحد أكبر زعماء المجسمة)
    ولا يخفى على المشتغل بالحديث الناظر في كتب التراجم أن أئمة الجرح والتعديل لم يتركوا أحد فيه بدعة، إلا وذكروه بها وحذروا منه، حتى في المسائل المختلف فيها كنحو اللفظ، حتى تكلموا في البخاري ومسلم وغيرهم كالحارث المحاسبي والكرابيسي والقلانسي داود الظاهري من أجلها، ولم يسكتوا حتى عمن تكلم في فتنة القول بخلق القرآن مضطراً نحو علي بن المديني وابن معين، فإذا كان عثمان بن سعيد الدارمي مبتدعاً أي بدعة كانت، فضلاً عن أن يكون من كبار المجسمة، بل من أكبر زعماء المجسمة، لما تركوه من غير نبزٍ له بما يبين ذلك. لكن الذي في كتب التراجم هو مطلق الثناء عليه:
    قال أبو الفضل يعقوب الهروي: (ما رأينا مثل عثمان بن سعيد، ولا رأى هو مثل نفسه)
    وقال الحافظ أبو حامد الأعمش : (ما رأيت في المحدثين مثل محمد بن يحيى، وعثمان بن سعيد، ويعقوب الفسوي)
    وقال أبو داود السجستاني: (منه تعلمنا الحديث)
    وقال محمد بن المنذر شكر: سمعت أبا زرعة الرازي، وسألته عن عثمان بن سعيد، فقال: (ذاك رزق حسن التصنيف)
    وقال ابن الجوزي : (إمام عصره بهراه)
    وقال الإمام الذهبي : (الإمام، العلامة، الحافظ، الناقد، شيخ تلك الديار)
    وقال رحمه الله : (قلت: كان عثمان الدارمي جذعا في أعين المبتدعة)
    وقال ابن عبد الهادي : (الإمام الحافظ شيخ الإسلام)
    وقال الصفدي : (وكان جذعاً في أعين المبتدعين)
    هذا هو الدارمي في كتب الرجال والتراجم، كان جذعاً في أعين سلف فودة من الجهمية والمعطلة، بل كان جذعاً في أعين المشبهة كالكرامية، فإنه الذي قام بإخراج ابن كرام فيما قيل.
    ومن أئمتنا الشافعية المتفق على إمامتهم وجلالتهم الإمام أبو عثمان الصابوني ذكر في كتابه (عقيدة السلف وأصحاب الحديث) صفحة 314 عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله من ضمن الأئمة المقتدى بهم، والمهتدى بهديهم، الذين من أحبهم فهو صاحب سنة. وبحسب قوله هذا يكون فودة ومن وافقه ممن يبغض الدارمي ليسوا أصحاب سنة، وتبين بذلك كذبه في دعواه السابقة اتفاق العلماء على أن الأشاعرة هم الممثلون الحقيقيون لأهل السنة.
    وعلى قياس قول فودة، فإن الإمام الصابوني رحمه الله عنده مجسم مشبه، لاقتدائه وأخذه بهدي أحد أكبر زعماء المجسمة بحسب اعتقاد فودة.
    ومن أئمة الشافعية أيضاً الإمام الذهبي رحمه الله اعتمده في كتابه (العلو للعلي الغفار) فقال رحمه الله : (ذكر ما قاله الأئمة عند ظهور الجهم ومقالته) ثم عددهم طبقة طبقة حتى وصل إلى عثمان بن سعيد الدارمي ونقل عن كتابه (الرد على بشر المريسي) قوله : (قد إتفقت الكلمة من المسلمين أن الله فوق عرشه فوق سمواته) فهو عنده من الأئمة الذي يؤخذ بقولهم في الاعتقاد. وقد تقدم وصفه له بالإمام العلامة وأنه كان جذعاً في أعين المبتدعة.
    يتبع ...

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: (أهل السنة والجماعة) والرد على فودة

    جزاك الله خيراً أخي الكريم..

    ويكفي أن تنظر إلى مقدمته السخيفة الساقطة التي قدم بها للكتاب التالف الهالك (تحرير المطالب لما تضمنته عقيدة ابن الحاجب)، تصنيف (محمد البكّي التونسي ت916هـ).

    فقد أتى فيها بنحو ما ذكرتم هنا، وهذا الكتاب = كتابٌ خطيرٌ في نشر العقيدة الأشعرية الممسوخة.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    752

    افتراضي رد: (أهل السنة والجماعة) والرد على فودة

    حجاج مختصر قوي لو اقتصرت فيه فقط على الحجج لكان أحسن..
    من أجمل ما قرأت في الحب:
    "وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته"

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    964

    افتراضي رد: (أهل السنة والجماعة) والرد على فودة

    بارك الله فيكم أخي وضاح ..

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    125

    افتراضي رد: (أهل السنة والجماعة) والرد على فودة

    ثم أخذ في سرد كلام ركيك لا يهمنا منه شيء هنا، سوى عبارة جميلة وهي قوله: (بل إن الحق إنما يعرف بالنظر والبحثوالإتيان بالأدلة القوية على كل حكم يدعىصوابه وحقيته. هذا هو المرجع الوحيدعندنا، لا اعتبار للاسم إلا من حيث دلالته على هذا الأمر)
    وهذه كلام جميل، وأجمل منه العمل به. لكن تقدم معك أن عمدة الرجل فيما يقول ويعتقد مجرد الدعاوى، وسيأتي معك مزيد بيان وتأكيد لذلك. فليته إذ ادعى معرفة الحق عن طريق الدليل، جابهنا ولو بالدليل الضعيف لنناقشه فيه ونبين أنه ليس بدليل فضلاً عن يكون دليلاً قوياً، لكنه لا يزال يذكرى دعوى إثر أخرى، حتى انتهت رسالته إلى دعواه أن شيخ الإسلام ليس من أهل السنة. فالدعوى التي بدأ بها رسالته، هي هي التي ختم بها رسالته، من دون أن يتخلل ذلك ذكر البينة.
    والدعاوى إن لم تقيموا عليها *** بينات أبناؤها أدعياء
    ثم قال : (واعلمأن الأصل في التسمية -بأهل السنةوالجماعة - أن كل من اندرج فيها فيجب أن يكون متفقا مع صاحبه في الأصولالكلية ، ونحن نقصد هنا الأصول الكلية للعقائد)
    فانظر إلى هذا الكلام ما أركه وأسمجه؛ فما المقصود بالصاحب في قوله (متفقاً مع صاحبه) وإلى من يعود الضمير المضاف إليه في (صاحبه) ؟ !
    إن قال : قصدت أن من يدعي أنه من أهل السنة فيجب أن يوافق أهل السنة في الأصول الكلية التي هي العقائد.
    قيل له : مع أن عبارتك السمجة المتقدم ذكرها لا تعطي هذا، إلا أنك لم تذكر عقائد أهل السنة ولو على وجه الإجمال حتى نستطيع أن نميز أن مدعي الإسم موافق لأهل السنة أم لا عن طريق مقارنة عقيدته بعقيدتهم. ولكن اكتفيت بتعريف أهل السنة بأنهم طائفة اجتمعت على أصول وأقوال.
    وقال بعد ذلك : (فلو قلنا إن كلا من الفرقتين يطلق عليها اسم أهل السنة والجماعة، للزمنا قطعا أننقول إنهما متفقتان على أصول العقائد، ولكن إذا كانت كل من هاتين الفرقتين قائلةبأصول مخالفة للأخرى، فكيف يصح من عاقل أن يقول إنهما مندرجتان تحت اسم واحد،ويجمعهما حكم واحد)
    قد تقدم معك الكلام على اندراج الفريقين تحت الإسم الواحد، وتقدم معك تعريفه لأهل السنة بقوله (إن اسمأهل السنة والجماعةأطلق في التاريخ على طائفة من الناس اشتركوا في أصول معينة،وأجمعوا على أقوال محددة) وبينا أنه على هذا التعريف فالسلفيون والأشاعرة يندرجان تحت إسم أهل السنة؛ لأن السلفيين طائفة من الناس اشتركوا في أصول معينة، وأجمعوا على أقوال محددة، فتحقق فيهم ما جعله فودة مفهوماً لأهل السنة، كما أن الأشاعرة كذلك طائفة من الناس اشتركوا في أصول معينة وأجمعوا على أقوال محددة، فيكونون هم أيضاً محققين لمفهوم أهل السنة بحسب ما ذكره فودة. فاجتمعت الطائفتان تحت مسمى واحد. كما أبنا لك أن كل طائفة في الدنيا لها أقوال وأصول محددة مجمعة عليها هي أيضاً داخلة تحت هذا المفهوم.
    لكن إذا فسرنا إسم أهل السنة والجماعة بما قدمته سابقاً أمكن أن يقال : (أنه لا يجوز أن يجتمع السلفيون والأشاعرة تحت هذا الأسم) على أن المنازعة في هذا أيضاً ممكنة، بأن يقول قائل: إن الإتفاق بين الأشاعرة والسلفيين أكثر من الإختلاف، فإنهم متفقون على إثبات الصفات للذات وأنها ليست هي الذات ولا غيرها، وعلى خلق أفعال العباد والشفاعة وعذاب القبر وأكثر مسائل الإيمان والنبوات وغير ذلك، والخلاف بينهم هو كالخلاف بين الأشاعرة أنفسهم وبين السلفيين أنفسهم، فلا يؤثر في صحة إطلاق الإسم عليهم، فهم جميعاً أهل السنة والجماعة.
    ومع أن هذه الدعوى خطأ بلا شك، لكن ليس بإمكاني أن أدفعها دفعاً كلياً عند من يجعل ذلك اصطلاحاً له ولمن وافقه لما علم من أنه لا مشاحاة في الإصطلاح.
    ثم أراد أن يبين عدم دخول الفريقين تحت مسمى واحد، وهو يقصد مسمى أهل السنة لكنه لا يحسن التعبير، فذكر مسألة الجسمية ولوازمها، وهي آخر رسالته، ثم أتبعها برسالة إلى الميداني ولا تهمني.
    وننبه هنا قبل النظر فيما ذكره فودة، أنه لمعرفة الصواب من الخطأ لا بُدَّ أولاً من تصحيح النقل عن كل واحد من الفريقين ومقارنته بعد ذلك عما جاء في الكتاب والسنة وما جاء عن السلف الأول والأئمة المشهود لهم بسلامة الاعتقاد.
    قال فودة : (إن أصلالخلاف في العقائد بين هاتين الفرقتين: هي الأمور التي تتعلقبالذات الإلهية، وخصوصا التشبيه والتجسيم، أي هل يجوز نسبة بعض صفات الأجسام إلىالله تعالى أو لا يجوز ، وهذا الأصل الكبير تفترق عليه الفرق كما هو معلوم عندالمطلعين)
    أقول: هذا جهل وسوء عرض، فإن الجسم يختلف معناه بين أهل اللغة والمتكلمين اختلافاً كثيراً.
    أما في اللغة فهو الجسد والجثة والجثمان، ونحو ذلك. لذا لا تسمي العرب الريح والنار والهواء والروح والنفس جسماً. وهذه كلها أجسام عند المتكلمين سوى الروح والنفس، فهم مختلفون فيها.
    وقال بعض المتكلمين: الجسم هو القائم بنفسه. وقالوا : بل هو الشيء والذات. وقال قومٌ منهم : هو الواجب. وقال قوم منهم: هو الذاهب في الأبعاد الثلاثة، وقال قوم منهم: بل الذي يصح فرض ذلك فيه. وقال قوم: هو المؤلف مطلقاً، أقوال أخرى كثيرة. ثم جعلوا لكل تعريف لواز تلزمه.
    والجسم بمعنى القائم بنفسه والذات والشيء متفق على إثبات معناه بين السلفيين والأشاعرة، كما أنه بمعنى الجسد والجثمان متفق على نفيه بين السلفيين والأشاعرة.
    فكان على فودة أن يبين ما هو الجسم الذي اختلفت الأشاعرة والسلفيون على إثباته.
    وفي الحقيقة، الرجل يعلم أنه لا خلاف بين الأشاعرة والسلفيين حول وصف الله جل وعلا بأنه جسم، لكون الجميع ينكر هذه التسمية وإن اختلف سبب الإنكار، وإنما الاختلاف في بعض الصفات التي يرى الأشاعرة أنها من لوازم الجسمية كالعلو والحد والمكان والجهة والنزول والمجيء وغير ذلك مما سيأتي لاحقاً. لكنه أراد التشنيع.
    وقد شرع فودة بعد هذا الكلام في بيان موقف الأشاعرة والسلفيين من التجسييم، دون أن يبين ما هو مذهب أهل السنة في هذا الباب ، وذلك بأن ينقل عمن اتفق الأشاعرة والسلفيون على إمامتهم في السنة كالصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان كالثوري ومالك وابن عيينة وحماد بن سلمة وحماد بن زيد ونعيم بن حماد والشافعي وأبي نعيم وأحمد وإسحاق والبخاري ومسلم والرازييين وأبي داود والترمذي والنسائي وغيرهم مما لا يأتي عليه العد. فينقل جملة قول هؤلاء إما على سبيل التفصيل مكتفياً بعدد لهم شأن، أو ينقل قول جملتهم عن طريق نقل إمام معتبر متفق على إمامته وجلالته في السنة بين الفريقين كابن خزيمة والآجري واللألكائي والصابوني والسمعاني ونصر بن إبراهيم المقدسي. وبعد ذلك ينظر في أقوال السلفيين والأشارعة ويقارنها بأقوال من تقدم من أهل السنة، فمن وافقهم فهو منهم، ومن خالفهم فبالعكس.
    لكنه لم يفعل ذلك، واقتصر على الكلام في مسألة التجسيم بقلة أمانة مع جهل كثير، ثم حكم هو بأن الصواب مع الأشاعرة ـ وهو منهم ! ـ وعاب شيخ الإسلام وسب وشتم.
    وقبل الكلام في المسائل التي أثارها فودة، وهي التجسيم ولوازمه، أذكر عقيدة أهل السنة والجماعة في علم الكلام لانبناء مسألة التجسيم عليها.
    التجسيم
    تحت عنوان : بيان رأي الأشاعرة في التجسيم قال فودة: "والمقصود من التجسيم كما هو معلومهو القول بأن الله تعالى جسم أو أن له صفات الأجسام كالحيز والمكان والحد والمقداروالجهة والانتقال من مكان إلى مكان او الانتقال من حيز إلى آخر إلى غير ذلك منالصفات الخاصة بالأجسام"
    أقول: إعلم أن الكلام فيها هو فرع الكلام عن دليل الحديث وملخصه أن الأجسام لا تخلوا من الحوادث وما لا يخلو من لحوادث فهو حادث، فالأجسام حادثة.
    لذا نفروا من وصف الله جل وعلا بأنه جسم وإلا لزم عندهم حدوثه. لكن لم يقصروا على هذا، فأرادوا أن يعرفوا ما هو الجسم، فقال الأشاعرة: هو المؤلف من الجواهر، وفسروا الحوادث بالأعراض، ثم رأوا أن وصف الله جل بأن له وجهاً ويدين وعينين على الحقيقة يقتضي التأليف، وإذا تألف فهو جسم، والجسم حادث، والله ليس بحادث، فنفوا هذه الصفات وتأولوا ظواهر النصوص.
    ثم رأوا أن الحركة والسكون حادثة وأن ما قامت به الحوادث فهو حادث، فأنكروا مجيء الله جل وعلا يوم القيامة على ما جاء به الكتاب، وأنكروا نزوله في الثلث الأخير من الليل واستقراره على العرش وغير ذلك، وإلا قامت به الحوادث فيكون حادثاً.
    ورأوا أن الجسم إذا قدر معه آخر فلا بُد أن يكون في جهة منه، وتلك الجهة حادثة لجواز انتقاله إلى جهة أخرى منه، فأنكروا أن يكون الله جل وعلا بجهة فوق ... إلى آخر هرائهم المبني على هذا الدليل.
    وجعلوه أصلاً لهم يعرضون عليه الكتاب والسنة، فما وافقه قبلوه، وما خالفه ردوه بدعوى أنه خالف الدليل العقلي وهو يقين، والدليل النقلي ظني. لكنهم لا يجرؤون على رد النصوص صراحة، فيلجؤون إلى التأويل وإخراج الألفاظ عن ظاهرها الذي تدل عليه، ولا أريد بالظاهر هنا الراجح من المعاني، بل هذا وما دلت عليه نصاً لا يحتمل غيره
    أما السلف الأول فقد أنكروا الاستدلال على حدوث العالم بهذا الدليل. لا أقول أنهم سكتوا عنه وتكلموا بغيره، أو أن لهم قولان أحدهما الاستدلال بالنصوص والآخر الإستدلال بالجواهر والأعراض، بل تكلموا فيه بالذم له ولأهله.
    وللنقل عن الأئمة المتفق على صدقهم في النقل قول السلف في هذا الدليل:
    قال الإمام أبو المظفر السمعاني في (الإنتصار لأصحاب الحديث) صفحة 102 : "وقالوا ـ وهو الأصل الذي يؤسسه المتكلمون والطريق الذي يجعلونه قاعدة علومهم ـ : "من لم يحكم هذا الأصل لم يمكنه إثبات حدث العالم وذلك مسألة العرض والجوهر وإثباتهما. فإنهم قالوا: إن الأشاء لا تخلوا من ثلاثة أوجه: إما أن يكون جسماً أو عرضاً أو جوهراً. فالجسم ما اجتمع من الإفتراق. والجوهر ما احتمل الأعراض. والعرض ما لا يقوم بنفسه وإنما يقوم بغيره ... وهذا أصلهم الثاني الذي أدى إلى رد الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومثل هذا كثير يأتي بيانه.
    ولهذا قال بعض السلف : (إن أهل الكلام أعداء الدين) لأن اعتمادهم على حدسهم وظنونهم وما يؤدي إليه نظرهم وفكرهم، ثم يعرضون عليه الأحاديث: فما وافقه قبلوه، وما خالفه ردوه، على ما سبق بيانه.
    وأما أهل السنة ـ سلمهم الله ـ فإنهم يتمسكون بما نطق به الكتاب ووردت به السنة، ويحتجون بالحجج الواضحة، والدلائل الصحيحة على ما أذن فيه الشرع وورد به السمع، ولا يدخلون بآرائهم في صفات الله تعالى، ولا في غيرها من أمور الدين، وعلى هذا وجدوا سلفهم وأئمتهم" انتهى.
    وقال صفحة 106 : "وقد علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدعهم في هذه الأمور إلى الإستدلال بالأعراض والجواهر وذكر ماهيتهما، ولا يمكن لأحد من الناس أن يروي في ذلك عنه ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم من هذا النمط حرفاً واحداً فما فوقه، ولا في طريق تواتر ولا آحاد، فعلمنا أنهم ذهبوا خلاف مذهب هؤلاء وسلكوا غير طريقهم، وأن طريقهم هذا طريق محدث مخترع، لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلوكه يعود عليهم بالطعن والقدح ونسبتهم إلى الجهل وقلة العلم في الدين واشتباه الطريق عليهم"
    وهذا الكلام منه رحمه الله إنما نقله عن الخطابي الشافعي من (الغنية عن الكلام وأهله) فهذان إمامان شافعيان ينقلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وأهل السنة أنهم لم يسلكوا هذا الطريق. ولم يكتفيا بذلك حتى يُقال: إن لأهل السنة قولان. بل ذماه وبينا أن أهل السنة يسلكون طريقاً غيره، فإذا كان أهل السنة لا يقولون بهذا الكلام، فالقائلون به ليسوا من أهل السنة كما هو واضح.
    وهكذا قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني الشافعي في (الحجة في بيان المحجة) 1/99 : "أنكر السلف الكلام في الجواهر والأعراض، وقالوا: لم يكن على عهد الصحابة والتابعين رضي الله عن الصحابة ورحم التابعين، ولا يخلوا أن يكونوا سكتوا عن ذلك وهم عالمون به فيسعنا السكوت عما سكتوا عنه، أو يكونوا سكتوا عنه وهم غير عالمين به فيسعنا أن لا نعلم ما لم يعلموه، والحديث الذي ذكرناه يقتضي أن من تكلم فيه الآخرون من ذلك ولم يتكلم فيه الأولون يكون مردوداً"
    وقال الإمام محمد بن طاهر المقدسي صاحب (صفوة التصوف) نقلاً عن الإمام الخطابي: "إنا لا ننكر أدلة العقول والتوصل بها إلى المعارف، ولكنا لا نذهب في استعمالها إلى الطريقة التي سلكتموها في الاستدلال بالأعراض وتعلقها بالجواهر وانقلابها فيها على حدث العالم وإثبات الصانع ... وإنما هو شيء أخذتموه عن الفلاسفة، وإنما سلكت الفلاسفة هذه الطريقة لأنهم لا يثبتون النبوات ولا يرون لها حقيقة" (الحجة على تارك المحجة) 2/404-406.
    أما ذم الكلام عن السلف فلا يحصر إلا بمشقة، وهو أول ما نذكره من الفروق بين الأشاعرة وأهل السنة:
    الكلام عند أهل السنة
    قال أبو يوسف : ( من طلب العلم بالكلام تزندق )، ونقل هذا عن الإمام مالك رحمه الله.
    وقال الإمام مالك : ( لو كان الكلام علماً لتكلم فيه الصحابة والتابعون كما تكلموا في الأحكام والشرائع، ولكنه باطل يدل على باطل ) (شرح السنة) للبغوي 1/217
    وقال الإمام الشافعي : ( ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح )
    وقال : ( حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد ويطاف بهم في العشائر والقبائل ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكلام )
    وقال الإمام أحمد : ( لا يفلح صاحب كلام أبدا ولا يرى أحد نظر في الكلام إلا في قلبه دغل )
    وعنه أنه قال : ( أئمة الكلام زنادقة )
    وقال أبو عمر بن عبد البر : ( أجمع أهل الفقه والآثار من جميع أهل الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ لا يعدون عند الجميع في طبقات العلماء وإنما العلماء أهل الأثر والمتفقه فيه) (جامع بيان العلم وفضله) 2/942.
    وأفتى ابن خويز منداد المالكي بإحراق كتب الكلام.
    وقال أحمد بن إسحاق المالكي : ( أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير أشعري لا تقبل له شهادة ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها)
    وفيما تقدم عن الخطابي والسمعاني وأبو القاسم الأصبهاني وأبو طاهر المقدسي ما يدل على نهي السلف الأول عن الخوض في الكلام بالجواهر والأعراض، كما نص بعض من تقدم على ذم دليل الحدوث الذي يعتمده المتكلمون في إثبات الخالق وحدوث العالم.
    نكتفي بهذا، وإلا فكلامه في ذم الكلام كثير جداً يعسر حصره، إن لم يتعذر.
    موقف السلفيين من الكلام
    ولا خلاف بين السلفيين في ذمه وعدم الاعتماد عليه في معرفة العقائد ولا غيرها، ولا حاجة إلى النقل فيه إذ الخصم معترف لهم بهذه الفضيلة، إلا أننا نقل كلام شيخ الإسلام رحمه الله باعتباره رأس الطائفة عند الجهمية اليوم.
    قال شيخ الإسلام : (ودلائل الجهمية والنفاة : هو استدلالهم بدليل الجواهر والأعراض فإنهم زعموا أن الأعيان المشاهدة كالسماوات والأرض مركبة من الجواهر المنفردة أو من المادة والصورة وأن المركب مسبوق بجزئه ومفتقر إلى مركب يركبه فيكون محدثا وممكنا وما قام بها من الصفات والحركات أعراض والأعراض - أو بعضها - حادثة وما كان شخصه حادثا وجب أن يكون نوعه حادثا فيمتنع وجود حوادث لا تتناهى قالوا : بهذا عرفنا أن السماوات مخلوقة وبذلك عرفنا أن الله موجود فلزمهم على ذلك أن ينفوا صفات الله وأفعاله وذلك باطل شرعا وعقلا ولم يكن ما أقاموه دليلا صحيحا فلا هم عرفوا الحق بدليل صحيح قويم ولا هم نصروا بميزان مستقيم ولكنهم قد يقابلون الفاسد بالفاسد)
    (درء تعارض العقل والنقل)
    موقف الأشاعرة من الكلام
    يقول العضد الأيجي في (المواقف) صفحة 4 : ( وإن أرفع العلوم وأعلاها، وأنفعها وأجداها، وأحراهما بعقد الهمة بها وإلقاء الشراشر عليها، وادآب النفس فيها، وصرف ا لزمان إليها، علم الكلام)
    وقال السعد التفتازاني في (شرح العقائد النسفية) صفحة 2 من الطبعة الهندية : ( فإنى مبنى علم الشرائع والأحكام، وأساس قواعد عقائد الإسلام، هو علم التوحيد الموسوم بعلم الكلام، المنجي من غياهب الشكوك وظلمات الأوهام )
    وقال : (وبالجملة هو أشرف العلوم لكونه أساس الأحكام الشرعية ورئيس العلوم الدينية)
    ومن ذلك قول بعضهم:
    أيها المبتدي لتطلب علماً *** كل علمٍ عبدٌ لعلم الكلام
    تطلب الأصل كي تصحح فرعاً *** لم أغفلت منزل الأحكام
    وذكروا أشعاراً يعيبون بها أئمة الإسلام الناهين عن علم الكلام منها:
    عابوا الكلام أناس لا خلاق لهم *** وما عليه إذا عابوه من ضرر
    ما ضر شمس الضحى في الأفق طالعة *** أن لا يرى ضوؤها من كان ذا بصر
    كذا قال !
    عاب الكلامَ خيار الخلق قاطبة *** المقتدين بنص الوحي والأثرِ
    أثنى الإله عليهم في مُنَزَّله *** وأكد المدح خير الخلق من مضرِ
    وأجمع الناس أن الخير وصفهمُ *** إلى انقضاء ثلاث صح في الخبر
    والمُقْتَدِي بهمُ من غير ما حدثٍ *** ولم يشب دينه بعقيدة نُكُرِ
    ذموا الكلام وذموا من يقول به *** وحذروا الخلق مما فيه من ضرر
    لم يجعلوا دين أفلاطون دينهمُ *** ولا أرسطو وحادوا عن خطى الكُفُرِ
    ولا الرئيس ولا الثاني معلمهم *** ولا مخانيثهم المنكري القدرِ
    والأشعرية أفراخٌ لهم نكروا *** قول المهيمن ربي باري الصور
    وأنكروا قول خير الخلق قاطبة *** المجتبى المصطفى من سائر البشر
    قالوا ظواهر لا معنى يُراد بها *** قالوا يُرادُ بها معناً ولا ندري
    قالوا اصرفوها وقولوا ما ظواهرها *** مرادة وادفنوها أعمق الحفر
    وحَذِّرُوا الناس منها لا يقال بها *** قولوا الظواهر كفرٌ ظاهرٌ قذر
    قولوا تعارض قول الله في سورٍ *** وقول أحمد المختار في الزُّبُرِ
    مع عقولٍ لنا قالت أوائلنا *** هي الأصول لوحي الله والخبر
    فرَدُّها ردُّها، خابت وخاب بكم *** من قالها قَولة أسوى من البَعَرِ
    جعلتموا قولكم أصلاً يُرد به *** قول الإله أما خفتم لظى سقرِ
    هذا الكلام الذي عابت أوائلنا *** من صالحي الخلق هم كالأنجم الزهر
    عودوا إلى قولهم وانسوا مقالتكم *** لا ترذلوا قولهم يا أمة البقرِ
    لو كان دينكم حقاً لقال به *** خير القرون ألو الأحلام والبصر
    ما ضرهم قولكم: (علم الكلام هدى) *** إلا كما ضر مدح البعر بالدرر
    وبهذا يتبين لك أي الفريقين أولى بالسلف الصالح واسم (أهل السنة)
    موقف السلفيين من الكلام في الجسم
    لا خلاف بحمد الله بين السلفيين بعدم الكلام في الجسم نفياً وإثباتاً لعدم ورود النصوص بها، وهم وقافون عندها، ولا ينكر عليهم ذلك أحد، وإنما يزعمون أن السلفيين يقولون بمقالات لازمها التجسيم لا أنهم يصرحون به.
    وهذا عندنا باطل فإن ما يجعلونه من لوازم التجسيم مبني على دليل الحدوث المتقدم ذكره، خابت وخاب القائل بها. ولسنا بحمد الله بعد إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه وعلى لسان نبيه ممن يهتم بهذه المقالة هل وافقت أو خالفت، ولو تحققنا أن ما جاء في الكتاب والسنة يخالف ما جاء في برهان الحدوث ما زادنا ذلك إلا علماً ببطلانه.
    لكن هنا تهمة اتهم بها فودة شيخ الإسلام حيث قال : (ولنستمع الآن إلى بعض ما يقوله ابن تيمية في هذا الباب : قال في أساس التقديس : "وكذلك سائر لوازم هذا القول مثل كونه ليسبجسم ولا متحيز ونحو ذلك، لم يقل أحد من العقلاء إن هذا النفي معلومبالضرورة"
    ثم قال في نفس الصفحة : "مما يبين أن هذهالقضية حق أن جميع الكتب المنزلة من السماء وجميع الأنبياء جاءوا بما يوافقها لابما يخالفها ، وكذلك جميع سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم يوافقونمقتضاها لا يخالفونها. ولم يخالف هذه القضية الضرورية من له في الأمة لسان صدق" هذا هو ما يقوله ابن تيمية ، إن كون الله تعالى جسما هو الذي جاءتبه الشريعة بل وجميع الأنبياء ولم يخالف في هذا أحد من العقلا المعتد بهم، وكلامههذا محض كذب على الشريعة وعلى العقلاء في آن واحد)
    أقول: أنظر مقدار دين الرجل !
    السؤال: قول شيخ الإسلام رحمه الله (وكذلك) معطوف على ماذا؟
    قال شيخ الإسلام رحمه الله : "والمقصود أن القول بوجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه لم يقل أحد من العقلاء أنه معلوم بالضرورة، وكذلك سائر لوازم هذا القول مثل كونه ليسبجسم ولا متحيز ونحو ذلك، لم يقل أحد من العقلاء إن هذا النفي معلومبالضرورة، بل عامة ما يُدَّعى في ذلك أنه من العلوم النظرية، والعلوم النظرية لا بُدَّ أن تنتهي إلى مقدمات ضرورية"
    أين في هذا الكلام ما يدل على قول شيخ الإسلام رحمه الله بالجسمية ؟
    ليس في كلامه سوى أن وجود موجود لا في داخل العالم ولا خارجه ليس من العلوم بالضرورية، وأن ما يجعلونه من لوازم القول بوجود موجود على هذه الصفة هو أيضاً ليس من العلوم الضرورية. وأن من أثبت موجوداً لا داخل العالم ولا خارجه وأنه ليس بجسم ولا متحيز يصرح بأن هذا من العلوم النظرية لا العلوم الضرورية، وقد صرح بذلك غير واحد كالسنوسي في بداية (أم البراهين)، بل يكفي في إثباته أنا لا نجد ذلك في نفوسنا، ولو كان ضرورياً لاشترك فيه كافة العقلاء.
    وهذا لا خلاف فيه، وإلا فلينقل لنا فودة عمن زعم أن هذه القضية ولوازمها من العلوم الضرورية.
    ثم قال شيخ الإسلام " مما يبين أن هذهالقضية حق أن جميع الكتب المنزلة من السماء وجميع الأنبياء جاءوا بما يوافقها لابما يخالفها ، وكذلك جميع سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم يوافقونمقتضاها لا يخالفونها. ولم يخالف هذه القضية الضرورية من له في الأمة لسان صدق، بل أكثر أهل الكلام والفلسفة يقولون بموجبها، وإنما خالفها طائفة من المتفلسفة، وطائفة من المتكلمين ..."
    فقوله: (مما يبين أن هذه القضية) يريد بالقضية ما تقدم من أن القول بموجود لا داخل العالم ولا خارجه ليس من العلوم الضرورية، لا ما يلزم من ذلك من نفي الجسمية والتحيز، أولاً: لأن الكلام مع الرازي إنما هو في هذه القضية خاصة، وثانياً: لأنه استدل بقول من ينفي الجسمية والتحيز لتصحيح دعواه فقال: "يبين ذلك أن الذين قالوا : ليس هو جسم ولا متحيز تنازعوا بعد ذلك: هل هو فوق العالم ، أم ليس هو فوق العالم، فقال طوائف كثيرة: هو فوق العالم، بل هو فوق العرش، وهو مع هذا ليس بجسم ولا متحيز" (نقض التأسيس) صفحة 6.
    وإنما ذكر أن نفي الجسمية والتحيز ليس بمعلوم بالضرورة استطراداً لكونه من لوازم هذه القضية كما صرح به، وما يلزم عن النظري ليس بضروري.
    وهذا المقدار قد جاء كتاب الله جل وعلا بإثباته بما لا يُحْصى إلى بكلفة، بل ادعى الإمام الألوسي رحمه الله أن كون الموجود إما في داخل العالم أو خارجه مما يُعْلَمُ بالضرورة وعبارته : (وقد علم كل العقلاء بالضرورة أن ما كان وجوده كذلك فهو إما داخل العالم وإا خارج عنه وانكار ذلك انكار ما هو أجلى البديهيات فلا يستدل بدليل على ذلك إلا كان العلم بالمباينة أظهر منه وأوضح وإذا كان صفة الفوقية صفة كال لا نقص فيها ولا يوجب القول بها مخالفة كتاب ولا سنة ولا اجماع كان نفيها عين الباطل لا سيما والطباع مفطورة على قصد جهة العلو عند التضرع إلى الله تعالى) انتهى (روح المعاني) 7/115.
    وعلى فرض أنه قصد الجسمية والتحيز فإنما أراد بذلك الجسم والمتحيز بمعنى المحايث فقط، لأنه يتكلم عن لازم القول بموجود لا داخل العالم ولا خارجه، لا على مطلق الجسم.
    لكن الرجل هذا فيه شبه بالرافضة، إذ يرى جواز الإنتصار للمذهب بالتدليس، فسحبانك اللهم.
    ثم هب أن شيخ الإسلام صرح صراحة بالجسمية وقال أريد الجسم المعروف في اللغة، وهو الجثة والجسد؛ فإن الكلام إنما هو بين طائفتين هم السلفيون ـ أو التيميون بحسب تعبير فودة ـ والأشاعرة. فهل وجد في كتب السلفيين التصريح بالجسمية وأنه معتقد عامتهم حتى يصح أن يجعل قول شيخ الإسلام قولاً لجميعهم ويقابل به قول الأشاعرة ؟
    نعود إلى موقف السلفيين من الجسمية فنقول: لا يطلق السلفيون لفظ الجسم على الله جل وعلا لا نفياً ولا إثباتا، لكن ينظرون في معناه عند قائله، فإن كان صحيحاً أثبتوا المعنى دون اللفظ، كقول الكرامية والهشامية الجسم هو القائم بنفسه أو ا لموجود أو الشيء، فيثبتون هذا المعنى وينكرون عليه إطلاق اللفظ، وكقول الأشاعرة أن الجسم هو المؤلف من الجواهر المفردة ، فإن السلفيون ينكرون ذلك لفظاً ومعنى، ولا يسلمون بوجود الجسم بهذا المعنى أصلاً.
    فهم من هذه الجهة موافقون للسلف الأول في عدم الكلام في الجسم والجسمية باصطلاح المتكلمين لخلو الكتاب والسنة عن الكلام فيه.
    وخاض الأشاعرة فيما نهى عنه السلف وتركوا الكلام فيه من جسم وجوهر وعرض وغري ذلك.
    يتبع .....

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    125

    افتراضي رد: (أهل السنة والجماعة) والرد على فودة

    أشكر الأخوة الذين تفاعلوا
    وأعتذر من الجميع على الأخطاء، فأنا أكتب سريعاً ولا أراجع إلا يسيراً
    وجزى الله الجميع خيرا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •