تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 18 من 18

الموضوع: وسواس

  1. #1
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي وسواس

    وسواس!


    رمضان... في المسجد الذي اعتدتُ الصلاةَ فيه كلَّ ليلة، دخلتُ في أول ليلة، بعدما طال الشَّوق للمسجد، وصوتِ الشَّيخ، وكلِّ شيء، فكلُّ نسمة في هذا الشهر لها ذكرياتٌ وأشواقٌ.

    لَفَتَ نَظَرِي مشهدٌ: أختٌ مِن نفس جامِعَتِي، تجلس مُنزَويةً في أحدِ الأركان ساهمةً، على كلِّ خلية منْ خلايا وجهها أَلَمٌ لا يُضاهِيه أَلَمٌ، وحزنٌ عميقٌ، وكانتْ عيناها جافَّة، تَأَمَّلْتُها، إنَّها إحدى الأَخَوات الدَّاعيات في الجامعة، عجبًا!

    دائمًا كانتْ مِثالاً للنَّشاطِ والهِمَّة، أُقِيمَتِ الصَّلاة، فاصْطَفَّ الناس، لَفَتَ نَظَري أنَّ الأختَ قامتْ بِتَثَاقُل؛ كأنها مريضة، وَقَفَتْ تُصَلِّي بِجِوَاري، وكان صوتُ الشيخ رائعًا، باكيًا، أثار في جُمُوع المُصَلِّينَ الخشوعَ والعَبَرَات؛ لكنِّي كنتُ مشغولةً بالأُخت التي تُصَلِّي بِجِواري، لم تَبْكِ، فقط شعرتُ بِجَسَدِها ينتفضُ في أَلَمٍ، وبعد الصلاة جَلَسَتْ وقدِ ازدادَ الأَلَمُ في وَجْهِها، وصارَ وَجْهُها شاحبًا، وكانتْ بين كلِّ ركعَتَيْنِ تنكمشُ في جلستها؛ تنظرُ إلى ما حولها كأنها انفصلتْ عنِ العالَم، عدتُ إلى بيتي، وصورتُها لا تُفارِق مُخَيِّلتي، كنتُ أشعرُ بالرَّغبة في التَّعَرُّف عليها، وإزالة أحْزَانِها، عزمتُ على التَّحَدُّث إليها في اليوم التالي، ذهبتُ إليها، وعَرَّفتُها بنفسي، نظَرَتْ إليَّ نظرةً خاوِيةً، وقالتْ: نعم، أسمع عنكِ في الجامعة، وأعرف أنَّكِ مِن أنشط الدُّعاة هناك.

    ابْتَسَمْتُ، وقلتُ لها: بل نحن جميعًا نعرف همتكِ في الدَّعوة، أنتِ قدوةٌ صالحة لنا جميعًا.
    سَكَتَتْ، وقد عَلاَ وَجْهَها أَلَمٌ أَشَد.
    قلتُ لها في قَلَقٍ: أختي، هل هناك شيءٌ يؤلمكِ؟ هل أنتِ مريضة؟
    قالتْ: لا.
    قلتُ لها: ماذا هناك؟ أنتِ في حالةٍ غير طبيعيَّة.
    فسَكَتَتْ.
    قلتُ لها: أختي، بالله عليكِ أخبريني، ما بكِ؟ أنا لا أَتَدَخَّل في شؤونكِ؛ لكن لا أستطيعُ أن أراكِ في هذه الحالة، وقد أستطيعُ مساعدتكِ.
    نَظَرَتْ لي نظرةً تنمُّ عن صراعٍ.
    قلتُ - أسْتَحِثُّها على الحديثِ -: لقد أَقْسَمْتُ عليكِ، يجبُ أن تبرِّي قَسَمي.
    نَظَرَتْ لي في حزنٍ، ثم أَطْرَقَتْ، وقالتْ: إنَّه الوَسْواس.
    قلتُ لها: أُختي، أفصحي عن مكنونات صدركِ.

    نَظَرَتْ لي نظرةً متأملةً، وبَدَأَتْ تحكي: في البداية كنتُ نشيطةً جدًّا في الدَّعْوة، وكنتُ لا أتركُ فرضًا ولا سُنَّةً، كنتُ قويَّةً في أمر الله، بدأ الوسواس:
    - إعجاب بالنفس، رياء، كنتُ أجاهدُ نيَّتي، ثمَّ ما أن أبدأ العمل، أجده قويًّا جدًّا لا أستطيعُ مقاومته: ما أفضلكِ، ما أحسنكِ، أنتِ لا تُضَاهين، آه، هذا العمل سيجعلكِ مشهورةً، هذا العمل سيجعل الآخرين مبهورينَ بكِ، ستنالينَ مجدًا وشهرةً، وسيعرف الجميعُ قيمتكِ.
    كنتُ أقاومُ، وأقاومُ، وأقاوم، وكلَّما ازْدَادَتِ المُقاوَمة، وكلما زادَ الإحساس وتَعَمَّق، شعرت بالإحباط والهزيمة.
    كنتُ أقولُ لِنَفْسِي: لماذا تَقُومينَ بالدَّعْوَةِ؟ إنَّ عملَكِ باطلٌ، هَلاَّ جلستِ في بيتكِ، واعتزلتِ الناسَ، وواظَبْتِ على صلاتكِ وسُننكِ؛ حتى تُصْبِحِي أقوى، فيمكنكِ مُواجهة العالَم؟

    ففعلتُ، وتَرَكْتُ الدَّعوة، كنتُ أرى المنكرَ أمامي فلا أنكر؛ لأنني أخشى الرِّياء، وأخشى العُجْب والكِبْر، امْتَنَعْتُ عنِ البُكاء مِن خشيةِ الله؛ لأنَّني أظنُّ أنَّني أُمَثِّل، والآن لا أستطيع أن أدمعَ دمعةً، لا في سِرٍّ ولا عَلَن، أشْعُر أنَّ صلاتي وسُنني غير مقبولةٍ، أقوم للصَّلاة بِتَثَاقُل، فهي غير مقبولة أصلاً، أكْرَهُ نفسي؛ لأنني أشعر أنَّني أفضل منَ الناس، أتمنَّى الموت؛ لِيَنْتهيَ هذا العذاب، وأخْشَاهُ لأنِّي أعرفُ ماذا ينتظرني، لسانِي ثقيل، وقلبي فتر عن ذِكْر الله، والآن قد وَصَلْتُ لمرحلة منَ القُنُوط واليأس، أحسب معها أنني وَلَجْتُ بابًا للكُفر.

    ربَّتُّ على كتِفِها، وابتسمتُ، وقلتُ: أختي الحبيبة، هَوِّني على نفسكِ، فالأمرُ يَسيرٌ، وعلاجُه أيسر.
    نَظَرَتْ لي، وفي عينيها نظرة تنمُّ عن عدم التَّصديق، وقالت: أنتِ لا تعلمينَ ما يَمُوج في صدري.
    قلتُ لها: بل أعلم جيدًا، لستِ وَحدكِ، وكلُّ ما ذكرتِ عندي له حلٌّ، والله المستعان.
    هَتَفَتْ في لهفةٍ: حقًّا؟
    قلتُ لها: حقًّا.
    وابْتَسَمْتُ، وابْتَسَمَتْ، وانْحَلَّتِ المشكلة بِفَضْلٍ منَ الله، تُرى كيف؟

    يتـــبع إن شاء الله

  2. #2
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي رد: وسواس

    ابْتَسَمْتُ، وقلتُ لها: الأمر هَيِّن - إن شاء العليُّ القدير - عندما كنتِ داعيةً إلى الله، هل يترككِ الشيطان؟ وماذا يفعل في البيت الخَرِب؟
    جاءكِ في وسواس الرِّياء؛ يُلقِي لكِ الشُّبهة في صَبْر، كنتِ تقومينَ وتَظُنِّينَ أنكِ لا تُقُومينَ.
    قالتْ: كيف؟
    قلتُ: أليس حزنكِ مُقَاوَمة؟ أليسَ أَلَمكِ وصراعُ نفسِكِ مع الوَسواس مُقاوَمة؟ لكن عدم معرفتِكِ بذلك أَدَّى إلى تَصَاعُد الصِّراع، ومِن ثَمَّ الاسْتسلام؛ لأنَّ الأَلَم زَاد، وصارَ لا يُطاق، وعندما شعرتِ بالإحباط والهزيمة، وَلَج الشيطان من هذا الباب، فهو بابُه المُفَضَّل، وصِرْتِ أنتِ لُقمةً سائِغة لكلِّ إلقاء، وصار يُلبس عليكِ دينَكِ، وسَقَطتِ في الفَخِّ؛ لأنك لم تَتَعَلمي حديثَ النفس، ولم تُتْقِني خباياه ودُرُوبه.

    تعالي أُحَدِّثكِ عن حديث النَّفس الذي اضطررتُ اضطرارًا لِتَعَلُّمِه، عندما أصابني ما أصابك:
    إنَّ هناك حديثَ نفسٍ يدور في صَدْر كُلٍّ منَّا، فمَنِ الذي يَتَحَدَّث؟
    الأول شيطان، ويُقَابله مَلَك.
    قالتْ: وما الدَّليل؟
    قلتُ: قال - تعالى -: {وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ * أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [ق: 23، 24]، ثمَّ قال - تعالى - في نفس السورة: {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [ق: 27]، إذًا ترينَ أنَّ القرينَ الأول يَتَحَدَّث بِلَهْجة الشاهد الذي يشهد على الإنسان بما فعل منَ المَعَاصي، والقرينُ الثاني يَتَحَدَّث بلهجة المُتَّهَم الذي يَنْفِي عن نفسه تُهمة الإِضْلال، فالأوَّل هو قرينه منَ الملائِكة، والثاني: هو قرينُه منَ الشَّيَاطِين، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ للمَلَك بابن آدم لمة، وللشَّيطان به لَمَّة)).
    سَكَتَتْ قليلاً، ثم قالتْ: أكْمِلي.
    قلتُ: هذانِ طَرَفانِ من خارج النفس، وهناك طرفان من داخل النفس.
    قالتْ: ما هما؟
    قلتُ:هواكِ، وفطرتكِ.
    قالتْ في حيرة: ما الفرق؟
    قلتُ: إن الله - تعالى - لَمَّا خلق الإنسان رَكَّبَ فيه فطرة مَجْبُولة على الخير، كما جَعَل له هوًى يَدْعُوه إلى الشَّهَوَات؛ قال - تعالى -: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 8 - 10]، إذًا فالإنسانُ فيه داعي الخير، وداعي الشَّر، والقلب بين هذه الأطراف حَكَم.
    قالتْ في حيرة: القلبُ أم العقل؟
    قلتُ مُبْتَسمَة: العقلُ في القلب؛ قال - تعالي -: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: 46].
    سَكَتَتْ قليلاً، ثم قالتْ في تَرَدُّدٍ: الأمرُ بَدَأَ يَلْتَبِس عليَّ.
    أمسكتُ ورقةً وقلمًا، ورسمتُ لها:



    التِ الأختُ: نعم؛ الآن وَضَحتِ الرُّؤية بعض الشَّيء، أَكْمِلي الشَّرح.
    قلتُ: الآن نحتاج للتَّمييز بين نَزْغِ الشيطان وبين إلقاء المَلَك، كما نحتاج للتَّمييز بين الهوى وبين الفطرة.
    قالتْ: بالتأكيد؛ لأنَّنا لو حَدَّدنا المُتَحدث، سنرى هل نقبل أو لا؟
    قلتُ مُبتَسمة: وإذا عَرَفنا مَن المُتَحَدث، سنَتَّخذُ كذلك ردَّ الفعل المُناسب، وبالتالي لن يَتَمَكَّن منَّا اليأس، ولا الفُتُور، ولا الإحباط.
    قالَتْ: كيف؟



    قلتُ: مثلاً، الآن أنتِ مَيَّزتِ أنَّ هذا نَزْغ شيطان، ستقولينَ: إذًا هو إلقاءٌ يجبُ عليَّ ردُّه، وعندما تعرفينَ الهوى ستُخالِفينَه، وبذلك تَكُونينَ وافَقْتِ أمر الله.
    قالَتْ: نعم.
    قلْتُ: لكن قبل أن نَتَحَدَّث عنِ التَّمييز بين مختلف الوَسَاوس، نُوَضِّح أولاً متى يكون المرء محاسبًا، ومتى لا يكون محاسبًا؛ يعني متى يَتَحَوَّل الوَسواس إلى كَسْب قلبي؟ وهذا سَيُسَاعدنا كثيرًا في تحديد مَنِ الذي يُوَسْوس، كما أنه يُساعد مَن لَدَيْه وسواس مرضي على مُقَاومته، وكذلكَ فإنَّ في هذه المنطقة بالذَّات - وأعني بها القلب - أولَ طريقِ جهادِ النَّفس، فإن صَلُحَتِ المُضْغة، صَلُحَتْ سائر العِبَادات، سنعرفُ متى يكون الرِّياء خاطرًا، أو وَسْواسًا؟ ومتى يكون كَسْبًا؟ ومتى يكون العُجْب خاطرًا؟ ومتى يكون كسبًا؟ ومتى تكون الاعتقادات الخاطئة - من كفر أو رغبات شهوانيَّة... إلخ - خواطرَ؟ ومتى تكون كسبًا؟ ومتى يكون النِّسيان محاسَبًا عليه؟ ومتى لا يكون؟ وسَنَتَعَلَّم تجارة العلماء - وهي النوايا باختصار - سنعرف متى يكون الإنسان محاسَبًا على ما مَرَّ بذهنه؟ ومتى لا يكون؟ وبالتالي سَنَشْعُر بالارتياح والتَّصَالُح مع نفوسِنا، ولن نظلَّ ندور في دائرة مُفْرَغة، وسَنَتَعَلَّم كيف نَتَحَكَّم في الخاطر ونُوَجهه إلى رَفْع هِممنا، وكيف نقوِّي عزمنا على الإخلاص، وباختصار مرة أخرى: سنعيشُ في عالمٍ آخرَ، عالمٍ كاملٍ، كنَّا في غَفلةٍ عنه، فأَهْلَكَتْنا غَفْلَتُنا.
    قالت: لقد شَوَّقتِني، أريدُ أن أسمعَ الشَّرح.



    ------------------------

    يـــتبع.

  3. #3
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي رد: وسواس

    قلت نبدأ ان شاء الله :

    أولا ما الفرق بين منطقة الكسب ومنطقة الخواطر ؟؟

    الخواطر ما يرد علي قلبك من أفكار ….كما بينا أطرافه سابقا

    ثم يقبل قلبك الخاطر او يرده أو يتجاهله

    هذه الرسومات التوضيحية التالية تبين كيفيات قبول الخاطر ورده وتجاهله

    ونبدأ بخاطر الخير




    قال: هلا شرحتي

    قلت : يأتيك خاطر الخير فتقبلينه أو ترديه أو تتجاهليه كما قلنا
    والرسمة السابقة تتحدث عن قبولك الخاطر

    ثم ننظرما أنواع قبول خاطر الخير ؟؟؟
    قد يقبل شخص خاطر الخير لله تعالي وهذا اخلاص…أو لغير الله….أو يشرك في نيته


    الان نحن نتحدث عن خاطر الخير وقبوله وكيفيات قبوله وما سيترتب علي ذلك من إثم أو أجر

    ثم نتحدث عن رد خاطر الخير ونسيان خاطر الخير


    ثم نتحدث عن خاطر الشر بنفس التسلسل ...
    قبوله وكيفيات قبوله ورده وكيفيات رده وبهذا سنكون عرفنا كما ذكرت من قبل متي يحاسب الانسان علي ما مر في قلبه ومتي يؤجر ومتي يأثم ومتي يسقط عنه الإثم والأجر

    فالرسمة السابقة رأينا فيها أن الملك أو الفطرة ألقت الخاطر ثم بدأ القلب يتفاعل بالقبول وشرحنا كيفيات التفاعل وما المترتب عليها من إثم وأجر


    فقط اصبري معي وتابعي فهذه مقدمة لابد منها لكي نفهم الأمر باستفاضة وشمول

    قالت:طيب هلا وضحتي الرسمة اكثر

    قلت : الكسب القلبي أمامه سهمان

    وهما يشيران لقبول الخاطر بمعني أن قبول الخاطر هو الكسب القلبي

    وعنيت بقبول الخاطر أن القلب يعزم عزما علي القبول بهذه الكيفيات المذكورة تحت الاسهم (لله لغير الله...الخ)

    فالان الخاطر يلقيه الملك أو الفطرة من نفسك : صلي زكي صومي .....الخ

    فيعزم قلبك علي الفعل لله، لغير الله...الخ

    حتي الان أنت لم تصومي ولم تزكي ولم تفعلي شئ فقط نتحدث عن العزم قبل الفعل

    أنت أخذت الأجر أو الإثم علي العمل القلبي قبل الفعل

    يعني لو استيقظتي فلم تصومي لأي ظرف قدري أو حتي للكسل لكن كان عزمك صادقا فأنت كان لك أجر العزم والإرادة والنية

    كما روي ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم : "إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة كاملة ومن هم بها فعملها كتبت له عشر حسنات الي سبعمائة ضعف والله يضاعف لمن يشاء "

    قالت :نعم أكملي

    قلت الان نرسم رسمة اخري




    إذا أتي الإنسان خاطر خير فرده فهو بين الإثم ونقصان الايمان

    لاحظي هنا أمر مهم :

    أولا أنا أتحدث عن خاطر خير مجرد لا خاطر خير مشتبه فيه

    قالت في حيرة بمعني ؟

    قلت يعني قد يكون خاطر الخير تشبيه من الشيطان ليجعل الإنسان يشتغل بمفضول مثلا فلو تفطن له المؤمن ورده لا يدخل في بابنا هذا

    قالت :ممكن مثال؟؟

    قلت : مثلا انت تقرأي القرءان وأذن الأذان فوقع في قلبك أنك تريدين الاستزادة من القراءة ولا ترددي مثلا خلف الاذان أو تأخير الصلاة.. هل هذا خاطر خير ؟؟

    في ظاهره نعم لكن في باطنه ؟؟ يضيع عبادة وقت والأمثلة كثير

    قالت :نعم فهمت

    اذا لو جاءك خاطر الخير الحقيقي فرده الإنسان

    ما معني رده ؟؟ لاحظي أيضا أنا لا أتحدث عن النسيان أو الإنشغال ...أنا أتحدث عن إرادة رده

    مثلا فتاة غير محجبة يأتيها هاتف داخلي تحجبي هذا افضل

    فترده وتقول في نفسها ..ليس الآن أنا احب الزينة

    فبالقطع هي بإرادتها عدم الحجاب أثمة لإنها عزمت علي عدم الطاعة

    مثال أخر : هاتف يأتيك تصدقي فتبخلي البخل هنا عمل قلبي وهو العزم علي عدم التصدق والعمل القلبي إرادة والإرادة نحن محاسبون عليها وإن كانت الصدقة سنة وليست فريضة لكن الإيمان يزيد وينقص بهذه العزيمة وتلك

    هل هذا واضح؟؟

    قالت : نعم

    سكتت لحظة ثم قالت : ها هنا مسألة

    قلت لها تفضلي

    قالت : الاية " ولقد عهدنا إلي ءادم من قبل فنسي ولم نجد له عزما"

    فما أحوال النسيان؟؟؟


    قلت لها النسيان نوعان:

    نسيان حقيقي وهو أن يرد الخاطر ويذهب دون عزم لا علي قبول ولا رد

    ونسيان كسبي: وهو المقصود في الاية..وهو أن يرد الخاطر فنتجاهله..عن عمد

    يأتي الان دور خاطر الشر

    رسمت رسمة


    وقلت لها

    أنظري وتابعي

  4. #4
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي رد: وسواس




    الان انت ترين خاطر الشر يأتي رياء مثلا عجب ...الخ إن قبلتيه

    قاطعتني في لهفة: كيف أقبله؟؟؟

    ابتسمت للهفتها : تقبليه بأن تستمتعي به مثلا الرياء يأتيك الخاطر إن فعلت هذا سيكون لك من الشأن كذا وكذا عند الناس..خاطر العجب إن فعلت كذا صرت قائدتهم وانبهروا بك...خاطر السمعة: سيشتهرين ..خاطر حب المدح..ستنالي من المدح من فلان وعلان...

    فتنقادي لهذه الخواطر...وتسعدي بها

    هذا الانقياد والاستمتاع بالخاطر هو القبول

    أما الرد فأنواع منها المقاومة والاستنكار والضيق والحزن كذلك فإن حزنك دلالة علي رد الخاطر...لماذا تحزني أنه مر بخاطرك كذا ؟؟ أنت ترفضيه ..هذا بالنسبة للخواطر القلبية فكلما شعرت بخاطر رياء او نفاق او عجب او اي عمل قلبي محرم او مكروه فردك له هو ضيقك منه وبغضك له
    والحزن ليس ممدوح بذاته لكن انا أتحدث هنا عن اعتباره علامة أو دلالة علي ردك للخاطر
    فاستعيذي بالله تعالي وانته عن التفكير فيه ...وفكري في الطريق المعاكس ... فان جاءك خاطر رياء مثلا فكري في ال اخلاص وجددي نيتك ورغبتك في الطاعة ....مهم جدا ان نعرف لماذا نفعل الفعل ...ما هو الثواب المترتب عليه من الله فان هذا ما يقوي عزمك واخلاصك
    اذا جاءك خاطر العجب فتذكري انه لولا الله تعالي لما تمكنت من عمل اي شئ وانك بالله ولله راجعه وتذكري حديث من طلب ان يعامله الله بعدله
    جاءك خاطر السمعة فتذكري ان السمعة في ا لملأ الأعلي خير لك من الدنيا وما فيها

    هكذا تركزين فكرك في الطريق الصحيح وتطردين الخاطر المحرم

    تعالي نشرح اكثر كيفيات رد الخواطر وقبولها علي خواطر المعاصي لاعمال الجوارح.....فإنه يأتيك الخاطر بعمل المعصية..مثلا الغناء

    قبلتي ..بعزمك مثلا علي السماع بعد ما تنتهي مما في يديك...هذا إثم
    إثم الهم والعزم علي المعصية ولو منعك مانع قدري كالمرض أو انقطاع الكهرباء أو الانشغال ...فإنك قد نلت الإثم بهذا العزم

    والدليل : حديث الناس اربع..رجل اتاه الله علم ومال فهو يعمل فيه بطاعة الله ورجل اتاه الله علم ولم يؤته مال فهو يقول لو أن لي مثل مال فلان لفعلت كذا وكذا فهما في الأجر سواء ورجل اتاه الله مال ولم يؤته علم فهو يعمل فيه بمعصية الله ورجل لم يؤته الله علم ولا مال فهو يقول لو ان لي مثل مال فلان لفعلت كذا وكذا فهما في الوزر سواء

    طيب رددت خاطر الشر لغير الله...ليس عليك شئ..يعني مثلا خاطر سماع الغناء السابق تقولي لن أسمع عندي صداع اذا لا شئ لا إثم ولا ثواب لأنك لم تعزمي علي العمل
    أو مثلا رجل لا يشرب الخمر لأنه لا يحب أن يذهب عقله هذا لا يأثم ولا يؤجر

    طيب رددت الخاطر..لا لن اسمع الغناء فهو حرام هذا لله اذا ثواب إن شاء الله

    طيب رددت الخاطر لله ولغير الله...لن اشرب الخمر لانها مضرة ولانها حرام هذا عند الله ولن يستوي المخلص وغيره

    طيب جاءك في خاطرك أغنية استرسلت معها ..هذا طائف من الشيطان..نسيتي هذا نسيان غير كسبي...نسيان حقيقي...ان الذين ءامنوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون

    ان تذكرت فذكرت فأبصرت فقد رددت الخاطر

    والنسيان الحقيقي في خاطر المعصية لا يدوم

    لكن تذكرت فلم تذكري ولم تستعيذي واستمررت في الخاطر...هذا نسيان كسبي أنت تعمدتيه

    سألت حائرة : لكن ألا يتعارض ما ذكرتي من كون من يقبل ويعزم علي المعصية ينال إثم ولو لم لعملها قدرا.. مع الحديث القدسي الذي رواه ابن عباس :إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له حسنة كاملة ومن هم بها فعملها كتبها الله عشر حسنات الي سبعمائة ضعف والله يضاعف لمن يشاء ومن هم بسيئة فعملها كتبها الله له سيئة واحدة وان هم بها فلم يعملها كتبها الله له حسنة كاملة"؟؟

    يعني الحديث يقول الذي يهم بالسيئة ولا يعملها تكتب له حسنة وأنت تقولين تكتب له سيئة وتقولين أنه إذا نسيها أو تجاهلها ولم يعزم علي شئ ليس عليه إثم فقط!!

    قلت : ان للحديث رواية ذكرها الشيخ ابن العثيمين في شرحه للحديث توضح الامر: وان هم بها فلم يعملها لأجلي كتبها الله له حسنة كاملة
    فكما ذكرت من قبل من خطرت له السيئة وهذا هو الهم المقصود في الحديث فلم يعملها لله تعالي تكتب له حسنة
    يعني تعالي نضرب مثالا أخر : رجل لا يمنعه من شرب الخمر الا مرض في الكبد مثلا لكن لو لم يكن هناك مرض لديه لشرب فهل هذا يؤجر ؟؟؟ بالقطع لا ...هذا يأثم للعزم الذي عزمه علي الشرب مثل الرجل المذكور في حديث الماس أربع : فهو يقول لو كان لي مثل مال فلان لفعلت كذا وكذا
    أما ان كان رجل يشتهي الخمر لكن يخشي الله عز وجل ولا يستطيع أن يشربها لخوف الله تعالي هذا هو المأجور يأتيه الخاطر فيرده لله تعالي

    وطبعا هناك مسألة مشهورة جدا وهي أن المسلم لا يؤجر فقط بامتناعه عن فعل المعاصي الا اذا كانت هذه المعاصي قد عرضت له فامتنع لله تعالي ...فشهوة الانسان في الحرام ورغبته فيه ان امتنع عنها لله تعالي فهو المأجور بخلاف من لم تعرض له الشهوة ولا الرغبة من الاساس

    فهل الأمر واضح الان؟؟؟

    قالت :نعم
    يبقي الان نقرة...كيف نفرق بين القاء الملك والقاء الشيطان؟؟

    وكيف نقاوم ونجاهد خاطر الشر؟؟

    قالت: نعم فهذا بيت القصيد

    قلت أما الفرق بين القاء الملك والقاء الشيطان فيبينه لنا ابن القيم في كتاب الروح :

    والفرق بين الهام الملك والقاء لشيطان من وجوه:
    منها أن ما كان لله موافقا لمرضاته وما جاء به رسوله فهو من الملك وما كان لغيره غير موافق لمرضاته فهو من القاء الشيطان
    ومنها أن ما أثمر إقبالا علي الله وإنابة الية وذكرا له وهمة صاعدة إليه فهو من القاء الملك وما أثمر ضد ذلك فهو من الشيطان
    ومنها أن ما أورث أنسا ونورا في القلب وانشراحا في الصدر فهو من الملك وما أورث ضد ذلك فهو من الشيطان
    ومنها أن ما أورث سكينة وطمأنينة فهو من الملك وما أورث قلقا وانزعاجا واضطرابا فهو من الشيطان

    فالالهام الملكي يكثر في القلوب الطاهرة النقية التي قد استنارت بنور الله فللملك بها اتصال وبينه وبينها مناسبة فإنه طيب طاهر لا يجاور إلا قلبا يناسبه...فتكون لمة الملك اكثر من لمة الشيطان بهذا القلب
    وأما القلب الميت الذي قد اسود بدخان الشهوات والشبهات فالقاء الشيطان ولمه به اكثر من لمة الملك " اهــ كلامه رحمه الله تعالي

    قالت : اذا وضح الفرق ...لكن هذا يعيدنا للوسواس الاول ...انني يكثر بي خاطر السوء لان قلبي خرب

    ابتسمت وقلت: بل ماذا يفعل الشيطان في البيت الخرب هذا محض ايمان
    وانظري الي قول النبي صلي الله عليه وسلم للصحابة عندما قالوا له انا نجد في صدرونا ما يتعاظم علينا ذكره
    ان علامة ايمانهم أنهم وجدوه كما ذكر النبي صلي الله عليه وسلم فماذا يفعل اللص في البيت الخرب ؟؟
    فرد عليهم النبي صلي الله عليه وسلم أوقد وجدتموه ...فهم قد استعظموه واستنكروه ولهذا جاءوا يسألون عنه وهم وجلون ولهذا كان رد النبي صلي الله عليه وسلم ليبشرهم بانهم علي الجادة وان هذا محض ايمان

    وكلام ابن القيم أن الشيطان له بالقلب الصالح لمات أيضا حتي ينتصر الخير فيه أو الشر...فيصير القلب سليما أو ميتا
    فاذا كان القلب مستسلما للشبهات والشهوات يأتيها من غير امتناع ولا خشية فهو القلب الذي اسود والذي يتباعد عنه الملك فلا يكاد يؤنب نفسه الا كسراب يراه من بعيد ولا يدركه أبدا

    فابن القيم يتحدث عن أخر مراحل القلوب حين يصل القلب الذي قاوم وجاهد الي مأربه من السلامة وحين يصل القلب الذي استسلم وانقاد للشر الي الموت

    فمع المقاومة..والاست عاذة وكثرة الاستغفار ...وحضور القلب في الخيرات..ومتابعة النوايا...والإصر ر علي الصالحات .. ومجاهدة النفس وتزكيتها بالاذكار والقرءان والدعاء
    وتذكري نصيحة النبي صلي الله عليه وسلم : استعذ بالله وانته ...يعني الاستعاذة رد للخاطر ثم الامتناع عن الاسترسال معه

    ستجدي أن الامور صارت أفضل إن شاء الله .. وأن لمات الملك صارت اقرب وأن لمات الشيطان صارت أبعد فلا يكاد يكون للقلب شهوة ولا شبهة تخالف أمر الحق .....وهذا امر عظيم وجائزة جليلة من رب كريم قال تعالي : والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"

    فقط عليك بنصيحة الصالحين والصالحات و اثبتي علي الحق علي الحق لا علي غيره
    واجلسي مع نفسك 5 دقائق قبل أي عمل لتجددي النية وإن وجدت لما الشيطان استعيذي بالله تعالي واعملي أن الحزن من جنود الشيطان...فجددي النية وتحري الحق واطردي الباطل نم ذهنك فهذه المقاومة ردع له ولا تستسلمي لكثرة ما يأتيك الخاطر بل قولي في نفسك باستبشار هذا محض ايمان ..ولا تتركي الجهاد ابدا ...واعلمي أن الشهوات من نفسك وأن الشبهات من الشيطان...

    فخالفي النفس والشيطان

    ولا تنسي تجديد إيمانك بـــ

    لا اله الا الله

    ----------------------------------

  5. #5

    افتراضي رد: وسواس

    بارك الله فيك على هذا الموضوع و الشرح الجيد للوسواس، فهو مهم جدا في إصلاح الفرد و بالتالي المجتمع .
    و لي بعض التعليق سدد الله سعيك تتمة للفائدة:
    لي تجربة مع الوساوس و نحوها و لا أزال أصارع الشيطان القرين حتى أنه في الحديث يأتي المسلم في آخر ما يأتيه عند سكرات الموت ليفتنه عن دينه و هناك يسبق عليه الكتاب فيختم له بخير أو بشر و يثبت الله الذين آمنوا و يضل الله الظالمين و يفعل الله ما يشاء .
    و حديث سيكون عن أسباب هذه الوساوس .
    يقول البخاري في صحيحه في كتاب البيوع باب من لم يرى الوساوس ونحوها من الشبهات
    و أورد تحته حديثين الأول شكي إلى النبي صلى الله عليه و سلم الرجل يجد في الصلاة شيء أيخرج من الصلاة فقال " لا حتى يسمع صوت أو يجد ريحا"
    و الثاني لا يحضرني الآن ، لكن يفهم من هذا الحديث قاعدة فقهية مهمة و هي " اليقين لا يزول بالشك"
    و زدت قاعدة أخرى و هي "الحقيقة لا تزول بالأوهام"
    و لي فيها موضوع في هذا المنتدى المبارك .
    فالوساوس إما شك أو وهم .
    و هي سهام إبليس الخفية يلقيها على العبد من حيث لا يراه فلا يمكنه تجنبها إلى بعصمة الله و ذكره
    فهنا سبب لتجنب الوسواس ليس للعبد غيره
    فما هو الذكر؟
    لما قرأت موضوعك لاحظة غفلتك لأمر مهم جدا ذكرته الأخت المبتلاة في القصة و هو
    فتورها عن الذكر و الدعاء
    فأقول لو تدوم قلوبنا على الذكر لصافحتنا الملائكة في الطرقات
    ساعة فساعة
    لكن العبادة في القلب لا تنعدم أبدا و كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "إحفظ الله في السراء يحفظك في الشدة " و قال " إحفظ الله يحفظك " فقلب المؤمن يجد راحة في حب الله و الرضا بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد رسولا
    فمن أين يصل إليه الشيطان و هو في هذه العبادة القلبية المريحة و الكبيرة بل هي أعظم العبادات على الإطلاق.

    و قد قلت لك أني لي تجربة مع الوسواس عرفة منها سبب أو الباب الذي يدخل منه الشيطان و الذي هو الشك
    فالقلب الذي لا يقين فيه تراوده الشكوك
    و هنا مسألة هل الأصل في القلب اليقين أم الشك
    فأقول الأصل في القلب هو الفطرة يقول الله تعالى في محكم تنزيله "و هو الذي أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيأ و جعل لكم السمع و الأبصار و الأفئدة قليل ما تشكرون " (سورة النحل 78)
    إذا فالفطرة هي جهل بسيط مع الشكر لنعمة السمع و البصر و الفآد التي هي آلة العلم و العلم هو اليقين على قول .
    ثم في الحديث "كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب فأبواه يهودانه أو ينصرانه " مع تصرف في الحديث ينظر فيه
    فقوله يعرب أي يتكلم و يفهم
    و قد جاء عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن الوسواس يكون على القلب من لحضت الولادة حتى إذا ذكر إنخنس .
    فهذا كله ينبئنا على أن الأصل هو اليقين و الحقيقة و أن الوسواس و الشك و الأوهام طارئة و زائلة بذكر الله.

    فنحن لدينا عبادة مريحة و هي الرضا و الفرح بفضل الله و رحمته لكن لا يعني هذا الأمن من مكر الله

    فينبغي للفقيه أن يعطي لله حقه و لقلبه حقه و لجسده حقه و لكل ذي حق حقه ما إستطاع

    أقول قولي هذا و أستغفر الله .

  6. #6
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي رد: وسواس

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    جزاكم الله خيرا على التعليق

    كلامكم سديد جدا في مسألة الذكر وعمل القلب فإن سبب المشكلة في الوساوس فعلا هي قلة الانتباه لعمل القلب

    قلتم:

    و هنا مسألة هل الأصل في القلب اليقين أم الشك
    فأقول الأصل في القلب هو الفطرة يقول الله تعالى في محكم تنزيله "و هو الذي أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيأ و جعل لكم السمع و الأبصار و الأفئدة قليل ما تشكرون " (سورة النحل 78)
    إذا فالفطرة هي جهل بسيط مع الشكر لنعمة السمع و البصر و الفآد التي هي آلة العلم و العلم هو اليقين على قول .
    ثم في الحديث "كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب فأبواه يهودانه أو ينصرانه " مع تصرف في الحديث ينظر فيه
    فقوله يعرب أي يتكلم و يفهم
    و قد جاء عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن الوسواس يكون على القلب من لحضت الولادة حتى إذا ذكر إنخنس .
    فهذا كله ينبئنا على أن الأصل هو اليقين و الحقيقة و أن الوسواس و الشك و الأوهام طارئة و زائلة بذكر الله.
    فبارك الله فيكم لو تزودونا برابط موضوعكم القيم أو تستفيضوا في الشرح لكي يتضح لنا الأمر يكون ذلك كرما منكم
    عن جعفر بن برقان: قال لي ميمون بن مهران: يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره.

    السير 5/75

  7. #7

    افتراضي رد: وسواس

    و إياك ، أخي الكريم
    القلب في القرآن له أمثلة كثيرة بإختلافها و تشابهها ، و من أعجب هذه الأمثلة قول الله سبحانه " مثل نوره كمشكات فيها مصباح" عن الْحَسَنِ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ : مَثَلُ نُورِهِ قَالَ : " مَثَلُ الْقُرْآنِ فِي الْقَلْبِ " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : " يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ يَعْنِي : بِتِلْكَ الْغِشَاوَةِ الَّتِي عَلَى الْقَلْبِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمِعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ وَكَقَوْلُهُ : أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمِعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ " و عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : " الْقَلْبُ مِثْلُ الْكَفِّ ، فَإِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا قَبَضَ أُصْبُعًا حَتَّى يَقْبِضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا . وَكَانَ أَصْحَابُنَا يَرَوْنَ أَنَّهُ الرَّانُ " و عن إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يَقُولُ : " قَلْبُ الْمُؤْمِنِ أَبْيَضُ نَقِيٌّ مَجْلِيٌّ مُحَلًّى مِثْلَ الْمِرْآةِ ، فَلَا يَأْتِيهُ الشَّيْطَانُ مِنْ نَاحِيَةٍ مِنَ النَّوَاحِي بِشَيْءٍ مِنَ الْمَعَاصِي إِلَّا نَظَرَ إِلَيْهِ كَمَا يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ فِي الْمِرْآةِ ، فَإِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَإِنْ تَابَ مِنْ ذَنْبِهِ مُحِيَتِ النُّكْتَةُ مِنْ قَلْبِهِ وَانْجَلَى ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ وَعَاوَدَ أَيْضًا ، وَتَتَابَعَتِ الذُّنُوبُ ، ذَنْبٌ بَعْدَ ذَنْبٍ ، نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ نُكْتَةٌ حَتَّى يَسْوَدَّ الْقَلْبُ ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ، قَالَ : " الذَّنْبُ بَعْدَ الذَّنْبِ ، حَتَّى يَسْوَدَّ الْقَلْبُ فِي إِبْطَاءٍ ، مَا نَجَعَ فِي هَذَا الْقَلْبِ الْمَوَاعِظُ ، فَإِنْ تَابَ إِلَى اللَّهِ قَبِلَهُ اللَّهُ وَانْجَلَى عَنْ قَلْبِهِ كَجَلْيِ الْمِرْآةِ "

  8. #8

    افتراضي رد: وسواس

    و من أهم و أعظم الواجبات الدينية على القلب هو الإخلاص .
    و هو تخلية القلب من الهوى و الشهوات المحرمة ثم تحليتها بحب الله و الرضا عن الله مع الخوف و الرجاء و سائر الأعمال الظاهرة و الباطنة من الإيمان و الذكر و الدعاء

  9. #9

    افتراضي رد: وسواس

    و من الوساوس ما هي حسية يدركها الإنسان بحواسه الخمسة التي هي السمع و البصر و الشم و الذوق و اللمس .
    تعرض هذه الوساوس الحسية على القلب كقطع الليل المضلمة و هي الفتن و المنكرات في الدين إما شركا أو بدعة أو معصية
    فإما أن يكون القلب مخلصا من الهوى و هو القلب المسلم فينكرها و إما أن يكون مشربا لهواه و هو القلب المنافق أو الكافر فلا ينكرها .
    و في مقابل الوساوس هناك العلم الذي هو الإسلام و الإيمان و التقوى ، فالقلب الخالص يعرف و يحب و يرضا بالإسلام و الإيمان و التقوى و أما قلب المنافق و الكافر فينكر ذلك كله إلى ما أشربه هواه فيزيد أو ينقص في دين الله بحسب ما يهواه.

  10. #10

    افتراضي رد: وسواس

    و أصل الشر كله هو الشرك الذي هو أن تجعل مع الله ندا و هو خلقك و أكثر ما يجعل لله ندا هو الهوى و هو أول بدعة أحدثها إبليس على الإطلاق و هو حب النفس و العجب بالنفس و الإفتخار و التعاظم و التعالي على الله و على الخلق فالتجرد لله من الهوى هو الأساس الذي أوجبه الله على العبد في دينه حتى يصح إيمانه و تقواه .
    إذا فالشرك بدعة في الأصل و كل الشر في الإبتداع في الدين ، و لهذا نها عنه الشرع أشد النهي في كل خطبة و حديث .
    و يمكن أن نحصر الحرام في البدعة و الحلال في ما سوى البدعة .
    حتى معصة آدم كانت بوسوسة من إبليس و هي بدعة ، إلى أن آدم نسي كلام الله في إبليس اللعين .
    فمقصودي أن الشرك و المعصية في أصلها بدع إبليس يضاهي بها شرع الله و كل ما كان يضاهي شرع الله فهو بدعة.

  11. #11

    افتراضي رد: وسواس

    و بعد أن أستطردة في موضوع البدعة و الهوى أرجع إلى الوسوسة فأقول :
    مما يشتبه بالوساوس الضرر و الأمراض البدنية
    يقول شيخ الإسلام بن القيم رحمه الله : العارف بالله يمشي بمشاهدة منة الله و الإطلاع على عيب النفس و العمل
    قوله تعالى : " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير"
    فالله كتب لنا البلاء و الضرر في هذه الأرض عدلا منه سبحانه كل بقدره جل جلاله
    و العبد لا يقبل منه عمل حتى يؤمن بالقدر خيره و شره،
    فعليه أن يصبر و يحتسب و حسبك أن ترضا .
    كما في الحديث أن الله إذا أحب قوما إبتلاهم فمن رضي فله الرضا و من صخط فله الصخط.

  12. #12

    افتراضي رد: وسواس

    و مما يعين الشيطان على تحقيق وساوسه القلق و الإستعجال في أمور الدين
    فمن أكثر الأشياء تعجلا العلم و الملال.
    منهومان لا يشبعان منهوم في العلم و منهوم في دنيا .
    فالشيطان يعد و يمني بالعاجلة و الله يعد و يمني بالآجلة.
    يقول الله تعالى " خلق الإنسان من عجل " " سؤريكم آياتي فلا تستعجلون" " إن هاؤلاء يحبون العجلة و يذرون وراءهم يوما ثقيلا".
    و في الحديث " إن فيك خصلتان يحبهما الله و رسوله الحلم و الأنات "
    و في صبر موسى عليه السلام مع الخضر على العلم.
    و الأمثلة كثيرة
    هذا و الله أعلم.

  13. #13
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي رد: وسواس

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    عامة ما ذكرتم أوافقكم عليه وإن كنت أطمع في بيان وبسط ما ذكرته بخصوص هل الأصل الشك أم اليقين .

    فقط لي ملحوظة على هذه العبارة:


    و يمكن أن نحصر الحرام في البدعة و الحلال في ما سوى البدعة .
    حتى معصة آدم كانت بوسوسة من إبليس و هي بدعة ، إلى أن آدم نسي كلام الله في إبليس اللعين .
    فمقصودي أن الشرك و المعصية في أصلها بدع إبليس يضاهي بها شرع الله و كل ما كان يضاهي شرع الله فهو بدعة.
    إذا كنت تعني البدعة اللغوية فربما ، أما إذا عنيت البدعة في الاصطلاح الشرعي فالأمر ليس كذلك والله أعلم
    الفرق بين المعصية والبدعة أن المعصية مذكورة في الدين بصيغة النهي والبدعة غير مذكورة في الدين لا بصيغة النهي ولا بصيغة الأمر
    البدعة يقصد بها التقرب إلى الله رغم أنه لم يرد في الشرع أن الله تعبدنا بها
    أما المعصية والشرك فهي عمل لا يقصد به أبدا التقرب لله تعالى

    فالشرك والمعاصي ليس شرع يضاهي شرع الله بل هو أفعال تصادم شرع الله ولا يقصد بها أصلا التقرب لله
    أما البدعة فهي أفعال يتقرب بها لله ولم يأمر الله تعالى به فالفاعل يضاهي به شرع الله من كونه وضع عبادة ادعى أن الله يحبها ولم يرد نص بها
    أما إذا كانت الأفعال لا يقصد بها التقرب إلى الله وليست مصادمة لشرع الله فلا تدخل معنا في هذه الأبواب بل هي من قبيل العادات ، والله تعالى أعلم
    عن جعفر بن برقان: قال لي ميمون بن مهران: يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره.

    السير 5/75

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    52

    افتراضي رد: وسواس

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    فكرة الموضوع جيدة و أعجبني تنسيقه و جاري التأمل و التدقيق فيه أكثر و أسأل الله أن يبارك لك في علمك ...

    أما بخصوص تعليقك حول تعريف البدعة فلعلك تراجعي الكتب التي تكلمت عن الخوارج و ستجدين كيف أنّ هناك طائفة من العلماء حكمت على أنّ الخروج على السلطان المسلم يعتبر بدعة رغم وجود النهي على الخروج على السلطان المسلم في النصوص الشرعية و أيضا هناك أمثلة في مسائل أخرى من كلام العلماء. و معلوم الخلاف في تعريف البدعة بين العلماء.

    وفقكم الله.

  15. #15
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي رد: وسواس

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أعراب ياسين مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    فكرة الموضوع جيدة و أعجبني تنسيقه و جاري التأمل و التدقيق فيه أكثر و أسأل الله أن يبارك لك في علمك ...

    أما بخصوص تعليقك حول تعريف البدعة فلعلك تراجعي الكتب التي تكلمت عن الخوارج و ستجدين كيف أنّ هناك طائفة من العلماء حكمت على أنّ الخروج على السلطان المسلم يعتبر بدعة رغم وجود النهي على الخروج على السلطان المسلم في النصوص الشرعية و أيضا هناك أمثلة في مسائل أخرى من كلام العلماء. و معلوم الخلاف في تعريف البدعة بين العلماء.

    وفقكم الله.
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وفي انتظار التدقيق

    بالنسبة لموضوع البدعة

    بالنسبة لبدعة الخوارج فمسألة خروجهم على السلطان يعد بدعة لأنهم تأولوا النصوص وتعبدوا بهذا الخروج تأويلا فصارت تدخل تحت تعريف البدعة الشرعية ، لأن أصل بدعة الخوارج هو تكفير المسلمين بالكبيرة ، فصار الحاكم عندهم كافرا بأي معصية يقع فيها ومن هنا سمي خروجهم بدعة لأنه يعتمد على أصل بدعي وهو التكفير بالكبائر.
    ونلاحظ أن المبتدع يعتمد على نص فليست كل البدع ليس لها أصل وهذا تعريف البدعة الإضافية
    فأهل البدع من معطلة الصفات يخالفون صريح القرآن مثلا في قوله تعالى : الرحمن على العرش استوى ، ورغم أنه يقولوا لا لم يستو على العرش (وهذا مخالف لصريح القرآن ) إلا أنه عد بدعة لأنهم قاموا بالتأويل فصارت البدعة في التفسير نفسه فجاءوا بتفسير لم يسبقهم إليه الصحابة .
    كذلك أهل البدع من الخوارج لم يعتبر خروجهم معصية لأنهم لم يفعلوه كمصادمة للنص بل فعلوه كتأويل للنص فرفعوا شعار "لا حكم إلا لله " وجعلوه سببا في الخروج على الحكام المسلمين.
    كذلك يقال نفس الشيء في استباحتهم دم المسلمين
    فقتل المسلم كبيرة من الكبائر بنص القرآن ، لكن القاتل العاصي قاتل غير متأول أصلا للنص ولا مبتدع في تفسير النص بل هو قتل للقتل ، أما الخوارج فقتلوا للتعبد كما يفعل المسلم مع الكافر في الجهاد ، فلا تسمى استباحتهم لدم ومال المسلمين معصية لأنها أولا متعبد بها ثانيا مبينة على أصل فاسد مبتدع وهو التكفير بالكبيرة وثالثا متأولون بها للقرآن خلافا للصحابة.
    فالقتل عندهم والخروج ليس خروجا ولا قتلا للمسلم بل خروجا وقتلا للكافر المستباح الدم - بزعمهم- فلا يسمى هذا معصية لأن المعصية وردت في قتل المسلم وهم - بتأويل فاسد مبتدع - لم يقتلوا مسلما ولا خرجوا على مسلمٍ بل قصدهم الخرو على الكافر وقتل الكافر فكيف يكونوا عصاة؟ وكيف نساوي بينهم وبين القاتل السني العاصي ؟ فالعاصي يعلم أنه خاطئ ويُرجى توبته أما المبتدع فرجاء توبته بعيد المنال لأنه يرى نفسه على الحق وأنه هو الفاهم للنصوص العالم بخبايا الكتاب والسنة الرافع لراية الحق لهذا قال بعض السلف : المبتدع لا توبة له.
    وإلا فكل بدعة في الأصل مصادمة لعموم قوله تعالى: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى " وعموم قوله صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وغير ذلك من النصوص.

    ثانيا بالنسبة للخلاف في تعريف البدعة بين العلماء فلا أتذكر أن أحدا قال أن الشرك = بدعة بالمعنى الشرعي ، وهم يفرقون مثلا بين الصلاة في المسجد الذي فيه قبر فيقولون : بدعة أو مكروه (في حالة الاضطرار) ، أما الصلاة إلى القبر ودعاء المقبور فيقولون فيه : شرك مناقض للتوحيد. هذا بالنسبة للتعريف الشرعي ، وإلا فالكل بدعة لغوية .
    ولو جعلنا الشرك = البدعة ، لصار لزاما علينا أن نضع في حد البدعة أنها تناقض الدين وبذلك يخرج من التعريف الكثير من البدع الإضافية التي هي أصلا سبب البلاء في الأمة وهي أكثر انتشارا من البدع الأصلية. والله تعالى أعلم

    وعامة لو عندكم كلام مختلف مع ما ذكرنا فنرجو التفصيل فيه لعلنا نستفيد وبارك الله فيكم
    عن جعفر بن برقان: قال لي ميمون بن مهران: يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره.

    السير 5/75

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    52

    افتراضي رد: وسواس

    شكرا لك أختي الطيبة ...

    و لكي لا أتسبب في التشويش على موضوعك الأصلي بمناقشة تعليق ليس له علاقة كبيرة به فسأكون مضطرا للإجمال في الكلام ...

    و لعلك تتأملين في هذا الكلام للشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله- مع التركيز على ما سطرته و لونته بالأحمر :

    والبدع المكفرة منها ما هو راجع إلى البدع الاعتقادية، ومنها ما هو راجع إلى البدع العملية التي يكون معها اعتقاد، وقد لا يكون معها اعتقاد،
    و قال :
    والبدعة المفسقة تكون بالعمل وتكون بالعلم
    تجدين كلامه بكامله على هذا الرابط :
    http://salehalshaikh.com/?p=769

    و أنا أفهم من كلامه هذا بأنّه يرى إمكانية أن تكون هناك بدعة دون أن يكون مرد ذلك إلى شبهة في الإعتقاد أو شبهة علمية-و قد سطرت على الشاهد من ذلك في كلامه الذي اقتبسته-.

    أيضا هناك كلام وجدته منسوب للإمام الشافعي -رحمه الله- حيث قال : "المُحدَثاتُ مِنَ الأمُورِ ضَربانِ، أحَدُهُما مَا أُحدِثَ ممّا يُخَالِفُ كِتابًا أَو سُنَّةً أو إجْماعًا أَو أثَرًا فَهذِه البِدْعَةُ الضّلالَةُ، والثّانِيةُ مَا أُحْدِثَ مِنَ الخَيرِ ولا يُخَالِفُ كِتَابًا أو سُنَّةً أو إجْماعًا، وهَذه مُحْدَثَةٌ غَيرُ مَذْمُومَةٍ." و قد وقفت على كلام منسوب لابن تيمية -رحمه الله- ورد فيه أنّه يصحح سند هذا الأثر الذي رَواهُ البَيْهقيُّ في مجموع الفتاوى و الكتاب ليس معي للتيقن و إن كانت عندي غلبة ظن في صحة ذلك.

    فشرط البدعة الضلالة في هذا الكلام هو ما يلي :
    - المخالفة للكتاب و السنة و الإجماع،
    - أن تكون محدثة.

    و أفهم من كلامه أنّ المحدثة عنده ليس فقط ما يضاهى به الدين و إنما يدخل أيضا في تعريف المحدثة عنده : ما فيه إحياء لشيء بعدما انقطع ثم إن كان هذا الشيء الذي تم إحياؤه :
    -لا يخالف الشريعة فليس ببدعة،
    - و إن كان يخالف الشريعة فهو بدعة.

    و لم يشترط في البدعة الضلالة وجود نية التقرب إلى الله بها و لا اشترط عدم وجود نص شرعي ينهى عن تلك الأفعال المحدثة بخصوصها، و إنّما أطلق الكلام و استخدم لفظة : "ما" و هي من صيغ العموم و تعم في أي منكر و في أي شيء ليس بخير سواء أكان معصية أم لا.

    و الذي أفهمه من هذا الكلام : أنّه إن كانت هناك معصية قد هجرها الناس أو نسوها أو غير ملتفت لها أو لم ينتبه إليها الناس ثم جاء شخص و أحياها حتى و إن كان مقرا بأنّها معصية و كان مقّرا بأنّه لا يتقرب بها إلى الله فهذا الفعل سيكون بدعة ضلالة وفق هذا التأصيل الذي نُسب إلى الشافعي -رحمه الله- في هذا الكلام الذي نقلته.

    و أكتفي بهذا القدر بخصوص مداخلتي حول البدعة لكي أفسح المجال للتباحث حول الموضوع الأصلي و قد كان غرضي من مداخلتي التأكيد على أهمية نقل كلام أهل العلم المعروفين من طرفنا عند تقرير هاته المسائل و بيان أنّ هاته المسألة قد حصل فيها خلاف و المقصود هو أن أنصح نفسي و غيري بعدم الدخول مباشرة في التخطئة من طرفنا -نحن من لسنا بعلماء و لا بمعروفين- في مسألة اختلافية من غير أن نمهّد لذلك بذكر أدلة أو نقل لكلام علماء و من غير أن نمهّد لذلك بالإستفسار من المخالف لنا.

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    519

    افتراضي رد: وسواس

    جزاك الله خير

    في الحقيقه موضوع الوسواس بإشكاله الطبيعي والبديهي الذي ذكرته يمكن السيطره عليه بعوامل أقل تبسيطا مثل البيئه الاجتماعيه المحيطه وتعود تغليب الفطره الحسنه ورسوخ قناعة اطلاع الله سبحانه لدى العبد والقصد انه قد توجد عوامل اخرى غير الصراع المحكوم به الانسان بتقدير العزيز الحكيم

    والاضافه انه ان كان الموضوع من خلال انشائك وتدبرك ماشاء الله تبارك الله فهو شاهد على نبوغ فكر بنات الاسلام وارتقائهم عن تأثرات قلة الحيله لدى الرجال وماأدت اليه

    بارك الله في علمك ودينك
    لااله الا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير

  18. #18
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي رد: وسواس

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    بارك الله فيك وجزاكم خيرا

    لكن معذرة لي تعليق:


    أيضا هناك كلام وجدته منسوب للإمام الشافعي -رحمه الله- حيث قال : "المُحدَثاتُ مِنَ الأمُورِ ضَربانِ، أحَدُهُما مَا أُحدِثَ ممّا يُخَالِفُ كِتابًا أَو سُنَّةً أو إجْماعًا أَو أثَرًا فَهذِه البِدْعَةُ الضّلالَةُ، والثّانِيةُ مَا أُحْدِثَ مِنَ الخَيرِ ولا يُخَالِفُ كِتَابًا أو سُنَّةً أو إجْماعًا، وهَذه مُحْدَثَةٌ غَيرُ مَذْمُومَةٍ." و قد وقفت على كلام منسوب لابن تيمية -رحمه الله- ورد فيه أنّه يصحح سند هذا الأثر الذي رَواهُ البَيْهقيُّ في مجموع الفتاوى و الكتاب ليس معي للتيقن و إن كانت عندي غلبة ظن في صحة ذلك.
    أولا اثبت العرش ثم ..انقش

    فأين هذا الكلام المنسوب للإمام الشافعي؟ وأين أيضا المنسوب لابن تيمية ؟

    أنا لا أخالفكم في كون البدعة ليست محصورة في الاعتقاد هناك بدع اعتقادية وبدع عملية طبعا ، لكن كلمة( لايخالف الشريعة) كحد للبدعة إن كان مقصودا به أنه في الإمكان أن يأتي أحدنا اليوم بعبادة ويقول هي غير مخالفة لأصول الشرع ويسميها بدعة حسنة فلا نسلم به
    وإن كان المقصود بـ (غير مخالفة ) أن الأصل في العبادات التوقف حتى يرد النص فنخرج حد البدعة الحقيقية ونقصد بــ(لا نخالف) أي (الوصف) فنخرج حد البدعة الإضافية فيجوز

    وعامة إذا كنا لا نختلف في الجزئية السابقة فلا اشكال في تسميتك الشرك بدعة أو شركا ولا مشاحة في الاصطلاح وبارك الله فيكم

    الأخ الغامدي جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
    عن جعفر بن برقان: قال لي ميمون بن مهران: يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره.

    السير 5/75

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •