محمد قاسم أمين جمال خاشقجي هل يعيد التاريخ نفسه
إن الناظر في تاريخ ظهور العلمانية والليبرالية في أوربا وفي أي بلد عربي وإسلامي يجد أن التخطيط واحد والنهج المتبع واحد صحيح أن هناك فوارق وأن الشخصيات التي لعبت دورها في كل حقبة من الحقب تغيرت وأن الأماكن متفاوتة وكذلك الأزمنة إلا أن هناك نهجا وطريقة لم تتغير فالسيناريو المتبع لتغير أوربا هو نفس السيناريو المتخذ في تركيا مثلا وفي مصر وهو نفس السيناريو الذي يعمل فيه اليوم المنافقون في بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية وعندما أقول بلادي الغالية لا أقول ذلك من وطنية مثل وطنية كتاب الصحف لأن بلادنا قد يقال أنها من اخر البلدان التي يغلب على شعبها التمسك بالإسلام وما زالت على خلاف المنهج الغربي الذي سيطر على جميع أنحاء العالم شرقا وغربا .
أخي القارئ :-
هذه الشخصيات التي كتبت في العنوان ليست مراده لذاتها بل هناك غيرها الكثير ولكن لنعد إلى أوربا في الفترة ما بين القرن الرابع عشر ميلادي إلى القرن الثامن عشر ميلادي تجد أن هناك أسماء كا مارتن لوثر و كارل ماركس وأدم سميث وإسحاق نيوتن ومكيافيللي وغيرهم ممن قاموا وثاروا على النصرانية الوثنية "المحرفة " وحق لها أن تثور وتخرج وتتظاهر لما كانت تعيشه أوربا من حكم نصراني متجبر وطاغي ومتعجرف ولكن ليعلم أن أي انحراف عن الطريق المستقيم لا بد من أن يصدر عنه في الاتجاه الأخر انحراف وهذا له شواهد في التاريخ كثيرة ولعل أقرب مثال الخوارج فقد كانت هناك ردة فعل مقابلة لدى المرجئة وغير ذلك فكذلك انحراف النصرانية أدى إلى ظهور العلمانية الإلحادية وانتشرت وقامت الثورات يمنة ويسرة شرقا وغربا وتقلص دور الكنيسة حتى لم يعد لها دور وانتشر الإلحاد في العالم الأوربي وهذا ظاهر للأعمى وكل من له زيارة إلى الغرب الكافر يشاهد ذلك بوضوح وإن وجد نصارى إلا أنهم يرددون الدين لله و الوطن للجميع لكن ونظرة خاطفة حول الصراع الأوربي في القرون السابقة كان الطرفان هم النصرانية الوثنية والعلمانية الإلحادية وكانت القضايا التي اعترض العلمانيون على الكنيسة هي كالتالي منها :
1- أننا أمة متخلفة بينما الكفار " المسلمين " يعيشون في حضارة وتطور وتقدم وما نحن فيه إنما بسبب حكم الدين الجائر،وما نطق به مارتن لوثر وغيره هو في بادئ الأمر صحيح لأنه يخاطب نصرانية محرفة تحب الطمع والجشع وتأكل أموال الناس بالباطل ولكن ليس هذا مبررا للإلحاد وللعلمنة فالخير كل الخير في الإسلام ولكن الشيطان قد أخذ ميثاقا على إغواء بني أدم
2- حقوق المرأة وأن المرأة قد هضم حقها وهذه نظرة في بادئ الأمر صحيحة لإن الكنيسة كانت تنظر إلى المرأة أنها شيطان رجيم وغير ذلك ولكن هذا ليس عذرا لإباحة الزنا والاختلاط وغير ذلك
3- في جانب الاقتصاد فصحيح كان الإقطاعيين من رجال الدين والملوك قد أكلوا أموال الناس بالباطل ولكن ليس هذا مبررا لتحليل ما حرم الله من الربا وبيوع الغرر وغير ذلك وما الأزمة العالمية عنا ببعيد ولولا خشية الإطالة لذكرنا اعتراضاتهم في جانب الأخلاق والتربية والأدب وغير ذلك ولا ننسى أن نذكر أن في هذه الحقبة كان من أسباب ظهور العلمنة نكوص بعض رجال الدين كامالتس مثلا وغيره وأيضا بعض الساسة وإن لم يكن لهم ذلك الدور الكبير لما يعتري النصرانية من خلل لا يحتاج إلى رجل دين يؤول ويتتبع الشبهات
ولعلنا قبل أن ننتقل إلى تاريخ العلمانية في بلاد المسلمين ننظر إلى النتائج والآثار السيئة ،إلحاد وزندقة وأبناء زنا حتى أصبحت الدور الاجتماعية تعج بهم ،واقتصاد منهار وانعدم الأمن جرائم وسرقات وحروب ودمار كلها من أثار البعد عن الله عز وجل
ثم انظر إلى التاريخ الإسلامي فقد ظهرت شخصيات من أمثال كمال أتاتورك الأب الروحي للعلمانية وكذلك محمد أمين قاسم وطه حسين والعقاد وغيرهم ممن رددوا تلك النظريات وأرادوا أن يجعلوا الإسلام يحل محل النصرانية الوثنية وقد استغلوا انتشار الطرق البديعية وجعلها هي الإسلام ليحاربوه على أنه دين جائر لا يصلح لأن يكون منهج حياة واستغلوا التعاون الصليبي واليهودي معهم فانتشرت هذه العلمانية بقوة السيف بعد أن تلقاها بعض ضعاف الإيمان و لا ننسى دور بعض طلبة العلم الناكصين من أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده الذين كان بعضهم ينتسبون إلى بعض المؤسسات العلمية فمحمد عبده ذلك الرجل العلماني المتلبس بلباس الأزهر فقد أفتى بفتاوى أثارت البلبلة وساعدت على الظهور بل لم يكن في جانب الفتوى في القضايا الفقهية بل في أمور العقيدة
واليوم وفي بلاد الحرمين يطبق نفس السيناريو الذي قد تحكمه بعض المصالح فنسمع عن جمال خاشقجي وغيره من أمثال تركي الحمد وآل زلفة وعبده خال الروائي الذي لعب ما لعبه طه حسين ومن قبله من أدباء المدرسة الكلاسيكية وغيرهم وما وجدوه من تعاون من قبل بعض طلبة العلم الذين ينتسبون إلى كبريات المؤسسات العلمية والدعوية في هذه فالمطالبات نفسها فمثلا قضية الحجاب أولا ما بدأ به في مصر مثلا المطالبة بكشف الوجه وعللوا ذلك بوجود خلاف فقهي هذا ما سطره محمد أمين قاسم وهكذا تدرجت المطالبات حتى نزعت المرأة من جلبابها وحيائها ومن العجيب أننا سمعنا ولا ندري عن صحته أن امرأة في الرياض تعزم على الخروج في الشارع وحرق الحجاب مثلما فعلت هدى شعراوي
ولكن إخوتي اسمعوا وتأملوا ولو للحظات لهذا الحديث
جاء في البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "لا يلدغ المؤمن في جحر مرتين " قال ابن حجر معلقا "أي ليكن أمر المؤمن حازما حذرا لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى " ولعل أقرب ما نريد من تفسير هذا الحديث ما نقله ابن حجر عن أبو عبيد "ولا ينبغي للمؤمن إذا نكب من وجه أن يعود إليه " فما بالنا نلدغ مراراً لم نلدغ إلا لأننا ابتعدنا عن حقيقة الأيمان قال ابن حجر أيضا " قيل المراد بالمؤمن في هذا الحديث الكامل الذي قد أوقفته معرفته على غوامض الأمور حتى صار يحذر ما سيقع وأما المؤمن المغفل فقد يلدغ مراراً " لذا لا بد أن نعود إلى الإسلام الحقيقي ونحمل الناس عليه هم يعاملوننا بنفس السيناريو الذي تعامل به مارتن لوثر وادم سميث مع رجالات الكنيسة فلنعامل هؤلاء الشرذمة وغيرهم من أبناء الكفر بما عامل به علي بن أبي طالب السبئية وابن عباس وبما عامل الإمام أحمد بن حنبل المعتزلة ومن سار على نهجه كشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم والشيخ المجدد لنعيد تاريخ هؤلاء وانتصاراتهم وليكون المؤمن كيساً حذراً لا يلدغ في جحر مرتين فالهجمة اليوم على الشريعة أوسع والضرر أوسع ولا يأتي زمان إلا ما بعده أشر منه فلنربي أبنائنا على المنهج الحقيقي وأن نوعيهم بالأمر عندما تنظر إلى الصراع الدائر يصعب عليك أن تتنبأ بالفائز فإن من نعدهم في حلقات العلم وفي المحاضن التربوية والمؤسسات الدعوية تجد في الجانب الأخر من أعدوا في البعثات والمدارس العالمية لنصرة الكفر وقد تهيأ لهؤلاء المناصب الرسمية ولكن هذه النظرة إنما هي نظرة القاصر أو نظرة قاصرة فقد انتظمت في القرآن العديد من الآيات التي تبشر بظهور الدين وإعلائه وما أفواج التائبين إلا من بشائر الخير فالعودة العودة الصادقة إلى دين الله سبحانه وتعالى والحرص على جمع الكلمة فإن يد الله مع الجماعة فالجماعة ليست وسيلة بل غاية تتحقق من بعدها مكاسب فالحرص الحرص على جمع الكلمة لا بد من أهل العلم والدعاة والمربيين الالتفاف والتكاتف تحت راية الإسلام والبعد عن الاجتهادات الفردية التي تضر ولا تنفع ولنجعل القرآن قائدنا وحليفنا وبالله التوفيق