القراءة من أفضل وسائل المعرفة ، وستبقى هي ما بقيت الكتابة بالقلم ، فمن خلالها يستطلع القارئ أخبار الأمم والأحداث ، وعن طريقها يستمد المعارف والعلوم .

وقد كتب كثيرون عن هذه الوسيلة الفعالة من وسائل المعرفة ( أعني القراءة ) ، وأفادوا القارئ بما يحتاجه عند القراءة ليستوعب مضمونها .
( راجع هذا الرابط : http://www.muslm.net/vb/showthread-t_274119.html )

ولستُ هنا في معرض تعداد النواحي الإيجابية للقراءة ، فهي أوسع من أن تحصر ، غير أن ثمة جوانب سيئة خفية تحصل من جراءها وبخاصة حين يكثر المرء منها إلى درجة النهم ، نستعرضها هنا لوعيها ، ولمحاولة التخلص منها .

وأحاول هنا أن أستعرض بعضاً منها من خلال ما وقفتُ عليه من خلال ممارساتي الذاتية على أن تكون هذه المشاركة باباً لإخواني الأعضاء لتعليق ما لمسوه هم ميدانياً من واقع قراءاتهم ، أو من خلال قراءة غيرهم مما يعد في سلة آفات القراءة .

ليس يخفى أن المعرفة حين تتضخم في الرأس دون أن تنزل إلى الفؤاد الذي هو مَلِك الجوارح الآمر الناهي ، فإنها حينئذٍ تكون وبالاً على صاحبها ، من وجوه كثيرة .

صحيح أنه ليس كل المعلومات تتطلب عملاً بالجوارح ، إذْ إنّ من المعلومات ما هو محدِّد لبعض الأعمال الأخرى التي هي أعمالٌ بالجوارح ، فعلم التأريخ مثلاً ليس هو من المعلومات التي يلزم منها بذاتها العمل بالجوارح بينما هو علمٌ مهم جداً لتحديد حركة المستقبل ومعرفة مسارات الحركة المستقبلية للأمم والأفراد .

وهكذا .

( 1 )
والفرد القارئ حين يباشر القراءة المجردة ـ أياً كان نوعها ـ ، فإنه سيكسب من المقروء معارف ومشاعر ناتجة عن هذه المعلومات المجردة التي أخذها من الكتاب المجرد وبالتالي ستكون المساحة المعلوماتية لديه واسعة بمشاعرها ومعارفها ولكنها تزاحم مساحات أخرى في الدماغ لا تقل أهمية عن المساحة المعلوماتية .
وكلما كان نهماً بالقراءة مهملاً جانب التفكير الذاتي كلما زادت الهوة بين القوة المعرفية والقوة التفكيرية ، فقد تمر عليه مواقف تستدعي منه التفكير فلا يجد عقله يطاوعه على التأمل ! مع أنه نهمٌ إلى درجة بالغة بالقراءة لكنه عند هذا الموقف يجد نفسه عاجزة ! .
وقد تكون هذه المواقف بسيطة ولا تحتاج كبير تفكير ، وقد يحلها البسيط من الناس لما في عقله الفطري من الاعتدال في كل الجوانب بينما هذا القارئ لسعة المساحة المعلوماتية لديه مع بطء حركة التفكير ، بات الضغط المعلوماتي يجعله عاجزاً عن التفكير .
وقد وجد من هو على قدرٍ كبيرٍ من الثقافة والإطلاع ، ولكنه ( ضعيف التفكير ) على رغم قراءاته ، مع أنه يكتب ولا أحسن من كتابته أحياناً ، لكنك لا تجد ورائها كبير معنى إلا ما تضمنتها الحروف العربية .

إذاً :
1. فالتبلد الفكري مقابل الإزياد المعرفي ، آفة من آفات القراء ..


ولي عودة أخرى لمتابعة الموضوع .