السلام عليكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
هذه أول مشاركاتي في هذا المنتدى وقد لفت انتباهي عنوان هذه الصفحة فأحببت أن أقدم هذه النصيحة:
اعلم رحمك الله أن أول ما يجب تعلمه هو أصل الدين الذي اجتمعت عليه جميع الرسالات وبعث به جميع الأنبياء وهو مدلول كلمة التوحيد قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الانبياء:25)، وأكثر الناس اليوم يجهل هذا الأصل العظيم ويظن أن الإسلام يتحقق بمجرد النطق بحروف هذه الكلمة دون معرفة معناها واعتقاده والعمل به، وللعلم فإن هذه الكلمة هي ملة إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الزخرف:26: 27: 28)
ومن المعلوم أن ملة إبراهيم هي الإسلام وهي ملة الأنبياء جميعا وهي البراءة من المعبودات الباطلة ومن عابديها ومن عبادتها وإفراد الله عز وجل بالعبادة وإخلاص الولاء والدين له وحده، وليست ملة إبراهيم مجرد النطق بهذه الكلمة، ولم يبعث الله عز وجل رسله ليأمروا الناس بقول هذه الكلمة فقط بل بعثهم الله بالتوحيد الذي هو عبادة الله وحده والكفر بما يعبد من دونه، قال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)(الن حل: من الآية36)، هذا هو دين الأنبياء جميعا.
والتوحيد لابد أن يكون بالقول والعمل قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح، فعبادة الله لا بد أن تكون بالقول والعمل واجتناب الطاغوت لابد أن يكون بالقول والعمل أيضا، ولايتم هذا إلا بمعرفة التوحيد وما يضاده من الشرك، وبعد المعرفة يكون الاعتقاد بأن التوحيد حق والشرك باطل وضلال، وبعد الاعتقاد يكون الإقرار والعمل بالتوحيد وموالاة أهله وترك الشرك والبراءة من أهله، والمعرفة والاعتقاد والإقرار والعمل بمجموعها يتحقق الإسلام، وإذا غابت المعرفة غاب كل ما بعدها، فالجاهل لا يستقيم له اعتقاد ولا إقرار ولا عمل فكيف يستقيم له إسلام، وإذا غاب الإسلام فلا تنفع الأخلاق ولا تغني عن صاحبها شيئا.
قال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر:65) فتأمل هذه الآية جيدا فالمخاطب بها هم أعظم الناس أخلاقا.
وقال عز وجل: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُم ْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) (الأنعام:121)
وهذه الآية أيضا خوطب بها أعظم الناس خلقا ودينا ومحبة لله وخشية له، فهؤلاء إن وقع منهم ما يناقض توحيدهم كانوا أهون عند الله من الجعلان، فكيف بمن هو دونهم.
فلو أن المسلمين في ذلك الوقت وافقوا على تبديل حكم واحد من أحكام الله وهو حكم الميتة من الحرمة إلى الحل كانوا بذلك من المشركين في حكم أحكم الحاكمين، فلا ينفعهم بعد هذه الموافقة والطاعة عمل صالح و لا خلق حسن، ولا ينفعهم قول لا إله إلا الله ولا سَبْقهم في الإسلام ولا صحبتهم لرسول الله، مع أنهم أطاعوا المبدِّل في تبديله في تغير حكم واحد لا غير وباقي الشريعة كما هي لم يغيروا منه شيئا، فكيف بمن يبدل بنفسه أحكام الله ويشرع ما لم يأذن به ربه ومولاه!! وكيف بمن يواليه مع فعله هذا وينصره ويتبعه؟!!
فاعلم أيها السائل أن أول ما يجب عليك هو معرفة دين الإسلام الحق الذي صار غريبا في هذا الزمان ولابد لكي تعرفه أن ترجع إلى كتاب الله فقد بين الله عز وجل في كتابه ملة إبراهيم التي أمرنا باتباعها وسفّه من رغب عنها، فتأمل ما دعا إليه رسل الله، وما هو أول ما استفتحوا به دعوتهم؟ وما هو الأصل الذي اجتمعوا عليه؟ وما هو الخلاف بينهم وبين قومهم؟ وهل كان الرجل يدخل في هذا الدين بمجرد النطق بكلمة التوحيد مع استمراره على شركه واعتقاد أنه على حق وأن دين قومه لا يتعارض مع الدين الجديد؟
تأمل في كتاب الله لو كان الإسلام يحصل بمجرد النطق بكلمة التوحيد لماذا أنكر المشركون ترك آلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله؟ ما علاقة النطق بهذا الكلمة بترك عبادة غير الله واعتقاد بطلانها؟
تأمل في كتاب الله ما ضرب الله فيه من أمثال، كقوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر:29)
هذا العبد الذي له أكثر من سيد هو مثل المشرك يعبد الله ويعبد غيره
وهذا العبد الذي له سيد واحد هو مثل الموحد لا يعبد إلا الله
هذا مثل بسيط، فهل يعقل هذا أكثر الناس اليوم؟
إذا تعدد الحكم والشرع ولم يكن مصدره واحدا.. فهل يمكن مع هذا أن يكون المتبع لشرع الله وشرع غيره مسلما موحدا كالعبد الذي لا يطيع إلا سيدا واحدا؟!
إبراهيم عليه السلام لما قال له ربه أسلم قال: (أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (البقرة:131) ورسول الله صلى الله عليه وسلم أمره ربه أن يقول: (أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ)(آل عمران: من الآية20) وبلقيس لما أسلمت قالت: (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(ا لنمل: من الآية44) وكل شيء في السموات والأرض يخبر الله أنه مستسلم لله وحده (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً)(آل عمران: من الآية83) وقد جعل الله عز وجل دينه الذي يرضاه من عباده الإسلام وهو إخلاص الاستسلام لله وحده دون شريك (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً )(النساء: من الآية125) هذا هو الإسلام أن تستسلم لله وحده باتباع ما جاء به رسوله وأن تكون على ملة إبراهيم.
فهل تنفع الناس اليوم أخلاقهم وهم مستسلمون لغير الله باتباع شرائع ومناهج وقوانين ما أنزل الله بها من سلطان ولا أذن بها ولا رضي عنها.
يتعدد المصدر الذي يتلقون منه الحكم والتشريع ولا يعتبرون هذا تعددا للآلهة المعبودة!! ويعتبرون أنفسهم مستسلمين لله وحده الذي قال: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر:29)
والقائل: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(ا لأعراف: من الآية54).
والقائل: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(يوس ف: من الآية40).
والقائل: (مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً)(الكهف: من الآية26)
والقائل: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) (لأعراف:3) ،
والقائل: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا) (الأحزاب:67)
والقائل: (فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ)( الحج: من الآية34)
والقائل: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)(آل عمران: من الآية64)
والقائل: (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:80)
أبعد كل هذا يصح أن يطلق على من شرع للناس مع الله منهجا وقانونا لتنظيم الحياة وتعبيد الناس له من دون الله مسلما لله؟؟!!!
يشرِّع من دون الله ويريد أن يطاع شرعه وقانونه كما يطاع شرع الله ويقدم ما شرعه على شريعة الله ويوجب ويفرض الحكم به ويرفض شريعة الله ويكون هذا مسلما لله؟؟!!!
ويُوالى هذا المشرع ويُطاع ويُتبع ويُنصر بالنفس والمال ويكونون هؤلاء مسلمين لله وحده وعلى ملة إبراهيم؟؟!!!!
وقبل كل هذا تُدعى الأوثان كما يُدعى الله، ويستغاث بها كما يستغاث بالله، ويذبح لها كما يذبح لله، ويطاف عليها كما يطاف على بيت الله، ويعتقد فيها ما لا يعتقد إلا في الخالق المالك رب السموات والأرض، ويكون هؤلاء مسلمين لله وحده على دين من بعثه الله ليكون الدعاء والاستغاثة والذبح والطواف واعتقاد النفع والضر والشفاعة لله وحده، الذي كفّر من عبد غير الله وعاداهم وتبرأ منهم وحاربهم؟؟!!!!
قولوا لي بالله عليكم: هل ينفع مع هذا الجهل العظيم خلق أو صلاة أو صيام أو حج أو جهاد؟!!
ولا أقصد بالطبع التهوين من شأن الأخلاق التي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتممها وقد كان القدوة والمثل الأعلى فيها، وقد كان صدقه وأمانته وكرمه وحلمه سببا في نشر دين الله ودخول الكفار فيه وإعداد الجيل الأول الذي أقام الله به هذا الدين الحنيف.
ومما يؤكد أهمية الأخلاق في دين الله قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنّ َ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93) وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94) وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (95) مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96)) [سورة النحل]
وتأمل قوله تعالى: (وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ). فجعل سبحانه نقض العهد (وهو خلق سيء تفشى كثيرا هذه الأيام) سببا في الصد عن سبيل الله وتوعد عليه بالعذاب العظيم.
ولقد دخلت في الإسلام جماعات وشعوب بسبب ما رأوا من وفاء المسلمين بعهدهم ، ومن صدقهم في وعدهم ، ومن إخلاصهم في أيمانهم ، ومن نظافتهم في معاملاتهم. يوم كان الإسلام يعني عقيدة وشريعة وخلقا ومعاملة.
وقال جل وعلا في حق نبيه: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)(آل عمران: من الآية159) هذا في شأن معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لأتباعه الذين آمنوا بالله وحده وتبرؤا من الشرك وأهله وأخلصوا دينهم لله.
وأما في حق الكافرين فقال تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)(الفت ح: من الآية29)
وقال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)(الممتح نة: من الآية4)
ويجب أن نعلم أن الإسلام هو دين الله الذي ينظم علاقة المسلم بربه كما ينظم علاقة المسلم بغيره من أفراد جنسه المسلمين والكفار ويحدد له أيضا حتى علاقته بالحيوانات والجمادات، فمن رضي بالله ربا وبالإسلام دينا يجب عليه أن يسلم وجهه لله وحده ويجعل حياته كلها لله بل مماته أيضا، متبعا في ذلك كله ما شرعه له ربه على لسان رسوله.
قال تعالى: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) (الأنعام:161- 164)
وقد قال قبلها: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً )(الأنعام: من الآية114)
فالعبودية لله وحده والحكم لله وحده والولاء لله وحده، لايتخذ المسلم وليا ولا حكما ولا معبودا غير ربه وخالقه ومالك أمره ورازقه.
وختاما نقول إذا نظرنا للأولوية والأهمية فالعلم بعقيدة التوحيد وما يناقضها والعمل بها قبل كل شيء. قبل الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد وغيرها.
فمن عرف الإسلام وقَبِلَهُ وعمل به وجب عليه ما بعده، ومن كان جاهلا للإسلام فأول ما يجب عليه هو تعلمه وتمييزه عن الأديان الباطلة الأخرى واعتقاده والعمل به.
قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما بعثه داعيا إلى اليمن: ( ... ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة... )
والله أعلم
أسأل الله أن يعلمنا وإياكم ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا.