حقيقة دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب

الكاتب : إسحاق آل الشيخ


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون، وبعدله ضل الضالون { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون } [الأنبياء: 23] أحمده سبحانه، حمد عبد، نزه ربه عما يقول الظالمون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وسبحان الله رب العرش عما يصفون.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق المأمون، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، الذين هم بهديه متمسكون؛ وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فإنه ابتلى بعض من استحوذ عليه الشيطان، بعداوة شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى ومسبته، وتحذير الناس عنه، وعن مصنفاته، لأجل ما قام بقلوبهم من الغلو في أهل القبور، وما نشؤوا عليه من البدع، التي امتلأت بها الصدور؛ فأردت أن أذكر طرفا من أخباره، وأحواله، ليعلم الناظر فيه، حقيقة أمره، فلا يروج عليه الباطل، ولا يغتر بحائد عن الحق مائل، مستنده ما ينقله أعداؤه، الذين اشتهرت عداوتهم له في وقته، وبالغوا في مسبته، والتأليب عليه، وتهمته، وكثيرا ما يضعون من مقداره، ويغيضون ما رفع الله من مناره؛ منابذة للحق الأبلج، وزيغا عن سواء المنهج .
والذي يقضي به العجب: قلة إنصافهم، وفرط جورهم، واعتسافهم، وذلك أنهم لا يجدون زلة من المنتسبين إليه، ولا عثرة إلا نسبوها إليه، وجعلوا عارها راجعا عليه، وهذا من تمام كرامته، وعظم قدره، وإمامته؛ وقد عرف من جهالهم، واشتهر من أعمالهم: أنه ما دعا إلى الله أحد، وأمر بمعروف، ونهى عن منكر، في أي قطر من الأقطار، إلا سموه وهابيا، وكتبوا فيه الرسائل إلى البلدان، بكل قول هائل، يحتوي على الزور والبهتان.
ومن أراد الإنصاف، وخشي مولاه وخاف: نظر في مصنفات هذا الشيخ، التي هي الآن موجودة عند أتباعه، فإنها أشهر من نار على علم، وأبين من نبراس على ظلم ، وسأذكر لك بعض ما وقفت عليه من كلامه، خوفا أن تخوض من مسبته في مهامه، فأقول:
قد عرف واشتهر، واستفاض من تقارير الشيخ، ومراسلاته، ومصنفاته، المسموعة المقروءة عليه، وما ثبت بخطه، وعرف واشتهر من أمره، ودعوته، وما عليه الفضلاء النبلاء من أصحابه وتلامذته، أنه: على ما كان عليه السلف الصالح، وأئمة الدين، أهل الفقه، والفتوى، في باب معرفة الله، وإثبات صفات كماله، ونعوت جلاله، التي نطق بها الكتاب العزيز، وصحت بها الأخبار النبوية، وتلقاها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقبول والتسليم، يثبتونها، ويؤمنون بها، ويمرونها كما جاءت، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
وقد درج على هذا: من بعدهم من التابعين، من أهل العلم، والإيمان، من سلف الأمة؛ كسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبدالله، وسليمان بن يسار؛ وكمجاهد بن جبر، وعطاء بن أبي رباح، والحسن، وابن سيرين، والشعبي، وأمثالهم؛ كعلي بن الحسين، وعمر بن عبدالعزيز، ومحمد بن مسلم الزهري، ومالك بن أنس، وابن أبي ذئب؛ وكحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، والفضيل بن عياض، وابن المبارك، وأبي حنيفة النعمان بن ثابت، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والبخاري، ومسلم؛ ونظرائهم من أهل الفقه والأثر؛ لم يخالف هذا الشيخ ما قالوه، ولم يخرج عما دعوا إليه واعتقدوه.
وأما توحيد العبادة، والإلهية، فقد حققه غاية التحقيق، ووضح فيه المنهج والطريق؛ وقال: إن حقيقة ما عليه أهل الزمان، وما جعلوه هو غاية الإسلام والإيمان، من طلب الحوائج من الأموات، وسؤالهم في المهمات، وحج قبورهم، للعكوف عندها، والصلوات؛ هو بعينه فعل الجاهلية الأولى، من دعاء اللات، والعزى، ومناة؛ لأن اللات، كما ورد في الأحاديث : رجل يلت السويق للحاج، فمات فعكفوا على قبره، يرجون شفاعته في مجاوريه، والتقرب به إلى الله في زائريه، ولم يقولوا: إنه يدبر الأمر ويرزق، ولا أنه يحيى ويميت ويخلق، كما نطق بذلك الكتاب، فكان مما لا شك فيه ولا ارتياب.
قال الله تعالى: { قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون } [يونس: 31]
قال العماد ابن كثير رحمه الله أي: أفلا تتقون الشرك في العبادة، لأنهم لا يطلبون إلا الشفاعة والقرب، كما قال تعالى: { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هـؤلاء شفعاؤنا عند الله } [يونس: 18] وقال تعالى: { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } [الزمر: 3].
قال الشيخ رحمه الله يوضح ذلك، أن أصل الإسلام وقاعدته: شهادة أن لا إله إلا الله، وهي أصل الإيمان بالله وحده، وهي أفضل شعب الإيمان، وهذا الأصل، لا بد فيه من العلم والعمل والإقرار؛ بإجماع المسلمين؛ ومدلوله: وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، والبراءة من عبادة ما سواه، كائنا من كان؛ وهذا: هو الحكمة التي خلقت لها الجن والإنس، وأرسلت لها الرسل، وأنزلت بها الكتب، وهي: تضمن كمال الذل والحب، وتتضمن كمال الطاعة والتعظيم؛ وهذا هو دين الإسلام، الذي لا يقبل الله دينا سواه، لا من الأولين، ولا من الآخرين.
قال رحمه الله : وقد جمع ذلك في سورة الإخلاص، أي: العلم، والعمل، والإقرار، وقد اكتفى بعض أهل زماننا، بالإقرار وحده، وجعلوه غاية التوحيد، وصرفوا العبادة التي هي مدلول: لا إله إلا الله، للمقبورين، وجعلوها من باب التعظيم للأموات، وأن تاركها قد هضمهم حقهم، وأبغضهم، وعقهم؛ ولم يعرفوا، أن دين الإسلام، هو الاستسلام لله وحده، والخضوع له وحده، وأن لا يعبد بجميع أنواع العبادة سواه.
وقد دل القرآن، على أن من استسلم لله، ولغيره، كان مشركا؛ قال تعالى: { وأنـيبوا إلى ربكم وأسلموا له } [الزمر: 54] وقال تعالى: { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } [النحل: 36]، وقال تعالى: { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إلـه إلا أنا فاعبدون } [الأنبياء: 25] وقال تعالى عن الخليل: { وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براءٌ مما تعبدون * إلا الذي فطرني فإنه سيهدين * وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون } [الزخرف: 26-28] وقال: { قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده } [الممتحنة: 4] وقال تعالى: { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمـن آلهة يعبدون } [الزخرف: 45] وذكر عن رسله نوح، وهود، وشعيب، وغيرهم، أنهم قالوا لقومهم: { اعبدوا الله ما لكم من إلـه غيره } [هود: 50، 61، 84].
قال رحمه الله : والشرك المراد في هذه الآيات، ونحوها، يدخل فيه شرك عباد القبور، وعباد الأنبياء، والملائكة، والصالحين، فإن هذا، هو شرك جاهلية العرب، الذين بعث فيهم، عبدالله، ورسوله، محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنهم كانوا يدعونها، ويلتجئون إليها، ويسألونها، على وجه التوسل بجاهها، وشفاعتها، لتقربهم إلى الله، كما نبه تعالى على ذلك، في آيتي يونس، والزمر .
قال رحمه الله : ومعلوم أن المشركين، لم يزعموا أن الأنبياء، والأولياء، والصالحين، شاركوا الله في خلق السماوات والأرض، واستقلوا بشيء من التدبير، والتأثير، والإيجاد، ولو في خلق ذرة من الذرات، قال تعالى: { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكـل المتوكلون } [الزمر: 38] فهم معترفون بهذا، مقرون به، لا ينازعون فيه، ولذلك: حسن موقع الاستفهام، وقامت الحجة بما أقروا به من هذه الجمل، وبطلت عبادة من لا يكشف الضر، ولا يمسك الرحمة؛ ولا يخفى ما في التنكير، من العموم، والشمول، المتناول لأقل شيء، وأدناه، من ضر، أو رحمة؛ قال تعالى: { وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون } [يوسف: 106] ذكر فيه السلف، كابن عباس، وغيره، أن إيمانهم هنا، بما أقروا به، من ربوبيته، وملكه؛ وفسر شركهم المذكور، بعبادة غير الله.
قال رحمه الله : فإن قلت: إنهم لم يطلبوا إلا من الأصنام، ونحن ندعو الأنبياء؛ قلت: قد بين القرآن في غير موضع، أن من المشركين من أشرك بالملائكة، ومنهم من أشرك بالأنبياء والصالحين، ومنهم من أشرك بالكواكب، ومنهم من أشرك بالأصنام، وقد رد الله عليهم جميعهم، وكفر كل أصنافهم، كما قال تعالى: { ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون } [آل عمران: 80] وقال: { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم } [التوبة: 31] وقال: { لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر. . . الآية } [النساء: 172] ونحو ذلك في القرآن كثير.
وكما في سورة الأنبياء: { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } [الأنبياء: 98] وقول ابن الزبعري: نحن نعبد الملائكة، والأنبياء، وغيرهم فكلنا في حصب جهنم؟! فرد الله عليهم بالاستثناء في آخرها: { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولـئك عنها مبعدون } [الأنبياء: 101] وبه يعلم المؤمن: أن عبادة الأنبياء، والصالحين، كعبادة الكواكب، الأصنام، من حيث الشرك، والكفر بعبادة غير الله.
قال رحمه الله : وهذه العبادات، التي صرفها المشركون لآلهتهم، هي: أفعال العباد الصادرة منهم؛ كالحب، والخضوع، والإنابة، والتوكل والدعاء، والاستعانة، والاستغاثة، والخوف، والرجاء، والنسك، والتقوى والطواف ببيته رغبة ورجاء، وتعلق القلوب والآمال، بفيضه، ومده، وإحسانه، وكرمه، فهذه الأنواع: أشرف أنواع العبادة وأدلها؛ بل هي: لب سائر الأعمال الإسلامية، وخلاصتها؛ وكل عمل يخلو منها فهو خداج، مردود على صاحبه.
وإنما أشرك، وكفر من كفر من المشركين، بقصد غير الله بهذا، وتأليهه غير الله بذلك، قال تعالى: { أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون } [النحل: 17]، وقال تعالى: { أم لهم آلهةٌ تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون } [الأنبياء: 43]، وقال تعالى: { واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون. . . الآية } [الفرقان: 3]، وحكى عن أهل النار، أنهم يقولون لآلهتهم التي عبدوها مع الله: { تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين } [الشعراء: 97-98] ومعلوم: أنهم ما ساووهم به، في الخلق، والتدبير، والتأثير، وإنما كانت التسوية، في الحب، والخضوع، والتعظيم، والدعاء ونحو ذلك من العبادات.
قال رحمه الله : فجنس هؤلاء المشركين، وأمثالهم، ممن يعبد الأولياء، والصالحين، نحكم: بأنهم مشركون؛ ونرى كفرهم، إذا قامت عليهم الحجة الرسالية؛ وما عدا هذا من الذنوب، التي هي دونه في المرتبة والمفسدة، لا نكفر بها.
ولا نحكم على أحد من أهل القبلة، الذين باينوا لعباد الأوثان والأصنام والقبور، بمجرد ذنب ارتكبوه، وعظيم جرم اجترحوه؛ وغلاة الجهمية والقدرية والرافضة، ونحوهم ممن كفرهم السلف: لا نخرج فيهم عن أقوال أئمة الهدى والفتوى، من سلف هذه الأمة، ونبرأ إلى الله مما أتت به الخوارج، وقالته في أهل الذنوب من المسلمين.
قال رحمه الله : ومجرد الإتيان بلفظ الشهادة، من غير علم بمعناها، ولا عمل بمقتضاها: لا يكون به المكلف مسلما؛ بل هو حجة على ابن آدم، خلافا لمن زعم أن الإيمان مجرد الإقرار، كالكرامية؛ ومجرد التصديق كالجهمية؛ وقد أكذب الله المنافقين، فيما أتوا به وزعموه من الشهادة، وأسجل على كذبهم، مع أنهم أتوا بألفاظ مؤكدة، بأنواع من التأكيدات، قال تعالى: { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } [المنافقون: 1] فأكدوا بلفظ الشهادة، وإن المؤكدة، واللام، وبالجملة الاسمية؛ فأكذبهم، وأكد تكذيبهم، بمثل ما أكدوا به شهادتهم، سواء بسواء؛ وزاد التصريح باللقب الشنيع، والعلم البشع الفظيع.
وبهذا تعلم: أن مسمى الإيمان، لا بد فيه من التصديق والعمل؛ ومن شهد أن لا إله إلا الله، وعبد غيره، فلا شهادة له، وإن صلى، وزكى، وصام، وأتى بشيء من أعمال الإسلام؛ قال تعالى لمن آمن ببعض الكتاب ورد بعضا: { أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض. . . الآية } [البقرة: 85]، وقال تعالى: { إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا. . . الآية } [النساء: 150] وقال تعالى: { ومن يدع مع الله إلـها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون } [المؤمنون: 117].
والكفر نوعان: مطلق، ومقيد؛ فالمطلق، هو: الكفر بجميع ما جاء به الرسول؛ والمقيد: أن يكفر ببعض ما جاء به الرسول؛ حتى إن بعض العلماء: كفر من أنكر فرعا مجمعا عليه، كتوريث الجد، أو الأخت، وإن صلى وصام، فكيف بمن يدعو الصالحين، ويصرف لهم خالص العبادة ولبها؟ وهذا: مذكور في المختصرات من كتب المذاهب الأربعة بل: كفروا ببعض الألفاظ، التي تجري على ألسن بعض الجهال، وإن صلى وصام من جرت على لسانه.
قال رحمه الله : والصحابة كفروا من منع الزكاة، وقاتلوهم، مع إقرارهم بالشهادتين، والإتيان بالصلاة، والصوم، والحج؛ قال رحمه الله : وأجمعت الأمة على كفر بني عبيد القداح، مع أنهم يتكلمون بالشهادتين، ويصلون ويبنون المساجد، في قاهرة مصر، وغيرها؛ وذكر: أن ابن الجوزي، صنف كتابا في وجوب غزوهم، وقتالهم، سماه: النصر على مصر؛ قال: وهذا يعرفه من له أدنى إلمام بشيء من العلم والدين، فتشبيه عباد القبور، بأنهم يصلون، ويصومون، ويؤمنون بالبعث، مجرد تعمية على العوام، وتلبيس، لينفق شركهم، ليقال بإسلامهم، وإيمانهم، ويأبى الله ذلك، ورسوله، والمؤمنون.
وأما مسائل: القدر، والجبر، والإرجاء، والإمامة، والتشيع، ونحو ذلك، من المقالات، والنحل، فهو : أيضا فيها، على ما كان عليه السلف الصالح، وأئمة الهدى والدين؛ ويبرأ إلى الله مما قالته القدرية النفاة، والقدرية المجبرة؛ وما قالته المرجئة، والرافضة؛ وما عليه غلاة الشيعة والناصبة؛ ويوالي: جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويكف عما شجر بينهم؛ ويرى أنهم أحق الناس بالعفو عما يصدر منهم، وأقرب الخلق إلى مغفرة الله وإحسانه، لفضائلهم، وسوابقهم، وجهادهم، وما جرى على أيديهم، من فتح القلوب بالعلم النافع، وفتح البلاد، ومحو آثار الشرك، وعبادة الأوثان، والنيران، والأصنام، والكواكب، ونحو ذلك مما عبده جهال الأنام.
ويرى: البراءة مما عليه الرافضة، وأنهم سفهاء، لئام؛ ويرى: أن أفضل الأمة بعد نبيها أبوبكر، فعمر، فعثمان، فعلي، رضي الله عنهم أجمعين، ويعتقد: أن القرآن -الذي نزل به الروح الأمين، على قلب سيد المرسلين، وخاتم النبيين- كلام الله، غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود. ويبرأ: من رأي الجهمية، القائلين بخلق القرآن، ويحكي تكفيرهم عن جمهور السلف، أهل العلم والإيمان.
ويبرأ: من رأي الكلابية، أتباع عبدالله بن سعيد بن كلاب: القائلين: بأن كلام الله، هو المعنى القائم بنفس الباري، وأن ما نزل به جبريل عليه السلام، حكاية، أو عبارة عن المعنى النفسي؛ ويقول: هذا من قول الجهمية؛ وأول من قسم هذا التقسيم، هو: ابن كلاب، وأخذ عنه: الأشعري، وغيره، كالقلانسي؛ ويخالف الجهمية في كل ما قالوه، وابتدعوه في دين الله، ولا يرى: ما ابتدعته الصوفية، من البدع، والطرائق، المخالفة لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسنته، في العبادات، والخلوات، والأذكار، المخالفة للشرع.
ولا يرى: ترك السنن، والأخبار النبوية، لرأي فقيه، ومذهب عالم، خالف ذلك باجتهاده، بل السنة: أجل في صدره وأعظم عنده، من أن تترك لقول أحد، كائنا من كان؛ قال عمر بن عبدالعزيز: لا رأي لأحد مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نعم عند الضرورة، وعدم الأهلية والمعرفة بالسنن والأخبار، وقواعد الاستنباط، والاستظهار، يصار إلى التقليد، لا مطلقا، بل فيما يعسر ويخفى. ولا يرى: إيجاب ما قاله المجتهد، إلا بدليل تقوم به الحجة، من الكتاب، والسنة؛ خلافا لغلاة المقلدين. ويوالي: الأئمة الأربعة، ويرى فضلهم، وإمامتهم، وأنهم في الفضل، والفضائل، في غاية رتبة، يقصر عنها المتطاول؛ وميله إلى أقوال الإمام أحمد أكثر .
ويوالي: كافة أهل الإسلام، وعلمائهم، من أهل الحديث، والفقه، والتفسير، وأهل الزهد والعبادة؛ ويرى المنع من الانفراد عن أئمة الدين، من السلف الماضين، برأي مبتدع، أو قول مخترع، فلا يحدث في الدين ما ليس له أصل يتبع، وما ليس من أقوال أهل العلم والأثر؛ ويؤمن: بما نطق به الكتاب، وصحت به الأخبار، وجاء الوعيد عليه، من تحريم دماء المسلمين، وأموالهم،
وأعراضهم؛ لا يبيح من ذلك إلا ما أباحه الشرع، وأهدره الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن نسب إليه خلاف ذلك، فقد: كذب وافترى، وقال ما ليس له به علم، وسيجزيه الله ما وعد به أمثاله من المفترين.
وأبدى رحمه الله : من التقارير المفيدة، والأبحاث الفريدة، على كلمة الإخلاص، والتوحيد، شهادة: أن لا إله إلا الله، ما دل عليه الكتاب المصدق، والإجماع المستنير المحقق، من نفي استحقاق العبادة، والإلهية عما سوى الله، وإثبات ذلك لله سبحانه، على وجه الكمال، المنافي لكليات الشرك، وجزئياته، وأن هذا: هو معناها، وضعا، ومطابقة خلافا لمن زعم غير ذلك، من المتكلمين، كمن يفسر ذلك؛ بالقدرة على الاختراع، أو أنه سبحانه غني عما سواه، مفتقر إليه من عداه، فإن هذا لازم المعنى، إذ الإله الحق، لا يكون إلا قادرا، غنيا عما سواه؛ وأما كون هذا، هو المعنى المقصود بالوضع، فليس كذلك.
والمتكلمون: خفي عليهم هذا، وظنوا أن تحقيق توحيد الربوبية، والقدرة، هو الغاية المقصودة، والفناء فيه، هو تحقيق التوحيد؛ وليس الأمر كذلك، بل هذا لا يكفي في أصل الإسلام، إلا إذا أضيف إليه، واقترن به، توحيد الإلهية: إفراد الله تعالى بالعبادة، والحب، والخضوع، والتعظيم، والإنابة، والتوكل، والخوف، والرجاء، وطاعة الله، وطاعة رسوله، هذا أصل الإسلام، وقاعدته؛ والتوحيد الأول، الذي عبروا به عنها، هو: توحيد الربوبية، والقدرة والخلق، والإيجاد، وهو الذي يبنى عليه: توحيد العمل، والإرادة، وهو دليله الأكبر، وأصله الأعظم.
وكثيرا ما يحتج به سبحانه، على من صرف العمل لغيره، قال تعالى: { وإلـهكم إلـهٌ واحدٌ لا إلـه إلا هو الرحمـن الرحيم } [البقرة: 163] الآيات، وقال: { أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإلـهٌ مع الله } إلى آخر الآيات، [النمل: 62-64]، وقال تعالى: { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش. . . الآية } [الأعراف: 54] ومن نظر في تفاسير السلف، علم هذا.
وقد قرر رحمه الله على شهادة أن محمدا رسول الله -في بيان ما تستلزمه هذه الشهادة، وتستدعيه، وتقتضيه، من تجريد المتابعة، والقيام بالحقوق النبوية، من الحب، والتوقير، والنصر، والمتابعة، والطاعة، وتقديم سنته صلى الله عليه وسلم على كل سنة وقول؛ والوقوف معها حيث وقفت، والانتهاء حيث انتهت، في أصول الدين، وفروعه، باطنه وظاهره، خفيه، وجليه، كليه، وجزئيه، ما ظهر به فضله، وتأكد علمه، ونبله، وأن من نقل عنه ضد ذلك، من دعاة الضلال، فقد فسد قصده، وعقله .
والواقف على مصنفاته، وتقريراته، يعرف: أنه سباق غايات، وصاحب آيات؛ لا يشق غباره، ولا تدرك في البحث والإفادة آثاره، وأن أعداءه، ومنازعيه، وخصومه، في الفضل، وشانئيه، يصدق عليهم: المثل السائر: بين أهل المحابر، والدفاتر، شعر:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسدا وبغيا إنه لدميم


وقال رحمه الله ، على قوله تعالى: { وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } [الشورى: 52] فالرسول صلى الله عليه وسلم ، جعله الله إماما للناس، وكما أنزل عليه القرآن، أنزل عليه السنة، موافقة له، مبينة له، فكل ما وافق ما جاء به، فهو صراط مستقيم، وما خالفه، فهو: بدعة، وضلال وخيم؛ وقوله: { صراط مستقيم } [الشورى: 23] أي الدال على الله، وفيه تشريفه، وتشريف شرعه، بإضافته إلى الله، فما أجهل من ابتدع قولا، مخالفا لقوله تعالى: { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } [آل عمران: 31].
وله رحمه الله ترجمة في: كتاب التوحيد، الذي صنف، بين فيها طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ قال: ( باب من أطاع العلماء، والأمراء، في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، فقد اتخذهم أربابا من دون الله ) واستدل بحديث عدي ؛ وله بحوث في تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله، بين بعضها الشيخ: حسين بن غنام، في تاريخه.
وله رحمه الله ، من المناقب، والمآثر، ما لا يخفى على أهل الفضائل، والبصائر؛ ومما اختصه الله به، من الكرامة: تسلط أعداء الدين، وخصوم عباد الله المؤمنين، على مسبته، والتعرض لبهته، وغيبته، قال الشافعي رحمه الله : ما أرى الناس ابتلوا بشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا ليزيدهم الله بذلك ثوابا، عند انقطاع أعمالهم؛ وأفضل الأمة بعد نبيها: أبوبكر، وعمر؛ وقد ابتليا، من طعن أهل الجهالة، وسفهائهم؛ بما لا يخفى.
وما حكينا عن الشيخ، حكاه: أهل المقالات، عن أهل السنة والجماعة، مجملا ومفصلا؛ قال أبوالحسن، الأشعري: جملة ما عليه أصحاب الحديث، وأهل السنة، الإقرار بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله؛ وما جاؤوا به من عند الله؛ وما رواه الثقات، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يردون من ذلك شيئا.
وأن الله تعالى: إله واحد، أحد، فرد، صمد، لم يتخذ صاحبة، ولا ولدا، وأن محمدا عبده ورسوله؛ وأن الجنة حق؛ وأن النار حق؛ وأن الساعة آتية لا ريب فيها؛ وأن الله يبعث من في القبور؛ وأن الله تعالى على عرشه، كما قال: { الرحمـن على العرش استوى } [طه: 5] وأن له يدين، بلا كيف، كما قال: { لما خلقت بيدي } [ص: 75] وكما قال: { بل يداه مبسوطتان } [المائدة: 64] وأن له عينين، بلا كيف، وأن له وجها، جل ذكره، كما قال تعالى: { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } [الرحمن: 27] وأن أسماء الله تعالى، لا يقال إنها غير الله، كما قالت المعتزلة، والخوارج.
وأقروا: أن لله علما، كما قال: { أنزله بعلمه } [النساء: 166] وكما قال تعالى: { وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه } [فاطر: 11] وأثبتوا، السمع، والبصر، ولم ينفوا ذلك، كما نفته المعتزلة؛ وأثبتوا لله، القوة، كما قال تعالى: { أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة } [فصلت: 15] وقالوا: إنه لا يكون في الأرض، من خير، ولا شر، إلا ما شاء الله؛ وأن الأشياء تكون بمشيئة الله تعالى، كما قال: { وما تشاءون إلا أن يشاء الله } [الإنسان: 30] وكما قال المسلمون: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وقالوا: إن أحدا لا يستطيع أن يفعل شيئا، قبل أن يفعله الله، أو يكون أحد يقدر على أن يخرج عن علم الله، وأن يفعل شيئا علم الله أنه لا يفعله.
وأقروا: أنه لا خالق إلا الله، وأن أعمال العباد يخلقها الله، وأن العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئا، وأن الله تعالى وفق المؤمنين لطاعته، وخذل الكافرين بمعصيته، ولطف بالمؤمنين، وأصلحهم، وهداهم، ولم يلطف بالكافرين، ولا أصلحهم، ولا هداهم؛ ولو أصلحهم لكانوا صالحين، ولو هداهم لكانوا مهتدين، وأن الله تعالى يقدر، أن يصلح الكافرين، ويلطف بهم، حتى يكونوا مؤمنين، ولكنه أراد أن يكونوا كافرين، كما علم، وخذلهم، وأضلهم، وطبع على قلوبهم، وأن الخير، والشر، بقضاء الله وقدره.
ويؤمنون: بقضاء الله وقدره، خيره وشره، حلوه ومره، ويؤمنون: أنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا، ولا ضرا، إلا ما شاء الله، كما قال؛ ويلجئون أمرهم إلى الله، ويثبتون الحاجة إلى الله، في كل وقت، والفقر إلى الله في كل حال، ويقولون: إن كلام الله غير مخلوق، والكلام في الوقف، واللفظ، من قال باللفظ، أو الوقف، فهو مبتدع عندهم، لا يقال: اللفظ بالقرآن مخلوق، ولا يقال غير مخلوق؛ ويقولون: إن الله تعالى يرى بالأبصار يوم القيامة، كما يرى القمر ليلة البدر، يراه المؤمنون، ولا يراه الكافرون؛ لأنهم عن الله محجوبون، قال تعالى: { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون } [المطففين: 15] وإن موسى: سأل الله سبحانه الرؤية في الدنيا، وإن الله تجلى للجبل، فجعله دكا، فأعلمه بذلك، أنه لا يراه في الدنيا، بل يراه في الآخرة.
ولم يكفروا أحدا من أهل القبلة بذنب يرتكبه، كنحو الزنا، والسرقة، وما أشبه ذلك من الكبائر، وهم بما معهم من الإيمان، مؤمنون، وإن ارتكبوا الكبائر؛ والإيمان، عندهم، هو الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وبالقدر خيره وشره، حلوه ومره، وأن ما أخطأهم لم يكن ليصيبهم، وما أصابهم لم يكن ليخطئهم؛ والإسلام، هو: أن يشهد أن لا إله إلا الله، على ما جاء به الحديث؛ والإسلام عندهم، غير الإيمان؛ ويقرون بأن الله مقلب القلوب.
ويقرون: بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنها لأهل الكبائر من أمته، وبعذاب القبر؛ وأن الحوض حق؛ والمحاسبة من الله للعباد حق؛ والوقوف بين يدي الله حق؛ ويقرون: بأن الإيمان، قول وعمل، يزيد وينقص؛ ولا يقولون: مخلوق، ولا غير مخلوق؛ ويقولون: أسماء الله تعالى، هي الله؛ ولا يشهدون، على أحد من أهل الكبائر، بالنار، ولا يحكمون بالجنة، لأحد من الموحدين، حتى يكون الله هو نزلهم حيث شاء، ويقولون: أمرهم إلى الله، إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم، ويؤمنون: بأن الله يخرج قوما من الموحدين من النار، على ما جاءت الروايات، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وينكرون: الجدل، والمراء في الدين، والخصومة في القدر، والمناظرة فيما يتناظر فيه أهل الجدل، ويتنازعون فيه من دينهم، بالتسليم للروايات الصحيحة، ولما جاءت به الآثار، التي رواها الثقات، عدلا عن عدل، حتى ينتهى ذلك، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يقولون: كيف؟ ولا: لم؟ لأن ذلك، بدعة؛ ويقولون: إن الله تعالى لم يأمر بالشر، بل نهى عنه، وأمر بالخير، ولم يرض بالشر، وإن كان مريدا له.
ويعرفون: حق السلف، الذين اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ويأخذون بفضائلهم، ويمسكون عما شجر بينهم، صغيرهم، وكبيرهم؛ ويقدمون: أبا بكر؛ ثم عمر؛ ثم عثمان؛ ثم عليا رضي الله عنهم. ويقرون: أنهم الخلفاء الراشدون المهديون، وأنهم أفضل الناس كلهم بعد نبيهم؛ ويصدقون: بالأحاديث، التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أن الله ينزل إلى سماء الدنيا، فيقول: هل من مستغفر ... ) كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ويأخذون بالكتاب والسنة، كما قال تعالى: { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } [النساء: 59] ويرون: اتباع من سلف من أئمة الدين، وأن لا يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله، ويقرون: أن الله تعالى يجيء يوم القيامة، كما قال تعالى: { وجاء ربك والملك صفا صفا } [الفجر: 22] وأن الله يقرب من خلقه كيف يشاء، كما قال تعالى: { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } [ق: 16] ويرون، العيد، والجمعة، والجماعة، خلف كل إمام، بر، أو فاجر، ويثبتون المسح على الخفين سنة، ويرونه في الحضر، والسفر.
ويثبتون: فرض الجهاد، منذ بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى آخر عصابة تقاتل الدجال، وبعد ذلك: يرون الدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح، ولا يخرج عليهم بالسيف، ولا يقاتلون في الفتنة؛ ويصدقون: بخروج الدجال، وأن عيسى ابن مريم يقتله؛ ويؤمنون: بمنكر، ونكير، والمعراج، والرؤيا في المنام؛ وأن الدعاء للموتى من المسلمين، والصدقة عنهم بعد موتهم، تصل إليهم؛ ويصدقون: بأن في الدنيا سحرة، وأن الساحر، كافر، كما قال تعالى: { وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنةٌ فلا تكفر } [البقرة: 102] وأن السحر، كائن موجود في الدنيا.
ويرون: الصلاة على كل من مات من أهل القبلة، مؤمنهم، وفاجرهم، ويقرون: أن الجنة، والنار، مخلوقتان؛ وأن من مات، مات بأجله، وكذلك من قتل، قتل بأجله، وأن الأرزاق من قبل الله، يرزقها عباده، حلالا، كانت، أو حراما؛ وأن الشيطان: يوسوس للإنسان، ويشككه، ويخطيه؛ وأن الصالحين، قد يجوز أن يخصهم الله بآيات تظهر عليهم، وأن السنة، لا تنسخ الآيات؛ وأن الأطفال أمرهم إلى الله، إن شاء عذبهم، وإن شاء فعل بهم ما أراد، وأن الله تعالى عالم ما العباد عاملون، وكتب أن ذلك يكون، وأن الأمور بيد الله.
ويرون: الصبر على حكم الله، والأخذ بأمر الله، والانتهاء عما نهى الله عنه، وإخلاص العمل، والنصيحة للمسلمين، ويدينون بعبادة الله تعالى في العابدين، والنصيحة لأئمة المسلمين، واجتناب الكبائر، والزنا، وقول الزور، والمعصية، والفخر، والكبر، والإزراء، على الناس، والعجب، ويرون: مجانبة كل داع إلى بدعة، والتشاغل بقراءة القرآن، وكتابة الآثار، والنظر في الفقه، مع التواضع، والاستكانة، وحسن المأكل، والمشرب؛ وجملة: ما يأمرون به، ويستعملونه، ويرونه؛ وبكل ما ذكرنا من قولهم: نقول، وإليه نذهب، انتهى .
وبعض هذا البحث، ذكره شيخنا: عبداللطيف ، في التأسيس ، وأحببت إبرازه من مظانه، لينكشف للناس حقيقة ما عليه الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ويزول عنهم الوهم، والإشكال؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وصلى الله على أشرف المرسلين، محمد، وآله وصحبه أجمعين.
[الدرر السنية في الأجوبة النجدية : 1/514]