الإرهاب الفكري :-
إن مصطلح الإرهاب لا يعدو أن يعد اليوم من المصطلحات المبهمة أو على أقل تقدير من المصطلحات المجملة التي تحمل عددا من المعاني تختلف بحسب الأمكنة والأزمنة والأشخاص فإذا قيلت في صحيفة أو في مجلة تغريبية كان لهذا المصطلح معنى ومغزى وإذا قيلت في مؤتمر لدولة ما كان لازما عليك أن تكون مطلعا على سياسة ومنهج الدولة أو المؤتمر ولكن عندما تجد أن هذا المصطلح قد ذكر في القران يأتي السؤال بأي معنى أنت ستقرأ هذا المعنى فإن كنت سلفيا كان لزاما عليك أن تنظر في تفاسير سلفنا الصالح عليهم رحمة الله في تناولهم لهذه اللفظة خاصة وأنت تعلم أن أزمنتهم لم يكونوا يعانون من ضغوطات سياسية أو فكرية تفرض عليهم منهجها أو على الأقل أن تجامل هذه الجهة أو تلك أو حتى لا تكون في قفص الإتهام وقبل الدخول إلى الموضوع الأساسي لا بد أن ننظر إلى معنى الإرهاب عند السلف الصالح
قال الطبري :- (ترهبون به عدو الله وعدوكم)، يقول: تخيفون بإعدادكم ذلك عدوَّ الله وعدوكم من المشركين.
قال القرطبي :- يعني تخيفون به [ عدو الله و ] (3) عدوكم من اليهود وقريش وكفار العرب.
قال البغوي :- تُرْهِبُونَ بِهِ } تخوفون { عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ } أي: وترهبون آخرين، { مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ } قال مجاهد ومقاتل وقتادة: هم بنو قريظة. وقال السدي: هم أهل فارس. وقال الحسن وابن زيد: هم المنافقون، لا تعلمونهم، لأنهم معكم يقولون: لا إله إلا الله. وقيل: هم كفار الجن
ولعل في هذا النقل ما يغني اللبيب وقد تلخص لنا أن أنه جاء في الشرع مطلب الإرهاب ولكن كان هذا الإرهاب له نمط معين لدى المسلمين بينما تجد عند غير المسلمين قد أخذ أشكالاً وصوراً عديدة فالإرهاب هو في ميدان الحرب والمعركة منذ الإستعداد لها حتى تضع الحرب أوزارها ولكنه تجد عند أعداء الدين كما قلت أنفا له صور وأنماط عديدة ومن تلك الصور والأنماط الإرهاب الفكري وهو تخويف المؤمن في قول ما يعتقده من حق وصواب وليست هذه الصورة هي صورة عصرية بل هي في الحقيقة سلسلة ممتدة منذ ظهور أنوار النبوة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصف بالمجنون والساحر والكاهن وكل هذه صور من صور الإرهاب الفكري وعندما ظهرت البدع وراجت في البلدان الإسلامية وصف من يحب الصحابة بالناصبي ومن من أثبت علو الله واستوائه على عرشه بالمجسم ومن أثبت لله الصفات بالمشبه وهكذا حتى أن الناس كانوا يخشون من القول بهذا المعتقد خشية أن يوصف بتلك الأوصاف الشنيعة واليوم نرى الهجمات الإرهابية في صحفنا ومجلاتنا على العلماء والدعاة فقائل الحق اليوم يوصف بإنه رجعي ومتشدد ومتطرف إذا كان الواصف من أهل التفريط ودعاة التغريب وأما إذا كان من الغالي وصف بالمرجئ والعميل وغير ذلك ولكن على أهل الحق أن يبينوا ما عندهم من حق لا يخافون في الله لومة لائم ولو على أنفسهم وأن يعلموا أن هذا سبيل المؤمنين .