السلام عليكم ورحمة الله
شيخنا الفاضل هناك قضية تشغل الساحة هنا في ماليزيا ونريد منك تفصيل فيها نفع الله بكم
فالنصارى هنا في ماليزيا طلبوا من الحكومة السماح لهم باستخددام كلمة الله (Allah) في كتبهم وانجيلهم بدل من كلمة God المستخدمة في السابق والان الماليزيون المسلمون غاضبون من ذلك ويرون ان كلمة الله خاصة بالمسلمين ولا يقبلون استخدامها من النصارى في كتبهم لما يوهم أن معبودهم هو نفس معبود المسلمين ولا فرق.

أرجو من فضيلتكم التفصيل في المسألة حفظك الله وجعل جهدوك وما تقوم به في ميزان حسناتك

الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبة, لم يأتي في القرأن الكريم, في محاجة المشركين من أهل الكتاب وغيرهم, وصفهم بالعبودية والتأله, بل قال تبارك وتعالى: (قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ) فقوله: (ما تعبدون), يتناول صفات المعبود والإله الذي يعبده المؤمنون هو الإله الذي أنزل التوراة, والإنجيل, والقرآن, وأرسل موسى, وعيسى, ومحمد صلوات الله عليهم وسلامه, والإله المتصف بهذه الصفات لا يعبده اليهود والنصارى, وليس هو إله المشركين الذين يعبدونه, وإن كان هو المستحق لأن يعبدوه فأنهم يشركون بعبادته ويصفونه بما هو بريء منه, فلا يخلصون له الدين, بل يعبدون معه آلهة أخرى, وعامة الآيات التي جاءت في مناظرتهم تصفهم بالربوبية قال تعالى: (قُلْ أَتُحَآجُّونَنَ ا فِي اللّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ){139} البقرة
وقوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ){72} المائدة
وقوله تعالى: (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ){117} المائدة
وقوله تعالى: (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ){15} الشورى
وحينما كان المقصود أهل التوحيد جاءت الآيات بذكر الإلوهية قال تعالى: (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ){133} البقرة, وفي كتابه عليه الصلاة والسلام إلى قيصر ملك الروم لما دعاه للإسلام قال : بسم الله الرحمن الرحيم من مُحَمَّدٍ عبد اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلَامٌ على من اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ الله أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فإن عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّين َ (يا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ألا نَعْبُدَ إلا اللَّهَ ولا نُشْرِكَ بِهِ شيئا ولا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا من دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) فدعاه النبي للإسلام في كتابه الذي أرسله إليه, وهو التوحيد الذي دعت إليه جميع الرسل, وقال تعالى: (قلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ{19} الأنعام
فهؤلاء النصارى الذين يطلقون هذا الإسم على المسيح, وما هم عليه من عقيدة التثليث المبتدعة الباطلة, قد افتروا على الله وكذّبوا رسله قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً{171} النساء
وقال تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ{116} مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{117}المائ ة
وعليه فأنه لا يجوز بحالٍ إطلاق هذا الاسم على غير الله من خلقه وهذا الحاد في أسمائه قال تعالى : (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{180ال أعراف والله أعلم والحمد لله رب العالمين.}

المصدر: الموقع الرسمي للشيخ