تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: كلمة أخرى حول منع الإسلام تحديد سن الزواج للشيخ العبَّاد

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    109

    افتراضي كلمة أخرى حول منع الإسلام تحديد سن الزواج للشيخ العبَّاد

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبعد، فهذا مقال لفضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر حفظه الله تعالى بعنوان: ((كلمة أخرى حول منع الإسلام تحديد سن الزواج)) وهذا نصه:
    الحمد لله ، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
    أما بعد، فقد سبق أن كتبت كلمة بعنوان: ((لا تحديد في الإسلام لبدء سن الزواج ولا لانتهائه)) نُشرت في 3/9/1430هـ، ومما قلت فيها: ولم يأت في الشرع تحديد سن الزواج ابتداءً وانتهاءً، فللرجل أن يتزوج الصغيرة، وله أن يتزوج الكبيرة ولو تباعد ما بينهما في السن، والرجال والنساء يتفاوتون في البلوغ سرعةً وتأخراً، وذكرت أن البلوغ بالسنين يكون بخمس عشرة سنة وأنه العلامة الواضحة للحد الفاصل بين الصغير والكبير من الرجال والنساء، وأنه قد يحصل البلوغ قبله بعلامات خفية كالاحتلام ونبات شعر خشن حول القبل والحيض، وأن من حصل له شيء من ذلك قبل سن الخامسة عشرة فهو بالغ، وذكرت الأدلة على ذلك، وذكرت أنه قد دل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع أهل العلم على جواز نكاح الكبير الصغيرة ولو كانت دون سن البلوغ أو بلغت وتباعد ما بينهما في السن، ثم ذكرت هذه الأدلة وهي ثلاث آيات من كتاب الله وحديثان من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثران عن عمر وأثر عن عثمان رضي الله عنهما، ونقلت حكاية إجماع أهل العلم على ذلك عن محمد بن نصر المروزي وابن المنذر والنووي، وذكرت بعض المحاذير التي تترتب على منع الزواج بالصغيرة، وذكرت أنه ليس مع الذين ينادون بما زعموه تنظيما بتحديد سن الزواج إلا وجود بعض حالات شاذة من زواج الصغيرات لم يحالفها التوفيق وانتهت بالطلاق مع أن الزواج بالصغيرات قليل، فلا تتخذ ذريعة إلى المنع من زواج الصغيرات؛ فإن فشل النكاح يوجد بكثرة في نكاح غير الصغيرات، ومثل ذلك ما ذُكر من علة عليلة وهي أن بعض مدمني المخدرات يقدمون على تزويج بناتهم الصغيرات ليحصلوا بشيء من مهورهن على المخدرات، فلا يجوز الإقدام على تبديل أو تعديل ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع من عدم تحديد سن الزواج، بل الواجب الاستسلام والانقياد لما دلت عليه الأدلة دون اعتراض عليها أو تقييد لها، كما قال الله عز وجل: ، وقال: ، وقال: ، وقال: ﯿ.
    وقد كتبت الكلمة السابقة بناء على ما نُشر في بعض الصحف أن هيئة حقوق الإنسان في المملكة بالتنسيق مع وزارة العدل بصدد وضع تنظيم لتحديد سن الزواج، وقد بلغني أن هيئة حقوق الإنسان بالمملكة مازالت تسعى إلى تحديد سن الزواج وهو استمرار في السعي للوصول إلى أمر منكر، والواجب أن يكون عمل الهيئة متجهاً إلى تصدير النور والهدى الذي جاء به الإسلام في حقوق الإنسان، لا أن تستورد الظلام والعمى؛ لأن عدم تحديد سن الزواج دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، والتحديد فيه مخالفة لتلك الأدلة وهو من محدثات القرن الرابع عشر الهجري، وقد جاء في قرار هيئة كبار العلماء رقم (179) وتاريخ 23/3/1415هـ إنكار هذا التحديد، وكذا للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم (18734)، وقد وصف شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله من رأى تحديد السن في الزواج بأنه ظلم نفسه وشرع للناس ما لم يأذن به الله، جاء ذلك في كلمة له بمناسبة ما نشرته صحيفة الرياض برقم (4974) عن مشروع قانون الأحوال الشخصية في الإمارات، وفيه: ((فبالنسبة لعقود الزواج يشترط مشروع القانون ألا يقلَّ عمر الفتى عن ثمانية عشر عاماً وعمر الفتاة عن ستة عشر عاماً ... كما لا يجوز بالنسبة لمن تجاوز الستين عاماً عقد زواج إلا بإذن المحكمة، خاصة عندما يكون فارق السن بين الطرفين يتجاوز نصف عمر الأكبر منهما))، قال الشيخ رحمه الله كما في مجموع فتاواه (4/126): ((لما كان ذلك يخالف ما شرعه الله جل وعلا أحببت التنبيه لبيان الحق، فالسن في الزواج لم يقيَّد بحد معين لا في الكبر ولا في الصغر، والكتاب والسنة يدلان على ذلك؛ لأن فيهما الحث على الزواج والترغيب فيه من دون تقييد بسن معينة)) ثم ذكر بعض الأدلة من الكتاب والسنة على عدم التحديد وقال: ((فليس لأحد أن يشرع غير ما شرعه الله ورسوله ولا أن يغير ما شرعه الله ورسوله، لأن فيه الكفاية، ومن رأى خلاف ذلك فقد ظلم نفسه وشرع للناس ما لم يأذن به الله، وقد قال عز وجل ذاماً لهذا الصنف من الناس: الآية، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق عليه، وفي رواية مسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) وعلقه البخاري في الصحيح جازما به ...))، والأخذ بتحديد سن الزواج الذي يستورد كما أن فيه المعصية لله لمخالفة الكتاب والسنة والإجماع، فهو أيضاً لا يكفي الغربيين لا هو ولا غيره من سفور النساء واختلاطهن بالرجال وغير ذلك، ولا يكفيهم إلا شيء واحد أخبر الله عنه بقوله: ، وقد قال الله عز وجل: ، وقال: ﯿ.
    وإن تحقق لهيئة حقوق الإنسان ما سعت إليه من إصدار تنظيم بتحديد سن الزواج فهو إساءة منها إلى خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله لإحداثها هذا الأمر المنكر في عهده، والواجب عليها ترك هذا السعي غير الحميد لتسلم من أن تكون مفتاحاً للشر ويسلم خادم الحرمين من الإساءة إليه.
    وأسأل الله عز وجل أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وحكومته ورعيته إلى كل ما تحمد عاقبته في الدنيا والآخرة، والسلامة من كل ما يعود ضرره على الجميع في العاجل والآجل، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

    ولتحميل المقال بصيغة doc اضغط هنا
    ولتحميل المقال بصيغة pdf اضغط هنا
    ...

    وفي المقال إشارة مقال الشيخ ((لا تحديد في الإسلام لبدء سن الزواج ولا لانتهائه))

    ولتحميل المقال بصيغة doc اضغط هنا
    ولتحميل المقال بصيغة pdf اضغط هنا
    ...
    ومن يك سائلاً عني فإني . . بمكة منزلي وبها ربيت

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    700

    افتراضي رد: كلمة أخرى حول منع الإسلام تحديد سن الزواج للشيخ العبَّاد

    بارك الله تعالى فيك يا أخى وجزاك خيرًا
    وحفظ الله تعالى الشيخ عبد المحسن العباد وبارك فيه وفي علمـه .
    هذا هو المقال مكتوب فيه الأيات الكريمة بطريقة صحيحة .
    زادك الله تعالى علمًا وحبًا لعلماء أهل السنة .
    ----------------------------------------
    الحمد لله ، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
    أما بعد، فقد سبق أن كتبت كلمة بعنوان: ((لا تحديد في الإسلام لبدء سن الزواج ولا لانتهائه)) نُشرت في 3/9/1430هـ، ومما قلت فيها: ولم يأت في الشرع تحديد سن الزواج ابتداءً وانتهاءً، فللرجل أن يتزوج الصغيرة، وله أن يتزوج الكبيرة ولو تباعد ما بينهما في السن، والرجال والنساء يتفاوتون في البلوغ سرعةً وتأخراً، وذكرت أن البلوغ
    بالسنين يكون بخمس عشرة سنة وأنه العلامة الواضحة للحد الفاصل
    بين الصغير والكبير من الرجال والنساء، وأنه قد يحصل البلوغ قبله بعلامات خفية كالاحتلام ونبات شعر خشن حول القبل والحيض، وأن من حصل له شيء من ذلك قبل سن الخامسة

    عشرة فهو بالغ، وذكرت الأدلة على ذلك، وذكرت أنه قد دل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع أهل العلم على جواز نكاح الكبير الصغيرة ولو كانت دون سن البلوغ أو بلغت وتباعد ما بينهما في السن، ثم ذكرت هذه الأدلة وهي ثلاث آيات من كتاب الله وحديثان من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثران عن عمر وأثر عن عثمان رضي الله عنهما، ونقلت حكاية إجماع أهل العلم على ذلك عن محمد بن نصر المروزي وابن المنذر والنووي، وذكرت بعض المحاذير التي تترتب على منع الزواج بالصغيرة، وذكرت أنه ليس مع الذين ينادون بما زعموه تنظيما بتحديد سن الزواج إلا وجود بعض حالات شاذة من زواج الصغيرات لم يحالفها التوفيق وانتهت بالطلاق مع أن الزواج بالصغيرات قليل، فلا تتخذ ذريعة إلى المنع من زواج الصغيرات؛ فإن فشل النكاح يوجد بكثرة في نكاح غير الصغيرات، ومثل ذلك ما ذُكر من علة عليلة وهي أن بعض مدمني المخدرات يقدمون على تزويج بناتهم الصغيرات ليحصلوا بشيء من مهورهن على المخدرات، فلا يجوز الإقدام على تبديل أو تعديل ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع من عدم تحديد سن الزواج، بل الواجب الاستسلام والانقياد لما دلت عليه الأدلة دون اعتراض عليها أو تقييد لها، كما قال الله عز وجل: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)، وقال: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، وقال: (وَمَا ءاتاكم الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنْهُ فانتهوا)، وقال: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ).
    وقد كتبت الكلمة السابقة بناء على ما نُشر في بعض الصحف أن هيئة حقوق الإنسان في المملكة بالتنسيق مع وزارة العدل بصدد وضع تنظيم لتحديد سن الزواج، وقد بلغني أن هيئة حقوق الإنسان بالمملكة مازالت تسعى إلى تحديد سن الزواج وهو استمرار في السعي للوصول إلى أمر منكر، والواجب أن يكون عمل الهيئة متجهاً إلى تصدير النور والهدى الذي جاء به الإسلام في حقوق الإنسان، لا أن تستورد الظلام والعمى؛ لأن عدم تحديد سن الزواج دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، والتحديد فيه مخالفة لتلك الأدلة وهو من محدثات القرن الرابع عشر الهجري، وقد جاء في قرار هيئة كبار العلماء رقم (179) وتاريخ 23/3/1415هـ إنكار هذا التحديد، وكذا للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم (18734)، وقد وصف شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله من رأى تحديد السن في الزواج بأنه ظلم نفسه وشرع للناس ما لم يأذن به الله، جاء ذلك في كلمة له بمناسبة ما نشرته صحيفة الرياض برقم (4974) عن مشروع قانون الأحوال الشخصية في الإمارات، وفيه: ((فبالنسبة لعقود الزواج يشترط مشروع القانون ألا يقلَّ عمر الفتى عن ثمانية عشر عاماً وعمر الفتاة عن ستة عشر عاماً ... كما لا يجوز بالنسبة لمن تجاوز الستين عاماً عقد زواج إلا بإذن المحكمة، خاصة عندما يكون فارق السن بين الطرفين يتجاوز نصف عمر الأكبر منهما))، قال الشيخ رحمه الله كما في مجموع فتاواه (4/126): ((لما كان ذلك يخالف ما شرعه الله جل وعلا أحببت التنبيه لبيان الحق، فالسن في الزواج لم يقيَّد بحد معين لا في الكبر ولا في الصغر، والكتاب والسنة يدلان على ذلك؛ لأن فيهما الحث على الزواج والترغيب فيه من دون تقييد بسن معينة)) ثم ذكر بعض الأدلة من الكتاب والسنة على عدم التحديد وقال: ((فليس لأحد أن يشرع غير ما شرعه الله ورسوله ولا أن يغير ما شرعه الله ورسوله، لأن فيه الكفاية، ومن رأى خلاف ذلك فقد ظلم نفسه وشرع للناس ما لم يأذن به الله، وقد قال عز وجل ذاماً لهذا الصنف من الناس: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) الآية، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق عليه، وفي رواية مسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) وعلقه البخاري في الصحيح جازما به ...))، والأخذ بتحديد سن الزواج الذي يستورد كما أن فيه المعصية لله لمخالفة الكتاب والسنة والإجماع، فهو أيضاً لا يكفي الغربيين لا هو ولا غيره من سفور النساء واختلاطهن بالرجال وغير ذلك، ولا يكفيهم إلا شيء واحد أخبر الله عنه بقوله: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) وقد قال الله عز وجل: (قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ)، وقال: (فَمَاذَا بَعْدَ الحق إِلاَّ الضلال).
    وإن تحقق لهيئة حقوق الإنسان ما سعت إليه من إصدار تنظيم بتحديد سن الزواج فهو إساءة منها إلى خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله لإحداثها هذا الأمر المنكر في عهده، والواجب عليها ترك هذا السعي غير الحميد لتسلم من أن تكون مفتاحاً للشر ويسلم خادم الحرمين من الإساءة إليه.
    وأسأل الله عز وجل أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وحكومته ورعيته إلى كل ما تحمد عاقبته في الدنيا والآخرة، والسلامة من كل ما يعود ضرره على الجميع في العاجل والآجل، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
    15/2/1431هـ. عبد المحسن بن حمد العباد البدر
    [ نرجو من كل مسلم ومسلمة دعاء الله عز وجل بشفاء أخي وشقيقـى من المرض الذي هو فيه ]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: كلمة أخرى حول منع الإسلام تحديد سن الزواج للشيخ العبَّاد

    جزاكم الله خيراً

    وكفى الله المسلمين شر المتلصصين على الفتيا من الجهلة ...

  4. #4

    افتراضي رد: كلمة أخرى حول منع الإسلام تحديد سن الزواج للشيخ العبَّاد

    نفع الله بالشيخ وبارك فيه .
    ولمناسبة المقام أنقل مقالا لي فيه نقاش متواضع لجوانب من هـذه القضية .

    لجينيات ـ شهدت الساحة مؤخراً نقاشاً حول الزواج المبكر ، أو ما يسمونه زواج القاصرات ، وكان المحرك الرئيس لهذا النقاش بعض وقائع الزيجات الغريبة على هذا العصر وكالعادة : تتهافت الآراء من كل حدب وصوب ، ويتدخل في هذا الموضوع من ليس أهلاً للكلام فيه ، بل وترتكب العظائم بحق الدين والشريعة لأجل تبرير آراء لا مستند لها إلا الانهزام أمام الثقافات الوافدة .

    بداية لا بد أن نعلم أن هذه قضية شرعية بالدرجة الأولى ، ونحن في هذه البلاد المباركة : نتحاكم إلى الشريعة الإسلامية ، وهي دستورنا كما تنص على ذلك أنظمة الحكم ، بالتالي فإن من يصدر عن غير الشريعة أو يبرر لغيره الصدور عما سواها فلا يحق له أن يتكلم في هذه القضية ، ولا أن يبدي فيها رأياً ، ولو نظرنا للأمر من زاوية حرية التعبير عن الرأي : فإن عرابي الحرية ودهاقنتها في العالم اليوم ، متفقون على أنها محكومة بالقانون ، وأنها لا تجيز الخروج عليه ، حتى في التعبير عن الرأي ، ولذا يمنعون التشكيك في المحرقة احتراماً للقانون ، الذي هو في الحقيقة حرية الأمة وإرادتها ، إذاً فلتحترم الشريعة بصفتها دستوراً إذا لم يكن احترامها عن وازع من إيمان .

    ثم ندلف إلى الحديث حول هذه المسألة ، انطلاقاً من عمودها الفقري : زواج عائشة رضي الله عنها ، الذي هو عمدة المؤيدين للزواج المبكر ، و غصة الرافضين له ، حتى تجرأوا أخيراً على إنكاره في ضرب جديد من ضروب مناوئة السنة والعبث بها !!

    و إنكار خبر تزويج عائشة مع كونه في البخاري – الذي هو أصح الكتب الحديثية ومجمع على صحته عند المسلمين – منطلق من مبادئ المعتزلة الذين يكذبون الأحاديث إذا خالفت الحكم المقرر عندهم قبل ورود النص ، وليس له عند أهل السنة وجه ولا مستند ، ولا يتفق هذا الإنكار مع الأصول السنية أبداً !

    زعم بعضهم : أنه معلول من جهة المتن ، حيث القصة غير موافقة لمقاصد الإسلام ! هكذا ، في جرأة غريبة ، وسقط من القول ، فكيف بأمر من أمور الدين هو بدرجة ( مقصد ) يغيب عن علماء الشريعة و أئمة الدين من الصحابة ومن بعدهم الذين بلغهم الخبر وتناقلوه و تلقوه بالقبول ... ثم يدركه المعاصرون تحت وطأة الثقافة الوافدة ؟ وكيف تغيب مقاصد الشريعة عن أقرب الناس عهداً برسول الله وصحابته والأئمة ، ثم يدركها المتأخرون في زمن غربة الدين وتهافت المناوئين عليه ؟

    لا شك أن هذا الزعم ( المقاصدي ) هو تخرص لا زمام له ولا خطام ، و ردّ المتن بعد صحة السند لا يكون بالظن والتخرص ، إنما يكون بالقطع الذي يتفق عليه الناس ، وإلا صار كل محق في تكذيبه السنة بدعوى مخالفتها لما يفهمه من مقاصد الدين .. وهذا يأتي على الدين من أصله ، ولا يفتح هذا الباب إلا من تلبس بضلال نسأل الله العافية والسلامة .

    إن من له أدنى طلعة في واقع العمل الحديثي عن أئمة الإسلام : يجدهم بالغوا في نقد الحديث ، وتثبتوا غاية التثبت في أمر الأخبار والروايات ، ولم يتساهلوا في تصحيح الأحاديث وتضعيفها ، ولم يقبلوا الحديث ممن عظمت منزلته في الديانة حتى يضاف إلى ذلك : ضبطه وإتقانه ، وسلامة ما يروي من الشذوذ والعلل القادحة ، ولم تغب عنهم العلل القادحة متناً وإسناداً مهما صغرت ، وهم مع ذلك : لم يجدوا في هذا الخبر ما يوجب الرد بل تلقوه بالقبول .

    بعض الجاهلين من المستغربين : بلغ به العي أن ينسب الكذب إلى البخاري نفسه ، لأجل وجود هذه الرواية في صحيحه ، وظنه أن هذا الكتاب قد حظي بقداسة عند المسلمين من قداسة مؤلفه ، في حين : أن عمل الإمام البخاري في صحيحه أشبه بالعمل الأكاديمي في هذا العصر ، حيث قام بمجهود علمي في تخصص توافر علماؤه وأئمته ، وكان إشراف هؤلاء العلماء على كتابه ثم تلقيهم له بالقبول بمثابة تحكيم لجنة علمية وإجازتها لمجهوده الجبار ، وإلا فأشياخه لهم من المؤلفات الحديثية ما هو أكبر من كتابه ، وأدعى للقبول إذا كانت معايير القبول تأثرية – كما يزعمون – فهذا شيخه أحمد بن حنبل : صاحب مذهب متبوع ، وإمام جليل ، له المسند الذي يقارب عشرة أضعاف البخاري ، ومع ذلك لم ينل تلك المرتبة التي نالها البخاري ، وقبله الإمام مالك : صاحب مذهب متبوع ، ومن أوائل من دون في علم الحديث ، وكتابه الموطأ لم ينل تلك المرتبة التي نالها البخاري ، مع جلالة كتابيهما وجلالتهما .

    فقبول البخاري وتصحيح ما فيه : مستند على تثبت مؤلفه في جمع الأحاديث الصحيحة ، التي أجمع العلماء على صحتها ، بعد أن فحصوها ولم يجدوا فيها إلا ما هو مقبول وحجة في الدين .

    وعليه : فإن خبر عائشة وزواجها وهي صغيرة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، خبر صحيح غير قابل للتكذيب ولا للإنكار .

    ولنتأمل ما نستفيده من قصة عائشة في مسألة زواج الصغيرات مستحضرين أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم خير هدي ، و أن لنا العزة والفخار في التأسي به ، خاصة في القضايا التي يكثف رفضها في ظل شيوع الأفكار الوافدة ، فنقول وبالله التوفيق :

    والدها رضي الله عنه كان جديراً بالقيام بمصالح الأمة الإسلامية ورعايتها بعد وفاة رسولها صلى الله عليه وسلم ، فهو من باب أولى حقيق برعاية مصلحة ابنته في أمر زواجها ، وأي مصلحة أعظم من التي أسداها أبو بكر لابنته إذ يغرسها في بيت النبوة زوجة لسيد ولد آدم وخيرهم لأهله ؟ !

    وهذا سر المسألة : فإن ولي الفتاة متى تحلى بالمسؤولية والأهلية في جلب مصلحتها ، سهل ما بعد ذلك ، من وقوع التزويج حيث تكون مؤهلة له ، ومن وقوعها في كنف زوج كفؤ .

    ومن تأمل في سيرة عائشة رضي الله عنها وجد أنها كانت مؤهلة لهذا الزواج على حداثة سنها لما توافر فيها من صفات : منها ذكاؤها ، وقوة الشخصية ، فلقد كانت تنتصف من ضراتها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي يبتسم إذا رأى ذلك ويقول : "هذه ابنة أبي بكر " وكانت تجمع نساء النبي على الأمر وتقودهم فيه كما هو مبسوط في كتب السير .

    ولو نظرنا لأثر هذه الزيجة المباركة في حياتها : وجدناها مع المصطفى في أمثال من حياتهما هي بحق نبراس لكل رائم للحياة الزوجية السعيدة ، ولكل من تهفو نفسه لبيت مطمئن قد تحققت فيه المودة والسكن .

    ولما رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم : تركها بعده كواحدة من أفضل النساء ، ورائدة من رواد الإرث النبوي ، محدثة ومفتية ، يرجع لها الأكابر من صحابة رسول الله ، وهكذا بعد رحيلها رضي الله عنها : رمزاً من رموز الإسلام ، وعلماً من أعلامه ، حبها إيمان ، وبغضها نفاق وكفر .

    هكذا عاد عليها هذا الزواج الصالح ، بكثير من المصالح ، ولم يعد عليها وصف الصغر بأي ضرر ، في ظل رعاية والد مسؤول وزوج كريم هما من خيرة الرجال وأتقاهم .

    وفي هذه القصة : معتضد لكل والد يشعر بالمسؤولية تجاه ابنته ، ويرقب مصلحتها ويتحراها ، ولو بتزويجها وهي صغيرة .

    أما من حاله أنه مفرط في حق ابنته ، وغير مهتم بمصلحتها في دينها ودنياها ، فهو غير جدير بمسؤوليته عليها ، فضلاً عن أن يكون له مبرر في قصة عائشة كي يزوج ابنته طمعاً في مال ، أو قصد إضرار لأمها ، أو هزلاً وتساهلاً بأمر التزويج ، دون مراعاة لأهليتها للزواج ، أو أهلية من يزوجه بها .

    فشتان بين تزويج يجعل الحياة حافلة بالإيجابية نحو الأسرة و المجتمع ، ويصنع الرموز – كزواج عائشة – وبين زواج يضر بالفتاة ، أو يكون سلبياً في حياتها .

    وقد ظن بعضهم أن علاج السلبية في أمر زواج الصغيرات يكون بتحديد سن قانونية ، لا يكون النكاح قبلها نظاماً ، وهذا حل ليس بسديد في رأيي ، وليس متسقاً مع إرثنا الإسلامي وهويتنا الثقافية .

    والحل المناسب يكون عبر مسارين :

    الأول : تكثيف التوعية ، وتنمية المسؤولية في قلوب الآباء ، وفي الحديث أن الراعي مسؤول عن رعيته ، وأن من غش رعيته لم يرح رائحة الجنة .

    الثاني : إجرائي قانوني ، بحيث تكون الزيجات التي أحد طرفيها صغيراً بحاجة إلى اعتماد قضائي ، والقاضي يتحقق من أهلية والد الفتاة ، ويتحقق من مصلحة هذا التزويج ، فإذا ثبت لديه أنه زواج مضر ، وأن والد الفتاة لا يتمتع بالمسؤولية ، فإنه ينزع منه الولاية ويسندها إلى من هو بعده ، أو إلى القضاء إن لزم الأمر .

    والله أعلم .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •