تحذير من فتنة الدعوة إلى الاختلاط
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدوعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فإن الاختلاط بين الرجال والنساء في ميادين العمل والتعليم ـ وهو المنشود للعصرانيين ـ حرامٌ؛ لأنه يتضمن النظرالحرام والتبرج الحرام والسفور الحرام والخلوة الحرام والكلام الحرام بينالرجال والنساء، وكل ذلك طريق إلى ما بعده.
والباعث للعصرانيين الداعين إلى هذا الاختلاطأمران:
الأول:النزعة إلى حياة الغرب الكافر، فعقولهم مستغرِبة، ويريدون تغريب الأمة؛ بل يريدونفرض هذا التغريب.
الثاني:اتباع الشهوات، قال تعالى: ((وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَالش َّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا))
ومن استحل هذا الاختلاط ـ وإن أدى إلى هذه المحرمات ـ فهو مستحل لهذه المحرمات، ومن استحلها فهو كافر، ومعنى ذلك أنه يصير مرتدا، فيُعرَّف وتقام الحجة عليه فإن رجع وإلا وجب قتله، والأصل في ذلك أن من جحد معلوما من دين الإسلام بالضرورة كفر لأنه مكذب أو غير ملتزم بأحكام الشريعة، وهذا مقرر ومعروف عند علماء الإسلام، أعني تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء على الوجه المذكور، ومضى العمل بعدم الاختلاط عند المسلمين في جميع القرون حتى استولى الكفار من اليهود والنصارى على كثير من البلاد الإسلامية، وهو ما يسمى بالاستعمار، وكان تغريب المرأة وحملها على التمرد على أحكام الإسلام وآدابه باسم تحرير المرأة هو أهمَ وسيلة اتخذوها لتغيير مجتمعات المسلمين وتغريبها، ونشر فاحشة الزنا فيها، من خلال مؤسسات الفجور كدور السينما وبيوت الرقص والغناء.
وقد كانت بلادنا المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين في منأى عن ذلك إذ سلمها الله من وطأة الاستعمار النصراني، وقد أنعم الله على هذه البلاد بدعوة الإصلاح وتجديد دعوة التوحيد على يد الإمامين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله، الدعوة التي لا نزال نتمتع بآثارها ولله الحمد، ولكن أعداء الإسلام قد غاظهم أن تبقى هذه البلاد على أصالتها وطهر مجتمعها وعفة نسائها، فاتخذوا من الدعوة إلى ما يسمى حقوق المرأة أداة للوصول إلى مآربهم، فطالبوا بنزع الحجاب، والتخلص من المحرم، واختلاط المرأة بالرجال في العمل والتعليم، بل طالبوا بتسوية المرأة بالرجل في كل شيء، وهذا مصداق قوله تعالى: ((وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَالش َّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا))، وفُسِّر الذي يتبعون الشهوات بالزناة واليهود والنصارى، كما صرح به ابن كثير وهو المأثور عن السلف رحمهم الله.
ولا تستغرب أيها المسلم أن الإنسان قد يكفر بكلمة وهو لا يشعر، فلا تأمن على نفسك، بل الحذر الحذر! وفي الحديث: ((وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم)) رواه البخاري.
ومما يحسن التنبيه إليه أن كل من رضي بعمل ابنته أو أخته أو زوجته مع الرجال أو بالدراسة المختلطة فهو قليل الغيرة على عرضه، وهذا نوع من الدياثة، لأنه بذلك يرضى بنظر الرجال الأجانب إليها، وغير ذلك مما يجر إليه الاختلاط.
وإني بهذه المناسبة أتوجه إلى ولاة الأمر وفقهم الله ليقفوا هذه الفتنة فتنة الدعوة إلى الاختلاط، ويحموا مجتمعنا من أسباب الفساد بسد أبوابه، نصرة لله ورسوله، وأداء لأمانة المسؤولية، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) وفق الله ولاة أمورنا لما فيه الخير لهذه الأمة، وحفظ الله بلادنا من كيد الكائدين وأطماع الحاقدين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عبد الرحمن بن ناصر البراك 8ربيع الأول1431هـ
الإنصاف وقضية الاختلاط
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد.
فإن القضية الساخنة قضية الاختلاط في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية والذي اعترف به بعض المسئولين فيها .
وقد ثارت ثائرة عدد من رؤساء الصحف المحلية ومن ورائهم على أحد أعضاء هيئة كبار العلماء الشيخ د / سعد بن ناصر بن عبدالعزيز الشثري لما بين حكم الاختلاط وانه يجب تنقية الجامعة عن المخالفات الشرعية وما قاله الشيخ سعد هو ما يقوله بقية أعضاء هيئة كبار العلماء وغيرهم من أهل العلم، فما ذنب الشيخ سعد إذاً.
والاختلاط الذي لا يزال ينكره أهل العلم ليس قاصراً على الاختلاط في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية لكن الذي خصه بالذكر أنه حدث جديد وإلا أهل العلم ينكرون كل الاختلاط الواقع في قطاعات العمل الحكومية والأهلية كما في قطاع الصحة والإعلام والخطوط وبعض الشركات .
والموجب للإنكار وتحريم الاختلاط انه متضمن للنظر الحرام والتبرج والسفور والخضوع في القول والكلام الحرام ( المغازلة ) والخلوة وكل ذلك يجر إلى المراودة (التحرش)
فهذا الاختلاط من أوسع أبوابِ نشر فاحشة الزنا الذي سد الله كل طريق يفضي إليه ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ) وهذا الاختلاط هو جزء من توجه عريض هو التبعية للغرب الكافر والخضوع لقوانينه.
وبعد : فلا بد أن نسجل أن من الافتراء الفاجر رمي أهل العلم بالوقوف في طريق العلوم النافعة التي لا تستغني عنها الأمة وتحوير إنكار المنكرات التي جرتها حضارة العصر وعدوا ذلك إنكارا لما جاءت به الحضارة من علوم نافعة في الحياة ( جريدة الجزيرة في 12 / 10 / 1430هـ ).
ومن المعلوم لدى كل منصف أن العلماء لم يزالوا يدعون إلى الأخذ من هذه الحضارة بما ينفع واطراح ما يضر وما لا نفع فيه وهذا هو موجب شريعة الإسلام المشتملة على كل خير والداعية إلى كل ما ينفع ولا يضر قال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ).
والحمد لله على نعمة الإسلام الذي به سعادة الدنيا والآخرة لمن تمسك به .
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
حرر في 11 / 10 / 1430 هـــ
أملاه : عبدالرحمن بن ناصر البراك
فائدة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"إن الإيمان بوجوب الواجبات الظاهرة المتواترة، وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة هو من أعظم أصول الإيمان، وقواعد الدين ، والجاحدُ لها كافر بالاتفاق" (مجموع الفتاوى 12/496)
*****
قال الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله العامري (469-530هـ) في كتابه (أحكام النظر إلى المحرمات 285):
(قد اتفقت علماء الأمة أن من اعتقد هذه المحظورات وإباحة امتزاج الرجال بالنسوان الأجانب فقد كفر واستحق القتل بردته، وإن اعتقد تحريمه وفعله وأقر عليه ورضي به فقد فسق لا يسمع قول ولا تقبل له شهادة) انتهى.
****************
* قال أبو الفضل راشد ابن أبي راشد الوليد المالكي (ت675) ـ كما في (المعيار المعرب 11/228) ـ:
(وأما من غلب على ظنك أنه يعلم ذلك ويستبيحه [أي الاختلاط] فهذا كافر يجب جهاده إن قدرت بيدك أو بلسانك فإن لم تقدر فبقلبك) انتهى
__________________
قال أبو محمد عبد الحق الأشبيلي :
(واعلم أن سوء الخاتمة- أعاذنا الله منها- لا تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه ، وإنما تكون لمن كان له فساد في العقل ، أو إصرار على الكبائر ، وإقدام على العظائم . فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة ويثبت قبل الإنابة ، ويأخذه قبل إصلاح الطوية فيصطلمه الشيطان عند تلك الصدمة ، ويختطفه عند تلك الدهشة ، والعياذ بالله ، أو يكون ممن كان مستقيما ، ثم يتغير عن حاله ويخرج عن سننه ، فيكون ذلك سببا لسوء خاتمته وشؤم عاقبته والعياذ بالله .