الإسلاميون والموقف من "اللبرلة" في السعودية
ياسر الزعاترة
"في المرة القادمة أحضري معك رخصة القيادة دولية". هذه الكلمات نسبتها مراسلة صحيفة "نيويورك تايمر" الأميركية "مورين دوود" لوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل. وكانت "دوود" قد زارت المملكة العربية السعودية والتقت الأمير الذي أورد عبارته المشار إليها في سياق التأكيد على أن سياسة الانفتاح ماضية في طريقها لا يعوقها شيء، وبالطبع لأن مسألة قيادة المرأة للسيارة كانت دائما من المواضيع التي يجري التركيز عليها كمؤشر على "الانغلاق" في المملكة.
ما ركزت عليه الصحفية الأميركية في تقريرها الذي نشر مطلع الشهر الجاري لم يكن متعلقا بالسياسة الخارجية للمملكة، بل بالوضع الداخلي من حيث خطوات الانفتاح التي تركز عليها الدوائر الغربية، كما يتبدى من تقارير عديدة تنشر هنا وهناك، وتسلط الضوء على ما تسميه "دولة دينية" تراها الأكثر محافظة في العالم (هناك دوائر أخرى أكثر أهمية تركز على السياسة الخارجية، وبخاصة الموقف من الدولة العبرية، إلى جانب القضايا التي تؤثر في المصالح الأميركية مثل العراق وأفغانستان وكذلك القضايا الاقتصادية).
نتعامل هنا مع ما نقلته الصحفية الأميركية عن الأمير المؤثر في سياسات المملكة، لاسيما أن أحدا لم ينف الكلام الذي وُضع بين أقواس كتأكيد على أنه خرج من فم الرجل ولم يفهم من السياق. أما التوضيح الذي جاء في صحيفة الرياض بعد أسبوعين وفي تأكيد على استناد المجتمع إلى القرآن والسنة، فكان عاما لا ينفي التوجهات الرسمية، بينما أظهر أنه جاء نتاج الجدل الداخلي الذي أثارته التصريحات الأولى.
ولعل الجانب الأبرز في التقرير هو ما نقله عن الأمير من تأكيد على أن المملكة ماضية في مسيرة "التحلل من قيود الماضي"، و"التحرك في اتجاه إنشاء مجتمع ليبرالي". أما المشايخ الذين يحاولون إعاقة المسيرة، فهم بحسب كلامه "يعبرون عن إحباطهم أكثر مما يعتقدون أنهم سيقفون أمام المد ويعيدون عقارب الساعة للوراء".
تضعنا تصريحات الأمير وجها لوجه أمام الجدل اليومي المندلع في عموم وسائل الإعلام السعودية (الصحافة والفضائيات والإنترنت) بين من يسمون الليبراليين، ومن يوصفون بالمحافظين أو الإسلاميين أو المتشددين (لا حصر للتوصيفات في الساحة السعودية)، أكان فيما خصّ الدين ومفرداته، أم فيما خصّ تجلياته الواقعية في سلوكيات الناس اليومية، ومن ضمنها قضايا الموسيقى والاختلاط وكثير من القضايا المتصلة بالمرأة ومن ضمنها قيادة السيارة، فضلا عن قضايا "المطاوعة" وطريقة عملهم، بما في ذلك ما إذا كان إلزام الناس على الذهاب للصلاة صائبا أم لا (قائمة القضايا تطول).
وإذا شئنا المزيد من الدقة، فنحن إزاء أسئلة تتعلق بحدود دور الدين في حياة الناس في مجتمع يسير نحو الانفتاح بسبب ثورة التكنولوجيا والاتصالات، وهنا يذهب رموز التيار الليبرالي إلى أن الزمن يسير لصالح برنامجهم "التحرري"، بينما يسعى المشايخ إلى منع ذلك من خلال هجمة مضادة يتصدرها مسلسل من الفتاوى التي يدخل بعضها ضمن النوع الإشكالي الذي لا يقع الاتفاق عليه فيما بينهم.
<FONT color=black><FONT face="Traditional Arabic">وهنا دأب الليبراليون ووسائل إعلامهم على ضرب بعض الإسلاميين ببعض، من خلال التركيز عل%